روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
20-02-17, 04:40 AM | #141 |
تفسير قوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله..)
ثم قال ربنا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ [النور:62]. قلنا: إن القرآن لا يفهم إلا عن طريق السيرة، فالأمر الجامع من حيث الإجمال هو الأمر الجلد، أما المعنى هنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث منادي ينادي: (الصلاة جامعة) في الخطوب العظيمة. فالله جل وعلا هنا يقول: إن الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعوكم لأمر جامع إلا وهو ذو شأن، فهو في حاجة ملحة إلى معرفة رأيكم، وإلى أن تأخذوا عنه، فإذا دعاكم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يحسن بكم أن تخرجوا دون إذن؛ لأن هذا ينافي السبب الذي من أجله جمعكم، فجعل الله جل وعلا الاستئذان من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم من دلائل صدق الإيمان، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ [النور:62] وهذا يسمى تفويضاً، وبعض العلماء يقول: هذه الآية تسمى: المفوضة، والمعنى: أنه تقرر في الأصول أن الله جل وعلا فوض بعض الأمور إلى رأي نبيه، كمثل هذه الآية، حيث قال تعالى: فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ [النور:62] وجملة: (واستغفر لهم الله) تشعر بأنه حدث منهم ما يوجب الاستغفار، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:62]. |
|
21-02-17, 02:19 AM | #142 |
تفسير قوله تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً..)
ثم قال جل شأنه: لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]. إن أكثر الذين يؤلفون في ذكر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم يحتجون بهذه الآية على أن الرسول لا ينادى كما ينادى غيره، وما ذهبوا إليه صحيح، وأما ما استدلوا به فخطأ، فالآية لا تتكلم عن كيفية مناداة الرسول صلى الله عليه وسلم أبداً، وإنما جاء هذا في الحجرات في قوله تعالى: لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2]. ولكن المقصود هنا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدعوكم لأمر جامع إلا وهو أمر عظيم، فلا يقاس بدعوة غيره، فلا تجعلعوا دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لكم كدعاء بعضكم بعضاً، والمعنى: أن دعاء بعضكم بعضاً لا حرج معه في أن تخرجوا، أما الدعوة التي تتم عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم فهي معظمة، فلا يحسن معها منكم الخروج، والدليل على صحة هذا القول القرينة في الآية، فالله تعالى قال بعدها: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا [النور:63] يعني: قليلاً قليلاً، يلوذون خفية، فينسل هذا من هنا، وينسل هذا من هناك، وهكذا. فالله جل وعلا يؤدب هؤلاء الصحابة على أن الأمر الجامع عند النبي صلى الله عليه وسلم ليس كالأمر الجامع عند غيره. وليس المعنى ما ذهب إليه بعض الفضلاء من أن الدعاء المراد به هنا المناداة، فهذا غير مستقيم؛ لأن القرينة هنا تأباه، والقرينة هي قوله: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا [النور:63] و(لواذاً) هنا حال. |
|
21-02-17, 02:21 AM | #143 |
التحذير من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
ثم قال الله جل وعلا: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]. قوله: يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ [النور:63] أي: عن هديه صلوات الله وسلامه عليه وقوله: أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ [النور:63] قيل في ذلك ثلاثة معان مع اتفاقهم على أنها تكون في الدنيا: فقيل: الفتنة بمعنى: الكفر. وقيل: بمعنى العقوبة. وهذان عندي رأيان مرجوحان، وأما الرأي الراجح فهو أنها تصيبهم بلية تظهر ما في قلوبهم من النفاق. وقوله تعالى: أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] قيل: في الآخرة. والأظهر عندي: أنها تحتمل أن يكون هذا في الحياة الدنيا. |
|
21-02-17, 02:23 AM | #144 |
دلالة الآية على اتباع السنة وقياس الأمور بهدي رسول الله
هذه الآية الكريمة تدل على أمرين: الأول: أنها أصل في اتباع السنة، وقد ذكروا أن مالكاً إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله ! إنني أريد العمرة فمن أين أحرم؟ قال: من مسجد ذي الحليفة. قال: إني أريد أن أحرم من المسجد عند القبر. فقال مالك رحمه الله: أحرم من ذي الحليفة. فكأن الرجل قال: وماذا يضيرني، فقال: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] فقال الرجل: وما هي إلا أميال زدتها! يعني: الفرق بين ذي الحليفة وبين المسجد أميال. فقال مالك رحمه الله: إنني أخشى أن تكون بصنيعك هذا تظن أن هديك أعظم من هدي محمد صلى الله عليه وسلم. فاتباع السنة من أعظم ما يجذب البركة، والصالحون من قبلنا ممن أدركنا ورأينا ومن قرأنا عنهم رأينا منهم حرصاً عظيماً على اتباع السنة والتقيد بها؛ لأن الإنسان إذا تقيد بالسنة فكأنه يظهر عجزه في الوصول إلى العلم إلا عن طريق نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الحق والأصل الذي لا محيد عنه. الأمر الثاني: أن الأصل في الموازين والحكم على الأشياء هو الميزان الشرعي، فإذا أردنا أن نعرف إطالة فلان في صلاته من تقصيره فإننا، نقيسها على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك خطبته نقيسها على خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا. |
|
22-02-17, 03:24 AM | #145 |
تفسير قوله تعالى: (إلا إن لله ما في السموات والأرض..)
ثم ختم ربنا جل وعلا هذه السورة المباركة بقوله: أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:64]. لقد مر في هذه السورة أحكام ومواعظ، وقصص وتشريع لا يمكن أن يأتي به إلا القادر الرب الواحد، ولهذا قال جل وعلا: أَلا إِنَّ لِلَّهِ [النور:64] و(ألا) استفتاحية أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [النور:64] فهو الرب، وهو الخالق، وهو الرازق، وهو المدبر، وهو الحكيم، وهو الأعلم بخلقه، فمن البداهة أن يكون منه فبدهياً جداً أن يكون منه ذلك التشريع. فالتشريع جاء هنا ممن له حق التشريع، وليس لأحد دون الله حق التشريع وقوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ [النور:64] (قد) هنا للتحقيق قولاً واحداً، ولا ينبغي الالتفات إلى قول النحاة هنا: إن (قد) تكثر في زمن المضارع، ولو سلمنا بهذا الاستخدام في لغة العرب كثيراً، ولكنها هنا للتحقيق قولاً واحداً. وقوله: قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ [النور:64] يعني: يعلم حالكم من الموافقة والمخالفة، ومن النفاق والإخلاص، فالقلوب له مفضية، والسر عنده علانية، لا رب غيره ولا إله سواه، ولا تخفى عليه خافية. قال تعالى: وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ [النور:64] أي: جميعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا [النور:64] وهذا يوم يقوم فيه الأشهاد، ويحشر فيه العباد. ثم ختم الله جل وعلا الآية بقوله: وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:64]. فالله جل وعلا وسع علمه كل شيء، وهو جل وعلا يعلم ما قد كان، وما سيكون، وما هو كائن، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون. وبهذا نختم تأملاتنا في سورة النور، فنسأل الله أن يرزقنا نوراً نهتدي به، ورزقاً حلالاً طيباً نكتفي به. وقد مر معنا في أول السورة أنها سورة مدنية، وأن فيها من التشريع ما جعل عمر يطلب من الناس أن يعلموها أبناءهم ونساءهم على وجه الخصوص، وتعلقت بها كثير من الأحكام، وانجلت بها الغمة في فصل خطابه عن حديث الإفك، وذكر الله جل وعلا فيها الآداب مع النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر الجامع، وذكر الله جل وعلا فيها أشياء أخر، ومواعظ كثر، أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، والله المستعان وعليه البلاغ. هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين. |
|
19-04-17, 05:27 AM | #146 |
20-04-17, 01:12 PM | #147 |
|
|