هدايا ووصايا لسفرائنا في ألمانيا
ياسر بن عبدالله السليّم - الرياض
من المعلوم ان هناك حدثاً رياضياً كبيراً سيقام في ألمانيا يترقبه العالم بأجمعه، تحتشد فيه أمم من كل بقاع العالم، وينطلق إليه من بلادنا المباركة - حرسها الله - ثلة من الشباب الذين يصدق على كل واحد منهم لقب (سفير المملكة العربية السعودية في ألمانيا). وانطلاقاً من هذه النقطة، رأيت ا ن أقوم بواجبي وان أبعث من خلال جريدتنا الغراء رسالة ممزوجة بالحب مقرونة بالود مكللة بالصدق مجللة بالوفاء أبعثها من قلبي إلى سفرائنا هناك من اللاعبين - خاصة - والإداريين والفنيين وكل أفراد البعثة.
فأقول متوكلاً على الله، إنكم هناك ستعيشون بعيداً عن وطنكم وبلادكم التي هي مهبط الوحي ومنها انطلق نور الرسالة وفيها صدح النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد الخالص فانتشل الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وحولهم من رعاة ابل وغنم إلى قادة شعوب وساسة أمم فقادوا زمام هذه الأمة إلى بر الأمان وشاطئ السلام.
ستعيشون فترة من الزمن بعيداً عن بلاد قد رضعتم فيها العقيدة الصافية والتوحيد السليم منذ خرجتم إلى هذه الدنيا ستعيشون بعيداً عن بلاد هي قبلة المسلمين، قد شرفها الله تعالى بالكعبة المشرفة التي يتوجه إليها المسلمون في كل بقاع الأرض خمس مرات في اليوم والليلة ولعل مما يبعث الأنس في قلوبكم وأنتم هناك توجهكم نحو بلادكم الطاهرة خمس مرات وحالكم:
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم *** والحرب تسقى الأرض جاماً أحمراً
جعلوا الوجوه إلي الحجاز وكبروا *** في مسمع الروح الأمين فكبرا
إذا استشعرتم ذلك علمتم أنكم إذا حللتم في تلك الديار فلن تكونوا كأي وفد قدم كي يشارك في كأس العالم، ثم يعود إلى بلده أياً كانت النتيجة بل أنتم ينظر إليكم بمنظار آخر سواء من اخواننا المسلمين في الدول الأخرى أو من اليهود والنصارى وغيرهم فالكل ينظر إليكم نظرات فاحصة في مظهركم وتصرفاتكم وأقوالكم وسكناتكم.
هم ينظرون إلى معسكركم وقد رفرف فيه عالياً علم أخضر يشرح النفس ويبهج القلب وقد كتب على ذلك العلم كلمة التوحيد: لا إله إلّا الله محمد رسول الله وتحته السيف رمز القوة.
ولا يغيب عن بالكم أنكم إذا حللتم داخل المستطيل الأخضر فإنه يحفكم في المدرجات عشرات الآلاف بل أكثر من البشر وينظر اليكم عبر الشاشات جمع غفير من الأمم هم قد فقدوا أعظم نعمة تعيشون في ظلها وتتفيأون ظلالها إنها العقيدة الصافية.
وعلى حد علمي، فإن من الدول المشاركة في هذه البطولة تلك الدولة التي رمت نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم بأبشع الصور وأقبح المناظر جهلاً منها بحقيقته أو عناداً عن قبول ما جاء به فدولة الدنمارك وكذلك النرويج وغيرهما من الدول المشاركة في هذه البطولة.
فلتثبتوا لهم وللعالم أجمع ان أطهر البشر عليه الصلاة والسلام خلاف ما نشروه وصوروه، ولكي تثبتوا لهم ذلك عليكم ان تتمثلوا صورته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم سواء كنتم داخل الملعب أو خارجه كونوا كما كان فهو أحسن الناس خلقاً وأحسنهم عشرة وأشدهم خشية لله وكان أجود الناس بالخير وكان أكرم الناس وأشجع الناس وأرحم الناس وأعظمهم تواضعاً وعدلاً وصبراً ورفقاً وعفواً وحلماً وأشدهم حياء وثباتاً على الحق.
وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تبسماً ويمزح ولا يقول إلاّ حقاً ولا يتكلم من غير حاجة وكان يأمر بالرفق ويحث عليه وينهي عن العنف.
يوقر الكبير ويرحم الصغير ويؤثر المحتاج ولم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً وما خير بين أمرين إلاّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
فامتثلوا أخلاق نبيكم الكريم، والتي هي باختصار كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما وعن أبيها حين سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان خلقه القرآن)، فليكن القرآن هو منهجكم في دنياكم وآخرتكم ولتثبتوا للعالم أجمع أننا خير أمة أخرجت للناس واعلموا أنكم إذا كنتم لله كما يريد كان لكم فوق ما تريدون.
وان أمتكم تنتظر منكم لساناً ناطقاً بالصدق وساعداً مدافعاً عن الحق وفؤاداً مفعماً بالهدى وقلباً يرى بنور الوحي فإن تمسككم بالسلوك الإسلامي سيكون مدعاة لتنبيه العالم لهذا الدين العظيم فإنكم ان فعلتم ذلك كنتم - بإذن الله - سبباً في دخول أمم كثيرة في دين الله أفواجاً، وهذه هي البطولة الحقيقية والانتصار الحقيقي.
ختاماً: عليكم ان تكونوا قدوة في الالتزام الكامل بالإسلام عقيدة ومنهجاً فإن عليكم مسؤولية عظيمة أمام الله يجب ان تقوموا بها حق القيام وهذه المسؤولية لا تخفى على كل رياضي مسلم في بلادنا المباركة - حماها الله - ولكني أجريت قلمي وكتبت رسالتي تذكيراً لمن نسي وتنبيهاً لمن غفل، اسأل الله تعالى ان يوفق كل مسلم ومسلمة إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين.