عرض مشاركة واحدة
قديم 23-05-10, 10:44 PM   #10
شـــــاعر
 
الصورة الرمزية سعد بن نفاع الحربي

 










 

سعد بن نفاع الحربي غير متواجد حالياً

سعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this point

افتراضي


النابلسي , ت

والآن إلى قصة تابعي من التابعين الأجلاء

تابعي اليوم طاووس بن كُيسان ، هذا التابعي قال عنه كتاب السيرة بخمسين نجماً من نجوم الهداية استضاءت ، فغمره الثناء ، وتدفق عليه النور ؛ نور في قلبه ، ونور في لسانه ، ونور يسعى بين يديه ، وعلى خمسين علماً من أعلام مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم تخرج هذا التابعي الجليل ، فإذا هو صورة لصحابة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في رسوخ الإيمان ، وصدق اللهجة ، والتعالي على عرض الدنيا ، والتفاني في مرضاة الله ، والجهر بكلمة الحق مهما كان ثمن هذه الكلمة ، لقد علمته المدرسة المحمدية أن الدين النصيحة ، النصيحة لله ، وكتابه ، ورسوله ، وأئمة المسلمين وعامتهم .
في غداة يوم بارد من أيام الشتاء دخل على والي اليمن طاووسٌ ومعه وهب بن منبِّه ، فلما أخذا مجلسيهما عنده ، طفق طاووس يعظه ، ويرغبه ، ويرَهِّبه ، والناس جلوس بين يديه ، فقال الوالي لأحد حجابه : يا غلام أحضر طيلساناً ـ الطيلسان كساء أخضر اللون غالي الثمن تلبسه الخاصة ، الطبقة العلية في المجتمع ـ وألقاه على كتفي أبي عبد الرحمن .
فعمد الحاجب إلى طيلسان ثمين ، وألقاه على كتفي طاووس ، وظل طاووس متدفقاً في موعظته ، وجعل يحرك كتفيه في تؤدة حتى ألقى الطيلسان من على عاتقه ، وهب واقفاً وانصرف، وترك الطيلسان في المجلس .
فغضب محمد غضباً ظهر في احمرار عينيه ، واحتقان وجهه ، غير أنه لم يقل شيئا ، فلما صار طاووسٌ وصاحبه خارج المجلس قال وهب لطاووس :
ـ والله لقد كنا في غنىً عن إثارة غضبه علينا ، فماذا كان يضيرك لو أخذت الطيلسان منه ، ثم بعته ، ودفعت ثمنه للفقراء والمساكين ؟ خذه منه وبعه وادفع الثمن للفقراء والمساكين .
ـ فقال طاووس : هو ما تقول ، لولا أنني خشيت أن يقول الناس من بعدي : نأخذ كما يأخذ طاووس ، ثم لا يصنعون فيما أخذوه ما تقول أنت ، هذا موقف من مواقفه الجريئة .
ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة بعث إلى طاووس يقول :
ـ أوصني يا أبا عبد الرحمن .
فكتب إليه طاووس رسالة في سطر واحد ، قال فيها :
ـ إذا أردت أن يكون عملك خيراً كله ، فاستعمل أهل الخير والسلام .
فلما قرأ عمر الرسالة قال : كفى بها موعظة كفى بها موعظة .
ولما آلت الخلافة إلى هشام بن عبد الملك ، كان لطاووس معه مواقف مأثورة ؛ من ذلك إلى أن هشاماً قدم البيت الحرام حاجاً فلما صار الحرم قال لخاصَّته من أهل مكة :
ـ التمسوا لنا رجلاً من صحابة رسول الله .
ـ فقالوا له : إن الصحابة يا أمير المؤمنين قد تلاحقوا بربهم لم يبق منهم أحد ، واحداً إثر آخر.
ـ فقال : إذاً فمن التابعين .
فأوتي بطاووس بن كيسان ، فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ، وسلم عليه من غير أن يدعوه بأمير المؤمنين ، وخاطبه باسمه دون أن يكنيه ، وجلس قبل أن يأذن له بالجلوس .
كم مخالفة ؟ أولاً دخل عليه ، وخلع نعليه بحاشية بساطه ، وسلم عليه من غير أن يدعوه بأمير المؤمنين ، وخاطبه باسمه دون أن يكنِّيه ، وجلس قبل أن يأذن له بالجلوس ، فاستشاط هشام غضباً حتى بدا الغيظ في عينيه ، ذلك أنه رأى في تصرفاته اجتراءً عليه ، ونيلاً من هيبته أمام جلسائه ورجال حاشيته ، بيد أنه ما لبث أن تذكر أنه في حرم الله عز وجل ، فرجع إلى نفسه وقال لطاووس :
ـ ما حملك يا طاووس على ما صنعت ؟
ـ فقال : وما الذي صنعته ؟ ماذا فعلت ؟
ـ فعاد إلى الخليفة غضبه وغيظه وقال له : خلعت نعليك بحاشية بساطي ، وكان ينبغي أن تخلعهما خارج المكان ، ولم تسلم عليّ بإمرة المؤمنين ، وسميتني باسمي ولم تكنني ، ثم جلست من غير إذني !!
ـ فقال طاووس بهدوء : أما خلع نعلي بحاشية بساطك فأنا أخلعهما بين يدي ربِّ العزة كل يوم خمس مرات ، فلا يعاتبني ، ولا يغضب علي ، وأما قولك : إني لم أسلم عليك بإمرة المؤمنين فلأن جميع المؤمنين ليس راضين بإمرتك ، وقد خشيت أن أكون كاذباً إن دعوتك بإمرة المؤمنين ، وأما ما أخذته عليَّ من أني ناديتك باسمك ولم أكنك ، فإن الله عز وجل نادى أنبيائه بأسمائهم ، فقال : يا داود ، ويا يحيى ، ويا عيسى ، وكنى أعداءه فقال : تبت يدا أبي لهب وتب ، وأما قولك : إني جلست قبل أن تأذن لي ، فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول : (إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار ، فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام بين يديه ) ، فكرهت أن تكون ذلك الرجل الذي عُدَّ من أهل النار.
قال : فأطرق إلى الأرض خجلاً .
وقد روى عطاء بن رباح قال : رآني طاووس في موقف لم يرتح له ، فقال : يا عطاء إياك أن ترفع حوائجك إلى من أغلق في وجهك بابه ، وأقام دونك حُجَّابه ، وإنما اطلبها ممن أشرع لك أبوابه ، وطالبك بأن تدعوه ، ووعدك بالإجابة ، أي الله عز وجل ..
لا تســألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تُحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
* * *
كان يقول لابنه : يا بني صاحب العقلاء تنسب إليهم ، وإن لم تكن منهم ، ولا تصاحب الجهال فإنك إن صحبتهم نسبت إليهم ، وإن لم تكن منهم .
لذلك الفقهاء ذكروا حالات كثيرة تجرح العدالة منها : صحبة الأراذل ، إذا إنسان صفيه ، أو له سمعة منحطة ، أو منحرف الأخلاق ، يكفي أن تمشي معه فإن هذا يجرح عدالتك ، يجرحها ، وترفض شهادتك إذا سرت معه ، فالذي يصحب الأراذل ، والذي يتحدث عن النساء ، والذي يتنزه في الطرقات ، والذي يعلو صوته في البيت حتى يسمعه من في الطريق ، والذي يطفف بتمرة ، والذي يأكل لقمةً من حرام ، والذي يطلق لفرسه العنان ـ المسرع في المركبة ـ والذي يقود برذوناً ، والذي يمشي حافياً ، والذي يبول في الطريق ، والذي يأكل في الطريق ، والذي يلعب النرد ، هذه الأعمال كلها تجرح عدالتك ، وترفض شهادتك.
ولا تصاحب الجهال ، فإنك إن صحبتهم نسبت إليهم ، وإن لم تكن منهم .
وقد امتدت الحياة بطاووس حتى بلغ المئة ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((خيركم من طال




التوقيع :
    رد مع اقتباس