قام صديقان بجولة في إحدى الغابات , وطال بهما الحديث وامتد حتى جاء المساء و أظلم الليل . وعندما أقبل الظلام ,اقترح أحدهما العودة خوفاً أن يهاجمهما أحد الوحوش و هم ليس بمسلحين,
فقال الثاني (( مما تخف يا صديقي ؟ وعلام الخوف ما دمت أنا معك ؟ فلا تخف, فكم واجهت الحيوانات المفترسة وتغلبت عليها )) واستمر يمدح شجاعته , وأنه كم واجه من الوحوش , فصرعها. ولم يكد يتم كلامه حتى فاجأهما دب كبير , فأسرع مادح نفسه - الذي كان يدعى الشجاعة - وتسلق شجوة كانت بالقرب منه واختفى بين أغصانها . أما الآخر , فقد فكر في حيلة تنقذه من الدب ,
فاستلقى على الأرض, وكتم أنفاسه , وتظاهر بالموت لأنه يعلم أن الدب لا يأكل الميتة. واقترب منه الدب , وتشممه من فمه و أنفه وأذنيه ثم تركه وانصرف لأنه ظنه ميتاً وليس له ميل للحم الميت , ولما ذهب الدب بعيداً قام الآخر من الأرض وتعجب من سلوك صديقه الذي فر من الدب . وبعد قليل نزل المدعي بالشجاعة من الشجرة , وجاء إلى صاحبه , وسأله مازحاً ( ماذا قال لك الدب ؟ )) (( وعم سأل ؟)) فاجابه الآخر (( لم يسألني عن شيء , و إنما قال لي : قل للمختبىء على الشجرة : إن مادح نفسه كذاب لا يصدق ولا يعتمد عليه , فخجل مادح نفسه واعتذر للآخر )) فلا تكن مثل المادح نفسه .