قال إن «الناس أعداء ما جهلوا»
العبيكان يصر على فتوى إرضاع الكبير
2010/05/25 10:56 م
عبدالمحسن العبيكان (Alwatan)
الرياض- أحمد رشوان:
تصاعد الجدل من جديد حول فتوى رضاعة المرأة للرجل الأجنبي مع إصرار الشيخ عبدالمحسن العبيكان المستشار في الديوان الملكي السعودي على فتواه بجواز ذلك لضرورة ملحة، حيث يؤكد الكثيرون أن ذلك ليس من الدين وأن الرواية التي جعلت من هذا الجواز هي في قصة معينة ولا يجوز تعميمها.. وفضل غالبية مشايخ الفقه في السعودية عدم المبادرة لمناقشة مثل هذا الموضوع والخوض في هكذا مسائل وأمور يرون أنها تخل بالدين ومفاهيمه لدى الناس، مفضلين الصمت وعدم التعليق مع الوقوف منها موقف المعارض والضد.. فيما تجمع النساء على أنها غير منطقية ومن الصعب العمل بها وإن كانت لحاجة ملحة.. متسائلات بدهشة واستنكار كيف تعطي المرأة حليبها لرجل بالغ لا يحل لها.
ومع الاختلاف والضجيج حول الفتوى إلا ان الشيخ العبيكان لم يتراجع عنها، مؤكدا صحتها.. وقال في حديث له أمس إن هناك الكثير من الأمور الفقهية التي يجهلها الناس ولا يعرفون عنها شيئا، ومن هنا يأتي الاستغراب والرفض لأن هناك الكثير من المسائل الفقهية الغائبة من عقول الناس، مشيرا إلى مقولة «الناس أعداء ما جهلوا».. مضيفا أن من تلك المسائل جواز إرضاع المرأة لرجل أجنبي وذلك لضرورة ملحة مثل سكنى الشاب في محيط أسرة بحيث يتكرر دخوله إلى بيت تلك الأسرة فيشق الاحتجاب عنه، ومن هنا يجوز للمرأة أن ترضعه بمقدار خمس رضعات كما الصغير شريطة أن يكون الإرضاع بطرق غير مباشرة من الثدي ويستتبع ذلك أن تكون محرمة عليه.
ويؤكد العبيكان أن هذه المسألة ليست بجديدة وهي موجودة عند أهل العلم، وأن هذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم، والإمام الشوكاني.. مضيفا بأن ذلك الأمر معروف في المملكة منذ زمن قديم، وهناك من يفعل هذا بناءً على هذه الفتوى التي لم يتم إنكارها إلا حين كبر الجهل بين الناس في أحكام الشريعة.
وأوضح العبيكان أنه لم يتكلم في هذا الموضوع إلا بعد أن تم سؤاله في برنامج تلفزيوني وكان عليه أن يبين الحكم الشرعي ولا يكتم العلم، وأنه لم يذكر ذلك إلا في إطار إجابة عن سؤال من أحد المشاهدين.. وشدد على أنه لا علاقة لهذه الفتوى بما سبق وتم الحديث عنه في فتوى سابقة لأحد المشايخ الذي أجاز إرضاع الكبير في العمل مباشرة.. مشدداً على أن مثل هذا القول «خطير ولا يصح».
وهنا الخبر الجديد بنفي الشيخ وتوضيح للامر:
| الرياض - من صبحي رخا |
تراجع المستشار في الديوان الملكي السعودي أمس الشيخ عبد المحسن العبيكان جزئيا عن فتواه المثيرة للجدل بشأن إرضاع الكبير، وحصرها في حالتين اثنتين احداهما طفل أخذ من ملجأ لا يعرف له أم ولا أب أو أخ احتاج للسكن مع أخيه المتزوج.
وكان العبيكان استند في فتواه السابقة الى حديث سالم مولى أبو حذيفة وانطلق منها الى القول بأنه «اذا احتاج أهل بيت ما الى رجل اجنبي يدخل عليهم في شكل متكرر وهو ايضا ليس له سوى اهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبب لهم احراجا وبالأخص اذا كان في ذلك البيت نساء او زوجة فإن للزوجة حق ارضاعه».
وهاجم مختصون وباحثون على مدى اليومين الماضيين فتوى العبيكان معتبرين أنها تفتح بابا للفساد والمحاذير الشرعية، مشيرين الى ان الاستشهاد بحالة سالم مولى حذيفة ليس في محله بحيث يستنبط منها حكم عام لكل زمان كما قال العبيكان، والا فإن الخدم في البيوت والسائقين والزملاء في العمل ينطبق عليهم الحكم نفسه وفقا لفتوى العبيكان.
وشدد العبيكان في بيان مطول نشرته صحف سعودية عدة امس منها «الوطن» و«المدينة» على ان فتواه تختلف تماما عن فتوى احد مشايخ الازهر بجواز ارضاع زميل العمل مباشرة من الثدي، مؤكدا ان «القول بمثل هذا الكلام خطير ولا يصح».
وانطلق العبيكان في تراجعه امس من التأكيد على «أن الأصل في الرضاعة أن تكون في الحولين أي ألا يتجاوز عمر الرضيع سنتين لقول الله عز وجل: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، وكرر العبيكان مااورده في فتواه السابقة مشيرا الى ان « بعض العلماء المحققين أجاز إرضاع الكبير في حالة خاصة, وهي ما إذا احتاج أهل البيت إلى كثرة دخول الكبير عليهم والسكنى بين ظهرانيهم، وبالطبع من دون أن يرضع مباشرة من ثدي المرأة وإنما تحلب له من ثديها في إناء، ويشربه خمس رضعات مشبعات للصغير كما جاء في النقل عن العلماء».
لكن العبيكان حدد هذه المرة فيما يشبه التراجع عن فتواه السابقة بأن «هذه الحالة تنطبق على من أخذه أهل البيت من ملجأ ولا يعرف له أب ولا أم فأرادوا تربيته وأن يكون عندهم مثل الولد، أو أن يكون شابا ليس له أقارب سوى أخيه ويضطر للسكنى معه ومع أسرته ويحصل الحرج بكثرة دخوله وخروجه وما شابه ذلك».
وطلب الخبير في المجمع الفقهي الإسلامي وأستاذ الدراسات المدنية في كلية الملك فهد الأمنية الدكتور محمد بن يحيى النجيمي من العبيكان بما عرف عنه من علم وفضل وورع وتقوى ولزوم الحق سرعة التراجع عن هذه الفتوى، وقال النجيمي لصحيفة «المدينة» إن رضاع الكبير لا ينشر المحرمية بالرضاع ومن قال به جانبه الصواب. ومن ثمّ انه يترتب على إرضاع الكبير محاذير شرعية عديدة، وقال «هذه قضية غير منضبطة فكل شخص يدعي انه محتاج إلى إرضاع فلان أو علان».
كما نقلت الصحيفة عن علماء من الأزهر انتقادهم فتوى الشيخ عبد المحسن العبيكان بشأن إرضاع الكبير رغم أنه وضع شروطا ترتبط برفع الحرج عن أهل البيت اذا اضطرتهم الظروف لاستقبال أجنبي عليهم وقال عدد من هؤلاء العلماء «إن فتوى إرضاع الكبير تخص آل البيت وإنها فتوى استثنائية على عهد رسول الله وان الإقرار بها في هذا الزمان سيزيد المفسدة بين الناس ويفتح الباب أمام الرذيلة وأنها ستستخدم في غير موضعها» .
من جهته، رد العبيكان - حسب «المدينة» - على منتقديه قائلا «ان بعض الذين يقولون انه لا حاجة لهذه الفتوى في هذا الزمن فلأنهم لا يمانعون من دخول غير المحارم من الرجال على نسائهم وبناتهم وهن متبرجات سافرات واما الذين يلتزمون بالحشمة والعفاف والغيرة فإنهم يحتاجون الى هذه الفتوى في هذا الزمن مثل ما احتاجها السابقون».
وهاجم الشيخ العبيكان في بيانه الذين لم يفهموا ما قاله عن اجازته ارضاع الكبير في هذه الحالة المحددة واتهمهم بالجهل وقال «كثر الجهل في هذا الزمن حتى عند من يدعي العلم حيث يزعمون جهلا أن ما قاله هؤلاء الأئمة غير صحيح لأنهم لم يفهموا النصوص ولم يطلعوا على كتب أهل العلم وإنما يصوبون الخطأ ويخطئون الصواب بلا روية ولا تعمق بخلاف الفقهاء والعلماء حقيقة فإنهم يحترمون آراء الآخرين منهم ويرجحون ما يعتقدونه من دون إبطال قول المخالف».
تجدر الاشارة الى ان الهجوم على العبيكان لم يقتصر من العلماء فقط وإنما هاجمه بعض كتاب المقالات في الصحف السعودية خلال الأيام الماضية، واللافت أن من بين المهاجمين كتابا يوصفون بالليبراليين كالشاعرة والكاتبة السعودية حليمة مظفر التي وصفت فتوى العبيكان بـ «المقززة» وأبدت في مقالها في «الوطن» امس تحت عنوان «لإباحة الاختلاط.. أرضعن الرجال يا نساء» دهشتها من انشغال المجتمع بقضية الاختلاط و اصفة هذه الحالة بالـ «فوبيا»، التي تسمح بظهور فناوى «مقززة» كفتوى إرضاع الكبير.
و رأت مظفر ان فوبيا الاختلاط، أو الخوف المرضي من الاختلاط تسيطر على بعض السعوديين، و أنها السبب وراء فوضى فتاوى «الإكسبريس» التي غدت لا تهتم إلا بفقه «الاختلاط» .
وفي سياق متصل، أفتى الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك بحرمة اقتناء كلاب الزينة.
وذكر البراك في فتواه، أن هذا عمل منكر ومحرم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان».
وبدأت هذه الظاهرة تنتشر كثيراً في المدن السعودية، وافتتح العديد من المحال التجارية منها المحلية والعالمية التي تقوم ببيع كلاب وقطط الزينة بأسعار مرتفعة.
وطالبت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجدة أمانة مدينة جدة بضرورة منع محال بيع الكلاب والقطط