روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
19-04-14, 09:49 PM | #1 |
" من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : قــــال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله"(1) يدل هذا الحديث بمنطوقه على أن من لا يرحم الناس لا يرحمه الله ، وبمفهومه على أن من يرحم الناس يرحمه الله ، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر " الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"(2) فرحمة العبد للخلق مـن أكبر الأسباب التي تنال بها رحمة الله، التي من آثارها خيرات الدنيا ، وخيرات الآخرة ، وفقدها مـــن أكبر القواطع والموانع لرحمة الله ، والعبد في غاية الضرورة والافتقار إلى رحمة الله ، لا يستغني عنها طرفة عين ، وكل ما هو فيه من النعم واندفاع النقم ، من رحمة الله . فمتى أراد أن يستبقيها ويستزيد منها ، فليعمل جميــع الأسباب التي تنال بها رحمته ، وتجتمع كلها فــي قولــه تعـــالى ( إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ) الأعراف 56 وهم المحسنون في عبادة الله ، المحسنون إلى عباد الله . والإحسان إلى الخلق أثر من آثار رحمة العبد بهم . والرحمة التي يتصف بها العبد نوعان : النوع الأول : رحمة غريزية ، قد جبل الله بعض العباد عليها ، وجعل في قلوبهم الرأفة والرحمة والحنان على الخلق ، ففعلوا بمقتضى هذه الرحمة جميع مــا يقــدرون عليـــه مــن نفعهم ، بحسب استطاعتهم. فهم محمودون مثابون على ما قاموا به، معذورون على ما عجزوا عنه ، وربما كتب الله لهم بنياتهم الصادقة ما عجزت عنه قواهم . والنــوع الثـــانـي : رحمة يكتسبها العبد بسلوكه كــل طـــريق ووسيلة ، تجعل قلبه على هذا الوصف ، فيعلم العبد أن هـــــذا الوصف من أجل مكارم الأخلاق وأكملها ، فيجاهد نفسه عــلى الاتصاف به ، ويعلم ما رتب الله عليه من الثواب ، ومــا فــي فواته من حرمان الثواب ; فيرغب فـــي فضل ربـــه ، ويسعى بالسبب الذي ينال به ذلك. ويعلم أن الجزاء من جنس العمل ، ويعلم أن الأخوة الدينية والمحبة الإيمانية ، قــد عقــــدها الله وربطها بين المؤمنين ، وأمرهم أن يكونوا إخوانا متحابين ، وأن ينبذوا كل ما ينافي ذلك من البغضاء ، والعداوات ، والتدابر . فـــلا يــزال العبـــد يتعرف الأسباب التي يدرك بها هذا الوصف الجليل، ويجتهد في التحقق به ، حتى يمتلئ قلبه من الرحمة، والحنان على الخلق . ويا حبذا هذا الخلق الفاضل ، والوصف الجليل الكامل . وهــذه الرحمة التــي في القلوب ، تظهر آثارها على الجوارح واللسان ، فــي السعي في إيصال البر والخير والمنافع إلـــى الناس ، وإزالة الأضرار والمكاره عنهم . وعلامة الرحمة الموجودة فــــي قلب العبد ، أن يكـــون محبا لوصول الخير لكافة الخلق عمومـــا ، وللمؤمنين خصوصا ، كارها حصول الشر والضرر عليهم . فبقدر هذه المحبة والكراهة تكون رحمته . ومن أصيب حبيبه بموت أو غيره من المصائب ، فــإن كـــــان حزنه عليه لرحمة ، فهو محمود ، ولا ينافي الصبر والرضى ، لأنه صلى الله عليه وسلم لما بكى لموت ولد ابنته ، قــال لــــه سعد " ما هذا يا رسول الله ؟" فأتبع ذلك بعبرة أخرى ، وقــال " هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء " (3) وقال عند موت ابنه إبراهيم " إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون " (4) . وكــذلك رحمة الأطفال الصغار والرقة عليهم ، وإدخال السرور عليهم من الرحمة، وأما عدم المبالاة بهم، وعدم الرقة عليهم، فمن الجفاء والغلظة والقسوة ، كمــا قـال بعض جفاة الأعراب حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقبلون أولادهم الصغار ، فقال ذلك الأعرابي : تقبلون الصبيان ؟ فما نقبلهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أوأملك لك شيئا أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ " (5) ومن الرحمة : رحمة المرأة البغي حين سقت الكلب، الذي كاد يأكل الثرى من العطش ، فغفر الله لها بسبب تلك الرحمة . وضــدهـــا : تعذيب المرأة التي ربطت الهرة ، لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت . ومــن ذلك مــا هــو مشاهد مجرب ، أن من أحسن إلى بهائمه بالإطعام والسقي والملاحظة النافعة ، أن الله يبارك لــه فيها . ومن أساء إليها : عوقب في الدنيا قبل الآخرة ، وقــال تعــالى ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) المائدة : 32 وذلك لما في قلب الأول من القسوة والغلظة والشر ، ومـا فـي قلب الآخر من الرحمة والرقة والرأفة ، إذ هو بصدد إحياء كل من له قدرة على إحيائه من الناس ، كما أن ما في قلب الأول من القسوة ، مستعد لقتل النفوس كلها . فنسأل الله أن يجعل في قلوبنا رحمة توجب لنا سلوك كل باب من أبواب رحمة الله ، ونحنو بها على جميع خلق الله ، وأن يجعلها موصلة لنا إلى رحمته وكرامته ، إنه جواد كريم . كتـــــاب : بهجة قــلـــوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار(ص169) للشيخ عبد الرحمن السعدي (بتصرف) .... (1) أخرجه مسلم في صحيحه ( ك الفضائل ، ب رحمته صلى الله عليه و سلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك ، ص 1268 / ح 2319 ) من حديث جرير بن عبد الله . (2) أخرجه الترمذي في الجامع ( ك البر والصلة ، ب ما جاء في رحمة الناس ، ص 1845 / ح 1924 ) من حديث عبد الله بن عمرو ، وقال الألباني : صحيح . (3) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الجنائز ، ب قول النبي صلى الله عليه و سلم ( يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه ) ، ص 251 / ح 1284) من حديث أسامة بن زيد (4)أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الجنائز ، ب قول النبي صلى الله عليه و سلم ( إنا بك لمحزنون ) ، ص 254 / ح 1303) من حديث أنس بن مالك (5) أخرجه البخاري في صحيحه ( ك الآداب ، ب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته ، ص 1162 / ح 5998 ) من حديث عائشة . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
|
19-04-14, 11:41 PM | #2 |
20-04-14, 06:36 AM | #3 |
20-04-14, 08:57 PM | #4 |
21-04-14, 05:25 PM | #5 |
22-04-14, 09:01 AM | #6 |
22-04-14, 11:26 PM | #7 |
25-04-14, 06:01 PM | #8 |
25-04-14, 10:05 PM | #9 |
|
|