نجم
اقسم الله تعالى فيه بسورة النجم بقوله تعالى (
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ (9) فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ (18)
سميه الشيخ والمناضل التركي
نجم الدين أربكان شيخ جليل وقائد سياسي تركي بارع, تولى رئاسة حزب الرفاة ورئاسة وزراء تركيا من الفترة بين 1996 و1997.
أنشأ عام 1970 بدعم من تحالف طريقته مع الحركة النورسية حزب النظام الوطني الذي كان أول تنظيم سياسي ذا هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام 1924. بدأ أربكان حياته السياسية بعد تخرجه من كلية الهندسة، وأصبح رئيسا لاتحاد النقابات التجارية ثم انتخب عضوا في مجلس النواب عن مدينة قوينة، لكنه منع من المشاركة في الحكومات المختلفة بسبب نشاطه المعادي للعلمانية، وكان تأسيس حزبه أول اختراق جدي لرفض القوى العلمانية المهيمنة له.
بناء على طلب من قائد الجيش صدر قرار قضائي من المحكمة الدستورية بحل حزبه السلامة الوطني عام 1972 ، وكان له خمسون نائبا في البرلمان التركي . وفي عام 1972 اشترك في حكومة ائتلاف وطني مع حزب الشعب الجمهوري ، وتولى منصب نائب رئيس الوزراء ، وحقق مكاسب كبيرة للتيار الاسلامي ، من اهمها الاعتراف بهذا التيار واهميته في الساحة السياسية ، وقدم للبرلمان مشروع قرار بتحريم الماسونية في تركيا ، واغلاق اوكارها ، واسهم في تطوير العلاقات مع العالم العربي وأظهر أكثر من موقف مؤيد صراحة للشعب الفلسطيني ومعاد لأسرائيل ، وتمكن من حجب الثقة عن وزير خارجية تركيا أنذاك خير الدين أركمان بسبب ما اعتبر سياسته مؤيدة لأسرائيل .
الشيخ الجليل المسلم التركي نجم الدين اربكان من فحول الرجال في هذا العصر ، بعد خروجه من الحكومة قدم حزبه مشروع قانون الى مجلس النواب في صيف عام 1980 يدعو الجكومة التركية الى قطع علاقاتها مع اسرائيل ، وأتبع ذلك بمظاهرة من اضخم ما شهدته تركيا في تاريخها المعاصر ، الامر الذي اعتبر استفتاء على شعبية الاسلام السياسي بزعامة فضيلة الشيخ المجاهد نجم الدين اربكان . مما دفع قائد الجيش كنعان ايفرام لتزعم انقلاب عسكري وعطل الدستور وزج بالناشطين الاسلاميين بالمعتقلات .
وهنا اذكر واقعة تاريخية وبادرة فيها فروسية وبعد نظر للقائد الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) . ارسل لي على عجل وكعادته رحمه الله يبتسم . قال ( انت على حد علمي تتحدث التركية ، وتعرف تركيا جيدا ، والاتراك خوال الولد ) اجبته بنعم . فقال اريد ان تسعى جاهدا ان تصل الى الدكتور نجم الدين اربكان وتبلغه تحيات صدام حسين ، و تبلغه نحن في العراق نحترم رؤيته ويقيننا عمليات الاعتقال ومحاولات التجاهل والاقصاء والمحاصرة لن تفلح ، ونراه رجل فاضل وله بصمات سياسية مضيئة على مسار حركة السياسة في تركيا ) . وهنا اترك البقية لما سينشر بكتابي تجربتي مع الفارس صدام حسين .
كان الشيخ الجليل أربكان من بين من دخلوا السجن آنذاك، وبعد ثلاث سنوات خرج في إطار موجة انفتاح على الحريات في عهد حكومة أوزال، فأسس في العام 1983 حزب الرفاه الوطني، الذي شارك في انتخابات نفس العام لكنه لم يحصل سوى على 1.5% من الأصوات، لكنه لم ييأس إذ واصل جهوده السياسية حتى أفلح في الفوز بالأغلبية في انتخابات عام 1996 ليترأس الدكتور أربكان حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم برئاسة تانسو تشيللر. خلال أقل من عام قضاه رئيسا للحكومة التركية، سعى الشيخ الفاضل أربكان إلى الانفتاح بقوة على العالم الإسلامي، حتى بدا وكأنه يريد استعادة دور تركيا الإسلامي القيادي، وأعلن عن تشكيل مجموعة الثماني الإسلامية التي تضم إلى جانب تركيا أكبر سبع دول إسلامية: إيران وباكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا. و لم يكتف أربكان بذلك، بل نشط عبر العالم الإسلامي، وحدد موعدا لمؤتمر عالمي يضم قيادات العمل الإسلامي، وباتت تركيا تتدخل بثقلها لحل مشكلات داخلية في دول إسلامية كما حدث حينما أرسل وفودا لحل خلافات المجاهدين في أفغانستان . وهذه المواقف اغضبت قيادات الجيش التركي من جديد فقاموا بانقلاب من نوع جديد اذ قدموا الى اربكان مجموعة طلبات لغرض تنفيذها فورا تتضمن ما وصفوه بمكافحة النشاط الاسلامي في البلاد تعليميا او عبادة ، رفض الطلب وقدم استقالته من منصبه لمنع تطور الاحداث الى انقلاب عسكري فعلي جديد .
في عام 1998 تم حظر حزب الرفاه وأحيل الشيخ الجليل أربكان إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك مواثيق علمانية الدولة، ومنع من مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات، لكن الشيخ الجليل أربكان لم يغادر الساحة السياسية فلجأ إلى المخرج التركي التقليدي ليؤسس حزبا جديدا باسم الفضيلة بزعامة أحد معاونيه وبدأ يديره من خلف الكواليس، لكن هذا الحزب تعرض للحظر أيضا في عام 2000. ومن جديد يعود أربكان ليؤسس بعد انتهاء مدة الحظر في عام 2003 حزب السعادة، لكن خصومه من العلمانيين، تربصوا به ليجري اعتقاله ومحاكمته في نفس العام بتهم لا اساس لها ، وحكم على الرجل ظلما بسنتين سجنا وكان يبلغ من العمر وقتها 77 عاما.