ابراهيم علوي (جدة) سامي المغامسي (المدينة المنورة)تصوير: احمد بابكير
((ارتفع سيف السياف في ساحة القصاص يوم امس مرتين نفذ خلالها حكم القتل تعزيراً بجانيين ولكن لم يكمل السيف طريقه في المرة الثالثة بعد ان اطلق احد الحضور: عفوت عنه لوجه الله تعالى ليس لاجل مال وجاه بل لله هنا انطلق التهليل والتكبير وعبارات التهنئة والشكر لوالد القتيل والذي عفا عن قاتل ابنه وذلك بعد ان حرر القاتل وصيته وودع رفاقه في السجن واذعن رقبته للسيف في ساحة القصاص بجدة امس. ولم تكن الدقائق التي مرت امس على مطر خليوي بن بريك الحربي سوى انها آخر لحظات حياته، رغم استمرار المحاولات لانقاذه من القصاص حتى ساحة القصاص وذلك في قضية قتله خلف بن حسين الحربي قبل نحو 8 سنوات في عام 1419هـ اثر شجار قال عنه المعفو عنه انه ساعة غضب سيطر علي الشيطان واغواني وجعلني امسك بسكين عقب ان احتد النقاش بيني وبين خال ابني واخو زوجتي وحاولت اخافته بالسكين ولكن الشيطان كان اكبر مني ومنه وبدون ان اشعر طعنت اخي بالسكين ليسقط غارقا في دمائه ومنذ ذلك الحين وانا نادم على ما اقترفته وادعو الله في كل صلاة لي ان يرحمني ويغفر لي على ما قمت به وكنت ادعو الله ان يلهم عمي والد زوجتي الصبر والسلوان وان يعفو عني لاجل ابنائي الاربعة ولكن حالت حرقة الاب على فراق ابنه الشاب الامر الذي حال دون نجاح المساعي وجهود اهل الخير التي امتدت طيلة الفترة الماضية وكثفت قبل نحو اسبوعين وامتدت حتى ساحة القصاص.
سطرت وصيتي
قال خليوي سطرت وصيتي وكنت في حالة انهيار تام وانا في طريقي الى ساحة القصاص حيث كنت اردد الشهادة وادعو الله ان يرحمني ويرحم ابن عمي واخي الذي ازهقت روحه في ساعة غضب وكنت اردد يارب ان رأيت لي الخير ان تسهل لي العفو وتحنن عليّ قلب وصدر عمي وان رأيت لي الخير في القصاص فسهله لي وادخلني مدخل صدق وعندما دنوت من موقعي وكان قبلي قصاص نفذ شعرت انني سأموت في هذه اللحظة ولكن سبحان الله اطلق عمي قوله «عفوت عنه.. عفوت عنه» لترتفع التكبيرات والتهليلات التي غمرت ارجاء ساحة القصاص وبصراحة كنت كمن في الحلم واستيقظ فجأة والناس تهنئني بالعفو وحاولت رؤية وجه عمي لاشكره ولكن كان اهل الخير حوله وهم يهللون ويكبرون فرحين ولكن ليس كفرحتي كأنني اليوم ولدت من جديد وادعو الله ان يجزي عمي وابناءه وعمتي خير الجزاء وان يجعلها في ميزان حسناتهم وانا ابنهم وارجو ان يعفو عني في كل شيء فأنا ابنهم وسأخرج من هنا نحو الحرم المكي حيث ساؤدي العمرة هناك وادعو من هناك ان يغفر لي وان يجزي عمي وابناءه وعمتي خير الجزاء ومن ثم ساذهب الى المسجد النبوي حتى ابدأ من هناك بداية حسنة .
والشكر لله اولا على فضله ثم لعمي والد زوجتي وابنائه وعمتي وكل من ساهم في العفو عني وعتق رقبتي خاصة اللواء احمد الزهراني مدير السجن العام والعميد عيضة الزهراني مدير سجون جدة و العميد منصور العيتبي والمقدم احمد الشهراني وعضو لجنة العفو واصلاح ذات البين الشيخ عبدالمحسن السلمي وكل أعضاء اللجنة التي حاولت وبذلت جهودا كبيرة في سبيل العفو عني.
رفضت الـ 20 مليوناً
الشيخ حسين بن عوض الله السحيمي الحربي والد القتيل قال لـ «عكاظ» عندما شاهدت والد الجاني زال عني تمسكي بالقصاص من القاتل وعفوت عنه لوجه الله تعالى طالبا الاجر والثواب من الله عز وجل بعد ان حلفت مرارا وتكرارا بعدم العفو عنه رغم الجهود الكبيرة التي قام بها الرجال من وجوه الخير وشيوخ وأعيان القبائل بالاضافة الى لجنة العفو والمسؤولين فقد كان غضبي الأكبر على القاتل فهو زوج ابنتي والمقتول ابني لذلك كان الغضب أكبر مني ولم استطع مسامحته حتى نزل الى ساحة القصاص وعندما شاهدته يسير طلبت ان يحضر اليّ والده لعلي اجد ما يجعلني اعود وهذا الأمر كان بارادة العلي القدير فقد كان يدفعني للمسامحة والعفو عنه وعندما حضر والده نظرت اليه وحاول ان يتحدث ويرجوني ان اعفو عنه لكني تحدثت اليه قبل ان يتحدث وقلت عفوت عنه لوجه الله تعالى لا لأجل جاهٍ او مال فقد عرضوا علي المال الكثير ورفضت عرضا للتنازل بعشرين مليونا وتمسكت بالقصاص ولكني اليوم سامحته وأسأل الله ان يجمعني مع ابني في جناته واحض كل صاحب دم ان يذوق ما أحس بطعمه اليوم من سعادة بما فعلته وقال الحربي اتمنى ان يكبح الانسان جماح نفسه عند الغضب واتقاء الشرور التي قد تلقي به الى التهلكة.اما العم خليوي الحربي والد القاتل فحمد الله ان بث الرحمة في نفس والد القتيل فعفا عن ابني وطلب المثوبة من الله مشيدا بجهود الخيرين الذين اجتهدوا كثيرا للوصول الى العفو ولكن اخي حسين رفض تقديم العفو متأثرا بحزنه الشديد على فراق فلذة كبده وتمسك بالقصاص الا ان رحمة الله سبقت كل شيء فعفا عن ابني جزاء الله خير الجزاء، عندما طلبني اخي حسين كنت ادعو الله ان يرق قلبه الكبير وبالفعل ما ان وصلت اليه وقبل ان اتحدث اليه بكلمة قال عفوت عنه لوجه الله تعالى عندها لم اصدق كل ما يحدث أمامي وكأني مت وعدت للحياة وقال ادعو الله ان يرحم ابني القتيل خلف وان يسكنه فسيح جناته وان يجزي والده واخوانه خير الجزاء.
المصادقة على التنازل
وكان والد القتيل قد صادق في محكمة جدة العامة أمس على التنازل بحضور رئيس المحكمة وعلى يد القضاة.اللواء أحمد الزهراني مدير السجن العام اثنى على اخلاق مطر الحربي طوال فترة سجنه وقال كان من أفضل السجناء لدينا ودعته صباحا خلال ذهابه الى ساحة القصاص وكان في خلدي انه سيعود اليّ واضاف عقيدتنا السمحة تحضنا على التسامح والعفو عند المقدرة وهو ما قام به والد القتيل في ساحة القصاص جزاء الله خيرا على قام به وكل المسلمين وقال بذلت لجنة متخصصة في قضايا العفو واصلاح ذات البين كل جهودها في سبيل اقناع والد القتيل بالتنازل ووجدنا منه كل خير وهو ما قام به في ساحة القصاص واكد ان المعفو عنه سيخرج خلال الايام القادمة عندما تكتمل كل اجراءاته النظامية. ))
جريدة عكاظ