بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
من وصايا رسولنا عليه الصلاة والسلام التي أوصانا بها أن نفشو السلام بيننا وهو من أسباب المحبة بين المسلمين, وما أحوجنا في هذا العصر أن يكون المسلمون كلهم متحابين متآلفين مجتمعين, قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم, قال: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم, أفشوا السلام بينكم".
إذًا حديثنا اليوم عن إفشاء السلام. ولقد سُئِِل رسولنا عليه الصلاة والسلام عن أفضل خِصال الإسلام, أيّ الإسلام خير؟ -الحديث في الصحيح- فقال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف", والمشكلة التي نقع فيها الآن أحبابي الكرام أننا فقط نسلِّم على من نعرف فقط, فأصبح -مثلًا- الدكتور يسلِّم على الدكتور, على من في طبقته, وإذا وجد رجلًا فقيرًا مسكينًا قد يكون فرّاشًا لا يُسلمِّ عليه, يقول أنا دكتور عندي شهادة كيف أسلم على هذا! لازم هو يسلِّم علي, أو من كان مديرًا أو وزيرًا فلا يُسلِّم إلا على من في طبقته, أو من كان من بلده, فإذا رأوا العمّال بعض الناس للأسف الشديد حتى في بيوت الله يرى العامل من العمّال يصلي لا أحد يلتفت إليه ولا أحد يسلِّم عليه, لكن لو كان هذا الشخص من أهل البلد ويلبس لباس أهل البلد ومن القبيلة تجد الناس كلهم يسلِّمون عليه, وهذا مرضٌ اجتماعي ينبغي أن نتلاشاه ونبتعد عنه, أننا لا نسلِّم إلا على من نعرف, بل هذا قد يكون فيه شيءٌ من الغرور والعُجب واستحقار الآخرين, ولقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم", بعض الناس إذا رأى شخص مثلًا حتى لو في المسجد لا يعجبه شكله ولا لباسه ولا هيئته لا يسلم عليه, يسلم على -مثلًا- من في يمينه يسلم عليه قد يكون من أهل البلد أو يعرفه, والذي على يساره لا يسلم عليه, لماذا؟ لا يعرفه! لباسه هيئة لا يعجبه لا يسلم عليه, وهذا كما قلت مرضٌ اجتماعي.
مرة الرسول عليه الصلاة والسلام كان جالسًا ودخل رجل وقال: "السلام عليكم", ثم جلس, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "عشر", أي عشر حسنات, ثم دخل رجل آخر قال: "السلام عليكم ورحمة الله", فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عشرون", ثم دخل رجلٌ ثالث فقال: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته", -أتى بلفظ وبركاته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثون", أي ثلاثون حسنة. فلهذا عودوا أنفسكم أن تكملوا السلام, بعض الناس يحرم نفسه مسكين إذا دخل مجلس أو في الهاتف يسلِّم: "السلام عليكم" -جزاك الله خير يا أخي أكمل- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, حتى تأخذ ثلاثين حسنة والحسنة بعشر أمثالها فيكون المجموع أقل تقدير 300 حسنة والله يضاعف لمن يشاء, فلا تحرم نفسك من الأجر لا تقل فقط "السلام عليكم" بل قل "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" عود نفسك عليها دائمًا حتى ترتبط بلسانك.
ومن السنة كذلك أنّ الإنسان إذا فارق مجلس يقول "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته", كما جاء في بعض الأحاديث أنه ليست الأولى بأحق من الأخرى, فبعض الناس يحرم نفسه إذا فارق مجلسًا قال: "في أمان الله", "مع السلامة", أي لفظ من الألفاظ التي تعود عليها في بلده, نقول: لا, السنة أنك تقول إذا فارقت المجلس أو فارقت شخص في الهاتف أن تقول "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" فتعود نفسك على كلمة "بركاته", فينبغي أن نفشوا السلام بيننا.
ولقد كان من تواضع رسولنا صلى الله عليه وسلم كما يحدِّث بذلك أنس بن مالك, كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا مرّ على الصبيان يسلِّم عليهم, وهو عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين وأفضل مخلوق على وجه الأرض يسلم على الصبيان, وبعض الناس يمر على الصبيان يجدهم يلعبون لا يسلم عليهم, لا يعطيهم اهتمام, لا, سلِّم عليهم.
أو بعض الناس يجد شخص مثلًا معه أبناؤه الصغار, يسلِّم على الرجل الأب ولا يسلِّم على الصِغار, هذا غير صحيح هذا خلاف السنة, بل أنك تسلم على الصغار وهذا من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام, فلنحرص أحبابي الكرام أن نفشو السلام, وهذا من حق المسلم على المسلم كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام حق المسلم على المسلم أنه إذا لقيه أن يسلم عليه, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام, فهذا من تواضعك أنك دائمًا تبدأ الناس بالسلام, وتبدأ الناس بالترحيب والتهليل, هذا دليل على سماحة نفسك, دليلٌ على تواضعك, فلهذا ينبغي أن تتأصل فينا هذه الصفة, صفة السلام, أننا دائمًا نفشو السلام بيننا, حتى إن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- كان يذهب للسوق فقط لكي يسلم لأن السلام فيه أجر عظيم, السلام يحبه الله سبحانه وتعالى.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول للفائده