إيجاز
التعليم أو الطوفان
د. عبدالله الزامل
لست أدري أو لا أريد أن أدري عن عدد التأشيرات الصادرة في العامين الماضيين ولا عن الأرقام الفلكية لتحويلات العمالة النظامية وغير النظامية ولا وسائل التحويل في الرياض ومثيلاتها في المدن الأخرى ولا عن حال توطين التقنية أو حتى توطين الوظائف البسيطة .
ولا نريد أن نعرف كذلك عن العدد الحقيقي غير المعلن للعمالة الأجنبية ولا عن النسبة الحقيقية المتفق عليها لبطالة الشباب السعودي بعد صدور كتاب السعودة أو الطوفان للدكتور عبدالواحد الحميد نائب وزير العمل ، لا نريد أن نعرف عن ذلك كله ، لأنها أرقام تجلب الهم والحزن والكمد لكل من كان في قلبه مثقال ذرة من وطنية ، ونريد أن نعرف عن ذلك بدقة في نفس الوقت حتى نعي أبعاد الأزمة والطوفان بعدها.
ونحن بين هذه وتلك نتفق على أن طريق الإصلاح دائما يبدأ من التعليم ، ومن المتفق عليه أيضا أن تعليمنا نظاما وإنسانا ومبنىً وتجهيزا يحتاج إلى إصلاح حقيقي وبعد ذلك إلى تطوير مستمر ، من أجل الحصول على مخرج يلبي حاجة سوق العمل وينهي معاناتنا الدائمة وأزمتنا التي تتدحرج وتكبر لا ككرة الثلج الباردة بل كعواصف النيران الملتهبة في غابات المجاهيل المظلمة.
وإذا ما أخذنا مثالاً على البطالة المؤهلة تأهيلاً لم تراع فيه الحاجة ولم يصحب بأي تخطيط فسيكون مناسباً أن نتحدث عن أكثر من 5214 من التربويين في تخصص اللغة العربية ل226 وظيفة في وزارة التربية ، كما تقدم أكثر من 2049 من التربويين في تخصص التاريخ ل 375 وظيفة و1471 متقدماً ل 335 وظيفة في الجغرافيا و444 ل 31 وظيفة في علم الاجتماع و468 ل 37 وظيفة في المكتبات ، وهؤلاء جميعا أُعدوا للتدريس فقط ، فإلى أين يذهبون إذا لم تستوعبهم شواغر التربية ؟ وماذا لدى وزارة العمل من برامج لإعادة تأهيلهم إذا علمنا أن هذه الأرقام كانت في عام 1428 ه ؟ وكم خرجت كليات التربية وكليات إعداد المعلمين بعد ذلك من أعداد ضاعفت الأرقام وزادت المعاناة وأرهقت الوطن ؟ وهذه الأرقام في حال البطالة المؤهلة فماذا عن سواها وهي الغالبية العظمى الكاسحة ؟ فإما التعليم أو الطوفان ؟