روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-05-11, 07:09 AM | #1 |
كـــاتــب
|
الحوار الوطني وجرائم الغضب
الحوار الوطني وجرائم الغضب
عقيد- خالد بن حمدي بعد ما أوقفت سيارتي أمام محل تجاري لغرض التبضع نزلت مترجلاً نحو ذلك المحل ليلحق بي رجل يردد ألفاظا خارجة عن الأخلاق الإسلامية والشيم العربية والآداب العامة بل فيها ما فيها من تجاوز شرعي كلعن الأحياء والأموات.. إلخ، ظننت في بادئ الأمر أنه مختلا عقلي يهذي دون إدراك لما يقول ولكن نزوله من سيارة فارهة يقودها بنفسه مع كبر سنه بدد هذا الظن وبعد ما أيقنت أنه قصدني بالإساءة لسبب لا أعلمه ارتأيت أن أتجاهله واستكمل مشاور تسوقي داخل المحل. إلا أن هذا الرجل تبعني حيث أريد بل زاد صوته حدة واتسعت الدائرة لديه سباً وشتماً حدثت نفسي قائلاً لعل هناك سوء فهم من هذا الرجل واستمررت في تجاهلي له ولم أعر ما سمعت منه أي اهتمام متوقعاً أن ينتبه لتصرفه ويذهب في حال سبيله ولكن أدهشني إصراره على بذيء الكلام ومع هذا لم التفت إليه التقطت حاجتي من الممر الأول للمحل واتجهت للممر الثاني ومازال الرجل يلاحقني دون أن يخفف من وطأة ألفاظه انتقلت للممر الثالث لاستكمال ما تبقى من احتياجاتي ليبقى على حاله بل استشاط غضبا لعدم مجاراتي له بفاحش القول إلا أنني حتى هذه اللحظة لا أعلم ما الذي دفعه نحو هذا السلوك المشين وفي نهاية المطاف وصلت صندوق المحاسبة لتسديد قيمة ما أخذت وهناك جاء هذا الرجل الغاضب ووضع وجهه في وجهي قائلاً ليه ما ترد يا... سكت برهة ثم أشرت له بيدي نحو أذني وكذا نحو فمي لإفهامه أنني أبكم وأبلم وفجأة تحول من هيجان الغضب إلى قمة الإنسانية قائلاً لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا مسكين أثره أصقه وأطرم وأنا أسب الحي منه والميت إنا لله وإنا إليه راجعون، أثره يوم دخل في الموقف اللي أنا حاجزه ما يسمع بوري «منبه» سيارتي وأنا أضرب عليه يا رب سامحني ثم أخذ بيدي وضمها على صدره بكل رقة وحنان رافعاً سبابته باتجاه السماء مع بسط كفيه لله طالبا العفو والمغفرة عما بدر منه تجاه هذا الأصقه الأطرم المسكين في نظره وفي حركاته تلك كنت أقلده وأسايره وأفعل ما يفعله حتى اطفأت نسمات الرأفة جميع حواسه بعد ما أصيبت بحرارة غضب وصلت لدرجة الغليان وبعد ما تأكدت من عودة أمور هذا الرجل العقلية والنفسية إلى وضعها الطبيعي قلت له مساك الله بالخير يا عم رد على الفور بسم الله أنت أصقه أو تصيقه قلت لا أنا أصقه عن الكلام الشين وأبكم عن البذيء منه لا أسمع إلا جميل ولا أتكلم إلا الأجمل. وش السالفة للتو فهمت إن غضبك كله من أجل موقف سيارة لو سألتني لاعتذرت لك وأخرجت سيارتي. يا عم هل تعرفني قال لا، قلت لا سمح الله لو تعاملت معك بالمثل ثم تحولت المعاملة إلى تشابك بالأيدي ثم تطورت إلى استخدام السلاح الأبيض كالعصي أو الأحجار ونتج عن ذلك إصابة أدت إلى إعاقة أو وفاة سنندم جميعاً يوم لا ينفع الندم وسينال المخطئ عقوبة الدنيا والآخرة وسيكون هناك آثار نفسية واجتماعية على الأسر في المدى القصير من الزمن أو البعيد وفي نهاية المطاف سيسجل في محاضر التحقيق السبب موقف سيارة قاطعني هذا الرجل بضحكة فيها أسف وسخرية من تصرفه قائلاً: جزاك الله خيرا اليوم الغضب تأتي مواقفه متراكمة بدأ من الأسرة والشارع والعمل والتعاملات المالية وانتهاء بإشارة المرور والزحمة حتى نصل للموقف الأخير الذي يفرغ الإنسان به شحنات غضبه بسمها وسمومها كالذي حدث لنا الآن أتيت أصلاً هنا وأنا قد فاض بي كيل الغضب وإلا من أين أتت لنا أمراض العصر. المهم سامحني ليتحول المشهد من مسرح كادت الجريمة أن تقع به إلى مشهد فكاهي اجتماعي أخوي ..الحياة مدرسة يا ولدي ودروس تفضل لشرب القهوة معي منزلي خلف هذا المحل. هكذا ختم هذا الرجل حديثه معه لنفترق بعد ذلك وكل منا قد حمل في قلبه المحبة والطيبة التي هي الأصل في إنسان هذه الأرض المباركة. دور المعلم: المربي الفاضل/ محمد مشاري الهاجري - رحمه الله - أحد رواد التربية والتعليم في منطقة الوشم التعليمية آنذاك وواحد من أساتذتي في المرحلة الابتدائية أوجد قاعدة تربوية اجتماعية لامتصاص الغضب عند حدوث اختلاف وخلاف بين طرفين، تلك القاعدة كان يرددها دائماً حتى أصبح كل من سمعها يضربها كمثل بل هناك من عمل بها وهي: «كنا ما درينا» أي عليك بتجاهل كل ما يسيء لك سواء جاءت إليك الإساءة وجهاً لوجه أو نقلت بواسطة من يمشي بين الناس بالهمز واللمز. ختاماً: مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يعد اليوم مكتسبا من مكتسبات الأمة السعودية بل هو من مقدراته التي يشار إليها بالبنان إن لم يكن صناعة إنسانية نفتخر بها سجلت باسم عبدالله بن عبدالعزيز، خامتها دينية ومنتجها المواطن نفسه وناتجها مساحة خلاقة من التفرغ للعمل والابداع وبناء علاقة إنسانية تزيد الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية تماسكا وقوة فهل استثمرنا هذه الصناعة، بما يرفع من كفاءة التعامل فيما بيننا نحن أفراد المجتمع بدءاً من الأسرة مروراً بالأقارب وسكان الحارة والمدرسة وبيئة العمل و... وانتهاءً بالتعامل مع النفس. وذلك من خلال التعليم الذاتي لكيفية محاورة الآخر والاستفادة من مخرجات هذا الصرح الثقافي الاجتماعي العملاق. صحيح أن هناك عوامل مساعدة تحقق هذا الهدف النبيل بأسرع الطرق وبأقل التكاليف مثل قيام المركز نفسه بحملة وطنية شاملة توعوية وإعلامية لكل ميادين الحياة مبنية على دراسات اجتماعية واحصاءات علمية تعنون هذه الحملة ب«لا للغضب» يوضح فيها مفهوم الغضب في وقتنا الحاضر وأنواعه ومصادره ومسبباته وكم هي الجرائم التي ارتكبت بسببه كجرائم القتل والمضاربات والانتقام وقطع الأرحام والطلاق.. وما هي آثار ذلك على المجتمع ومن ثم الإشارة لطرق المعالجة بدءاً بطريقة النبي صلى الله عليه وسلم وانتهاءً بنقل تجارب الآخرين الشخصية لتعم الفائدة المرجوة. خلاصة: كمثال كيف سيكون سلوك طلاب مدرسة ثانوية تلقوا دروسا عن جرائم الغضب وضحاياه وشاهدوا عن طريق أفلام أعدت خصيصاً لهذا الغرض عن كل ما يتعلق في هذه الظاهرة الخطيرة. أليس الطالب الذي استعد للمضاربة بعد الخروج من المدرسة سيعيد حساباته قبيل أن يثير الشيطان غضبه عن طريق الحمية الجاهلية للقبيلة أو التعصب الأعمى للاقليم أو حتى لصحبة السوء والمصالح الخاصة. والله وراء القصد. http://www.alriyadh.com/2011/05/02/article628811.html |
|
|