عرض مشاركة واحدة
قديم 23-05-10, 10:33 PM   #7
شـــــاعر
 
الصورة الرمزية سعد بن نفاع الحربي

 










 

سعد بن نفاع الحربي غير متواجد حالياً

سعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this pointسعد بن نفاع الحربي is an unknown quantity at this point

افتراضي



الطيار , ت

7_ بالإخلاص تنصر الأمة

عن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه أنَّه ظن أنَّ له فضلاً على من دونه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:(إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم،وصلاتهم،وإخلاصهم)([113]).
وصلاح الدين الأيوبي عندما كان يتفقد جنوده في إحدى المواقع الحربية،وجد بعضهم يقيم الليل فقال:(من هنا يأتي النصر) ووجد بعضهم نائماً فقال:(من ها هنا نُؤتى).

8_ يشرح صدر صاحبه للإنفاق في سبيل الله
فالمخلص لا يخشى الفقر،ويعلم أن ما عند الله لا ينفد أبداً،لذلك هو ينفق ويبذل في وجوه الخير المختلفة،ويؤثرها بأعظم قدر مما ملكه الله من أسباب القوة،حتى وإن كان محتاجاً لما يبذل. قال تعالى:[وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ]([114]).

9_ يحمل طالب العلم على الاجتهاد والمعلم على الحرص في الإيضاح
فكما يخلص التلميذ في حضوره لدروس العلم وأنه يتعلم ابتغاء وجه الله لينفع الناس في جميع أمور حياتهم. فكذلك يجعل الأستاذ يبذل كل ما في وسعه لإيضاح ما خفي عن التلميذ،ولا يبخل على الطلاب بما تسعه أفهامهم من المباحث المفيدة،ويكون الأستاذ حريصاً على أن يسلك في طريقه التدريس الأساليب التي تجدد نشاط تلاميذه وتحفزهم إلى التعمق في المسائل. وكلما أخلص العالم في عمله،وعمل بما عَلِم، علَّمه الله ما لم يعلم،
ونفعه بما علَّمه،وصار علمه حُجة له لا عليه.

10_ يحمل صاحبه على تنظيم أعماله([115])
فالإسلام دين النظام،والانضباط،والدقة،والجمال.
فتجد المخلص يحافظ على وقته،ويستغله أفضل استغلال،ويصرفه كله في طاعة الله عز وجل. لأنه يعلم أنه سيسأل عنه يوم القيامة.
عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما تزال قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع:عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟..)([116]).

11_ يجعل صاحبه في منزلة عظيمة عند الناس
فيحترمه الناس، ويوقرونه،ويجلونه،ويكون محبوباً لديهم. باش الوجه،حسن اللفظ،طيب الخلق.
يقول الشاعر:
وأحسن وجه في الورى وجه مخلص * * * لمن خلق الأشياء ربَّ ا لبشرية
وأيمن كف في الورى كف مخلص * * * يريد رضا الخلاق نعم الإرادة([117] ).

12_ ينجو به المرء من عذاب الآخرة ويفوز بنعيم الجنة
فالمخلص عندما يتصدق لا يريد من وراء صدقته إلا رضا الله تعالى عليه،وأن ينجو بهذا العمل من العذاب يوم القيامة،لما فيه من هول شديد،وأمور عظام قال تعالى: [وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً )([118]).

13_ الإخلاص دواء لمرض البعد عن الله
قابل شخص الفضيل بن عياض فسأله قائلاً: يا أبا علي: هل لمرض البعد عن الله دواء؟
عليك بعروق الإخلاص،وورق الصبر،وعصير التواضع،وضع هذا كله في إناء ا لتقوى
وصبَّ عليه ماء الخشية والخوف من الله عز وجل وأوقد عليه نار الحزن والبكاء والندم،وصفِّه بمصفاة المراقبة مع الله جل وعلا،وتناوله بكف الصدق،واشربه بكأس الاستغفار وتمضمض بالورع،وابعد عن الحرص والطمع،تشفَ من مرض البعد عن الله([119]).
قالوا في الإخلاص
تحدث الكثير من علماء المسلمين،والتابعين،والسلف الصالح عن الإخلاص وذكروا باقات طيبة من كلامهم الذي يفوح بالمسك في هذا الأصل.وإليك باقة من كلامهم حول الإخلاص:
قال إبراهيم بن أدهم ( الإخلاص صدق النية مع الله تعالى)([120]).
وقال سهل: ( الإخلاص أن يكون سكون العبد،وحركاته لله خاصة)([121] ).
وقال آخر : ( الإخلاص ما استتر عن الخلائق،وصفا عن العلائق)([122]).
وقال سفيان بن عيينة:)ما أخلص عبد لله أربعين يوماً إلا أنبت الله الحكمة في قلبه نباتاً،
وأنطق لسانه بها وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها)([123]).
وقال الربيع بن خيثم: ( كل مالا يراد به وجه الله يضمحل)([124]).
وسئل حمدون القصار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟
فقال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام،ونجاة النفوس،ورضا الرحمن،ونحن نتكلم لعز النفوس،وطلب الدنيا،ورضا الخلق([125] ).
وقال أويس القرني رحمه الله: (وإذا قمت فادع الله أن يصلح لك قلبك ونيتك،فلن تعالج شيئاً أشد عليك منهما)([126]).
وسئل سهل أي شيء أشد على النفس؟ فقال الإخلاص إذ ليس لها فيه نصيب)([127]).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:( فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس)([128]).
وقال الفضيل بن عياض: ( ترك العمل من أجل الناس رياء،والعمل من أجل الناس شرك،والإخلاص أن يعافيك الله منهما)([129]).
وقيل: الإخلاص دوام المراقبة،ونسيان الحظوظ كلها([130] ).
وروي عن ابن مسعود أنه قال: ( لا ينفع قول إلا بعمل،ولا ينفع قول ولا عمل إلا بنية، ولا ينفع قول ولا عمل ولا نية إلا بما وافق السنة)([131]).
وقال ا بن عبد الله التستري:(الإخلاص مسك مرصون في مسك القلب تنبه ريحه على حامله)([132] ).


الرياء وأثره على الأعمال:

الرياء يمحق الأعمال الصالحة، ويفرغها من آثرها الطيبة،ويبطلها، ويتركها خواء،ويصيرها هباء منثورا. يأكل الحسنات،ويضيع على العبد كل سعيه أشد فتكاً على المسلم في أعماله من الذئب في الغنم،أخطر على المسلمين من فتنة المسيح الدجال،يورث المرائي في الدنيا الصغار، والذل والهوان،وفي الآخرة سخط الله عليه، والزج به إلى نار جهنم،لأنه ابتغى بعمله غير الله تعالى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال:فما عملت فيها؟قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه،وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته،وقرأت فيك القرآن،قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارىء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.ورجل وسع الله عليه،وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها
قال:فما عملت فيها؟ قال: ما تركت سبيل تحب أن ينفق فيها إلاَّ أنفقت فيها لك،قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال:هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم القي في النار)([133]).

فالعمل قد يبطل،مع أن صاحبه قد عقد له الإخلاص قبل القيام به،لكنه جاء بعد فترة من الزمن،وذكره أمام الناس،على سبيل المن والافتخار،فيبطل ثوابه في توه.
عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إنَّ الاتقاء على العمل أشد من العمل،وإن الرجل ليعمل العمل فيكتب له عمل صالح معمول به في السر يضعف أجره سبعين ضعفاً،فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ويعلنه،فيكتب علانية،ويمحى تضعيف أجره كله،ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس الثانية،ويحب أن يذكر به ويحمد عليه فيمحى من العلانية،ويكتب رياءً،فاتقى الله امرؤٌ صان دينه،وإن الرياء شرك)([134]).

علاج الرياء

إذا ما أراد العبد أن يخرج من دائرة الرياء،فعليه أن يُقرَّ بفضل الله عليه،وتوفيقه له،وأن يخاف مقت الله وغضبه عليه يوم القيامة وأن يطالع ما في نفسه من عيوب، تقصير فيعالج ما فيها، وأن يعرف مداخل الرياء وخفاياه،فيتم له الاحتراز منها،وأن يكثر من العبادات غير المرئية،ويخفيها،ولا يذكرها لأحد،كقيام الليل،والصدقة سراً،والبكاء من خشية الله تعالى
وأعماله مقبوله بإذن الله تعالى.


أمور لا تعد من الرياء:

وحتى لا يتلبس على الإنسان في أعماله شيء،فليعلم أن الأمور الآتية ليست من الرياء ومنها:

1_ثناء الناس عليه ومدحهم لعمله دون قصده.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال:قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:( أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن)([135] ).

2_ كتمان الذنوب:المؤمن المخلص الصادق هو الذي يستر على نفسه،ولا يهتك سترها،
لأن الذي يذكر ذنوبه بحجة أن ذلك توبيخ للنفس،وتواضع، ليقال عنه أنه لا يزكي نفسه، فما ذلك إلا تلبيس من إبليس لعنه الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( كل أمتي معافاة إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد العمل بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربه،فيقول: يافلان!! قد عملت البارحة كذا وكذا،وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه([136]).
فلا يظن أن كتمان الذنوب من الرياء.

3_ إظهار الطاعات:كالأعمال التعبدية التي لا يمكن إخفاؤها مثل الحج،والعمرة،والصلاة
والجمعة، والجهاد،لأنه ربما قصد من إظهارها خيراً فلا يعد رياءً. كأن يقصد بذلك تعليم جاهل، أو الأخذ بيد لاهٍ غافل إلى طريق الله رب العالمين.
عن أنس قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(الإسلام علانية والإيمان في القلب..)([137]).

4_ تحسين الهيئة: فالإسلام دين الطهارة،والنظافة، والجمال،والمسلم يمثل أمته، ودينه،ودعوته. فظهوره بهيئة طيبة في أحواله كلها في حدود لا تخالف الشرع ليس من الرياء أو الكبر.قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنةً، قال: إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق،وغمط الناس)([138] ).

دور المتابعة في الفاعلية:

سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نموذج عملي للحركة والعمل والفاعلية: قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ]([139]).
المؤمن التقي المخلص هو الذي لا يعرف الكسل لجسده طريقاً،فهو يسعى ويجتهد،ولا تتوقف حركته التي يبتغي من ورائها عز أمته،ورفع راية التوحيد مقتدياً في ذلك بالنبيصلى الله عليه وسلم الذي يقول الله تعالى عنه: [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ]([140]).
وسنته الشريفة صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة فيها نماذج عظيمة تدعو إلى العمل، والفاعلية والحركة.
والله سبحانه وتعالى يدعونا إلى العمل،والبحث عن الرزق، في قوله تعالى: [فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ]([141]).
وغير ذلك من الآيات: وإذا نظرنا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته لوجدنا الكثير الكثير. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خيرٌ من أن يسأل أحداً فيعطيعه أو يمنعه)([142]).
وعن المقداد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ما أكل أحدٌ طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)([143] ).
وقد عمل نبينا صلى الله عليه وسلم بحرفة رعي الغنم،وعمل بها من قبله الكثير من الأنبياء. وحدث هذا عندما بدأ الرسول يستأنف حياة الكد والكدح،والعمل،بعد عودته من رحلته التجارية من الشام التي خرج فيها مع عمه أبي طالب. واختار الرسول حرفة الرعي، التي كان قد بدأها مع إخته في بني سعد،تلك الحرفة التي تعلم منها الصبر،والحلم،والأناة والرحمة، والرأفة، والعناية بالضعيف حتى يقوى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال)ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم،فقال أصحابه: وأنت؟ فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة)([144]).
وكان يسيراً على الله عز وجل القادر على كل شيء أن يرزق النبي صلى الله عليه وسلم في بداية حياته بما يساعده على الترف، والراحة، ومظاهر العيش المترف المنعم بما يغنيه عن الكد، والتعب، ورعاية الأغنام سعياً وراء الرزق، حيث بدا له ما يلاقيه عمه أبو طالب من نصب بسبب ثقل عياله، ولكن حكمة الله تعالى تقتضي أن نعلم أن خير مال الإنسان ما اكتسبه بعناء، ولقاء ما يقدمه لمجتمعه من خدمات الخير، ويساعدهم فيه. وأن شر المال ما أصابه الإنسان وهو مستلق على ظهره على فراش لين،لم يبذل فيه مجهوداً، ولم يقدم شيئاً ولو قليلاً ينتفع به مجتمعه.

وهكذا كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بين العمل في التجارة،ورعي الأغنام،وبين مساعدة المجتمع الذي يعيش فيه ليكون عنصراً فعالاً مفيداً لهذا المجتمع. أما بعد البعثة، فتضاعفت جهود النبي صلى الله عليه وسلم وحركته لأنه أصبح قدوة وأسوة للناس جميعاً فها هو صلوات الله وسلامه عليه يشارك أصحابه في حفر الخندق، يحمل معهم التراب على كتفه الشريف وكأنه يلبس ثوباً من تراب من كثرة العمل. ولما قدم وفد النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يخدمهم بنفسه، فقال أصحابه: نحن نكفيك يارسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:( إنهم كانوا لأصحابي مكرمين وأنا أحب أن أكافيهم)([145]).

وهذا يدل على عظمة تواضعه صلى الله عليه وسلم وعلى حسن ضيافته وعلى مشاركته في كل شيء صغر أو كبر. والرسول صلى الله عليه وسلم يريد من أمته أن تكون أمة عاملة، فإذا به يعلمهم أن عليهم العمل، والأخذ بالأسباب،أما النتيجة فعلى الله تعالى. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها)([146]).

والناظر لهذا الحديث من أول وهلة يتساءل إذا غرست هذه الفسيلة ومات الناس جميعاً بعد قيام الساعة فمن سيستفيد منها؟ هنا يعلمنا الرسول هذا الدرس العظيم،بأننا علينا العمل فقط، وليس علينا تحصيل النتائج لأننا لسنا مطالبين بها.
وهكذا كانت حياته صلوات الله وسلامه عليه مفعمة بالفاعلية،والعمل والحركة،حياة كانت موزعة بين الدعوة لدين الله،وتبليغها،والجهاد في سبيل الله، والقيام بين يدي الله في الصلاة ليلاً حتى تورمت قدماه وبين القيام بأعباء بيته كأب، وزوج ومرب، يقوم على خدمة أهله ويجالسهم ويمازحهم،فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. وإن من فاعلية المسلم أن يخالط الناس ويأخذ بأيديهم إلى طريق الحق ويسع صدره لجهلهم. فيكون واسع الأفق، حسن التصرف،يشاركهم في أمورهم التعبدية ولا يكون في معزل عنهم،أو في منأى عن مسايرة العصر الذي يعيش فيه، فلا يكاد يدرك الحقائق أو البديهيات المسلَّم بها.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:( المسلم إذا كان مخالطاً للناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)([147] ).
لقد أمر الإسلام بزيارة المريض،وتشميت العاطس،ونصر المظلوم،وصلة الرحم،وإبرار المقسم،وإجابة الداعي، واتباع الجنائز،فإذا ما شارك المسلم في هذه الأمور صار فعالاً في مجتمعه،وحصل على الخير، وأفاد الناس بأخلاقه الطيبة، واستفاد ودهم،وحبهم له،وحظى برضا الله رب العالمين.
أما إذا اعتزلهم فمن أين يأتيه الخير؟

ولقد ربى الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته على هذه المعاني العظيمة،وحثهم على التفاني في العمل،ودعاهم إلى الإخلاص في أعمالهم.

فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه بمجرد أن نطق بالشهادتين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم ما عليه من واجبات تجاه هذا الدين، وما له من حقوق، انطلق يدعو إلى دين الله،ويأخذ بيد الضال إلى طريق الله، لم يحصل على الخير ويقصره على نفسه، بل دعا له،وأرشد إليه،فإذا به يسلم على يديه خمسة من العشرة المشهود لهم بالجنة([148]).
وإن مما يساعد في إنجاز الأعمال،الدقة في تنظيم الوقت،ومحاسبة النفس في كل دقيقة،هل صرفت هذه الدقيقة في طاعة الله أم لا؟ والذي ينظر إلى تاريخ الصحابة،والتابعين،والسلف الصالح يرى كيف كانوا يعيشون،ويرى ما قدموه لهذه الأمة من أعمال جليلة في سنوات قليلة،ما ذلك إلا لتقواهم،ودقتهم في تنظيم أوقاتهم،ومحافظتهم عليها فسجلوا بذلك صفحات بيضاء في جبين التاريخ،فهم رهبان بالليل، فرسان بالنهار.




التوقيع :
    رد مع اقتباس