أغنى خمسة سعوديين
علي سعد الموسى - الوطن
تتراقص الأسماء الكبرى على الشاشة وتتزاحم بدءاً من أصحاب المليارات وانتهاء بأهلها من مئات الملايين. هم أغنى خمسين رجلاً من السعوديين. يمتلك هؤلاء وحدهم بحسب التقرير مجموع ثروة خمسة ملايين سعودي. هذا يعني، وعسى ألا أكون مخطئا بليداً في الحساب، أن كل فرد من هؤلاء يساوي وحده مئة ألف رجل. تخيلوا أن يمتلك الفرد الواحد من بينكم ثروة عشر قبائل. اللهم لا حسد، هي جلود الخلق مثل "مغنطيس" بحجم الجسد: بعضها يلتقط الدولار وبعضها مجرد جاذبية للغبار.
ما هو الغنى ومن هم الأغنياء؟ على رأسهم تأتي، عائشة، أم اليتامى التي مسحت قبل أربعة عقود منازل الأثرياء، ولو بمقياس ذلك الزمن، عملت مع هذا وزرعت وسقت في مزارع ذاك من أجل ثلاث بنات يكبرن الأخ. وكانت حين تذهب للفراش تضعه بينها وبينهن حتى إذا همّ ثعبان بأن يلدغ فرداً من العائلة فلن يجد طريقا مباشرا إلى الابن الصغير.
من أجله (همَّت) أن تضحي بنفسها أو بالطارف من أخواته. كبر سليمان وملأ المنزل ومازالت أمنا عائشة تملأ العيون الذابلة بفرحة الأحفاد وبالابن البار الذي مازال ينام على وسادتها في الخامسة والأربعين من العمر. على رأس هؤلاء الأثرياء اليوم، كان (أبورياض): كان ميسور الحال بقوت شهر من الزمن. وحين مات أبورياض سألت عنه عشرات الأرامل. سأل عنه (ابن عجيبة)، ذلك الثمانيني الذي كان يفتح بابه في اليوم الأول مدخل كل شهر قبيل الفجر فيجد أمام الباب مؤونة شهر لسبعة أيتام من زوجته الراحلة. ولأربع سنوات حاول ابن عجيبة أن يعرف الفاعل ليشكر الفعل، إلا أن زائر منتصف المساء مدخل كل شهر كان يحتال على ظلام القرية الدامس كيلا يتعرف إليه.
وحين مات "أبورياض" عرف ابن عجيبة الفاعل فوراً حين انقطع الوصال مباشرة في الشهر الذي يليه. على رأس هؤلاء الأثرياء تأتي "فواطم" التي حفظت زوجها المشلول رباعيا لعقدين من الزمن، وحين تطرحه على الوسادة في المساء تسمع همسه لها بالدعاء، يبتسم لها فتعرف أن باب السماء لها مفتوح على مصراعيه. على رأس هؤلاء تأتي "زهور" تلك التي تقبل بين شفتيها أول خمسمئة ريال هدية من ابنتها البكر، وأول مبلغ بهذا الحجم في رصيدها من هذه الحياة. شاهدتها فبكيت.