φبين محمسة القهوة وكاميرا مايوكلينكؤφ

في مقال قديم ذكرتُ أن بدو سيناء يملكون وسيلة فريدة وعريقة لكشف الكذب ؛ فقد لاحظوا أن الكاذب "ينشف ريقه" ولا يعود قادرا على افراز اللعاب . واعتمادا على هذه الحقيقة يعمدون الى تسخين محمسة القهوة حتى الاحمرار ثم " يلسعون" بها ألسنة المشتبه بهم .. والفكرة هنا ان الصادق لايتعرض للحرق اذا "كوم" اللعاب في فمه ؛ أما الكاذب فيجف ريقه فيظهر على لسانه أثر كويه ويتأثر كلامه لعدة ايام ... وهي الفضيحة التي يخشاها الجميع !!

.. ولكن ؛ أتعرفون اين تكمن الخدعة الحقيقية !؟

في أن90% من الحالات يرفض الكاذب اخراج لسانه (أصلا) خوفا من النار ويعترف بفعلته قبل أن يصله الدور !!

... وبالطبع لا انصحك بهذه الطريقة لفضح من يكذب عليك ؛ ولكنني تذكرتها اليوم وأنا اقرأ عن تداول كاميرا جديدة (تم تطويرها في مختبرات مايو كلينك الامريكية) تفضح الكاذب برصد التغيرات الفيزيائية في وجهه ...

وقبل الدخول في تفاصيل هذه الكاميرا أشير أولا الى أن الكذب فعل شاذ يولد مظاهر غير اعتيادية في وظائف الجسم الحيوية .. فالكاذب مثلا يتهدج صوته ، ويرتفع ضغطه ، ويحمر وجهه ، ويجف فمه ، وتتعرق كفّاه ، وتزداد نبضات قلبه ، وتطرف عيناه بسرعة أكبر .. وفي المقابل تعمل اعضاء من يقول الحقيقة بتناسق ووئام (ومستوى معتاد) فيظهر هادئا واثقا حتى حين يقول الحقيقة على نفسه .. وجهاز كشف الكذب الذي نراه كثيرا في الافلام الامريكية ليس اكثر من مجسات تقيس نبضات القلب وضغط الدم ونسبة التعرق وجميع المظاهر التي ترافق حال الكذب . وبمقارنة مستوى هذه المظاهر مع الوضع الطبيعي للانسان يمكن تمييز الكاذب من الصادق .. والكاميرا التي أعلنت عنها مختبرات مايو كلينك مجرد "كاميرا حرارية" تظهر تضاريس الوجه بحسب مستوى حرارتها . فالكاذب يحمر وجهه في مناطق معينة خصوصا في أرنبة الأنف ! وشحمة الأذن بسبب ارتفاع الضغط وتسارع نبضات القلب. وتزداد نسبة الاحمرار حين يتوتر أو يتوقع انكشاف امره كما يحدث في طابور الجمارك .. وفي موقف كهذا يمكن للكاميرا ان تميز وجهه بسهولة (حيث يظهر أكثر احمرارا) مقارنة ببقية الناس .. ولك ان تتصور فوائد هذه الكاميرا حين تسلط على طابور التفتيش في المطارات او تعلق في غرفة التحقيق أثناء استجواب المشتبه بهم !!

.. ولكن .. لنفترض انك لاتملك "محمسة قهوة" ولا "جهاز كشف الكذب" ولا حتى "كاميرا الوجة الحرارية" فكيف تعرف الكاذب !؟

..أنا شخصيا كان لدي سائق " يَحُك " خلف اذنه ويطأطئ رأسه حين يكذب . وهذه الحركة جزء من حركات تلقائية وعفوية كثيرة يمكن رصدها لدى الكاذب بدون ان يشعر .. فالكاذب مثلا يتحاشى النظر في عينيك ، ويكثر من الحلفان ، ويكرر مايوحي ببراءته! (لدرجة كاد المريب ان يقول خذوني) ... كما يحاول الهروب من الموقف وتغيير الموضوع ، ويعتمد على العشم ويقول جملا من قبيل "ألم تعد تثق بي؟" أو "هل سبق وكذبت عليك!؟" .. وحين تراقبه جيدا تلاحظ تصرفات عصبية لا واعية كأن يلعب بالمفاتيح أو يدير السبحة بسرعة أو يقرض اظافره كما قد يفعل أي شيء لتخفيف حدة الضغط عليه (كأن يقوم لفتح المكيف او احضار الشاي) وربما يمثل دور المظلوم بسرعة غير متوقعة مثل اخوة يوسف الذين قالوا قبل اتهامهم ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)...

وأخيرا ... قد يفعل مثل سائقنا الهندي .. يحك خلف اذنه ويطأطئ رأسه حين يتحدث !



فهد عامر الأحمدي


http://www.alriyadh.com/2009/08/23/article454173.html

رابط المقال