روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-04-17, 12:38 AM | #81 |
تفسير قوله تعالى: (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو...)
وقد ذكر الله جل وعلا عن أهل الكفر أنهم قالوا لا بعث ولا نشور، وهنا يبين الله جل وعلا لهم المعنى الحقيقي للحياة، فيقول الله جل وعلا: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ [الأنعام:32]، واللعب: ما يشتغل به المرء ويعلم أنه لا عاقبة له، كلعب الصبيان، فالصبيان يلعبون وهم يعلمون أنه ليس وراء هذا عاقبة، أما اللهو فهو الاشتغال بما لا ينفع عما ينفع، وهما متقاربان، ولكن اللهو -فيما يبدو- أعم، فبين الله جل وعلا أن الدنيا لعب ولهو، ثم قال سبحانه: وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ [الأنعام:32]، واللام هنا تشعر أن هناك قسماً، أي: وعزتي وجلالي إن الدار الحقيقية هي الدار الآخرة، ولكن الله قيد فقال: خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [الأنعام:32]؛ لأن الحياة الآخرة وإن كانت في حق الكفار موجودة ليست خيراً لهم، فمقامهم في الدنيا أفضل من مقامهم في الآخرة؛ لأنه ليس لهم في الآخرة إلا النار ولهذا جاء التقييد، وينبغي أن تعلم أن ما أطلقه الله لا يقيد إلا بالسنة، وما قيده الله لا يمكن لأحد أن يطلقه، فهنا قيد الله فقال تعالى: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الأنعام:32] والهمزة في قوله: أفلا تعقلون همزة استفهام، والاستفهام هنا للإنكار. وقد اختلف العلماء في قوله تعالى: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ [الأنعام:32]، فهل الآية عامة أو خاصة؟ فللعلماء فيها أقوال، أظهرها أنها للكافر لعب ولهو، ولا توصف حياة المؤمن بأنها لعب ولهو، بل هي مزرعة لآخرته، فيقول العلماء: إن منطوق القرآن في آيات عدة يبين أن المقصود هنا حياة الكفار الذي لم يعرف ربه، أما المؤمن فما حياته الدنيا إلا مزرعة لآخرته وعون له على لقاء الله، فلم تخلق لتعمرها ولكن لتعبرها، فجد لما خلقت وسل من ربك التوفيق فيها: وأكثر ذكره في الأرض دأباً لتذكر في السماء إذا ذكرتا هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده، وأعان العلي الكبير على قوله. وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين. |
|
07-04-17, 08:07 PM | #82 |
08-04-17, 03:17 AM | #83 |
لقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته الأذى الكثير فسلاه الله تعالى بجملة من الأمور التي تخفف وطأة التكذيب، حيث أخبره تعالى بأن تكذيب الكافرين له إنما هو تكذيب لربه جل جلاله، وأن المرسلين قبله قد أوذوا بالتكذيب فصبروا حتى جاء وعد الله. كما ضمن تعالى كتابه في خطاب نبيه بيان كرامته عند ربه ولطف الله به، بياناً لعدم تأثير ذم الذامين وبعض الباغضين له صلوات الله وسلامه عليه.
|
|
08-04-17, 03:18 AM | #84 |
تفسير قوله تعالى: (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون...)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شعار ودثار ولواء أهل التقوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فيقول الله جل وعلا وهو أصدق القائلين: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ [الأنعام:33-34]. |
|
08-04-17, 03:19 AM | #85 |
بيان معنى قوله تعالى (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)
قوله تعالى: وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام:33] الجحود هو نفي ما في القلب إثباته، أو إثبات ما في القلب نفيه. وأما قوله تعالى: (قد نعلم إنه ليحزنك) فقد سبق أن (قد) للتحقيق مع الماضي باتفاق، ويجب أن تكون للتحقيق في المضارع إذا كان الحديث عن الله فـ(قد) في قوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ للتحقيق إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ، فما الذي كانوا يقولون؟ يقول أهل التفسير: إن أبا جهل على وجه الخصوص كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد! لا نكذبك، ولكننا لا نصدق بهذه الآيات التي تأتي بها، ولا نؤمن بهذه المعجزات، ونقول: إنها سحر. فالإشكال هنا أنه يوجد إثبات ويوجد نفي، فالله يقول: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وهذا نفي، ويقول في نفس السياق: وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ، ولذا حاول العلماء التوفيق بين الأمرين، وينقل أغلبهم -خاصة المتأخرين- عن الفخر الرازي أربعة أوجه في تحرير المسألة، اثنان منها ضعيفان لا يقبلان، والوجهان القويان أحدهما أنهم كانوا يجحدونه في العلانية ويؤمنون به في السر، وجعلوا هذا نظير قول الله جل وعلا: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14]، والحق أن هذا في قصة فرعون مع موسى، ولا يمكن حملها على العموم؛ لأن ذلك يحتاج إلى إثبات، خاصة أن القرشيين لم يكن يعلمون قصة موسى وفرعون لو لم يخبرهم القرآن. وقال آخرون: إن المقصود أن القرشيين بتكذيبهم لك إنما يردون على الله قوله؛ لأن الله هو الذي أعطاك المعجزات وآتاك هذه الآيات الظاهرات البينات، فتكذيبك ورد هذه المعجزات تكذيب لله. قلت -والعلم عند الله-: هذا هو الحق، ويجب اطراح أي وجه آخر، فإن القرشيين كانوا يزعمون سراً وعلانية أن الرسول كذاب، فأراد الله أن يقول لنبيه من باب التسلية: إن صنيعهم هذا ليس تكذيباً لشخصك، وإنما هو تكذيب لربك، فإذا تجرءوا على تكذيب ربك فلك أن تصبر على كونهم كذبوك؛ لأنك لست بأعظم من الله، كما يقول السيد لغلامه عندما يهان الغلام في السوق أو في أي محفل: إنهم لم يهينوك، ولكن أهانوني؛ لأنك غلام لي. وهذا واضح ومطرد في علم الواقع وحياة الناس وفي كلام العرب، وهذا الوجه عندي هو الوجه الذي لا ينبغي أن يعدل المرء إلى غيره. |
|
08-04-17, 03:23 AM | #86 |
08-04-17, 11:33 PM | #87 |
تفسير قوله تعالى: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا...)
ويمضي السياق في تعزية الله جل وعلا لنبيه، فيقول: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ [الأنعام:34]، فكما أنك لست بدعاً من الرسل، فبدهي أن ينالك ما نال الرسل من قبل، وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا أي: أولئك الرسل عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا فنصر الله جل وعلا ثابت في نصرته لرسله. |
|
08-04-17, 11:34 PM | #88 |
بيان معنى قوله تعالى (ولا مبدل لكلمات الله)
ثم قال الله: وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وتبديل كلمات الله له وجهان: الأول: تغييرها حرفياً، ومنه قول الله جل وعلا: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ [البقرة:59] يعني: أتوا بأحرف وكلمات غيرها، وهذا النوع ليس هو المقصود في آية الأنعام. التبديل الثاني: هو ردها؛ بمعنى: الحيلولة بينها وبين أن تقع، وهذا لا يقدر عليه أحد، وهو المقصود بآية الأنعام. إذاً: المقصود بكلمات الله في آيات الأنعام وعده ووعيده. فلو جاء إنسان من مجتمع بادية أو مجتمع أمي لا يوجد فيه أحد يحفظ القرآن، ثم قال: أنا أريد أن أثبت لك أنني أستطيع أن أغير كلام الله، فقرأ الآية عمداً خطأ وأدخل آية مكان آية أو أتى بأحرف من عنده، فهذا بدل كلام الله، ولكنه ليس المقصود بقوله تعالى: وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ؛ لأن كلمات الله في آية الأنعام المقصود بها وعده ووعيده، بل هذا يندرج في قوله تعالى: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ [البقرة:59]، وفي قوله تعالى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ [المائدة:41] ولكن قوله تعالى: وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ، المراد به أن الله وعد أهل الإيمان بالنصر وتوعد أهل الكفر بالاضمحلال والنهاية والانهزام، فهذا الأمر لا يقدر أحد على تبديله. |
|
08-04-17, 11:34 PM | #89 |
بيان معنى قوله تعالى (ولقد جاءك من نبأ المرسلين)
ثم قال تعالى زيادة لتطمين نبيه صلى الله عليه وسلم: وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ [الأنعام:34] أي: من أخبار المرسلين ما يثبت لك أن الله نصرهم، فنفذ في أممهم وعيده وأعطى الأنبياء وعده، ولم يقدر أحد على أن يبدل كلمات الله. |
|
11-04-17, 04:43 AM | #90 |
تفسير قوله تعالى: (وإن كان كبر عليك إعراضهم...)
ثم قال تعالى: وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ [الأنعام:35] أي: عظم وشق إِعْرَاضُهُمْ [الأنعام:35] أي: إعراض أهل الكفر، حيث كانوا يطالبونه بالآيات، فالله يقول له: ليست القضية قضية آيات، فهؤلاء كتب أزلاً أنهم لن يؤمنوا، فقال الله لنبيه: وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ [الأنعام:35]. والنفق: السرب في الأرض، والسلم في اللغة المصعد والمرقاة. والآية تدلل على عظيم شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته، وحرصه على هداية الناس، فالله جل وعلا يقول له: إن استطعت ذلك فافعل، ولو فعلت فلن يجدي ذلك شيئاً؛ لأن الله قد كتب عليهم الكفر، وهذه الآية مر معنا نظيرها، وهو قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا [الأنعام:25]، ولكنها تبين حرصه صلى الله عليه وسلم وشفقته بأمته. |
|
|
|