الفوائد الجنية من الهجرة النبوية (11)
سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com
الثالث عشر: الصدق والإخلاص مع الله .
نصْرُ الله سبحانَه وتعالى لنبيه أمرٌ جليٌ وواضحٌ وظاهر " إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا " روى الإمام البخاري في صحيحه قال : لما صعدَ كفارُ قريشٍ إلى الجبلِ ونظروا ؛ قال أبو بكر: يا رسولَ الله ، لو نظرَ أحدُهم إلى أسفلِ قدميه لرآنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! " الله أكبر ، إنه التوكل والثقة بنصر الله تعالى لم يقل عليه الصلاة والسلام "ما ظنك بنبي وصاحبُه ؟! " لا " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! إنها قاعدةٌ عظيمة : أنَ كلَ اثنينِ صادقينِ مخلصين ؛ الله معهما ، لم يربطْ القضيةَ عليه الصلاة والسلام به ، لم يقل "يا أبا بكر ، لا تخف ؛ لأنني أنا موجودٌ ، أنا رسولُ الله " لا ، ربطَهَا بقضيةٍ أصليةٍ ؛ حتى إذا تكررتْ في يومِنا الحاضرِ ؛ يتكررُ الهدفُ والسببُ والنتيجة " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! إذا أصابتك مصيبة وأنت معتصم بالله ؛ فلا تخف ؛ فأمامك "ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟!" إذا ادلهمت عليك الخطوب من كل جانب فلا تحزن لأنك تقرأ " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " إذا واجهك عدو فاعتصم برب العدو لأنك تتلوا " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " إذا ..
القضيةُ ليست مربوطةً بأنه نبي ، لا ؛ لأن الله تعالى يقول " إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ " نبِيٌ وغيرُ نبي ، ما دام أنه على منهج النبي " إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ " نصْرُ الله كان لنبيه ، ولمن يقتفى سنةَ نبيه ، وسيكونُ وسيظلُ لكل صادقٍ مخلصٍ مؤمنٍ بالله متبعٍ نبيه ، كما نجد في هذا الأمرَ أن الأمرَ لا يتعلق بالقوةِ الماديةِ والضخامةِ المادية ؛ فكم بذلت قريشٌ من أجلِ هذا الأمر، ولكنها لم تُحقِّقْ شيئا ونَصَر الله نبيَه صلى الله عليه وسلمَ بوسائِله الضعيفةِ البسيطةِ الهزيلة ، لكنها الوسائل المادية ، أما وسائله الكبرى فهي وسائلٌ عظيمة ، أقواها وسيلةُ الإيمانِ بالله سبحانه وتعالى والصدقِ معه والتوكل عليه والثقة بنصره .