روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-09-16, 12:24 AM | #11 |
بقي رجال الأمير وزواره جالسين بصمت في أماكنهم مستندين إلى الجدار بينما استمر حديث الامير برتابة لا يقطعها الا صوت حبات مسبحته وقرقعة فناجين القهوة التي استمر الغلام الاسود يديرها على الحاضرين. فجأة أعطى الامير اشارة معينة ففز على أثرها فهد صاحب الشماغ الاصفر. وأشار لي ولعلي ان نتبعه. خرجنا من باب آخر لنجد انفسنا في ممر مظلم. دفعنا فهد إلى السير أمامه وتلمسنا طريقنا إلى درج تنفذ اليه خيوط شعاع الشمس أضاءته لنا. تسلقنا الدرج وسؤال كبير يدور برؤوسنا عما ينتظرنا عند نهاية الدرج حتى وصلنا السطح. هنا وجدنا عبدالعزيز كما وجدنا مائدة وضعت على الارض في وسطها صينية كبيرة من النحاس. وجدنا غلاما أسود يذود الذباب عن الطعام باستخدام مروحة كبيرة من سعف النخيل، وبينما نحن نغسل ايدينا في طاسات من النحاس جاءت زبادي إضافية مليئة باللبن والسمن. كما أحضروا كميات من الخبز. وبينما كانت الشمس تصب اشعتها الذهبية بعد الظهر فوق الاسطح جلسنا نحن نتناول طعام ( العشاء ) ؟!!
ترددت وعلي في الجلوس إلى المائدة قبل أن نعرف من سيشاركنا الطعام. فهم رجال الامير الاشارة وجلس اثنان منهم للعشاء معنا. صنعت الأكلة من خلطة من الرز والقمح والشعير وأي حبوب أخرى استطاعوا أن يجدوها وطبخ كل ذلك بالسمن. وُضعت على قمة الخلطة قطع من لحم الضأن الحار الذي انبعثت منه رائحة. وضعوا أيضا بعض الزبادي الصغيرة المملوءة بالسمن الحار في اطراف الصينية الكبيرة نفسها كما كانت هناك ايضا زبادي ملئت لبناً ورصت مع ارغفة الخبز حول الطبق. طريقة الاكل هي غرس اليد اليمنى في الرز الحار مباشرة وأخذ ملء الكف من تلك الخلطة ثم تكويرها بأصابع اليد اليمنى ايضا وغمسها في السمن الحار ثم دفعها بالابهام إلى الفم وهي تلمع من السمن الذي يسيل منها. أما اللحم فإن الايدي تمتد اليه بوقت واحد ويقطع كل شخص من الطاعمين قطعا يرميها إلى فمه. وهم يحرصون على ابقاء قطع اللحم وسط الصحن فوق الرز . قد يشرب بعضهم اللبن أثناء تناول الطعام ولكن الاغلب انهم يشربونه في نهاية الوجبة. ( يتبع ) المرجع : عبر الجزيرة العربية على ظهر جمل اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين فرض الإقامة الجبرية على الدانمركي رونكيير واستجوابه في بريدة (4-4 ) سعود المطيري أخيرا يغادر الرحالة الدانمركي رونكيير بريدة بعد أيام كئيبة قضاها تحت الحراسة المشددة متخطيا مرحلة من اشد المراحل صعوبة واقلها بهجة بعد أن لفظته المدينة ورفض تجارها حتى تزويد قافلته بمؤن الطريق مثلما رفضته لاحقا عنيزة ولم يجرأ على المبيت داخل حمى بريدة حيث طارده حسب وصفه هاجس ( مطوعيها ) وغلطات مميتة أرتكبها بعض الرحالة الذين سبقوة في الجزيرة قبل أن يواجه مشكلة أخرى مع أدلائه والرجل أكحل العينين الذين هددوا بطرده من القافلة على أثر كشفهم ( آلة تصوير ) كان يخفيها داخل ثيابه ثم تلقى صدمة أخرى عندما تسربت أخبار من الزلفي تحذر جيرانهم أهالي الغاط من النوايا السيئة لهذا الرحالة فالتقاه أميرها على اطراف المدينة التي لم يدخلها وهو يصف رحيله بالقول : قبل مغيب الشمس جاء مبارك مرة أخرى يخبرني ان الامير فهد بن معمر لايسمح لنا بالسفر عبر وادي السر لأن الطريق غير مأمون ولأنه لا توجد بلد نتوقف فيها بين عنيزة وشقراء رأيت انه من غير المفيد الاعتراض على رأي الامير وعليه لم يبق لي خيار آخر الا العودة للزلفي ثم الرياض صدرت تعليمات الأمير لرجله الذي عينه حارساً علينا، أن يرافقنا إلى الرياض ان هذا الرجل الذي اوكلت اليه مهمة مراقبتنا منذ وصولنا كان كئيباً متزمتاً زاد من تجهمه الكحل الاسود الذي يصبغ به دائما عينيه وحواجبه . انه يمد الكحل خارج عينيه لدرجة ان جفونه تبدو وكأنها متصلة بأذنيه . أحضر فهد لنا في المساء بعض الخبز القديم وماء سيئاً للشرب وأصبح كل شيئا جاهزا للرحيل وبتنا ليلتنا تلك جائعين . احضرت ابلنا إلى الممر الضيق امام غرفتنا وحملت عليها أمتعتنا، لم تكن هناك أي اشارة للحياة في المدينة ذلك الصباح البارد. ولم نر انساناً واحداً واتجه عبدالعزيز وأخوه إلى السوق في محاولة اخرى لشراء بعض مانحتاجه للطريق بينما اتجهت لوداع الامير وقد تقمصت وقتها شخصية المحب له . شربنا لديه فنجانين من الحليب الحار ثم كان وداعاً شديد البرودة، امتطينا بعده ظهور جمالنا وخرجنا من البوابة نفسها التي دخلنا منها . وقف بعض المتطفلين عند البوابة، ولكن عصا فهد التي يعرف كيف يستعملها سرعان ما فرقتهم، استقبلت جمالنا الطريق الصحراوي تشقه بكبرياء واضح كما ارتفعت معنوياتنا بعد أن تخلصنا من مرحلة من أشد المراحل صعوبة وأقلها بهجة قابلناها في رحلتنا. الرحالة الدنماركي باركلي رونكيير، توقفنا بعد مسافة قصيرة عند أحد الابار لملء قربنا وسقي أباعرنا وانتهزت الفرصة ورسمت بعض المناظر قبل ان نستأنف سيرنا وسط بساتين النخيل وبعد سير مايقارب ساعة والخروج من الرقعة الزراعية ببريدة توقفنا عند سفح تل والقينا نظرة أخيرة على ابراج بريدة التي ارتفعت عند الافق . كانت الرمال لا تزال تحمل صقيع الليل مما جعلنا نرتعد من البرد لكن ذلك لم يمنعنا من اكل بعض التمر وشرب القهوة حتى يلحق بنا رفاقنا والذين وصلوا ومعهم بعض أهالي الزلفي الذين كانوا في بريدة لشراء بعض مستلزمات غير متوفرة لديهم مثل العجلة ( السانية ) التي تستخدم في سحب الماء من الآبار . في الساعة الثالثة وصلنا إلى الضفة الشرقية لوادي الرمة قبل أن نتوقف لاشعال النار وطبخ طعامنا لكننا لم نجرؤ على نصب خيامنا والمبيت هنا ، لأننا لازلنا قريبين من بريدة ونخشى على انفسنا من المطوعين . التقطت في ذلك اليوم في واحة الشماسية بعض الصور وكان ذلك حول بئر وصور أخرى وكنت في كل مرة أعمل جاهدا لاخفاء معدات التصوير قدر ما استطيع تحت عباءتي الا ان هبة هواء مفاجئة زاحت عباءتي عن معدات التصوير التي سرعان ما لمعت بالشمس امام عيون الرفاق الذين دهشوا للمنظر . حتى رجالي انفسهم اتخذوا مني موقفا غير ودي وأدركت انني اتعرض لخطر الطرد كلية من القافلة ان لم اتوقف . هكذا كانت العودة للشماسية والمبيت فيها شيئا لم ينشرح له صـور رسمها الرحالة بخط اليد عن بريدة صدري ابدا ، كما أن العودة للزلفي كان شيئا لم يسرني اطلاقاً . هناك اماكن قليلة في العالم تكون العودة اليها مرة ثانية أكثر مأساوية مما هي عليه في الجزيرة العربية ، انها غلطات مميتة يقترفها الضحايا وتكون نتيجتها الاعتداء على الرحالة أو اغتيالهم كما حدث لسيتزن عام 1810م وبيركهاردت عام 1909م المرجع / عبر الجزيرة العربية على ظهر جمل اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين فساد القضاء بالحجاز في عهد السلطان العثماني محمد علي باشا والي مصر سعود المطيري الفساد عامة وسقوط سلطة القضاء بالمفاسد يعني نذر زعزعة لأركان الأمن والاستقرار خصوصا إذا كان فساداً منظماً يقصد فيه تشويه صورة المؤسسة السياسية أو إسقاطها كما حصل في الحجاز عام 1814م وفق ما ذكره الرحالة الانجليزي بيركهارت في عهد السلطان العثماني قبل أن يقيض الله لها الملك عبد العزيز بن سعود طيب الله ثراه عندما أرسى قواعد هذه البلاد ومنح القضاء جل اهتمامه ليكون قضاءً منزهاً بعيداً عن مواطن الشبهات في هذه الجزئية يصف الرحالة في كتابه رحلات إلى شبه الجزيرة العربية وضع الحجاز والقضاء بالذات في تلك الفترة قائلا : لقد سبق وذكرت أن قاضي مكة يرسل سنوياً من القسطنطينية على وفق العادة المألوفة للحكومة التركية فيما يتعلق بالمدن الكبيرة في الإمبراطورية . وقد بدأ هذا النظام مع أولئك الخلفاء العثمانيين الذين كانوا يعتقدون أنهم عبر حرمان الحكام المحليين من إدارة العدل ووضعها بين يدي رجل متعلم يرسلونه دورياً من القسطنطينية، ويكون مستقلاً تماماً عن الحكام بإمكانهم بذلك منع هؤلاء الأخيرين من ممارسة أي نفوذ غير ضروري على المحاكم القضائية ويتجنبون في الوقت نفسه عواقب بقاء القاضي في عمله لفترة طويلة . ولكن الأوضاع قد اختلفت في الإمبراطورية كلها إلى حد بعيد عما كانت عليه منذ ثلاثمائة عام مضت . فيرزخ القاضي الآن في كل مدينة تحت النفوذ المباشر للحاكم الذي ترك ليستبد كيفما شاء طالما أنه يرسل إعاناته المالية المعتادة والمنتظمة إلى الباب العالي . ولا يستطيع أي كان أن يربح دعوى قضائية إلا إذا كان على علاقة طيبة مع الحكومة , أو إذا قدم رشوة إلى القاضي الذي يتقاسمها مع الحاكم أو يتغاضى عنها لقاء إذعان القاضي لمصالحه في حالات أخرى . كما أن رسوم المحكمة باهظة جداً وتبتلع عامة ربع المبلغ لرفع الدعوى , في حين تبقى المحكمة صماء أمام الحقوق الأكثر وضوحاً إذا لم تكن تدعمها الهبات التي تقدم إلى القاضي وإلى حشود الموظفين . رحلات الى شبه الجزيرة العربية (( جون لويس بيركهارت)) والخدام الذين يحيطون بكرسيه . ويؤيد الباب العالي هذه الفوضى ويشجعها، حيث يباع مركز القاضي هناك إلى أفضل مزايد يعلم بدوره أنه سيسترد ما دفعه من مكاسب منصبه . ويصبح القاضي الذي لا يعرف سوى القليل من اللغة العربية في تلك البلاد حيث يتدفق العرب إلى محكمته، تحت رحمة مترجمه الذي يعطي التوجيهات والإرشادات إلى كل قاض جديد حول طرق الرشوة الشائعة في المكان ويأخذ حصة كبيرة من الحصاد . إن ممارسات الظلم السافرة والرشاوى الوقحة التي تحدث يومياً في المحاكم ستبدو غير معقولة. لا. بل مستحيلة تقريباً بالنسبة لأي أوروبي وخاصة إلى رجل إنكليزي . لقد شارك قاضي مكة مصير إخوته القضاة في أجزاء أخرى من الأمبراطورية وكان خاضعاً كلياً لسنوات عديدة لنفوذ الشريف بحيث كانت تقام الدعاوى القضائية كلها مباشرة أمام منبره . وهكذا قلصت مهام القاضي إلى إمضاء وقته في تسلية غير ذات منفعة . وقد أعلمني القاضي نفسه أن السلطان الكبير قد اعتاد فيما مضى على دفع مئة درهم سنوياً على قاضي مكة من خزينته ، نظراً للمكاسب المالية التافهة انذلك . ومنذ عزو محمد علي، استعاد القاضي أهميته بالنسبة نفسها التي تضاءل فيها نفوذ الشريف . وعندما كنت في مكة، كانت الدعاوي القضائية كلها تبرم في المحكمة . ونادراً ما كان محمد علي يتدخل بسلطته لانه كان يرغب في استمالة ود العرب . |
|
03-09-16, 12:26 AM | #12 |
إقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين السلطان العثماني ينشغل بضريبة الاعناق وتجميع الثروة بالحجاز سعود المطيري في حلقة ماضية تحدث الرحالة الانجليزي بيركهارت في كتابه رحلة إلى شبه الجزيرة العربية عن الفساد القضائي في الحجاز في عهد السلطان العثماني عام 1814م مشيرا إلى ان القاضي يرزح في كل مدينة تحت النفوذ المباشر للحاكم الذي ترك ليستبد كيفما شاء طالما أنه يرسل إعاناته المالية إلى الباب العالي. ولا يستطيع أي كان أن يربح دعوى قضائية إلا إذا قدم رشوة إلى القاضي الذي يتقاسمها مع الحاكم أو يتغاضى عنها لقاء إذعان القاضي لمصالحه في حالات أخرى. كما أن رسوم المحكمة باهظة جداً وتبتلع ربع المبلغ لرفع الدعوى، في حين تبقى المحكمة صماء أمام الحقوق الأكثر وضوحاً إذا لم تكن تدعمها الهبات التي تقدم إلى القاضي وإلى حشود الموظفين. والخدام الذين يحيطون بكرسيه، حيث يباع مركز القاضي هناك إلى أفضل مزايد يعلم بدوره أنه سيسترد ما دفعه من مكاسب منصبه وفي هذه الحلقة نستعرض ما ذكره الرحالة عن انشغال الحكومة آنذاك بالتجارة وتجميع الثروات عن شئون الدولة في قوله. ويأتي دخل الشريف بكل أساسي من الرسوم الجمركية التي تدفع في جدة. والتي كما سبق أن ذكرت، وبدل أن تكون مقسمة بين الشريف وباشا جدة، حسب نوايا الحكومة التركية، كان يستولى عليها الأشراف الآخرون كاملة، وهي الآن تحت سيطرة محمد على. وقد زاد غالب كثيراً الرسوم الجمركية في جدة، وهي نفسها كتلك التي تجبى في كل جزء من الامبراطورية التركية وقد كان ذلك السبب الرئيسي الذي دفع مجموعة التجار كلها إلى معارضته. كما رفع حصته الشخصية من التجارة بدرجة كبيرة جداً. حيث كانت توظف ثماني سفن تابعة له في تجارة القهوة بين اليمن وجدة ومصر. وحين يعاني بيع هذه السلعة من البطء والركود، كان يجبر التجار على شراء حمولاته لقاء مبالغ نقدية وبسعر السوق، بهدف إرسال عائدات من الدولارات إلى اليمن في أقرب وقت ممكن. وكانت تقوم سفينتان من أكبر سفنه (كانت واحدة منها من صناعة إنكليزية، وتزن ثلاثمائة أو أربعمائة طن، اشتراها من بومباي) برحلة سنوية إلى بلاد الهند الشرقية، وكانت الحمولات التي تأتيان بها إلى البلاد، تباع في الحج في مكة أو تقسم بين تجار جدة الذين يجبرون على شرائها. إلى جانب مرفأ جدة، كانت تفرض في مرفأ ينبع حيث كانت للشريف حاكم ضرائب مماثلة. كما كان يجبي ضريبة على المواشي والمؤن كلها التي كانت تنقل من داخل البلاد إلى جدة، كما على تلك التي كانت تنقل إلى مكة والطائف وينبع، باستثناء ما كان يأتي مع قافلتي الحج الكبيرتين من الشمال اللتين كانتا تمران أينما كان من غير ضرائب. ولا يدفع سكان مكة وجدة أي ضرائب أخرى غير تلك التي ذكرت للتو، إذ إن منازلهم وأملاكهم كانت معفية من الرسوم الأخرى كلها وهي مميزة لم يقدروها حق قدرها، رغم أن بوسعهم إجراء مقارنة بينهم وبين جيرانهم في مصر وسوريا. وكانت الفروع الأخرى من دخل الشريف عبارة عن الأرباح الناتجة عن بيع المؤن في مكة التي كان يمتلك منها مخزوناً مهماً سوق جدة عام 1917م جداً رغم أنه لم يحتكرها كما الناتجية عن بيع المؤن في مكة التي كان يمتلك منها مخزوناً مهماً جداً رغم أنه لم يحتكرها كما فعل محمد على، ولكن مخزونه الكبير مكنه من التأثير في الأسعار اليومية، فضلاً عن ضريبة الأعناق المفروضة على الحجاج الفرس وكذلك الهدايا الجمة التي كانت تقدم له مجاناً أو تلك التي كان ينتزعها من الحجاج الأثرياء الآتين من كل البلاد. وكان الشريف يستولى على مقدار كبير من المال الذي كان يرسل من القسطنطينية إلى المدينة المقدسة والمسجد لخزينته الخاصة. ويقال أنه كان يأخذ حصة الهدايا كلها التي كانت تقدم إلى المسجد. وكان غالباً يملك أرضا شاسعة، فالعديد من البساتين حول الطائف والمزارع في وادي الحسينية ووادي فاطمة ووادي ليمون ووادي مديك medyk كانت ملكاً له. وكان له في جدة العديد من المنازل والفنادق التي كان يؤجرها للأجانب، وكان يشبه جداً خلفه محمد على، بحيث أصبحت الأرباح التافهة والضئيلة جداً مسألة ذات أهمية لدية، فكان يوجه اهتمامه باستمرار نحو تجميع الثروة. وقد يبلغ دخل غالب السنوي، خلال أول حكمة وسلطته، ما يقارب ثلاثمائة وخمسين ألف جنيه استرليني. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين يوم في حياة عائلة بدوية في الصحراء ( 1-4 ) سعود المطيري قدم الانجليزي هارولد ديكسون ابو( سعود ) وزوجته ام ( سعود ) إلى الكويت عام 1929م وبدأوا حياة جديدة اندمجوا من خلالها مع الشعب الكويتي بادية وحاضرة ووثق علاقته بالصحراء وهو الذي وان حرم من دم بدوي فانه لم يحرم في صغره من حليب امرأة عربية عندما ارضعته بدوية في الصحراء فاعتبر نفسه أخا لكل ابناء القبيلة التي يعتز بها وهي العلاقة التي كثيرا ما يفتخر بها في كتبه كما اطلق على ابنائه اسماء عربية سعود وزهرة واشتهر باسم ابي سعود . رافق ديكسون رحلات القنص مع شيوخ الكويت وتجارها واندمج مع البادية في الدبدبة والصمان وبوادٍ أخرى مسجلا ادق التفاصيل عن حياة البادية في الصحراء وتجلت قدرته على الوصف من خلال ما دونه بعنوان يوم في حياة عائلة بدوية والتي نستعرضها في عدد من الحلقات قال في الاولى : في تلك الليلة أغاث الله عباده بالمطر وكان الوقت اوائل شهر نوفمبر عام 1932م المكان الوفرة على بعد 30 ميل من البحر في المنطقة المحايدة الكويتية تقوم الخيمة على ارض قليلة الارتفاع كي لايدخل الماء للخيمة عند هطول الامطار . والكل مشغول من شروق الشمس إلى حلول الظلام وكان قد هطل مطر خفيف هو الأول منذ 8 اشهر ،بدأ العشب يظهر في الوديان وكانت الإبل والأغنام تعاني من النحافة وتكاد لاتستطيع التحرك إلا بصعوبة فقد كان فصل الصيف حرارته شديدة جدا في ذلك العام .وكان من الواضح ان هنالك حاجة ملحة إلى المزيد من المطر . والا فإن العشب الذي ظهر سوف يذبل ثانيةُ . وكان رب الأسرة قد امتطى صهوة فرسه بالأمس ليكتشف ما إذا كان هنالك عشب على بعد 10 اميال وليس من المحتمل ان يعود قبل مغيب شمس ذلك اليوم , وفي الساعة الرابعة صباحا أذن احد الخدم معلنا صلاة الفجر التي يبدأ فيها النهار وكان الليل لايزال مخيما على المكان ولكن الأذان ايقظ الناس من النوم والنساء يصلين أيضاُ , ولكن في خيمتهن وبعد انتهاء الصلاة بدأت المرأة المنوط بها عمل الكمية اللازم من اللبن لذلك النهار بخض قربتها جيئةُ وذهابا وكانت القربة معلقة في منتصف حامل خشبي ثلاثي الأرجل يعرف بالمرجاح . وهنالك من النساء من يقمن بالغناء اثناء عملية الخض . وهنالك من لا يفعلن ذلك وذلك يعتمد على القبيلة التي ينتمين إليها , وهنا تأمر ربة البيت بإعداد بعض القهوة المرة او الشاي -وهي بدعة جديدة- لتقديمها لراعي الأغنام وراعي الإبل اللذين سينطلقان من طلوع الفجر للقيام بعملهما , وتقدم لهما مع القهوة كمية من التمر فيأكلان بعضها ويضعان الباقي في كيسة صغيرة ويأكلانه اثناء النهار , وفي حالة ندرة القهوة او الشاي تقدم لهما طاسة من الحليب بدلا من ذلك وفي هذه الأثناء يقوم احد الخدم المنوط به إحضار الماء فيما بعد بإطلاق سراح الحملان من داخل الخيمة بعد ان كانت مربوطة بانشوطة من الصوف بحبل مركزي مع غيرها من الحملان خلال الليل ويسمح لكل منها بالرضاعة من امها وعند الانتهاء من الرضاعة تربط الحملان من جديد ثم يقومون بعدَها بعد الشياه للتأكد من ان الذئب لم يسرق اياً منها اثناء الليل , وترسل بعد ذلك إلى المرعى مع الراعي الصغير , ونظرا لضعف الشياه من قلة العلف وطول فصل الصيف فإنهم لا يرسلونها للرعي إلى مسافة تزيد عن الميلين وهناك يسلي الراعي نفسه بطريقة او بأخرى إلى حين شروق الشمس حيث يشعر عندها بحاجة إلى الراحة وهنا يغرس الراعي عصاه في الأرض ويعلق عباءته في أعلاها وتكفي هذه الحيلة لتوهم الشياه بأن الراعي لايزال قريبا منها ويراقبها فلا تبتعد عن القطيع وينام الراعي ملء جفنيه ولا يوجد خطر من ذلك خلال النهار مادام لا يزال على مرأى من المخيم . المرجع / الرحالة المستشرقون في بلاد العرب اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين يوم في حياة عائلة بدوية في الصحراء (2-4) سعود المطيري يستمر الانجليزي ديكسون (أبو سعود) في رصد مشاهداته الحية أوائل الثلاثينات الميلادية عن النشاط اليومي للعائلة البدوية في الصحراء وهي تنهض مع تباشير الفجر تتقاسم المهام والاعمال اليومية نساء ورجال وأطفال بين الواجبات المنزلية والمعيشية، في مقدمتها الاهتمام بالمواشي كاختيار وحيد لمصادر الرزق المتوفر لهم وعند ما يتحدث عن الإبل ويصف تحركها الصباحي نحو المرعى فإنه يتفق مع ما يعتقد ويؤكده رعاتها والعارفون بطبائعها واسرارها من انها تملك حسا طربياً يمنحها القدرة على تمييز اصوات ملاكها بين كل الاصوات التي تعيد اليها نشاطها وتطربها حد ذرف الدموع وهو يقول ضمن كتاب الرحالة المستشرقون في بلاد العرب مستكملا ما جاء في النص السابق: وبعد ذهاب الشياه للرعي تتبعها الأبل والتي يجد بعضها صعوبة في النهوض لسوء حالتها بسبب الصيف الطويل فيقدمون لها لقمة من التمر تشجيعاً لها وتظل واحدة او اثنتين من النياق بحاجة إلى المساعدة على النهوض ولا تلبث ان ترتفع اصواتها بالاحتجاج والخرير عندما يشد الرعيان ذيلها إلى الأعلى لحثها على النهوض ويصبح الجميع مستعداً للسير الآن. ويبدأ الراعي بالحداء (لون من الغناء الخاص بالابل) تشجيعا لها على السير وهو يركب امامها على ظهر الأحسن حالاً كما يركب السعادين ويبدو كما لو كان سينزلق عن ظهر الجمل في أي لحظة ويستمر الراعي بالحداء بصوت غريب يعلو وينخفض على نحو غريب، وغالبا ما يبدأ الحداء بوصف المرعى الجميل الذي يقود ابله اليه ويناشد الراعي في حدائه ابله ان تثق به فهو مرشدها وسندها وهو الذي يقودها إلى المراعي الجيدة والعشب الأخضر الطري ويبدو من الإبل أنها تفهمه وتتبعه ببطء في صف واحد طويل وهي تهمهم وتتأوه ثم لا يلبث ان تختفي ويلفها ضباب الصباح الخفيف، وأسوة بالأغنام فإن الأبل لن تبتعد كثيرا ايضا ولن تبعد عن المخيم اكثر من خمسة إلى ثمانية اميال. فقد كان الرعي ضئيلا جدا في مخيمهم الصيفي الطويل ويجب ان يسمح لها ان تستعيد لياقتها بالتدريج في سعيها وراء الكلأ، ولا ينام راعي الإبل في النهار فالقطيع اثمن ان يترك وحده دون حراسه، ولذلك فإن الراعي يظل يراقبه وبندقيته في يده رغم عدم وجود ما ينذر بالخطر ويستعين الراعي على قضاء وقت النهار الطويل بالبحث عن حبات الكمأه في اعلى التلة او محاولة صيد جربوع احيانا من الجرابيع التي لاتخلو منها المنطقة، ولكنه بشكل رئيسي يظل يراقب إلى أن يحين وقت العودة إلى المخيم. وبعد خروج الأبل والأغنام الى المرعى تكون الشمس قد ارتفعت قليلاً في قبة السماء. فتتناول العائلة في المخيم افطاراً هزيلا يتألف من الشاي دون حليب وبعض حبات التمر وإذا كانت ربة البيت في بحبوحة فربما تقدم للجميع جراية قليلة من الخبز ولكنهم في الغالب الأعم يستغنون عنه. وتبدأ ابنة البت مع اختها الصغيرة او رفيقتها في الخيمة المجاورة بالأستعداد للذهاب إلى جمع الحطب الذي يحتاجونه في ذلك اليوم والعرفج هو ما تسعى وراءه نظرا لكون جذور العرفج قوية فإنهما تتسلحان بفأس صغير وبضعة ياردات من الحبال المصنوعة من شعر الماعز لحمل الحطب على رؤوسهن عند العودة وكثيراً ما يذهب الأطفال الآخرون في سن العاشرة مع الفتاتين. فقد يحالفهم الحظ في العثور على بعض الأزهار او حبات الكمأة. وهي احدى الطرق المتوفرة لتسلية انفسهم فوسائل التسلية امامهم قليلة فتخرج الفتيات بخطوات رشيقة ونشيطة واكمامهن الطويلة مثبتة خلف اعناقهن لتحرير أيديهن وتنوراتهن مرفوعة عند الخصر لتسمح لهن بحرية الحركة وكم كانت رشاقتهن واستقامة قاماتهن تدعو للإعجاب! وتقوم الفتيات بجلب الحطب إلى الخيمة يوميا وتسير الفتيات ومن يرافقهن من الصغار مسافة لاتقل عن ميلين أو ثلاثة صباح كل يوم مما يقويهن ويجعل اجسامهن مشدودة ومستقيمة ومستعدة لحمل الاطفال فيما بعد، وذلك لايخفى عليهن طبعاً. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين .. عرب الصحراء يستمدون الرضا من بساطة حياتهم المجردة سعود المطيري في طريقه إلى صلالة عمان كان الرحالة الانجليزي ولفرد ثيسيغر وادلائه قد اصطادوا ارنبا بريا طبخوه وشربوا حسائه، وعندما هموا بتقديمه نزل عليهم ضيوف من معارف الادلاء الذين تخلوا عنه مع العشاء القليل لهم أمتنعوا وامتنع معهم الرحالة مكرها من المشاركة، الامر الذي جعله ينسحب إلى فراشه عندما وجد النوم مستحيلا ليمضي بقية الليل بين صراع الندم على الارنب والانتصار على الذات ولم ينقذه في تسلية النفس سوى ذكرياته في بادية الشام يوم ان تلقاه البدو السوريون بكل مظاهر الضيافة العربية . تذكر كل تفاصيل الحفاوة وغاص في تحليل فلسفي خلص في نهايته إلى ان من خصائص العرب تطرقهم لأفعالهم مهما كانت، مستمدين رضاهم من بساطة حياتهم، سؤالنا لو أكلوا الارنب على أثر الحساء هل سنجد مثل هذه القراءة الفلسفية عن طبائع وتناقضات عرب الصحراء من رحالة بقامة ولفرد عند ما قال ضمن كتابه رمال العرب : فكرت بتمعن بهذه الضيافة الصحراوية وقارنتها بضيافتنا ، تذكرت المخيمات الاخرى التي نمت فيها والخيام الصغيرة التي نزلت فيها في الصحراء السورية حيث كان الرجال الضامرون والاطفال الجائعون يحيونني ويرحبون بعبارات الصحراء الجهورية . كانوا يضعون طبقاً كبيرا امامي من الارز المكوم حول خروف ذبحوه من أجلي ثم يسكب مضيفي الزبدة السائلة الذهبية فوقه حتى تطفو على الرمل، وعندما كنت اعارض قائلاً : يكفي .. يكفي ، كان يجيبني : أهلاً بك ألف مرة . كان كرمهم المسرف يزعجني دائماً لأني كنت أعلم انهم يجوعون اياماً، ومع ذلك عندما كنت أتركهم كانوا يقنعونني تقريبا بأنني تكرمت وتفضلت بالبقاء معهم . اعترضت أفكاري أصوات زملائي المرتفعة وكان بن قبينة يحتج بحرارة . رأيته يلوح بيديه إلى السماء، فأصغيت اليهم، كانوا يتحدثون عن المال وعن الصواب والخطأ . وفي قضية قديمة في بضع شلنات تخص أحدا منهم . فعجبت، حتى اوشكت أن أعتقد ان ليس ثمة شعباً كالعرب يحب المال إلى هذه الدرجة القوية . ولكنني تذكرت كيف ان بن قبينة أعطى رداءه الوحيد في ( رملة الغافة ) لزميل له، الامر الذي لا يقدم عليه أي انسان الا البدوي . عندئذ أدركت أن من خصائص عرب الصحراء أن يتطرفوا فيما يفعلون، ويكونوا اما كرماء مع التبذير أو حريصين إلى درجة لا تصدق . . وصبورين جداً أو ثائرين إلى درجة هستيرية تقريباً ، شجعانا إلى حد لا يصدق، أو هيابين دون ما سبب ظاهر، وهذا التناقض لم يكن يقتصر على ذلك ، فهم بطبيعتهم متقشفون، يستمدون الرضا من بساطة حياتهم المجردة، وينفرون من النعم التي يعدها الاخرون ضرورية . ومع ذلك فهم في المناسبات النادرة التي تسنح لهم يأكلون بكثرة . والبدو يقيمون وزناً كبيراً للكرامة الانسانية . وأكثرهم يفضل أن يشهد رجلا يموت على أن يراه يهان . . ومع انهم متحفظون امام الغرباء، ومعتادون في المناسبات الرسمية الجلوس دون حراك صامتين فهم شعب ثرثار خفيف الروح ، وربما لا يوجد اناس آخرون كشعب أو كأفراد يجمعون مزايا متناقضة كهذه في درجات متطرفة . ظللت أسمع اصواتهم حتى مطلع الفجر . وفي الصباح الح علينا بخيت ان نأتي إلى خيمته قائلا سأعطيكم السمن واللحم . وأغرانا هذا العرض لاننا كنا جائعين جداً , ولكن حمد قال من الحكمة أن لانذهب لأن الرمال التي يخيم فيها بخيت مليئة بالاعراب . ومع ذلك اتفقنا معه أن نأتي في اليوم التالي إلى بئر مهجورة في الجبهة الشرقية لشراء جمل . وقد قابلناه هناك قرب الغياب وكان معه ناقة عجوز اسمها ( حازمية ) سوداء الجلد في حالة جيدة . وكان لها قطع من الجلد تتدلى من أقدامها . فقال العوف انها لن تتمكن من السفر بعيداً عن السهول الحصباء في بلاد الدورو . ومع ذلك اشتريناها كي نذبحها بعد أن تهتري أقدامها . |
|
03-09-16, 12:28 AM | #13 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين .. عرب الصحراء يستمدون الرضا من بساطة حياتهم المجردة سعود المطيري في طريقه إلى صلالة عمان كان الرحالة الانجليزي ولفرد ثيسيغر وادلائه قد اصطادوا ارنبا بريا طبخوه وشربوا حسائه، وعندما هموا بتقديمه نزل عليهم ضيوف من معارف الادلاء الذين تخلوا عنه مع العشاء القليل لهم أمتنعوا وامتنع معهم الرحالة مكرها من المشاركة، الامر الذي جعله ينسحب إلى فراشه عندما وجد النوم مستحيلا ليمضي بقية الليل بين صراع الندم على الارنب والانتصار على الذات ولم ينقذه في تسلية النفس سوى ذكرياته في بادية الشام يوم ان تلقاه البدو السوريون بكل مظاهر الضيافة العربية . تذكر كل تفاصيل الحفاوة وغاص في تحليل فلسفي خلص في نهايته إلى ان من خصائص العرب تطرقهم لأفعالهم مهما كانت، مستمدين رضاهم من بساطة حياتهم، سؤالنا لو أكلوا الارنب على أثر الحساء هل سنجد مثل هذه القراءة الفلسفية عن طبائع وتناقضات عرب الصحراء من رحالة بقامة ولفرد عند ما قال ضمن كتابه رمال العرب : فكرت بتمعن بهذه الضيافة الصحراوية وقارنتها بضيافتنا ، تذكرت المخيمات الاخرى التي نمت فيها والخيام الصغيرة التي نزلت فيها في الصحراء السورية حيث كان الرجال الضامرون والاطفال الجائعون يحيونني ويرحبون بعبارات الصحراء الجهورية . كانوا يضعون طبقاً كبيرا امامي من الارز المكوم حول خروف ذبحوه من أجلي ثم يسكب مضيفي الزبدة السائلة الذهبية فوقه حتى تطفو على الرمل، وعندما كنت اعارض قائلاً : يكفي .. يكفي ، كان يجيبني : أهلاً بك ألف مرة . كان كرمهم المسرف يزعجني دائماً لأني كنت أعلم انهم يجوعون اياماً، ومع ذلك عندما كنت أتركهم كانوا يقنعونني تقريبا بأنني تكرمت وتفضلت بالبقاء معهم . اعترضت أفكاري أصوات زملائي المرتفعة وكان بن قبينة يحتج بحرارة . رأيته يلوح بيديه إلى السماء، فأصغيت اليهم، كانوا يتحدثون عن المال وعن الصواب والخطأ . وفي قضية قديمة في بضع شلنات تخص أحدا منهم . فعجبت، حتى اوشكت أن أعتقد ان ليس ثمة شعباً كالعرب يحب المال إلى هذه الدرجة القوية . ولكنني تذكرت كيف ان بن قبينة أعطى رداءه الوحيد في ( رملة الغافة ) لزميل له، الامر الذي لا يقدم عليه أي انسان الا البدوي . عندئذ أدركت أن من خصائص عرب الصحراء أن يتطرفوا فيما يفعلون، ويكونوا اما كرماء مع التبذير أو حريصين إلى درجة لا تصدق . . وصبورين جداً أو ثائرين إلى درجة هستيرية تقريباً ، شجعانا إلى حد لا يصدق، أو هيابين دون ما سبب ظاهر، وهذا التناقض لم يكن يقتصر على ذلك ، فهم بطبيعتهم متقشفون، يستمدون الرضا من بساطة حياتهم المجردة، وينفرون من النعم التي يعدها الاخرون ضرورية . ومع ذلك فهم في المناسبات النادرة التي تسنح لهم يأكلون بكثرة . والبدو يقيمون وزناً كبيراً للكرامة الانسانية . وأكثرهم يفضل أن يشهد رجلا يموت على أن يراه يهان . . ومع انهم متحفظون امام الغرباء، ومعتادون في المناسبات الرسمية الجلوس دون حراك صامتين فهم شعب ثرثار خفيف الروح ، وربما لا يوجد اناس آخرون كشعب أو كأفراد يجمعون مزايا متناقضة كهذه في درجات متطرفة . ظللت أسمع اصواتهم حتى مطلع الفجر . وفي الصباح الح علينا بخيت ان نأتي إلى خيمته قائلا سأعطيكم السمن واللحم . وأغرانا هذا العرض لاننا كنا جائعين جداً , ولكن حمد قال من الحكمة أن لانذهب لأن الرمال التي يخيم فيها بخيت مليئة بالاعراب . ومع ذلك اتفقنا معه أن نأتي في اليوم التالي إلى بئر مهجورة في الجبهة الشرقية لشراء جمل . وقد قابلناه هناك قرب الغياب وكان معه ناقة عجوز اسمها ( حازمية ) سوداء الجلد في حالة جيدة . وكان لها قطع من الجلد تتدلى من أقدامها . فقال العوف انها لن تتمكن من السفر بعيداً عن السهول الحصباء في بلاد الدورو . ومع ذلك اشتريناها كي نذبحها بعد أن تهتري أقدامها . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين جدل ساخن في القافلة حول حرمة أكل الثعالب والحمير البرية !! صورة حديثة تجمع ابن لندن بدليله سعود المطيري في عبوره الأول للربع الخالي وأثناء عودته إلى صلالة كان المستشرق (ولفريد ) أو مبارك بن لندن قد شعر بقرب نفاذ كمية الطعام مما اضطره إلى عقد مشاورات طارئة مع إدلائه عن كيفية الحصول عليه من بعض القرى والمدن التي كان يعد بها دخول أي نصراني او صاحب ديانة أخرى أمرا صعبا يعرضه وبقية القافلة للايقاف والقتل وطاردهم شبح رجل صارم يدعى الرقيشي لو امسك به لفصل راسه عن جسده، اتفقوا بداية الأمر أن يختفي بشخصية سيد من أسياد حضرموت لكنه نفسه اكتشف ان القرويين سوف يلاحقونه للاستفتاء عن بعض أمور الدين التي لا يفقه بها شيئا ويكتشف أمره، ثم عرض فكرة شخصية التاجر ( السوري ) التي صرف عنها النظر بعد ان سأله احد ابرز أدلائه بدهشة.. ما هو ( السوري ) واين تقع بلادهم يوم ان قال اذا كنت انت لا تعرف السوري فكيف لي ان اقنع الآخرين . اخيرا اتفقوا ان يبقوه صامتا متدثرا بالملابس الثقيلة التي تخفي ملامحه على ان يظل فوق ظهر الجمل طوال الوقت حتى لا يكتشف البدو شخصيته الحقيقية من خلال ماطا قدمه (المربعة) والمختلفة عن العرب وان يرسلوا قافلة صغيرة تشتري الطعام على ان يدعو انهم من عرب الشمال لوجود خلافات بالنسبة للقرى مع الجنوبيين الا ان القرويين سرعان ما اكتشفوا الكذبة وطردوهم عندما صرخ احدهم أن هؤلاء ليسوا من عرب الشمال كما يدعون انظروا إلى مساند سروج جمالهم المصنوع من الياف شجر جوز الهند وليس من الياف النخيل .. يبدو انهم جاءوا يأخذوا طعاما لبعض اللصوص المختبئين خلفهم . هنا يستطرد الرحالة في كتابه رمال العرب وهو يصف اولا ردة الفعل عند ادلائه العائدين بلا طعام من قرى رفضت حتى استضافتهم قبل ان يدخل نقاشا فقهيا حول مسألة ما يحل من حيوانات الصحراء ليتلقى منهم فتاوي وتبريرات ليس بالضرورة ان تكون دقيقة وهو يقول : هتف الدليلة مبخوت أن هؤلاء الأتباع شياطين وهم يلاحظون كل شيء ثم أكمل ابن اقبينه ( والله ) إني أحب أن أسطو على احد جمالهم ليس لأنها تستحق السطو بل لأنهم لا يقدرون الغريب ان هؤلاء القرويين ليسوا كأهل صلالة وقد رفضت نساؤهم أن يجرشن لنا الذرة (سوّد الله وجوههن ) لقد استأجرت ( رحى وقمت بالطحن بالليل ) وزيادة في الإيضاح سألته ماذا أعطوه ليأكل فضحك وقال خبزاً وتمراً وحساءً مصنوعاً من السحالي والضب كان دائماً يشمئز من لحم الزواحف وبدأ النقاش عن الأطعمة الشرعية فالأعراب لا يفرقون ابداً بين ما يؤكل وما لا يؤكل إنما همهم التفريق بين الحلال والحرام من اللحوم، إن المسلم لا يستطيع أن يأكل لحم الخنزير مثلاً أو يشرب الدم أو يأكل لحم حيوانٍ لم يذبح وهو حي . وفي هذه المناسبة سألت فيما إذا كان الثعلب طعاماً محللاً فشرح لي حمد أن ثعالب الصحراء محللة بينما ثعالب الجبال محرمة وقد اتفقوا على أن الغربان محرمة إلا إذا أكلت دواءً لألم المعدة قال مسلم إن جماعة ( 0000) يأكلون الحمير البرية التي تعيش في بلادهم فعبر الآخرون عن الاشمئزاز وعدم التصديق فقلت إني أفضل أن آكل حماراً على أن آكل قطة برية قال عنها العوف إنها محللة ، سرعان ما تصبح المناقشات بين هؤلاء الناس حامية لكنها في اغلب الأحيان تخفت حدتها بسرعة أيضا والرجال الذين يصرخون في وجوه بعضهم ويستعدون للجوء إلى العنف يجلسون بسعادة معاً بعد فترة قصيرة وهم يشربون القهوة ، إن البدو لا يحقدون عادة ولكنهم إذا اعتقدوا أن شرفهم الشخصي قد أهين يحقدون بسرعة ويصرون على الانتقام، اضرب بدويا انه يقتلك فوراً أو فيما بعد ومن السهل أن يسيء الغريب إلى شعوره دون أن يقصد ذلك، وضعت مرة يدي على رقبة الدليلة ( ابن قبينه ) فاستدار إلي وسألني بغضب إذا كنت اعتقده عبداً مملوكا، لم يكن عندي أي فكرة عن أن ما فعلته كان خطأ وفي الصباح غلف مخيمنا ضباب كثيف حتى أنني لم اعد أتبين إلا شجيرة (عبل ) على بعد عشرين ياردة من المكان الذي تمددت فيه ولم يكن هناك إلا طبقةً بيضاءً كثيفة كضباب البحر وفجأة هدر جمل مشير إلى أن شخصا قد تقدم منه تحسست بندقيتي ونظرت حولي لأرى ، كان ابن قبينه ينفخ في كومة من العيدان ليشعلها . عبور ابن لندن الربع الخالي اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين نزعة شاعرية تقود البدوي لاختيار مكان دفنه فوق ربوة!! ماكس فرايهر فون أونبهايم سعود المطيري قبل ما يتحدث الرحالة الانجليزي (ماكس اوبنهايم) عن الموت والدفن في مجتمع الصحراء في كتابه رحلة إلى ديار شمر وبلاد شمال الجزيرة تحدث عن تؤم الموت وهي الامراض والعاهات المنتشرة واشار إلى تمتع البدو بصحة افضل من صحة الشعوب المستقرة، أعزى ذلك إلى بساطة حياتهم ووجودهم الدائم في الهواء الطلق وتجنبهم مسببات الامراض الناتجة عن تقلبات طقس الصحراء إذ يلف البدوي نفسه (كما يقول) بعباءته لفا محكما اثناء الترحال لتفادي الإصابة بالبرودة وأمراض العيون ويذكر ان البدوي إذا ما أصيب بالمرض فانه غالبا ما يحتار في علاجه. فبركض إلى أعشاب الصحراء التي عرفها من خلال التعايش مع الطبيعة الا انه يعتمد أكثر والقول للرحالة على العلاج المستعمل في جميع الأغراض والمتمثل في ابتلاع قطع من الورق تكتب عليها طلاسم وعبارات سحرية غامضة أو آيات من القرآن الكريم ويمضي إلى القول بأنه ينتشر عندهم (استعمال الحديد الساخن) وهو الكي الذي يستعمل لكل انواع السقم ويستعمل في جميع اعضاء الجسم أما الجراح الخطيرة الناتجة عن الاصابات والحروب فانها تترك وشأنها الا انها تشفى بسهولة بالغة على غرار ما هو معروف عند الشعوب البدائية كافة ومن المضر عند البدوي أكله الخبز ساخناً من فوق النار، وعند ما يموت البدوي تنتحب النساء في خيمته وفي الخيام المجاورة لها بأصوات عالية وحادة تسمى (الولوله) كما هي عادة الشرق كافة بمثل هذه المناسبات. ويتم دفن الميت يوم وفاته بالملابس التي كان يرتديها حين موته دون أي طقوس خاصة. ويقوم بذلك في العادة رجلان، ولكن عند وفاة شيخ من الشيوخ يطلق عيار ناري مرة واحدة أو عدة مرات اما الغسل الذي تنص عليه الديانة فلا يتم الا نادراً، ويتمثل القبر في حفرة بسيطة لا يمكن أن تكون عميقة بسبب عدم وجود المعدات المناسبة للحفر. ويغطي البدو القبر بالحجارة لحمايته من الوحوش. وأحياناً تثبت أعواد من الخشب تحمل خرقاً من الثياب بين الأحجار. وليس هناك علامة أخرى لتمييز القبر، بعكس ما عليه الحال عند سكان المدن والفلاحين الذين من عاداتهم وضع أنصاب تذكارية صغيرة للموتى وبقدر ما يكون البدوي حصيفاً وواقعياً بقدر ما تقوده نزعة شاعرية في اختياره للمكان الذي يدفن فيه، فطبقاً لعادة ضاربة في القدم سبق ذكرها في كتاب الانجيل. يرفض البدوي أن يدفن في ارض منبسطة. فضلاً عن الاودية والمنخفضات، وانما يريد ان يدفن على ربوة مرتفعة اذا تيسر، أو على قمة جبل شامخ حيث انه يأمل أن يتمكن من مشاهدة أهل قبيلته عندما يحطون رحالهم بالقرب من مثواه. أو ليزداد أهل قبيلته بأساً أثناء الغزو عند ما يشاهدون ضريحه، وهكذا نجد قبور البدو هذه على أغلب النقاط المرتفعة في الصحراء، أما المقابر الكبيرة فهي قليلة عند البدو وفي افضل الاحوال نجد عدة قبور متجمعة على كثبان ركامية قديمة. انتهى كلام الرحالة الذي كان يتحدث عن الفترة المظلمة من بدايات القرن الميلادي الماضي في أجزاء من الجزيرة العربية التي كانت حينها لا تزال منغمسة في الخرافة والمعتقدات السائدة قبل انتشار دعوة التوحيد، في نفس الوقت فليس من المستبعد أن يكون هناك مبالغة فيما يخص مراسم الدفن واسباب تفضيل الميت دفنه في مكان مرتفع فمع حقيقة ما ذهب اليه الرحالة الا ان الغالبية كان يوصي أن يدفن في الاماكن المعروفة والبعيدة عن مجاري الاودية ومنايت الشجر حتى يعلم مكان قبره وتبقى معالمه واضحة في رجوى دعوة مسافر او عابر سبيل يمر ولو بعد حين. علاف كتاب رحلة الى ديار شمر |
|
03-09-16, 12:29 AM | #14 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين أوبنهايم يفند فصائل الخيول العربية (الخمسة) سعود المطيري يتحدث الرحالة الانجليزي ماكس اوبنهايم ضمن كتاب رحلة إلى بلاد شمر وبلاد شمال الجزيرة منذ اكثر من مئة عام عن ملكية الخيول عند العرب الذين يعدونها احدى مظاهر الغنى المتميزة ويبدد الاعتقاد السائد عند الغرب وما يعتقد ان اعداد الخيول التي يمتلكها العرب مرتفا جدا مفندا سبب تناقصها إلى فناء الكثير منها قتلا في حملات الغزو الدائمة والحروب طويلة الامد وذهاب الكثير منها كهدايا استرضاء للموظفين الاتراك مؤكدا ان الثغرة الكبيرة الاولى في ثروة الخيول العربية الاصيلة حدثت في عهد الخديوي عباس الاول الذي غرف ملء يديه من اموال الخزينة المصرية حيث اشترى العديد من الابل والخيول العربية النادرة التي زادت على ألف فرس ضمها إلى اسطبله بمصر ويستطرد في هذا الصدد إلى القول: ونلاحظ اثرا بالغا لشغف الحكومة الهندية بالخيول العربية الذي ظهر في العقود القليلة الاخيرة. ولعملية تصدير الخيول بالجملة إلى بمباي بموافقة السلطان، اما السوق الاوروبية فلا يصل اليها الا عدد قليل جدا من الخيول الاصيلة فعلا خاصة أن الحكومة التركية منعت تصدير الخيول منعا باتا، سواء كانت جيادا او افراسا. ويعد وسط البلاد العربية المتمثل في بلاد نجد ومجموعة الواحات الواقعة جنوبها الموطن الاصلي للخيول الاصيلة ونجد في الصحراء العربية الوسطى ان عدد الخيول اقل بكثير مما يعتقد في العادة، وينخفض هذا العدد بشكل ملفت للنظر اذا طبقنا المقاييس الصارمة التي يستعملها البدو في الحكم على الخيل الاصيلة. اما سكان المدينة فمقاييس حكمهم على اصالة الخيل أقل صرامة بكثير من مقاييس البدو، ويعتبر البدو أن خمس عائلات من الخيل وحدها تتمتع بصفة الاصالة الخالصة. وهي حسب المعتقدات الشعبية سلالات ميزها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بانها اصيلة وتسمى (الخمسة) ولا يمكن بطبيعة الحال ان نعير هذا الاعتقاد أي أهمية لأن الخيول الاصيلة كانت موجودة قبل عهد النبي صلى الله عليه وسلم. لكن القول ينطبق فيما يتعلق بهذه الظاهره على الرأي الذي لايزال منتشرا إلى اليوم والذي يقول: ان (الخمسة) تنسب إلى خيول الملك سليمان الذي يعتقد البدو انه كان ملكا شديد البأس وله علاقة مع الجن ايضاً. ويسود الخلاف حول اسماء الخمسة الاصيلة. اما العدد (خمسة) فلا ينازع فيه أحد. ويعتقد كثير من الناس أن جميع الخيول ترجع إلى فرس واحدة هي الفرس الاسطورية كحيلان العجوز وانها خلفت جميع السلالات الخمس ومن الملفت للنظر ان الناس يذكرون الكحيلان بانتظام على انها احدى السلالات ولكل سلالة فروع خاصة بها، اما السلالات التي تحظى بأوسع نطاق من الاجماع على انها اصيلة فهي كحيلان، سقلاوي جدراني، حمداني سمري. معنقي، رشان، او سلالات كحيلان وحمدان وحدبان وسقلاوي وعبيان، وكثيرا ما تعتبر خيول جلفان ودحمان أصيلة ايضا الا انها تعتبر بصفة عامة نصف اصيلة مهجنة (كديش) ويبدو ان سلالة سقلاوي هي الاكثر عددا. ونذكر من السلالات الاخرى الجيدة عضيمان، عضيمان عامر، رويشه، معزنية، او جنوب، وطوبشه وغيرها. (هكذا قال) انتهى كلام الرحالة أوبنهايم الذي يبدو ان الترجمة خانته في تدوين بعض المسميات. ومما يذكر اختلاف الباحثين حول هذه الفصائل الرئيسية والتي ترجح اغلبها ان الفروع الخمسة هي الصقلاوي، وام عرقوب، وشويمة، والعبية، والكحيلة لكن بعض الباحثين المستشرقين حصروها في نهاية القرن التاسع عشر إلى ثلاثة اشكال رئيسية هي كحيلان، والمعنكبي، والصقلاوي وادخلوا ضمن هذه الاشكال عشرين فصيلة أخرى وثلاثمائة واربعين فصيلة متفرعة. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين الرحالة الانجليزي ( الليفتنانت كولونيل ) يثير علاقة دم البرزان بمعالجة داء الكلب سعود المطيري يبحث الرحالة الانجليزي ( الليفتنانت كولونيل ) ضمن كتابه عرب الصحراء منتصف القرن الماضي احدى القضايا التي شهدت ولا تزال تشهد جدلا واسعا بين بعض لدراسات الطببية والتجارب الحية والمسنودة بالبراهين حول قدرة (دم البرزان ) على معالجة المصابين بمرض داء الكلب والمعروف بالسعار او الغلث والذي يقولون بأنه لا يمهل المصاب اكثر من اربعين يوما بعد تعرضه لعضة الحيوان المسعور ان لم يسقى جرعة من هذا الدم . وهو ما يعتقده الطب ضربا من الخرافة بعد ان اجرى دراسة على عينات من بعض دماء هؤلاء ولم يعثر على أي مضادات او دليل يسند هذا الاعتقاد فيما اعتبر المؤيدون الامر هبة من الخالق لا تدركها مختبرات الطب بسهولة ويروى الرحالة نقلا عن الشيخ صباح الناصر الصباح عام 1950 م ما رواه عن دم عشيرة البرزان وقدرته على معالجة داء الكلب وينقل له قصة حدثت قبل ثلاث سنوات فقط من المقابلة فقال : في عام 1947م هاجم قطيع من الذئاب وعددها ( 47 ) ذئباً مسعورًا بداء الكلب خيام قبيلة في (عجيبة أجبه ) وهي منطقة تقع إلى الجنوب الغربي من حفر الباطن ( هكذا قال ) وتمكنت هذه الذئاب من عض 92 رجلاً من رجال القبيلة فأرسل الملك رجاله في سيارات وقتلوا الذئاب . وقد أعطي ثمان وسبعون رجلا من المصابين دم برزان ليشربوه فلم يقبل خمسة منهم بشربه ونجا الرجال الثمان والسبعون جميعاً ولا زالوا يعيشون إلى هذا اليوم . اما الخمسة الذين رفضوا شرب الدم فقد ماتوا جميعاً بعد خمسين يوماً بداء الكلب وجاء الشيخ بأمثلة عديدة أخرى تثبت تأثير دم البرزان الناجع اذا استخدم في الوقت المناسب واستدعى الشيخ أحد رجاله من البرزان فأدلى بالتصريح الاتي : انا اصيل الاب والام منذ 1500 عام وهم يدعونني عندما يصاب أحد من البدو بداء الكلب وعندما استدعى لتقديم الدم اجرح شريانا صغيرا في رسغي ليشربه المصاب وينتظر 40 يوما فاذا شفي اعطاني ناقة واكد انه من الضروري شرب دم البرزان في الايام العشرة الاولى من الاصابة اما بعد ذلك فان الاوان يكون قد فات . مع ان هناك حالات نادرة أخذ الدم بعد ذلك وتم شفاء المريض ثم قال لمعرفة ما اذا كان الكلب او الذئب مصاباً بالداء يفتح قلبه فإن عثر فيه على ديدان بيضاء فإنه يكون ولا شك مصاباً بداء الكلب . اما ان لم يعثر على ديدان عندها يكون الحيوان نظيفاً من المرض . وقد اعطيت حتى الان أكثر من 300 فنجان من دمي لاشخاص عضهم كلب او ذئب مسعور . واذا اصيب شخص بداء الكلب فإنه يكره مرأى الماء ويأخذ في النباح والعواء غير ان ذهنه يبقى صافياً ويصيح بعض المصابين احياناً قائلين : سأبدأ بالعواء او سأبدأ بالعض ولكن ليس جميعهم . وعندما يتمكن المرض من المصاب ويصبح ميؤساً منه فإنه لاراحته من العذاب يؤخذ خلف الخيمة وتوضع حفنة من الرماد فوق رأسه مما يؤدي إلى موته في الحال ولا يدري احد عن السبب ( كان البدو يمنعون المصاب من رؤية البرق ويعتقدون انه اذا تعرض له ينبح ثم يموت فوراً وقال احد الشعراء ( عضيض غلث وشاف له بارق لاح ) وفي النهاية يعزي الرحالة السبب في ذلك إلى دعوة من الرسول صلى الله عليه وسلم بان يجعل في دمائهم ودماء احفادهم شفاء لمن اصابه كلب او ذئب مسعور لكن المحقق والمترجم سعود العجمي اوضح انه لم يجد سنداً لهذا القول . يذكر ان بعض العلماء اعتبر حكم شرب هذا الدم ضمن التحريم الذي نصت عليه الآية الكريمة اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين الإنجليزي ديكسون يكشف عن حقيقة العلاقة بين الورل ( تمساح الصحراء ) وشجيرة الرمرام .!! شجرة الرمرام الصحراوية سعود المطيري عرف الورل ( تمساح الصحراء ) أو الورر كما يعرف محلياً ضمن الزواحف التي يشمئز منها ابناء الجزيرة رغم معرفة اهميته في حفظ التوازن البيئي والقضاء على ثعابين الصحراء السامة واتهم انه ضمن الزواحف شديدة السمية رغم تأكيد بعض الدراسات خلو جسمه من أي حويصلات سمية فيما ذهب بعضها إلى أن الخطورة تكمن في لعابه الملوث بأشد انواع البكتيريا واكثرها تعقيدا والتي تعتبر اشد خطرا من السم نفسه. الرحالة الانجليزي ديكسون تحدث ضمن كتابه عرب الصحراء عن هذا الحيوان وأتى بجملة ناقصة عما كان يعتقده أهل الجزيرة ان من يتعرض لعضة الورل لا يشفى حتى يوضع تحت ظل امرأة حامل لمدة تسعة ايام لكنه في النهاية يؤكد حقيقة اتفق عليها الجميع دون معرفة السر عن علاقة الورل بشجيرة الرمرام التي يعتقد بأنها تخلصه فورا من سموم الافاعي اذا ما لدغته فيعود إلى مصارعتها حتى القضاء عليها ، وقد عرضت احدى القنوات الرسمية قبل سنوات فلما وثائقياً لا نعلم صحته يصور ذلك الصراع الشرس بين الورل والافعى ولجوئه إلى شجرة رمرام يركض اليها كلما تعرض للعض عندما قام احدهم عبثاً باقتلاع الشجرة، واثناء بحث الورل عنها في المرة الثالثة لم يجدها فتمرغ في مكانها وخر صريعاً قبل ان يتمكن من العودة لاستئناف معركته ، إلى هنا يقول الرحالة دكسون : سأكتفي فيما يلي ببعض الملاحظات المستقاة من مذكراتي الميدانية والتي اعتقد ان القارئ سيجد فيها ما يفي حول بعض الحيوانات كالورل والخنافس والأفاعي . والحشرات بما في ذلك الجنادب ، وكنت ارغب ان أقدم للرياضيين من هواة الصيد مزيداً من المعلومات والوصف المفصل للغزلان والظباء التي تنتشر بين مناطق القرعة والدبدبة من صحراء الكويت في الشتاء والربيع ولكن لا الوقت ولا المكان يسمحان بذلك . كما اني لا استطيع ان اعالج الهر البري والذي اهدت زوجتي واحدا منه إلى حديقة حيوان مدينة لندن ولا الذئب العربي الذي يهيم في فصل الشتاء في جميع انحاء المناطق الساحلية إلى الجنوب من مدينة الكويت وسأتحدث في هذه اليومية عن (( الورل ) الذي يصل طوله إلى ثلاثة اقدام ونصف القدم ، وله لسان مشعب طويل اسود اللون يبرز كما يبرز لسان الافاعي ، والورل حيوان شرس ، ولدى مضايقته يهجم على الانسان مصدرا صوتا بفحيح افعى الكوبرا . ويستطيع ان يتحرك بسرعة عالية عند ما يكون مطارداً ، ويعتبر أعدى أعداء الضب الذي ينقض عليه حالما يقع نظره عليه وفي ثلاث حالات من اربع يهزمه ويقضي عليه بعد معركة جبارة . ويؤكد جميع البدو ان لدغة الورل سامة ولكنها نادرا ما تقتل الانسان ، غير انها تسبب له الماً لا يطاق ، والشخص الملدوغ لا يجد راحة ( لا في الشمس ولا في الظل ) كما يقول البدوي . ويعتبر البدوي الورل حيوانا قذرا ويأبى ان يأكل لحمه لكنه يتحمله لانه يخلصه من الافاعي وهو كالضب مولع بالجراد . ففي عام 1933م اثناء طيران اسراب الجراد على ارتفاع منخفض غربي واحة الجهراء تقريباً من الاطراف رأيت خمسة من الورل وثلاثة من الضب من كبار الحجم تندفع هنا وهناك كالمجانين وتقفز عالياً في الهواء وتمسك بالحشرات الطائرة . وكنت بسيارتي ومعي زوجتي فوقفنا على بعد قليل واخذنا نراقبهما من مسافة لا تزيد على خمسين ياردة ولكنهم من شدة ثورتهم وانفعالهم نسوا كل شيء عن خوفهم من السيارة ومن بني الانسان. والعدو الأول للورل بعد الضب هو الأفعى سواء كانت سامة او غير سامة وهو يقتل الافعى ويتخذ منه وجبة شهية . واذا عضته افعى سامة فإن الورل يهرع إلى اقرب شجيرة (رمرم ) ويتمرغ بالشجيرة جيداً ليأكل بعضاً من اوراقها ويقول البدو ان هذا يقوم مقام الترياق ضد سم الافعى . وعلى اية حال يبدو ان الورل لا يصاب بالأذى وان عضته اشد الافاعي سماً . وقد تعلم البدو من رؤيتهم للورل وهو يتمرغ بشجيرة الرمرم ويأكل منها بالتخلص من الآثار الضارة للدغة الافعى السامة ان الرمرم يعتبر ترياقاً شافياً من لدغة الافعى واصبحوا يستعملونه علاجاً ، ومن الواضح ان نتائجه كانت إيجابية . |
|
03-09-16, 12:32 AM | #15 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين.. الاكراد والشركس جنسيات أخرى شاركت البدو حياة الترحال سعود المطيري من ضمن الجنسيات غير العربية التي تعايشت بين العرب وامتزجت معهم في بعض العادات والتقاليد واللغة والثقافة وشاركوهم حتى حياة الترحال هم التركمان والشركس ثم الاكراد -أكثر الثلاثة عددا- ويتنقلون عامة عند أقصى الاطراف الشمالية للصحراء وهم أي الاكراد يقيمون في تلك المناطق منذ قرون عديدة رغم ان موطنهم الاصلي هو شمال جبال ما بين النهرين ويحمل سادة القبيلة منهم لقب ( آغا ) أو ( بيك ) ومنهم القائد الفذ صلاح الدين الايوبي يسكنون قصورا محمية بقلاع فوق أعالي الجبال وينتمون في اصولهم إلى الشعب الكردي الذي كان يتناثر في منطقة على شكل هلال واسع من الخليج العربي حتى آسيا الصغرى وقدر تعدادهم في ثلاثينيات القرن الماضي بنحو خمسة ملايين نسمة ويذكر الرحالة أوبنهايم في كتابه رحلة إلى ديار شمر وبلاد شمال الجزيرة أن اصلهم ( هندوجرماني ) وأقرب جنس لهم هم الفرس ولم يخضع الأكراد نهائيا إلى الحكومة التركية ورغم انتماء أكبر فريق منهم إلى الديانة الاسلامية على مذهب أهل السنة والجماعة فانهم لاينخرطون في صفوف الجيش النظامي ولا يجري عليهم التجنيد العادي وقد اصبحوا مقابل ذلك في الفترة الاخيرة يشكلون جزءا هاما من الفرسان غير النظاميين عن طريق ما يسمى كتائب الحميدية , ثم ان شرطة المقاطعات العربية تتكون في معظمها من الاكراد ولا تختلف القبائل المسيحية القليلة في مظهرها عن نظائرها من المسلمين كما لا تقل عنها ميولا إلى الحرب ويمارس الاكراد في جبالهم الفلاحة وتربية الماشية لكن الناس يتجنبونهم بسبب مزاجهم الانفعالي وميلهم إلى الغضب ويغلب الظن ان اليزيديين في سنجار ينتمون إلى الاكراد ايضا أما التركمان الذين تربطهم صلة قرابة بالعثمانيين والاتراك المستقرين في آسيا الصغرى فعددهم اقل بكثير من الاكراد وتجدهم خاصة في الركن الشمالي الغربي للبلاد عند البليخ في اتجاه ورفه شرق دجلة ايضا بين الموصل والزاب الكبير ونجد كذلك عددا كبيرا منهم غربي الفرات في اقصى طرف من شمال سوريا وبالذات في آسيا الصغرى وموطن التركمان الاصلي هو ما وراء نهر أكسس , (هي المنطقة التي تضم اليوم طشقند وسمرقند وأذربيجان ) أي ماوراء نهر اكسس وقد نزحوا منها في العصور الوسطى قبيل الحروب الصليبية وأثناءها وساهموا في الدفاع عن فلسطين ضد الجيوش الصليبية ويعد ( الشركس ) أحدث النازحين إلى بلاد مابين النهرين الذين يقيمون في منطقة رأس العين وموطنهم الاصلي هو القوقاز الذي استولى عليه الروس فغادروه في بضعة آلاف من الناس وقد توجهوا إلى تركيا واستوطنوا في البداية في بلغاريا في عدد من القرى الواقعة على المنطقة الممتدة من البحر الاسود إلى حدود صربيا لاستعمالهم في حراسة البلغاريين وإليهم تنسب الاحداث التي أطلق عليها ( الفظائع البلغارية ) والتي دفعت روسيا إلى التدخل واعلان الحرب على تركيا سنة 1877م وبمجئ الاحتلال الروسي أصبح على الشركس أن يغادروا البلاد وتوغلوا في آسيا الصغرى وتوغلت فرق أخرى في سوريا وبلاد مابين النهرين لكنهم مالبثوا ان جلبوا لأنفسهم الكراهية والعداء مع البدو ودخلوا في معارك دامية معهم خصوصا الشركس المستقرين عند حدود الصحراء وقد تفاقم الوضع إلى ان اصبحت العداوة صراعاً عنصرياً خاضه الطرفان بضراوة ليس لها مثيل وانهزم الشركس بسبب قلة عددهم رغم ما يتميزون به من بسالة وشجاعة وخلال بضع سنين تمت الابادة الكاملة تقريباً خاصة لسكان رأس العين وتم تعمير المنطقة من جديد سنة 1883م وتم تعيين قائم مقام من الدير اولا ثم من ديار بكر وعادة الطمأنينة شيئا فشيئا إلى الجالية اثناء دفع عجلة السلم مع شمر في السنوات. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغريين المندي طبخة صحراوية قديمة مأخوذة من ( المنداة ) ؟؟ سعود المطيري يعرض الرحالة الانجليزي جوهن هيس في كتابه بدو وسط الجزيرة الطريقة المتبعة في تحضير شواء (المندي ) الطبخة الصحراوية الشهيرة المعروفة التي كان يلجأ اليها البدو بسبب ندرة الماء في الصحراء وعدم توفر اواني الطبخ في كل الاحوال ويلاحظ التغيير الذي حصل باستخدام وسائل حديثة يعدها البعض مسخا غير آمن ظهرت معه بعض التحذيرات الصحية نتيجة تبخر الشواء بالدخان الناتج عن عصارة اللحم والتي كان يتحاشاها الاولون بفطرتهم ربما لانها كانت تغير مذاق الشواء . ويبدأ الرحالة يوميته بمقدمة مقتضبة عن ( القهوة ) كيف العرب الذي يملأ كل اوقاتهم في الحل والترحال يحصنون به انفسهم عن الدخان الذي يسمونه بول ابليس ويقول : بالنسبة لبدو نجد يشكل الكيف والقهوة الراحة والانشغال الوحيد الذي يملأ به الرجال وقتهم بين الغزوات ورحلات الصيد أما قسم الرجال من الخيمة فيوجد به الموقد المسمى ( منارة ) أو رمادة حيث تغلى القهوة ويشهد حجم كومة الرماد على كرم الضيافة ولصاحب الخيمة ( دلة ) الجمع دلال هو ابريق القهوة المصنوع من النحاس الاصفر ويحتاج المرء إلى ثلاث دلال بأحجام مختلفة وذكر لي رجل من سكان القصيم المستقرين الاسماء التالية : الابريق الاول ( الدلة ) خمرة والثاني مسفاة والثالث لقمة أو مطباخة وذكر ابريقا رابعا سماه مزلة أو مخارة واذا ما غلي الماء فوق رواسب قهوة قديمة وتسمى حبر أو ( حثل ) تسمى القهوة ثنوة اما عند تحضيرها بمسحوق قهوة طري فتسمى بكر وتسمى الخرقة التي يمسك بها ابريق القهوة الساخن وتستعمل ايضا لتنظيف الفناجين ( بيز ) ويجري طحن البن المحمص في جرن من النحاس الاصفر يسمى ( نجر ) وفي احدى الاغنيات يجري الحديث عن تنهدات العشاق التي تشبه اصوات اجران القهوة لقافلة كاملة ( تنهداتي كتنهدات الهاون الموجود عند كل شارب قهوة كتنهدات هاونات قافلة الحجيج بكاملها ) اما التبغ فيسميه المتشددون الذين لا يدخنون ( بول ابليس ) ويجري طهي الطعام بطريقة بسيطة جدا في حال عدم وجود حجارة للموقد وتسمى ( أثفية ) الجمع اثافي أو ( هداة ) والجميع هوادي تحفر حفرة تسمى مشقوق تكون في الاعلى اضيق منها في الاسفل ثم يوضع عليها القدر أو يجري تسخين حجر حتى التوهج ويلقى به في السائل أو يوضع القدر في الرمل الساخن المسمى ( الملا ) و ( صحايا ) من اجل شوي للحم يستخدمون حجارة مسخنة تسمى عند العبابدة ( سلتوت ) أو يحفرون في تربة صلبة حفرة بطول الذراع تكون في الاسفل اوسع منها في الاعلى ويملؤنها بالاعواد والاغصان ثم يشعلون فيها النار وعندما تصبح الحفرة ساخنة جدا ولا يبقى الا الجمر يوزعون الجمرات في قاعة الحفرة بشكل منتظم ويضعون اللحم عليها ثم يطمرون الحفرة أو يردمونها فوق اللحم وبعد حوالي ساعة ونصف يكون اللحم قد نضج . وتسمى الطريقة في الشوي ( ندى . يندي ) ويسمى الشوي ندى والحفرة ( منداة ) في حرة كشب يحفرون حفرة دائرية قليلة العمق ويبنون فوقها بالحجارة ما يشبه القبة من اجل ادخال العيدان ومواد الاحتراق تترك للحفرة فتحة وتدهن الحجارة من الداخل بمحتويات ( كرش ) أو فرث الحيوان وبعد تسخين هذا الوعاء المسمى ( برمة ) يوضع اللحم في داخله وتغلق الفتحة بحجر . هذه الطريقة في التحضير تعطى مشاوي شهية جدا ولكنها تتطلب بعض المهارة وفي كثير من الاحيان تشعل النار على الارض مباشرة وبعد ما تسخن التربة ترفع عنها النار ويوضع عليها اللحم ويغطى بالجمر وعندما ينضج ينفض عنه الرمل بواسطة عصا ويعد الجراد ايضا من الاكلات الشهية ويحضر بجمعه في الصباح الباكر عند ما يكون متصلبا من البرد ويوضع في اكياس تغلق فوهتها بتخييطها بالمسلة ( المخيط ) بعد ذلك يغلى في دست كبير ماء مملح جدا يلقى فيه الجراد ويطبخ، عندما ينضج الجراد يخرج من الماء وينشر على قطع من قماش خيمة قديمة كي يجف، بعد ذلك يطحن في الجرن ويضاف إلى المسحوق الملح والدهن وفي بعض الاحيان التمر . كما يشوى الجراد احيانا في حفرة خاصة تسمى ( زبوة ) في كتاب(أسماء بدو من وسط الجزيرة العربية) المستشرق(هيس) يربط بين أسماء البدو وظروف الزمان والمكان قاسم الرويس جوهن جاكوب هيس ( Johann jakob hess 18661949م ) صاحب موهق الغنامي الذي كتبنا عنه في العدد 14792مستشرق عني بلهجات البدو في داخل الجزيرة العربية، درس في جامعة شتراسبورج على يدي نيلدكه، وأقام في البلاد العربية عدة سنين واهتم خصوصا بالبدو في وسط شبه جزيرة العرب: فدرس لهجاتهم وطرائق حياتهم وتفكيرهم وكتب في ذلك كتاباً بعنوانمن بدو قلب جزيرة العرب: حكايات وأغاني وأخلاق وعادات)1938ه الذي تمت ترجمته مؤخراً وعرضنا له في العدد 15312، كما أعد هيس بحثاً في (لهجة نجد الحالية) عرض في مؤتمر المستشرقين الذي عُقد في فيينا عام 1912م، كما أصدر مقالتين عن اللهجة الدوسرية سُجّلت مادتها في الكويت، ويشير الشرقاوي في موسوعة المستشرقين إلى جمعه مواد غزيرة لوضع قاموس للهجات البدو في داخل الجزيرة العربية لكنه لم يطبع هذا القاموس إن كان قد حرره نهائياً، ولهذا المستشرق أيضاً بحث استقصائي حول رحلة داوتي إلى جزيرة العرب. وسنتحدث هنا عن واحد من كتبه التي قدمها إلى أكاديمية هايد لبرغ للعلوم وطبع سنة 1912م وقد ترجمه محمود كبيبو إلى العربية مؤخراً تحت عنوان: ونشرته دار الوراق. وهذا الكتاب رغم ظرافته فهو دليل على دقة ملاحظة هذا المستشرق واهتمامه بدراسة الجزئيات وتحليلها وهو عبارة عن معجم صغير لأسماء البدو بدأت فكرته عندما جمع المؤلف في صيف 1909م حوالي ثلاثمائة اسم من حضر نجد حسب تعبيره الذين كان يلتقيهم ثم عمل على تدقيق هذه الأسماء مع بدو نجد وغربي الجزيرة ثم أضاف إليها أسماء أخرى حتى وصلت إلى حجمها المطبوع. وأما سبب وضع هذا المعجم كما ذكر المؤلف فهو الرغبة في إلقاء نظرة على طبيعة إعطاء الاسم لدى بدو الجزيرة العربية، ويشير إلى أن الأسماء الوارد ذكرها في أقدم الكتابات العربية ظهرت مرة بين هذه الأسماء البدوية الحديثة ولذا فهو يتوقع فائدة لعمله في علم الكتابات العربية القديمة. يتضمن هذا العمل بمعظمه أسماء شخصية لبدو من وسط شبه الجزيرة العربية لكنه يحتوي أيضاً إلى جانب ذلك على بعض الأسماء لبدو من غربي شبه الجزيرة العربية ومصر ولبعض حاضرة القصيم . طريقة إعطاء الاسم عند الولادة: ويلخص المؤلف طريقة إعطاء المولود اسمه عند الولادة في الحالات التالية: 1 استناداً إلى الظروف المناخية الخارجية المرافقة للولادة ف(ماطر) سمي بذلك لأنه ولد نهار المطر، و(صنيتان) سمي بذلك لأنه بقي في بطن أمه اثني عشر شهراً. 2 استناداً إلى الحالة النفسية للأم ف(موهق) سمي بذلك لأن أمه طلقت قبل ولادته بعشرة أيام، و(زعلة) سميت بذلك لأن أباها طلق أمها فعادت إلى أهلها وولدتها هناك وسمتها تبعاً لحالتها النفسية. 3 استناداً إلى زمن الولادة ف(رميضين) سمي بذلك لولادته في رمضان، و(محارب) لأنه ولد في زمن الحرب، و(فجرية) لولادتها في الفجر. 4 استناداً إلى مكان الولادة ف(نفيّد) سمي بذلك لولادته في نفود، و(وادي) ولد في أحد الوديان الصحراوية، و(رمثان) ولد في مكان اسمه الرميثي، و(بريدة) ولدت في بريدة. 5 استناداً إلى شكل الطفل ف(جليميد) سمي هكذا لأنه كان مستديراً كالحجر الدائري الصغير، و(خشيم) لأن أنفه كان كبيراً. 6 استناداً إلى الأمل المعلّق على الطفل ف(جمل) سمي هكذا لأن أهله يأملون أن يصبح قوياً صبوراً كالجمل وكذلك (ذيب). 7 استناداً إلى أسماء الأشياء دون أسباب واضحة ك(دلة) أو (صليبيخ). 8 استناداً إلى أسماء أطفال سابقين أو إلى اسم الأب وقد يتم اختيار صيغة أخرى للاسم أو اختيار جذر مشابه فماطر سمى أولاده (ماطرة ومطيران) وسمي أخوا معجب (عجب وعجاب) وسمي أخو سرور (ساير) وسمي أولاد عايض (عواض وعوض). ويشير أيضاً المؤلف إلى حالة أخرى من طرق التسمية دون تفصيل وهي التسمية استناداً إلى الظروف المصاحبة ف(شدة) سميت بذلك لأنها ولدت يوم الرحيل، و(مداد) سمي بذلك لولادته أثناء المديد. كما يشير المؤلف إلى أنه عند التقدم في السن قد يعطى الأشخاص أسماء مأخوذة من صفات بارزة أو من أحداث متميزة تحل شيئاً فشيئاً محل الأسماء السابقة ف(ناجي) سمي بهذا الاسم بعد نجاته من مرض خطير ولم يكن اسمه الأول، و(العاتي) سميت بذلك لوجاهتها واعتزازها بنفسها وقد كان اسمها (منيديبة)، وكذلك (قرادة) سميت بذلك لأنها كانت تقفز على ظهر الجمل وتتشبث به كالقرادة. ويؤكد أنه إضافة إلى الأسماء الحقيقية لكل شخص في الصحراء فهناك الألقاب والكنية ويلمح إلى أنهم كانوا ينادونه ب(أبي دالي) عطفاً على اسم ابنه. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين قوافل الولاء والشرهات تتوافد إلى الرياض ملكة الصحراء الملك عبد العزيز سعود المطيري اثناء عودة الرحالة جون فيلبي من رحلة الحج الى الرياض اوائل الثلاثينيات الميلادية قال عبارته الشهيرة ( مهما بلغت معرفة المرء بالمحيط الطبيعي لعاصمة الصحراء فانه لا يستطيع الاقتراب منها مرة اخرى بعد غيبة الا بشهقة من الدهشة ) حتى وهو يعترف انها تستمد سحرها من سحر وادي حنيفة وعظمة الصحراء . التي جعلتها تظل كامنة لا تراها العين حتى يدنو منها المرء مدفونة في تيه تعصف به الريح عند ما شق طريقه عبر ضفتي وادي حنيفة المتخفيتين في رحم القفر المحيط به ثم يستطرد بقية وصفه قائلا : اول ما وقع امام ناظرنا المتعب بعد السير المغبر نحو ساعتين من الجبيلة كان نخيل (الشميسية ) وهي اشجار النخيل الواقعة في اقصى الطرف الشمالي من بساتين الرياض التي ترى من نحو اربع كيلو مترات وبعد قليل ظهر لنا منظر شامل كامل للجزء الشمالي من الواحة بما في ذلك المدينة باسوارها ذات الشرفات عند ما صعدنا مرتفعا يسيرا . كان هناك غطاء خفيف من الغبار معلق في الجو يعلو المنظر الذي لم نتبين منه شيئا لافتا من ذلك البعد . لقد كانت الصحراء لا المدينة هي التي ملأت عقل الانسان التي ترى عليها آثار الخطوط الطويلة الاتية من مختلف الاتجاهات والملتقية من آثار القوافل والوفود منذ قديم الزمان وقد حرثت فيها بعض وسائل المواصلات الحديثة مجاريها هنا وهناك . بعد ان جاءت لتبقى للتطور وان لم تقض بعد على الوسائل القديمة التي كانت مألوفة لدى اجداد العرب الحاليين . وكم من جماعة مكونة في معظم الاحوال من نحو عشرة اشخاص على العدد نفسه من الدواب او ما يزيد عليه او يقل عنه ، كانت تشق تلك الصحراء نحو الهدف نفسه الذي كنا نسعى اليه في سرعة توحي بانهم ينوون الوصول في صباح الغد ، بينما كنا نحن نبدو وكأننا لن نصل قبل ساعة او ساعتين من غروب الشمس . فأينما توقفنا كانت الريح التي تتبعنا لا نشعر بها في سيرنا تغطينا لفترة وجيزة وتغطيه كاملة بغبارها الاصفر الخفيف . وربما كنا على حق حين نغبط منافسينا الأبطأ منا على مسافة منا يمنة ويسرة وهم يتهادون في سيرهم بتؤدة بلا قلق او غبار لقد كان علينا ان نسبقهم الى غايتنا المشتركة ، ولكنهم سرعان ما سيدخلون معنا في مظلة الكرم نفسها ، لقد علمت ان آلافا منهم بلغني تقدير الكلي بنحو 80000 شخص – كانوا قد جاءوا ومضوا قبلهم . بل في تلك اللحظة نفسها كان بقايا الضيوف وقد زانوا الصحراء بألوان زاهية بخيامهم البيضاء أو السوداء المخططة وبنسائهم واطفالهم واغراضهم يربون على 4000 أو 5000 شخص فمنذ عودة الملك مبكرا في يوليو فانهم كانوا يتدفقون من كل انحاء البلاد ليقدموا ولاءهم ولينالوا ما يستحقونه من هبات . جيش ضخم مستعد في أي وقت يتلقون أجورهم بالجود بمشيئة الله ثم الملك . ولكنهم مع ذلك يكافأون على فترات منتظمة بقدومهم شخصيا . وبما أن المكافأة تكون حسب عدد أولئك الذين يأتون لتقديم ولاء الطاعة في الرياض فان شيخ كل قبيلة أو بطن وبطبيعة الحال يحضر معه من ابنائه وابناء اخوانه وأقاربه كل من كان في سن يقدر معها على الركوب منفردا على ذلول ليقدم ولاء الطاعة للملك بنفسه شخصياً انه نظام قديم عظيم وهو الان في ايد امينة تصرفه بذلك المزيج من الكرم والاقتصاد الذي لا يعرف سره الا ذلك الملك بالفطرة . انه لشيء محير فعلاً، قال ابن سعود يوماً من تلك الايام في حفل جمع كثيرين من شيوخ البدو في انتظار الاشارة ببدء العشاء ان التصدق مضر كثيرا بالبدو كما هو ممارس الان في العراق وشرق الاردن . بينما النظام المماثل له من دفع مكافآت منتظمة مقابل خدمات معلومة كما هو الحال في نجد ، يقتضي شيئا مقابلا لما يقبضه البدو . وطيلة الشهر الماضي كانت البطحاء واماكن الاقامة الاخرى حول العاصمة مكتظة بما فوق طاقتها برجال القبائل المخيمين من اركان الدنيا الاربعة . لقد خف الضغط كثيرا الآن ولكن مدخل المدينة كان مكتظا بمئات من الناس ولقد تمكنت سيارتنا بعد زحف شديد وسط تلاصق بشري لا مثيل له أن تشق طريقها في الشارع الرئيسي من بوابة الثميري الى مدخل القصر . المرجع / حاج في الجزيرة العربية. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين تغريبة بني هلال إلى تونس وقصة غدر (الصفيراء) بوالدها سعود المطيري تعددت الروايات حول التغريبة الكبرى (لبني هلال) وقصة نزوحهم من نجد إلى تونس الخضراء بسبب 8 سنوات من الجدب المتواصل وتروى قصة النزوح من خلال المخيلة الشعبية بأوجه وروايات مختلفة تعتمد في الغالب على التضخيم والمبالغة حتى تحولت إلى ما يشبه الأسطورة وقسمت إحدى القصص المروية في نجد البطولة بين فتاة هلالية اتهمت بالخيانة من قومها عند ما كانت تغادر فراشها في ساعة متأخرة من الليل لكنهم عندما تتبعوها وجدوها تصعد مرتفعا تمضي عنده بقية الليل تردد كلمة (كريم) وهي تتابع وميض البرق ينهض من ارض تونس الخضراء ..!! في المغرب العربي الذي كان سببا في رحيلهم وبين ابو زيد الهلالي وذياب بن غانم والزناتي حاكم تونس وابنته الجميلة (الصفيراء) التي ضحت بمملكة والدها كما تقول الحكاية وبحياته عندما هامت عشقا بمرعي أثناء إيداعه سجن والدها مع رفاقه فدبرت مكيدة لوالدها قتل على اثرها من قبل ذياب بن غانم التي تنبأت قبل ذلك وهي الفتاة التي (تكهن وتضرب الودع) لمعرفة الطوالع والأحداث بأنه سيقتل على يد فارس من الجزيرة اسمه ذياب بن غانم إلى آخر القصة التي دونت لنا الرحالة الانجليزية الليدي آن بلنت عام 1879م في كتابها رحلة إلى بلاد نجد ما رواه لها احد إدلائها المدعو راضي أثناء توجههم من الجوف إلى حائل عبر طريق ما يعرف بأبو زيد الهلالي: يقول راضي منذ سنين طويلة، كانت هناك مجاعة في نجد وأصبح بنو هلال بدون قوت وعندئذ تحدث ابو زيد شيخ القبيلة مع قريبة (مرعي) ويونس فقال لهما فلنخرج في اتجاه الغرب ولنبحث عن مراع جديدة لقومنا. آثار تنسب لبني هلال وساروا حتى اتوا الى تونس الغرب التي كان يحكمها في ذلك الزمان الامير الزناتي ونظروا الى الارض فأحبوها وكانوا على وشك العودة بالاخبار الى قبيلتهم عند ما وضعهم الزناتي جميعا في السجن. وكان للزناتي بنت باهرة الجمال اسمها (سفيري) ولما رأت مرعي في السجن (الدباب) وقعت في حبه واقترحت انه يجب ان يتزوجها ووعدت ان حياته وحياة رفيقيه ستنقذ ولكن مرعي لم يهتم بها ولم يكن ليرضى في البداية ومع ذلك فقد استمرت في حبها وقصدت ان تصنع جميلا نحوهم وتشفعت الى ابيها ان يبقي على حياتهم وعنئذ اخذ الزناتي يحتار في امر سجنائه وهو يسمع من ابنتهم انهم من اصل كريم ولم يعرف ماذا يصنع بهم وعندما اخبرتهم بهذا اقترحوا ان واحدا منهم يجب ان يطلق ويذهب الى وطنه من اجل ان يحضر فدية لرفيقيه ولكنهم كانوا في قلوبهم مصممين على ان ابو زيد هو الذي يجب ان يذهب ويجب ان يعود ليس بفدية بل بجميع قومه الى تونس واطلاق سراح رفيقيه وحملت سفيري المقترح الى ابيها وقالت اثنان من هؤلاء الرجال من اصل كريم ولكن الثالث عبد مملوك الا اني لا اعرف أيا من الثلاثة هو واذن فدعه يذهب ويأتي بالفدية من اجل سادته. وقال الزناتي وكيف نكشف العبد من بينهم فقالت بهذا خذهم الى مكان وحل ( قذر ) ومرهم ان يمروا من فوقه وسترى ان العبد سيجمع ثيابه حوله بعناية في حين سيترك النبلاء ثيابهم يعلق بها الوحل فوافق وأمروا بالمرور فوق الوحل فوضع أبو زيد وكان قد حذر من سفيري عباءته على رأسه ورفع قميصه حتى خاصرته وعلى ذلك فقد أطلق أبو زيد وعاد إلى نجد وبعد ان جمع كل قومه قادهم عبر النفود في نفس الطريق متخذا الدرب الذي رأيناه الآن حتى يمكنهم من الوصول ثم واصل سيره بهم الى تونس وضرب حصارا على المدينة لمدة سنة الا انه لم يستطع دخولها وما كان ليستطيع أخذها لولا سفيري التي كانت تقوم بحبك المؤامرات ضد ابيها كانت سفيري (الصفيرا) فتاة حكيمة تعرف القراءة والكتابة وتعرف السحر وتستطيع تفسير التنبؤات ومنها نبوءة تتعلق بالزناتي مؤداها انه لا يمكن قتله في أي معركة الا بواسطة شخص معين اسمه (ذياب بن غانم) قاطع طريق في الصحراء المجاورة وارسلت الصفيراء خبر الى ابو زيد الذي ضم قاطع الطريق هذا الى خدمته وارسله في الفرصة التالية ضد الزناتي حينما خرج الى القتال وذبح الامير الزناتي ثم صار ابو زيد اميرا لتونس وتزوج مرعي سفيري (الصفيرا) تلك هي قصة راضي ويرجى ان لا تكون صحيحة تماما فيما يتعلق بخديعة الصفيرا لابيها. |
|
03-09-16, 12:36 AM | #16 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين رجل ينهض من قبره ويلحق بأهله بعدما اقتسموا تركته .؟؟ سعود المطيري يستعرض الرحالة الانجليزي تشارلز داوتي عام 1878م أحداث سنة من سنوات وباء الكوليرا أو الطاعون في الجزيرة العربية ضمن كتابه رحلات داوتي في الجزيرة العربية الذي مهد له بعبارة قال ضمنها : فيما يتعلق بي أنا الذي اكتب، أدعو أن لا يبحث عن شيء في هذا الكتاب سوى رؤية رجل جائع وحكاية رجل أكثر إرهاقا بالنسبة للبقية . فالشمس جعلتني عربيا لكنها لم تجرفني أبدا إلى الاستشراق، وفي آخر يوميته ينقل لنا حكاية دراماتيكية مثيرة عن رجل نهض من قبره في الصحراء بعد لحظات من دفنه وانطلق يتلمس خطى قافلة مشيعيه عند ما وصل لذويه بعد أيام فوجدهم قد اقتسموا تركته . الرواية قد تكون غير مقبولة من منظور طبي ومنطقي في الوقت الحاضر غير ان هذه القناعات قد تتبدد اذا ما عرفنا طريقة إعداد القبور ودفن الأموات وقتها في الصحراء مع انعدام وسائل الحفر لدرجة ان بعض المسافرين كان يبحث له عن جحر ثعلب أو مجرف سيل ناهيك عن حالة الاشتباه بين الوفاة والغيبوبة وتذكر روايات مشابهة حالات أخرى استيقظ فيها المدفون من غيبوبته وأزاح أغصان الأشجار أو التراب القليل الذي يغطيه والتحق بأهله بعد ان يئسوا منه حتى ان أحداهن وكانت فتاة تعرضت للدغة ثعبان خرجت من مدفنها وأدركت أهلها صباح اليوم التالي الذي صادف يوم عيد الأضحى وشاركتهم الأضحية التي ذبحت لها كما تقول الرواية والتي تسندها رواية الرحالة عن حدث قريب لم يمض عليه ثلاث أو أربع سنوات وقت قدومه للجزيرة عندما قال : قبل غروب الشمس جئنا إلى الخيام البيضاء المنصوبة بجانب القلعة الخربة , التي بلا باب والمهجورة عموماً (دار الحمراء) هذه الأرض مائلة إلى الحمرة والصخور التي بنيت منها هذه القلعة المائية تبدو عليَّة، ورهيبة في الشفق في هذا المكان المقفر من العالم . نحن هنا على ارتفاع حوالي 4200 قدم . بعد المسير لأكثر من مئة ميل في ثلاث وأربعين ساعة وصلنا إلى الماء، إنها حثالة ماء تعج بالديدان . ليالي الصيف الحار هنا تكون طرية بعد الغروب ، باردة في الربيع والخريف ، وخطرة على صحة الحجيج المسافرين ، خصوصاً لدى عودتهم منهوكي القوى من مكة المدارية . قص رجل أسود عليَّ حكاية محزنة عن عام الكوليرا ، مضى عليه الآن ثلاث أو أربع سنوات في الحج الصاعد : لقد خمن أنه كان يموت هناك في المسيرات وفي المحطات الليلية ، مئة شخص ( وهو عدد كبير جداً ) كل يوم . حزم الموتى والمحتضرون بالحبال على ظهور الجمال المترنحة إلى أن وصلنا ، كما قال إلى هذا المكان وكان الكل خائفاً إذ لا أحد لا يفكر في أنه يمكن أن يكون من الذين سيموتون بعدهم ولن يعود إلى بيته أبداً . هذا اليوم كان الجو وابلياً ، فقد هطل المطر طوال تلك الليلة بلا توقف . أطلق مدفع الإشارة في وقت مبكر جداً قبل الفجر وتحرك موكب الحجيج بسرعة تاركاً على الأرض المبتلة للصحراء الداكنة كما أظن مئة وخمسين جثة من الموتى والمحتضرين أخيراً فإن أولئك الذين نجو من الحجيج لكونهم يطلون على المرتفعات الصحية تم احتجازهم لتطهير محجرهم الصحي في الزرقاء لمدة ثمانية أيام . أظن أن نصفهم بالكاد قد عاش ليدخل مرة أخرى عن طريق بوابه الله ، إلى الشوارع البهيجة لدمشق . كثيرة هي حكايات الحج العربية عن أعوام الكوليرا وهذه واحدة منها . (( كان ثمة رجل فقير يحتضر بجانب الطريق ، وكان أصدقاؤه يحفرون بأيديهم بورع في الأرض ثم وضعوه في قبر قليل العمق، وعلى عجل أهلوا الرمل فوق ميتهم وانطلقوا مع القافلة السائرة . شيئاً فشيئاً في هذا الدفء الجاف , عاد الميت إلى الحياة ، نهض من مدفنه الضحل وعاد إلى وعيه فرأى عالماً خاوياً وموكب الحجيج قد ذهب عنه . فصار المريض يسير مترنحاً على آثار أقدامهم في البرية ويرتاح من قلعة إلى قلعة ، ومن بدو رحل إلى بدو رحل ،، فقطع سيرا على الأقدام تلك المئات من الأميال المقفرة إلى دمشق حيث وصل إلى بيته ، وهناك لم يستقبل إلا استقبالا وضيعاً من قبل أقرب أقربائه الذين اضطربوا جميعاً دون أن يحسنوا به الظن على انه هو نفسه نظراً لان البعض منهم الذين وضعوه في القبر ميتاً متخشباً في الجزيرة العربية . لقد حزنوا عليه باعتباره ميتاً ولآن يعود في غير أوانه وقد تقاسموا تركته .!! من قلب الصحراء من الربع الخالي (سقوط الكنز) يكتبها ويصورها: محمد اليوسفي ثمة صورة فوتوغرافية تتناقلها على فترات مواقع ومنتديات الإنترنت والمجموعات البريدية، فما أن ينسى الناس هذه الصورة بعد موجة تداول حتى يعود بعضهم مبهورا إلى تكرار تناقلها والحديث أو السؤال عنها من جديد، حتى أنك لو جربت أن تكتب في الباحث الإنترنتي قوقل ( هيكل ق.. ) فسيكمل (قوم عاد)، وسيظهر لك آلاف النتائج لهذه الصورة، وهي لهيكل بشري ضخم يقف بجوار جمجمته إنسان يبدو بحجم ضئيل جدا مقارنة بالهيكل، ولقد زعم مروجو الصورة أنها التقطت بالطائرة لموقع في الربع الخالي اكتشفته شركة أرامكو، وقيل إن ذلك بقايا هيكل عظمي يعود إلى عهد عاد! وهؤلاء القوم وملكهم شداد بن عاد تناولنا الحديث عنهم في الجزء السابق من هذا المقال في معرض شرح المثل الشعبي (هذا من ثمدا ثمود وبنية العمود). أما حقيقة الصورة فهي عمل فني لواحد من هواة التلاعب بالصور بواسطة برامج معينة، تقدم بها ضمن مسابقة نظمها أحد المواقع الأجنبية المتخصصة. وقد أتى من نقلها ودلّس بإضفاء بعد تاريخي على الصورة وانطلى التزييف بأنها لهيكل عظمي من بقايا عمالقة سكنوا في عصر بائد الربع الخالي. لا أجد فارقا كبيرا في الافتراء والتدليس بين حكاية هذه الصورة وبين حكاية كنوز مدينة عاد وقصورها المدفونة تحت رمال جنوب الجزيرة العربية، حكاية عربية الجذور أعاد تصديرها إلينا بعض الرحالة الأوروبيين الذين عبروا الربع الخالي. أحد أشهر هؤلاء العابرين البريطاني ولفرد ثيسجر أو مبارك بن لندن، والأخير لقب أطلقه عليه مرافقوه في الرحلة، وهم أفراد من بدو عدة قبائل تسكن جنوبي الربع الخالي.. لم يتسن لابن لندن في أكثر من رحلة خلال الفترة من 1945 إلى 1950م، ولا لغيره ممن لبسوا غطاء التعلق بسحر الشرق واستكشاف غموض الصحراء.. أن يشبعوا فضولهم ويتموا تجوالهم ورصدهم وبحثهم ويحققوا - على ظهور الجمال- مآربهم الأخرى إلا بمساعدة الأدلاء المرافقين من البدو الذين أسمعوهم حكاية المدينة التاريخية. لما قطع ابن لندن شوطا في رحلة من الجنوب إلى الشمال في الجزء الغربي من الربع الخالي وأشرف على بئر المنخلي (المنخلي حاليا مركز يتبع إمارة نجران) نجده يدوّن في كتابه الرمال العربية إشارة لمقولة يرددها بدو المنطقة، حيث يعتقدون أن هذه آبار لقبيلة عاد، وأن مدينتهم مفقودة تحت هذه الرمال وإن اختلف، أي البدو، في التحديد الدقيق للمكان. تلك المدينة التي ذكرت في بعض كتب البلدانيات ومصادر التراث العربي بأوصاف أقرب إلى قصص وأساطير ألف ليلة وليلة. وقبل ابن لندن برترام توماس، وهو أول رحال غربي يعبر الربع الخالي ( عام 1931م) نقل عن مرافقيه البدو اشارة لمكان آخر تغوص تحته المدينة الكنز المسماة وبار. وبين توماس وابن لندن حث الخطى جون فيلبي أو عبدالله فيلبي بعد اسلامه، يقطع عروق الرمال في عام 1932م، تدفعه نتائج تحرياته ويغريه ما كان قد سمعه من مرافقيه من أبناء قبيلة من شمالي الربع الخالي في أقوال متضاربة عن مدينة عظيمة وسط الكثبان تضم قصورا، وحصونا، وقلاعا، وحدّثوه عن الحديدة التي تضم آثارا ظاهرة يعتقدون أنها بقايا مدينة وبار، ومن آثارها كتلة حديد كالجمل. وبعد جهد وعناء وتجوال ومشقة وبحث، وقف فيلبي على كثيب يشرف على ثلاث فوهات أو حفر كبيرة، وبدت له الحقيقة، حيث قال في كتاب له بعنوان الربع الخالي: (لم أدر ماذا أفعل: هل أبكي أم أضحك، مع أن المنظر نفسه قد شدني وأسرني تماما.. المنظر الذي بدد أحلام السنين! إذا هذه هي وبار!... لم يدر بخلدي أن يكون حلا لغز الرمال العظيمة بهذه الإثارة. وكان عدد من رفاقي شرعوا ينقبون الأنقاض بحثا عن الكنوز، وبينما كنت أهبط المنحدر متجها نحو الفوهة الأولى أتى رفاقي مسرعين نحوي يحملون كتلة من الحديد وشظايا صغيرة اعتقدوا أنها لآلئ زوجات الملك عاد). والحقيقة أن فيلبي وقف في قلب الربع الخالي، في مكان منعزل يقع على مسافة أفقية تقدر بما يزيد قليلا على الخمسمائة كيلومتر باتجاه الجنوب الشرقي من الرياض، وسجل اسمه مكتشفا آثار نيزك هائل ارتطم في هذه البقعة، فهو أمام ثلاث فوهات أو حفر أحدثها الارتطام تتفاوت سعتها فيما بين 116 مترا و 64 مترا و11 مترا. وأشارت المسوحات التي أجريت فيما بعد أن ارتفاع حواف الحفر بعد أن كان عام 1932م حوالي 12 مترا، صار 8 أمتار في 1961م، ثم 3 أمتار في 1982م، أما حاليا فقد اندفنت الحفر تماما، وقد اسفرت الدراسات عن أن النيزك هبط من السماء قبل ثلاثمائة عام تقريبا، وأن سقوطه كان بشكل مائل فأدى ذلك إلى تكسره في الهواء قبل وصوله إلى الأرض إلى عدة قطع. ويعرف المكان حاليا عند الهواة باسم نيزك الحديدة بينما في المصادر المتخصصة يعرف باسم نيزك وبار، ولم يبق من آثاره إلا شواهد صغيرة متناثرة من حديد النيزك والرمل المنصهر من شدة حرارة النيزك عند سقوطه، أما قطعة الحديد التي شبهوها بالجمل فهي قابعة الآن في متحف الملك عبدالعزيز بالرياض. للحديث بقية. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين دراويش الحج تتركهم القوافل نيامًا ليلقوا مصيرهم في الصحراء (1-2) سعود المطيري (الدرويش ) وتعني في التركية الفقير أو الممتن بأقل الحاجات له مظهره الخاص المعروف بارتداء قبعة بنية وعباءة سوداء تدل على القبر تلبس فوق ملابس بيضاء فضفاضة وتعني الموت، ينتمي هؤلاء إلى ما يعرف ب ( الملوية ) إحدى مظاهر التصوف تعتمد على رقصة الدراويش الدائرية حول شيخهم على انغام الناي يستغرق من خلالها الراقصون حسب اعتقادهم بوجد كامل يبعدهم عن ضجر العالم المادي وهو مسمى ارتبط لدينا بالحجاج القادمين من بلاد فارس او آسيا الوسطى ويعني لدينا الرجل الفقير الذي فقد وجهته او قدرته على التصرف فكانوا يتعرضون الى عمليات سلب وتجريد من الملابس عند ما يتيهون في الصحراء أثناء قدومهم للحج والذي يصف لنا الرحالة داوتي ضمن كتابه رحلات داوتي قصة عبور أحد الدراويش بعد ان غادرت قافلته أثناء استغراقه في النوم سنة 1878م شمال الجزيرة وترك ليلقى مصيره المجهول : جلسنا في إحدى هذه الأمسيات متجمعين في حجرة قهوة صغيرة ( تقع في الصالة العليا) حول النار الشتوية لخشب الأقافيا ( السنط ) الجاف ، عندما ظننا وسط طقطقة مدقة القهوة ( المهبج ) أننا سمعنا شخصاً ينادي تحت كوة الرمي ، أنصت الجميع ، صوتا أجوف كان ينادينا بضجر فصاح به محمد بالتركية التي تعلمها في حياة الجندية. رد عليه باللغة نفسها ( أة ) قال الآغاء وهو يسحب رأسه ( أنه حجي فقير أطلع يا حسن وأنزل أنت يا محمد افتح الباب ) واستعجلوا بدافع ديني لإدخال الحاج السيئ الطالع فصعد إلينا برجل فقير ذي حضور جيد ، متقدم قليلاً في السن كان شبه عار ويرتجف في برد الليل . كان درويشاً تركياً سار إلى هناك على قدميه من بلدته في آسيا الصغرى يمكن أن يبعد ستمائة ميل ، لكن احتماله البشري ، رغم كونه قوياً ، كان أقل مما ينبغي لأجل الطريق الطويل . كان قد مرض قليلاً بعد معانة ، ترك هذا المخلوق المنهك وهو ما يزال هاجعاً في البرية ، منذ ذلك الحين وهو يمشي مجهداً عبر الصحاري تلك الأميال المائتين ، على خطا القافلة يستريح فقط في القلاع هذا الرحالة المتوحد المنسحق لم يكن بمقدوره أن يدرك الحجاج الذين كانوا يتنقلون أمامه باستمرار بمسيرات اضطرارية . جلب له محمد قماشاً لبادياً حلبياً لكي يتلفع به الدرويش الفقير ، الذي جرده العرب من كل ما معه قبل ثلاث ساعات من وصوله إلى مدائن ، اتقاءً للبرد . استقبلوه جميعاً بلطف ، وفي حين كان عشاؤه يحضر ، أمروه بأن يرتاح قائلين إنه في العام القادم إن شاء الله يمكنه أن يؤدي الحج المقدس ، أما الآن فيمكنه البقاء معهم في هذين الشهرين والنصف ، حتى قدوم الحج مرة أخرى لكنه لم يشأ ذلك فقد ترك بيته ليصبح بائساً جداً في بلدان غريبة ، لن يرى المدينتين المباركتين ( مكة والمدينة ) لن يعود أبداً . جلس الحاج المسعف عند موقد القهوة بامتنان وتواضع وشرف أما وقد استعيد إلى أخوة الجنس البشري فقد أظهر نفسه رجلاً فقيراً ذا أخلاق بريئة ونبيلة . عندما كنا مبتهجين مرة أخرى فإن أحد بدو البوابة ، الذين يفهم موسيقى الصحراء فتح شفتيه ليطربنا وهو ينهق بشكل متجهم بأغنيته البدوية على الوتر البطيء للربابة . كان شخصاً وسيماً في الجماعة المتحلقة حول الموقد ، ذا بشرة سوداء كان قد عاش عاماً في دمشق مؤخراً وأصبح بفعل حياة المدينة شريراً محتالاً تحت المظهر الخارجي الطبيعي للشرف بسبب محياه النبيل وكونه من أبناء الشيوخ فقد بدا وكأنه ابن النعمة لكن المسكين لم يكن يملك إبلاً ، لذلك فقد كانت خيمته تقف منصوبة باستمرار أمام القلعة : أكثر من الذباب كان يلازم حجرة قهوة البرج حيث كان وهو يدور بؤبؤيه الأبيضين الكبيرين ، يتودد ساعة تلو ساعة بكل أسنانه البيضاء إلى محمد، مصادقاً بعبارة ( الله أخبر ) على كل الأقوال المأثورة لكبير القلعة هذا . كان الدرويش الفقير يجلس طوال النهار ملفوفاً بأسماله، مستمتعاً بحلاوة الاستراحة من متاعبه الماضية .. جاء اليوم الثالث اليوم الأخير من الضيافة التقليدية فكانوا قد ملوا منه ، ساقه محمد وهو يضع قربة ماء صغيرة على كتفيه ، ويدله على الاتجاه فأمره بأن يتبع قدر المستطاع آثار أقدام القافلة ، وودعه بعون الله . لا حدود لمتاعب الحج إن الدين هو وعد بقدوم الأشياء الجيدة بالنسبة للفقراء .. (يتبع ) اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين دراويش الحج تتركهم القوافل نياماً ليلقوا مصيرهم بالصحراء (2-2) رقصة الدراويش سعود المطيري ذكرنا في الجزء الاول من هذه اليومية بأن (الدرويش) تعني الفقير الممتن بأقل الاشياء وهو مذهب او مظهر من مظاهر التصوف يعتمد على رقصة هستيرية تؤدى على انغام آلات النفخ يدخل من خلالها الراقصون إلى مرحلة اندماج كامل يؤمنون بقدرته على فصل الروح البشرية عن ضجر الحياة المادية واذا كانت الكلمة دراويش قد ارتبطت لدينا بالحاج الفاقد لوجهته وتركيزه فهو ايضا مصطلح يفهم باكثر من معنى حتى ان أحد أشهر الاندية الرياضية في الوطن العربي يطلق على لاعبيه مسمى الدراويش ويعني عند جماهيره القوة أو الشجاعة الغاشمة وذكر لنا الرحالة داوتي في الحلقة الماضية ضمن كتابه رحلات داوتي كيف كانت قوافل الحج القادمة من فارس وآسيا الوسطى تغادر اثناء استغراق الدراويش في النوم ليلقوا مصيرهم بعد محاولة اقتفاء آثار القافلة في متاهات الصحراء بعد ان يجردهم لصوص الصحراء من ملابسهم وأشيائهم ووصف لنا مشاهدته لدرويش كان يتلمس أثر قافلته عام 1878م عندما استضافه البدو ثلاثة أيام علقوا بعد انقضائها على ظهره قربة ماء وقليلا من الزاد ودفعوا به على إثر القافلة المتجه للحج: سرعان ما دخل البدوي الذي رأى الدرويش يسير ببطء على طريق الحج الأسفل: كان الطقس صافياً، فشمس النهار تجعل الظهيرات حارة، لكن الفصل كان أبرد من أن يستطيع مثل هذا الرجل المنهك أن يرقد في العراء ليلاً. بعد أسابيع وصل بدو آخرون من المدينة المنورة واستفسرنا إن كانوا قد شاهدوا درويشنا. فأجابوا بعدما عرفوا ما كان يلبس الرجل( أي بالله ) رأيناه يرقد ميتاً واللباد تحته بجانب الطريق عند سورة (غير بعيد من هنا ) أسف المحسنون عليه أنهم طردوه حياً في وقت متأخر، وهو يقبع الآن جثة ميتة في البرية، هم أنفسهم قد يصيبهم حادث مؤسف كهذا في يوم آخر في الصحارى الكبيرة. كل الأصوات صاحت فوراً لقد مات بسبب العطش فقد افترضوا أنه قد أراق قربة الماء، التي علقت على ظهره الضعيف المتعب في الظهيرات الحارة. لم يكن المشهد جديداً على البدو مشهد المسافرين البائسين الذين يسقطون ميتين على طريق الحج ويتم التخلي عنهم، في غالب الأحيان (وهذا ما رواه البدو على مسمعي ) يرون الضباع تقف بقربهم تحملق فاغرة أفواهها لتفترسهم حالما يلفظون آخر نفس من الجسد الدفىء فلدى عرب الصحراء لا يوجد أي تفكير تقي بالإحسان إلا من يتقاضى أجراً لدفن الغرباء أخبرني محمد على أنه لا يمر موسم حج إلا وقصر فيه البعض ويترك ليموت إنهم يعانون أشد المعاناة بين الحرمين حيث تنتصب الجبال مسورة إلى السماء على الجانبين في الجو الراكد لا يوجد ملجأ من لسعات الشمس الساطعة: عندما تهب عليهم رياح. السموم الحابسة للأنفس يسقطون منبطحين على الأرض ويختنقون. ثمة ماء قرب الطريق حتى حيث يكون الحر على أشده لكن اللصوص الملاعين لا يسمحون للرجل المسافر بالشرب إلا إذا تمكنوا من الحصول على هبات كبيرة وجديدة من الباشاوات الأتراك، لا يوجد علاج ولا مفر من وادي الموت هذا فهو مع ذلك نهاية الشرور القاتلة. تقع أرض التخييم في مكة بعيداً جداً عن المكان، حيث يتوجب على حشد الغرباء الفقراء أن يجدوا لأنفسهم حجرات إقامة مستأجرة في المدينة المقدسة. هكذا يحشر الكثيرون معاً بشكل مشترك في غرفة ضيقة جداً. يكون معظم الواصلين واهنين من الرحلات الطويلة ومع ازدياد الأخلاط الفاسدة في أجسادهم تحتاج حالات من الاضطرابات الجديدة والرهيبة بينهم الى رعاية: فمن حجيج مكة انتشر الكثير من الأوبئة العامة ووصل إلى أقصى الجنس البشري. لقد كان هائلاً بالفعل حدث الشقاق الديني لمحمد عليه الصلاة والسلام. فقد تم تجديد العادات السامية القديمة الرائجة في الدين. في ظل ذاك الطابع الهجين من الروح العربية الانفصالية المشاغبة، والتحررية متحولة إلى قاعدة رزينة سلسة للحياة الإنسانية نقطة اتفاق دنيوية مبهجة لا تتطلع إلى ما فوق إمكانية البشر أليست أقوال محمد صلى الله عليه وسلم المأثورة (الأحاديث) اليوم هي العقيدة الأم لعشر الجنس البشري، ما الذي كانه العالم، لو ان اللسان الذرب، لسان هذا الإسماعيلي النبوئي، حتى الدين البسيط الفهم الذي يمكنه أن ينظم حشداً بشرياً، هو قوة رئيسية في تاريخ العالم الظالم. ومحفوفة بالخطر، كل رابطة يمكنها أن توحد كثيراً من الملايين البشرية في سبيل الحياة والموت، لكن الدين الوثني ما قبل الإسلامي (الجاهلي) للكعبة كان السبب في أن المحمدية (الإسلام) الناضجة سريعا لم تتهاو سريعاً مرة أخرى. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين (حجر تيماء ) الشهير وقصة نقله لمتحف اللوفر بفرنسا عام 1884م سعود المطيري تعددت الروايات حول عملية الاستيلاء على حجر أو«مسلة تيماء» الشهيرة عن طريق بعض الرحالة الأوربيين ونقله إلى متحف اللوفر بالعاصمة الفرنسية سنة 1884م والتي تعد واحدة من أهم وأشهر الكنوز الأثرية المنهوبة كونها تشكل اضافة مهمة للحضارة الانسانية وتحمل أثرا مكتوبا بالرسم الآرامي عن حقبة الملك البابلي " نابونيد " منذ القرن السادس قبل الميلاد يتحدث عن طريقة العبادة وعن تنصيب أحد الكهنة في معبد الإله الوثني (صلم ) في تيماء. وإلزام المعابد الأخرى بتقديم محصول 21 نخلة ضريبة لهذا المعبد وشهد موضوع اسم وجنسية الرحالة الذي قام بنقله ومكان العثور على الحجر جدلا تاريخيا اختلف حوله الرواة ذهب اكثرها الى انه أحد احجار بئر هداج تيما وان الرحالة الالماني اوتنغ هو من قام بنقله الى اوربا الا ان الرحالة اوتنغ نفسه يقدم لنا حقائق مهمة ينسف بعضها هذه الروايات اثناء رحلته الى تيماء عام 1884م برفقة الفرنسي هوبر وعلى مدى حلقتين سنقرأ ضمن كتابه رحلة داخل الجزيرة العربية في النسخة المترجمة عن دارة الملك عبد العزيز توثيقا مهما عن سيناريو نقل الحجر وما صاحب ذلك من احداث متسارعة واخرى دموية اشبه ما تكون بسيناريو استخباراتي للظفر بهذه المسلة التي لا يتجاوز طولها 110سم وعرضها 43سم عند ما قال : ذهبنا الى منزل فهد الطلق الذي ضيفنا بالتمر والخبز واللبن، وقد كان من بين المدعوين رجل أسلحة ماهر يدعى زيدان، وقد ضممته إلي لمعرفته التامة بالأماكن وموافقته على تلبية طلباتي ليرافقني خلال زياراتي في المدينة، وحينما فرغنا من الأكل ذهبنا معا إلى غرب المدينة، حيث التل الذي يبلغ ارتفاعه حوالي المترين عن مستوى سطح البحر، وتقع تحته حسب معلوماته تيماء القديمة، وفي الحقيقة بعد قيامي بعملية بحث سطحية في الأرض الرملية وجدت بعض قطع من الزجاج، وشظايا من البرونز مغطاة بطبقة خضراء سميكة، بالإضافة إلى قطع من أرض إسمنتية وعدد من أحجار العقيق، كما رأيت قناة تتجه نحو الشمال مغطاة بالجير، ويبدو أنها كانت مخصصة لنقل الماء إلى المستنقع الملحي «السبخة» والى الجنوب وصلنا إلى قصر الدائر، وهو بناء كبير مربع الشكل فيه أبراج على الزوايا! وبقايا بشر مردومة، ومن هناك ذهبنا إلى منزل يقع على مسيرة خمس دقائق الى الجنوب يسمى طليحان، وجدت فيه أغلى غنيمة حصلت عليها من رحلتي في الجزيرة العربية، فإلى اليمين على القائم الأيمن من الباب الداخلي الثاني كان هناك حجر مقلوب نحتت عليه أشكال آدمية، تمثل معبوداً أو ملكاً، وكاهناً، وهذا الحجر هو ما يعرف اليوم في أوساط الدارسين باسم «حجر تيما»، وحينما رأيت نقشاً مكتوباً عليه لم استطع إخفاء مشاعر الدهشة لدي إلا بصعوبة بالغة، وفي هدوء مفعم بالسعادة قمت بنسخه على الورق، ثم أعطيت صاحب المنزل بكل سرور بعض النقود. وبعد أن قلت لزيدان بأن يحضره إلي في صباح الغد الباكر، ذهبت مسرعاً وأنا متعب ومضطرب إلى البيت لكي أحدث هوبر عن الاكتشاف الجديد. وأهمية النقش المكتوب عليه، تكمن في انه يعود بالتأكيد إلى القرن السادس قبل الميلاد، أما الحجر نفسه فسيقتلع من مكانه ليحضر إلى منزلنا في يوم الغد، وفي المساء تمت دعوتنا لدى ثويني، وبعد ذلك شربنا القهوة عند عبد العزيز بن رمان، وقد كنت أفضل مائة مرة لو أنني بقيت في المنزل لدراسة الورقة التي نسخت عليها النقش. حجر تيماء هو بطول 110 سم وعرض 43 سم وسماكة 12 سم ويزن 150كغم وقد أدى تفكيري في ذلك الحجر إلى إصابتي بالقلق وعدم القدرة على النوم إلى القدر الذي جعلني أنهض عند الفجر لأنظر من جديد على ضوء الشموع إلى الورقة التي نسخت عليها النقش، وعند طلوع الفجر بدأت بإخراج القمل من ملابسي، ثم ذهبت مع رجل السلاح زيدان في جولة خلال المدينة زرنا فيها أولا منزل الخطيب محمد العتيق الذي كان على أحد جدران مسكنه الداخلية حجر عليه نقش كتب بالخط الآرامي. ثم سرنا عبر مقبرة تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة الحالية. وترتفع فيها بعض الأعمدة الدائرية المتداعية «فهل هي بقايا أعمدة المعابر؟» وعلى مقربة من هذه المقبرة شاهدت بعض الخبث الناتج عن فرن لصهر المعادن، وبعض الأواني الفخارية المزججة، وفضلات ضبعة ، وجثة حيوان ميت، حينما وصلنا منزل زيدان منحني هدية! كانت عبارة عن بلطة حجرية سوداء يستخدمونها في قياس نسب الذهب والفضة، وقد رأيت عنده جرة قديمة من الفخار، لم يكن عليها أي ملامح فنية. وجدت حين عودتي من الجولة سبعة رجال يقفون في فناء منزلنا، وقد أحضروا الحجر «مسلة تيماء» من قصر طليحان، فقمت بإعطاء كل حمال منهم ربع مجيدي، وأعطيت المالك 1.5 مجيدي (حوالي 5 ماركات)، وبعد وضع الحجر وذهاب الرجال أصبح في وسعي فحص الحجر عن قرب، وحينما رآه هوبر تذكر أنه شاهده بالفعل خلال زيارته الأولى (عام 1880) ولكنه لم يظن أنه ذو أهمية. |
|
03-09-16, 12:38 AM | #17 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين اغتيال الفرنسي هوبر في الصحراء وتحرك دبلوماسي للظفر بحجر تيماء عام 1884م الرحالة الفرنسي هوبر وفي الاطار الانجليزي داوتي سعود المطيري في الحلقة الماضية ذكر الرحالة الالماني يوتنغ قصة عثوره على حجر او مسلة تيماء الشهيرة التي نقلت الى متحف اللوفر بفرنسا واختلفت حولها الروايات وحول مكان العثور عليها واسم الرحالة الذي قام بنقلها الى أوربا ذهب اكثرها الى ان الالماني يوتنغ هو من نقلها وانها من احجار قصر طليحان بتيماء . وفي هذه اليومية يستكمل الرحالة ما كنا بدأناه الاسبوع الماضي بعد ان اشتكى من احد مضيفيه الذين دسوا له كمية كبيرة من الفلفل في الطعام حتى لا يأكل منه كثيرا : لقد حاولت كثيرا سواء عن طريق الوعود أو ( التهديد ) الحصول على عمود حجري أخرج قبل بضع سنوات من بئر هداج. أو على الأقل نسخ النقش المكتوب عليه، ولكن مالكه المدعو سلامة بن عائد خرج فجأة الى الصحراء لجلب العلف، فحال ذلك دون حصولي على ذلك النقش. ونظراً لكوني قد اتفقت مع هوبر حينما كنا في ستراسبورغ (مدينة فرنسية على الحدود مع ألمانيا)، قبل بدأ رحلتنا المشتركة الى الجزيرة العربية أن يكون من نصيبي كل ما نعثر عليه من آثار قديمة يمكن حملها. بحيث تختار دولتي التي كانت في تلك الفترة تفتقد الى تملك مثل هذه الآثار خاصة من النقوش المكتوبة على الحجر ما تشاء، بينما يكون له كل ما نحصل عليه من غنائم أخرى، لذلك فقد كان من المنطقي حسب الاتفاق ان تعود ملكية حجر طليحان «مسلة تيماء» اليّ. لا شك ان عملية نقل هذا الحجر الذي لن يقل وزنه عن 150 كجم ستكون بالغة الصعوبة كما ستحتاج الى احتياطات خاصة لتوزيع الثقل وتدعيمه فوق شداد الجمل، وخلال هذا اليوم تم احضار عدد آخر من الأحجار عليها نقوش كتبت بالخط الآرامي الى مسكننا، ولعل من الأفضل بالنسبة لنا نقل مجموعة من هذه الأحجار المنقوشة عبر منطقة آمنة الى حائل، بدلاً من نقلها معنا خلال رحلتنا في منطقة الحجاز. صورة تاريخية لبئر هداج تيماء، بعد ذلك يخبرنا يوتنغ انه توجه مع رفيقه هوبر الى العلا تاركين اشياءهم بما فيها الحجر في تيماء لتنقل بعد ذلك الى حائل لكنهم هناك تلقوا أنباء غير سارة من حائل التي رفضت دخولهم المدينة الامر الذي حتم عليهم الانفصال بحيث يعود هوبر الى تيماء لاحضار الحجر ويواصل يوتنغ خط رحلته ليلتقون مرة اخرى بمدينة جدة عاد بعدها هوبر الى تيماء بعد ان اقتسم معه مؤنة الطريق ليحصل كل واحد منهم على 270 مجيديا و25 سيجارة وعلبة ساردين واحدة كذلك الورق والحبر ومسحوق الحمى وانطلق كل واحدا منهم الى وجهته ليلتقوا هناك الا ان رفيق دربه هوبر قتل بالقرب من جدة مما ادى الى تحرك الدبلوماسية الفرنسية وصدرت التوجيهات الى قنصليتها بجدة للحفاظ على مقتنيات هوبر بما فيها حجر تيماء واثناء وصول يوتنغ ومطالبته باستعادة الحجر بناء على الاتفاق المسبق بينهما تحركت الدبلوماسية الفرنسية مرة اخرى وصدرت الاوامر للقنصلية بارساله الى فرنسا بأسرع ما يمكن . وكان القنصل الفرنسي قبل ذلك قد وشى للسلطات العثمانية كاشفا عن حقيقة شخصية البروفيسور الهولندي غرونية وعن ديانته الحقيقية عندما كان يجمع معلومات عن الحج في مكة متقمصا شخصية طالب علم مسلم خشية ان يسرب معلومات للسلطات الالمانية عن حقيقة حجر تيماء وتم طرده بالفعل الباحث في تيماء الاستاذ سالم الضوي صاحب كتاب طرق القوافل وآثارها في شمال جزيرة العرب افادنا باتصال هاتفي عن معلومات مهمة بان كثيرا من أسماء المواقع التي وردت في كتب بعض الرحالة بما فيها (قصر طليحان ) مسميات وهمية لا حقيقة لها ربما كانت من اختراع السكان الذين يحاولون تظليل هؤلاء الرحالة الذين يشككون بنواياهم أما الاستاذ محمد بن حمد النجم مدير متحف تيماء فيكشف لنا عن حقائق أخرى عن سر العثور على الحجر عند ما يطلق عليه قصر طليحان مشيرا الى بعض الروايات المنقولة ان الحجر في الاصل كان ضمن احجار بئر هداج تيماء الذي تهدم فنقل ضمن احجار اخرى لتستخدم في بناء هذا القصر دون ادراك لاهميته ولما تعرف عليه الرحالة اشترى الجدار من صاحب المنزل ليحصل منه على الحجر ثم اعاد بناؤه ويسند روايته ما ذكره الرحالة تشارلز داوتي في كتابه ترحال في صحراء الجزيرة العربية وهو يقول : كان هناك نقش واحد ما يزال موجودا على عارضة في حظيرة أبل عجيل . ولكن المؤسف ان تلك العارضة سقطت على الارض وتكسرت . وابلغوني انهم لا يمكنهم العثور على تلك القطع المكسورة . كان هناك أيضاً نقش طويل على حجر من أحجار جدار هداج ( البئر ) التي انهارت بالفعل وأنا اعتباراً من كتابة هذا الكلام في العام 1879م أؤكد ان نقش البئر شاهده كل من هوبر ويوتنج من بعدي بعدة سنوات . ويوتنج يسلم بأن ذلك النقش الذي هو من النقوش الاهدائية ومكتوب بالحروف الارامية شأنه في ذلك شأن النقوش الاخرى التي اكتشفتها ( أنا ) في تيماء قد يرجع تاريخه إلى اربعة او خمسة قرون قبل المسيح . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين (مقرّص البنات) وكثير النوم ينالون حصة متساوية عند اقتسام الطعام.؟!! سعود المطيري في يومية أخرى مشابهة نقل لنا الرحالة الانجليزي ولفريد ( مبارك بن لندن ) في أربعينات القرن الماضي ضمن كتابه رمال العرب حكاية من حكايات الربع الخالي عند ما اصطاد أرنبا بريا مع زملائه الخمسة قسمت بعد شوائها الى خمسة اقسام متساوية الا انهم احتاروا بكبد ارنبهم الصغير التي لا تقبل القسمة فتنازل المتقاسمون عن حصصهم للرحالة نفسه الذي كان سعيدا بهذه القسمة والهدية الثمينة ، وفي يومية اخرى يعود لوصف طريقة اقتسام الطعام الشحيح في الصحراء مع اعضاء فريقه وهو يذكر تفاصيل توزيع وجبة لحم حيوان مسن ليس من صيد البر الذي اعتادوا اصطياده كما ذكر ولا يعرف اسمه، معربا عن اعجابه بعزة النفس التي يتمتع بها ابن الصحراء وإيثار بعضهم بعضا على انفسهم وهم يتسابقون كل واحد للتنازل عن حصته للأخر رغم ندرة وشح الطعام : استرحنا تحت اشجار الاقاصيا حيث يتسع الوادي امامنا، وظهر الاعراب من ناحية البركة ينوءون تحت وطأة جلود الماء التي وضعوها في ظلال الاشجار ومنذ ان سافرت مع البدو تعلمت ان استعمل اشياءهم، وانا مقتنع انه من الخطأ ادخال التعديلات الخارجية مهما كانت، فالاعراب يعرفون اوعيتهم لانها تصمد امام مرور الزمن. جلود الماعز التي يحملون فيها الماء يمكن ان تطوى عندما تفرغ وتحمل بسهولة لانها لاتزن كثيرا واذا رشحت يمكن ان تمسح بالزبدة واذا تشققت يمكن ان تسد بالثقوب باشواك او قطع من الخشب ملفوفة بالقماش ومع ان هذا لايدوم،, الا انه ينفع كثيرا. وطعم الماء ورائحتة يتعلقان بتأثير جلد الماعز، ولكن يجب الا ننسى ان الماء العذب لايذاق في الصحراء الا في الاحلام . ذهب مسلم ليصطاد بين الصخور وعاد قبل غياب الشمس بقليل فائزا بصيد رماه امام النار. كان حيوان مساناً طعمة كرائحته اعطى مسلم قسما ً لكل فريق، ثم ساعد ( ابن انوف) ليطبخ الباقي مع انه كان في اشد التعب. وكوم الارز المطبوخ على صينية واحدة واحاطها بطاسات من الصلصة المشحمة. ثم اخذ سلطان اللحم المطبوخ وقسمة الى سبعة اقسام متساوية، واخذ الطمطائم سبعة عيدان ودعا كل عود بأسم احدنا، بينما كان مسلم مديرا ظهره لنا، ثم غرز مسلم عودا في كل قطعة لحم قائلا ً: هذا لاحسن رجل، وكانت هذة من نصيب ابن تركي، هذه لأسوء رجل، ثم غرز عوداً اخر، وكانت هذه من نصيب مبخوت مع ان الصفة لم تكن تناسبة. وهذه للرجل الذي لاينهض باكراً في الصباح وكانت هذه من نصيبي ومطابقة تماما لي كما اكد لي ضحك زملائي. ولكن الضحك تعالى اكثر عندما قال مسلم هذه للرجل الذي يقرص الفتيات، واخذ الطمطائم نصيبة وابتسم وابتسم ابن انوف وقال للرجل العجوز : يظهر ياعم انه سيكون عندك ولداً اخر في السنة القادمة . كثيرا ماتحدث المشاكل اذا جرى التوزيع عن غير طريق القرعة. واذا لم تستعمل هذه الطريقة يقول احدهم حالا انه اعطي اكثر من حصتة، ويحاول انه يعطي قطعة لشخص اخر ، ثم يبدا النقاش والقسم بالله، وكل واحد يؤكد انه اعطي اكثر من غيرة، حتى يفشل جميعهم ولا يحل المشكلة الا إجراء القرعة على اللحم. كما كان يجب ان يفعل اولاً، لم اسمع ابداً احدهم يشكو انه اعطي اقل من حقة . لا يفكر البدو بعمل كهذا لانهم حريصون على الا يبدون طماعين ولانهم سريعو الملاحظة. ومازلت اذكر قصة فتى بدوي معدم اخبر امه انه يجب ان يأكل عندما لايكون هناك ضوء قمر حتى لايرى رفاقه كم اكل. فقالت له: اجلس معهم في الظلام واقطع اللحم بسكين من الجهه التي لاتقص, وقد فعل الصبي في الليلة نفسها. ولم يكن هناك ضوء قمر بل ظلام حالك ولكنه ما ان التقط سكينه حتى ارتفعت عشرات الاصوات تقول: لقد امسكت السكين من الجهه المقلوبة. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين البدو يقبّلون الإبل ويغضبون إذا رأوها تُضرب!! سعود المطيري يكن البدو بل ملاك الابل حبا حقيقا وعشقا فطريا متبادلاً ويؤكدون في مجالسهم انه لا يوجد فتنة بعد جمال النساء الا الافتتان بالابل حتى وان قادتهم الى القسوة او الغلظة التي ذكرت في الحديث الشريف وكانوا ومازال بعضهم يقبل مثلا ان تضرب ابنه أو قريبه لكنه لا يسمح لك بضرب ناقته أو جمله لاي سبب من الاسباب بل لا يرضى ان تضرب جمل شخص آخر حتى لو كان لا يعرفه وكانوا ايضا لا يرضون ان ( تلطمها ) أي تصدها عن حوض الماء عند ما كان شحيحا ويعتبر ضربها عند ذلك او الاهواء عليها أكبر اهانه قد تجر الى معارك لاتنتهي وهو ما يؤكده الرحالة الانجليزي ولفريد ثيسيغر في كتابه رمال العرب مفندا تلك العلاقة الحميمة من واقع مشاهداته أثناء عبوره الربع الخالي: تطلعت صوب الصحراء، فوجدتها منبسطة تمتد نحو الف وخمسمائة ميل حتى البساتين التي تحيط بدمشق. وهبت نسمة صحراوية حولي فتراءى إلى ذلك القصر المهجور في سورية الذي زاره لورنس. وكان العرب يعتقدون أن أميراً بناه ليكون القصر الصحراوي لمملكته، وزعموا أن طينه معجون بعصير الزهر. وتذكرت كيف قاد الدليل لورنس من غرفة إلى غرفة ليشم الروائح الفواحة كالكلاب. كان يقول. هذه رائحة الياسمين، وهذه رائحة البنفسج وهذه رائحة الورد. أخيراً دعاه أحدهم وقال : شم أطيب رائحة , ثم قاده إلى نافذة متهدمة تهب عليها رياح الصحراء وقال: هذه هي الأفضل إنها دون نكهة. تحركنا في اليوم التالي مبكرين إلى بركة عيون الواقعة تحت صخور كلسية حادة يبلغ ارتفاعها مائتي قدم على رأس وادي (( الغضون )) وهذه البركة العميقة التي يغذيها نبع صغير يبلغ طولها مائة وخمسين ياردة وعرضها ثلاثين ياردة، وتحيط التيارات بمياهها الهادئة الخضراء، وقد زعم الدليلة أن ثعباناً يعيش فيها وأنه أحياناً يزدرد عنزة عندما تفد القطعان لتروي ظمأها. سقينا جمالنا وملأنا جلود الماء، وسرعان ما امتلأ المجرى الذي يؤدي إلى البركة بالجمال المزاحمة التي كانت تختار طريقها عن قصد بين الصخور لتقتطع من الأعشاب التي تمر بها. لقد كتب كثير من الإنجليز عن الجمال، وعندما أفتح كتاباً وأرى التحقير المألوف والمرح الباهت، أتأكد من أن معرفة الكاتب بالجمال قليلة، وأوقن أنه لم يعش بين البدو الذين يعرفون قيمتها. فالبدو يدعون الجمال ((عطايا الله)) وصبرها هو الذي يحببها إلى قلوب الأعراب. ولم أشاهد في حياتي بدوياً يضرب جملاً أو يعاملة بقسوة . وكانت راحة الجمال مفضلة على كل شيء. وليس السبب في ذلك أن البدوي يعتمد على الجمال فقط، ولكنه يكن لها حباً حقيقاً. وكم رأيت زملائي يقبلون الجمال ويربتون على ظهورها وهم يتمتمون عبارات التحبب.. وبينما كنا نعبر بعض الحقول في (( الطريم)) في العام الماضي راينا قروياً يضرب جملاً فأسرع بعض آل رشيد الذين معي واحتجوا على ذلك بغضب بالغ، ولما أكملنا سيرنا عبروا عن كرههم للرجل. وبعد بضعة أيام. أثناء سيرنا عبر الصحراء بعيدين عن جمالنا مسافة ثلاثين ياردة تقريباً، تحدى سلطان أعرابياً آخر بأن يدعو ناقته إليه، وفعلاً دعاها صاحبها فتركت الناقة صفها وأتت مسرعة إليه. وما زلت أذكر حادث ناقة أخرى كانت متعلقة كثيراً بصاحبها. ففي أثناء الليل كانت تأتي مهمهمة بهدوء لتشمه وهو نائم قبل أن تعود إلى مرعاها. وقد أخبرني زملائي أنها لا تدع أحداً يمتطيها إلا إذا أخذ معه قطعة من ثياب صاحبها. إن الجمال في نظر الأعراب جميله وهم يسرون كثيراً من النظر إلى جمل جيداً التكوين، كما يفعل الإنكليزي وهو ينظر إلى فرس أصيل. والحقيقة أن هناك شعوراً عظيماً بالقوة والتناسق والرشاقة في هذه الحيوانات. والواقع أني لم أر في حياتي أجمل من منظر أعرابي يعدو به جمل أصيل، ولكن هذا نادراً ما يحدث، لأن الأعراب يسيرون عادة ببطء. وكان علي أن أتعلم الاصطلاحات المتباينة، وهذه مع كثرة عددها، كانت تختلف باختلاف القبائل. فكانوا يستعملون كلمات عديدة متباينة للمفرد والجمع. كانت ثمة اصطلاحات للناقة العاقر (حايل) والحامل (لقحة) والحلوب، وهذه تختلف بالنسبة للوقت الذي مضى عليها وهي في حالتها. وقد دونت أكثر هذه الكلمات، ولكن وجدت أن حفظها يكاد يكون من المستحيل. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين ( أم مبارك ) تفسر أحلام الأوروبيين وتجار اللؤلؤ قبل وقوعها ؟! صورة قديمة تبدو فيها بيوت الطين في الكويت ( أم مبارك ) تفسر أحلام الأوروبيين وتجار اللؤلؤ قبل وقوعها ؟! ( أم مبارك ) امرأة بدوية يقصدها تجار اللؤلؤ مثلما يقصدها الساسة والعشاق والبدو الرحل أوائل الثلاثينيات لعرض أحلام ورؤى المنام ورغم أنها لا تجيد القراءة إلا أن الله قد حباها معرفة بتفسير الرؤى قبل وقوعها وشهد لها ولقدراتها المستشرق والمفوض السياسي في الكويت ( ديكسون ) ضمن كتابه عرب الصحراء من واقع تجارب حقيقية عند ما توجه إليها على فترات متباعدة بثلاثة أحلام رآها بنفسه جاءت تنبؤاتها مطابقة لتفسيرها, احد هذه الأحلام ترتب عليه إيقاف عمل إحدى شركات التنقيب في الكويت وقد ذاع صيت هذه المرأة الى خارج المنطقة عن طريق المستشرق وأصبح يتلقى رسائل من أصدقائه الأوروبيين يطلبون تفسيرا لأحلامهم من ام مبارك , وفيما يخص الأحلام التي رآها ديكسون وفسرتها المرأة كان احدها يتعلق بمحاولة الغدر بأحد الزعماء العرب والثاني عن كارثة حلت بالكويت والثالثة تحدد منابع النفط والتي سنذكرها ضمن عدة حلقات بعناوين مختلفة ونبدأها بما ذكره الرحالة عن أهمية الأحلام وتفسيرها عند العرب والبدو بالذات مؤكدا أنهم يولون رؤاهم اهتماما بالغا ويذهبون بوقار الى اقرب مفسر للأحلام, ليعرضوا عليه ما رأوه مشيرا إلى أن معظم مفسري الأحلام في العادة من العجائز المسنات اللواتي يشتهرن بمعرفة الأعشاب والتوليد ويؤكد أيضا أن تفسير الأحلام ووفقا للتقاليد العربية يكون غالبا بالضد فإذا حدث ورأى الحالم امراً يدعو للتشاؤم فان الحلم يكون بشيرا بالخير والحلم الذي تقتل فيه الأفاعي يعني دوما ان المرء سينتصر على أعدائه والحلم الذي يجري فيه إطفاء النار يبشر أيضا بالخير والخنجر في الحلم يعني المرأة أما السيف فيعني الرجل وهكذا . ويوجد من الأشخاص من يعرفون بأنهم يملكون موهبة خاصة لرؤية الأحلام النبؤية وأمثال هؤلاء الأشخاص يحظون دوما بالاحترام والانتباه عند ما يروون أحلامهم. ويضيف : وقد حالفني الحظ أنا نفسي عند ما تحقق ثلاثة من الأحلام التي رأيتها في الكويت . وقد حرصت على رواية الأحلام مقدما لأشخاص عديدين كان من ضمنهم شيخ البلاد وقد تحققت هذه الأحلام على نحو مذهل بعد أن قامت بتفسيرها ( أم مبارك ) وهي امرأة بدوية تتمتع بالخبرة في تفسير الأحلام , وسأشير إلى الأحلام المذكورة كمجرد مثال على الأساليب المتبعة في التفسير فقد حلمت في ليلة السابع والعشرين من ابريل عام 1934م أن حريقا كبيرا شب في الكويت انتشر بسرعة حتى أصبحت المدينة كلها شعلة من النار ورأيت سكان المدينة بوضوح وهم يتدفقون من بوابة المدينة للخروج إلى الصحراء في ذعر شديد وتابعت الهرب إلى أن أصبحت على بعد أربعة أميال فوق تلة تعرف بالعديلية .ومن هناك نظرت ورائي لأرى المدينة من أولها إلى آخرها وقد ذهبت طعماً للنيران وأخذت أتساءل عما سيحدث في النهاية وفجأة رأيت البحر يعلو ويعلو إلى أن أصبح بارتفاع خمسين قدماً وبدأ يفيض ببطء ويغمر المدينة ويخمد النار بما يشبه السحر . وكان الحلم بجميع تفاصيله غاية في الوضوح مما دفعني للبحث عن أم مبارك لأسألها عن تفسيره على سبيل التسلية . استغرقت السيدة الطيبة في التفكير طويلاً وأخيرا قالت إن شراً سيحيق بالمدينة ويتعرض جزءا كبيرا منها للدمار ( هذا عن النار ) ولكن مجيء البحر وإنقاذه للموقف كان يعني أن خيراً عظيماً سيتلو ذلك يعوض الناس عن جميع خسائرهم الكولونيل دكسون وفي الثالث من شهر مايو أي بعد الحلم بسبعة أيام هطلت أمطار غزيرة في وقت كان يندر فيه هطول المطر في ظرف 3 ساعات ونظرا لأن معظم البيوت مبنية من الطين فان الكارثة كانت تفوق التصور ولم تمض أربع ساعات حتى انهار 400 منزل انهيارا تاما وفقد 2000 من السكان جميع ممتلكاتهم وأصبحوا بلا مأوى وغمرت المياه الشوارع بعلو 5 أقدام ولو استمر المطر نصف ساعة أخرى لسويت المدينة بالأرض وكان هذا يمثل النار التي رأيتها تلتهم المدينة وينتصر للسيدة التي سألتها لاحقا بلهجة مشوبة بالشك ماذا عن البحر الذي يغمر المدينة فردت قائلة إنها الرحمة التي أتى بها المطر , لقد كانت المرأة على حق فمع ان المطر توقف فقد نزل في الصحراء التي احرقها الجفاف لتتحول الى بساط اخضر في أيام قليلة وأصبحت الزبدة والصوف واللحم رخيصة ومتوفرة على نحو لم تعهده البلاد أدى بالتالي الى هبوط جميع السلع بالسوق بطريقة تدعو للدهشة . كان ذلك في سنة 1934م والتي كانت سنة قياسية بالنسبة للكويت من حيث الرخاء . ( يتبع ).. |
|
03-09-16, 12:45 AM | #18 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيينالشعبي ( الحلاَّمة ) يتلقون بشرى المطر في منامهم على صورة ناقة حلوب .؟ سعود المطيري كان أهل القرى وسكان البوادي يعرفون بينهم رجالا أو نساء من المشهود لهم بالصلاح يطلق عليهم عند بعض أهل نجد ( الحلامة ) تتكرر عند هؤلاء أحلام سنوية تنبئ بحال سنتهم إن كانت ربيعا أو جدباً ويرون ذلك إما على شكل سبع يهاجم مواشيهم يتعاركون معه لإبعاده عنها فتأتي السنة على قدر الضرر الذي يخلفه السبع بالمواشي وان تمكن من ذبحه أو طرده كانت سنتهم سنة خير ورخاء وآخرون يرون الربيع والمطر على صورة خلفة ( ناقة حلوب ) يكون ربيعهم بقدر كمية الحليب الذي يملأ به الإناء وان لم يتمكن من حلبها كان عامهم جدباً فكانوا يتوجهون إليهم بالسؤال دوما عما إذا رأوا هذا العام ويتناقلون أحلامهم خصوصا إذا كانت تحمل بشرى خير وكان اغلب هذه الرؤى تأتي صادقة ولا تكاد قرية أو حي يخلو من شخص أو عدة أشخاص تتكرر عندهم مثل هذه الأحلام الصادقة كل عام وقد عرفت شخصا يدعى فرحان الرويلي -رحمه الله- كان يحلم كل عام بناقة تزوره بالمنام فيبشر من حوله بالمطر والربيع على قدر ما يأخذه من الحليب وفي احدى السنوات بشر معارفه وأهل قريته بربيع غير مسبوق وأبدى لهم خوفه من حلمه الذي جاء مختلفا هذا العام عندما تقدم إليه رجل بعد أن ملأ الإناء بالحليب وخطفه من يده بعد تنحيته عن الناقة وقد تنبأ انه سيأتي ربيع يموت قبله فحصل ما توقع وتوفي يرحمه الله مع بداية الربيع الذي جاء مختلفا بالفعل . لكنهم أيضا قد يرونها بصورة أخرى كما كانت مع المستشرق الانجليزي ديكسون في الحلقة الماضية والذي أكدها احد قراء الرياض ( النوخذه ) الذي أتمنى لو ظهر باسمه الحقيقي لأنه يمتلك مخزونا ثقافيا متنوعا جديرا بالظهور والذي أشار إلى أنها حدثت في أول رمضان الموافق 18 / 3 / 1934م وتعرف بسنة ( هدامة ) والتي رأى احداثها ديكسون في المنام وفسرتها ( أم مبارك ) العجوز التي شبهها بساحرة (أندور) وهي تفسر حلمه الثاني الذي قال عنه : بالرغم من أنني شبهت مفسرة الأحلام العجوز بتلك الساحرة ( أندور ) التي كانت تشبهها في أكثر من جانب ليساعدني ذلك على التصديق إلا أنني بقيت أشك في الأمر على نحو مخجل ، ومن حسن الطالع أنني كنت أخبر شيخ الكويت وغيره من العرب البارزين بالحلم وتفسير أم مبارك قبل هطول الأمطار المفاجئ على المدينة وقبل وقوع الأحداث وقد ترك ذلك لديهم انطباعا خاصاً . ولا ريب أن القراء يعرفون محاولة الاعتداء الغادر على حياة احد الزعماء العرب التي قام بها مجموعة من الوافدين العرب في المسجد الكبير في مكة عام 1934م ومما يدعو للاستغراب أنني قد حلمت بذلك قبل الحادثة بتسعة أيام . فقد رأيت في المنام أن الزعيم كان في الكويت ويقيم بقصر الشيخ مبارك القديم ، وكنت أقيم بالقرب منه في منزل الشيخ عبد الله السالم وفي منتصف تلك الليلة سمعت وأنا نائم على السطح سبع طلقات تخرج من منزل الزعيم المذكور تلاها نواح وعويل شديد فأيقظت الشيخ عبد الله وانطلقنا إلى المكان بسرعة ولكن حرس القصر منعونا من الدخول رغم أننا كنا نسمع الزعيم يصرخ من الداخل قائلا بأنه قد أصيب بجرح خطير ويطلب حضوري وسرعان ما أدركته المنية عند ما خرج حاجب القصر معلناً موت سيده دون القبض على القتلة ، وعند ما تذكرت حلمي السابق أخبرت الشيخ ثانية بالحلم الجديد فتملكه الاستغراب ، ثم إنني اطلعت أم مبارك العجوز على حلمي ورجوتها أن تفسره . وكان كل ما قالته إن ذلك الزعيم ( سمته باسمه ) له أعداء سوف يحاولون الغدر به إلا أن الله سينقذه من كيدهم ويفتضح أمرهم ثم يقبض عليهم ويعدمون خلال سبعة أيام ( الطلقات السبع ) وبعد تسعة أيام من ذلك جرت محاولة اغتيال الزعيم نفسه لكنه لم يصب بأذى وقام رجاله بمطاردة المعتدين وقبضوا عليهم وأعدموهم . ضاعف هذا الحلم من عجب الشيخ ورواه لعدد كبير من أصدقائه ، وسرعان ما انتشرت القصة انتشار النار بالهشيم وأخذ الناس في الكويت ينظرون إلي بإكبار ويهتمون بأحلامي ويقدرونها حق تقدير . لكنني كنت حريصا على الاحتفاظ بمعظمها لنفسي -يتبع - اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين الرحالة ( داوتي ) يتركه الدليل ويعلق بين بريدة وعنيزة (2-3 ) داوتي سعود المطيري قرأنا في حلقة سابقة كيف خرج الرحالة الانجليزي ( داوتي ) مطرودا من بريدة إلى عنيزة عام 1878م وكيف تخلى عنه الدليل المتعهد بنقله عند ما تركه مع حقائبه وعكف راجعا إلى بريدة على ظهر الناقة التي كانت تحمل أشيائه بعد ما قبض أجرته كاملة الأمر الذي جعله يقوم بتمزيق خرائطه نتفاً لئلا يتعرض للاستجواب من المواطنين المتعلمين قبل أن يخرج بحثا عن منقذ وسط أحراش واد الرمة معتبرا هذا الموقف أتعس ما حل به وسط نجد المتعصبة كما قال ووصف بقية الرحلة في كتابة رحلات داوتي قائلا: بعدئذ جاء رجل زنجي وزوجته من النخيل، يحملان الحطب باتجاه عنيزه. كان قد شاهدانا نمر، وسألاني ببساطة (اين رفيقك والناقة؟ ) بعد ذلك تابعت سيري تحت الجدران الطينية نحو صوت السواني، ورأيت أرض نخيل وبيت بستان كان الباب مغلقاً بإحكام وجدت بيتاً آخر بعده، ومن خلال الشقوق، نظرت إلى الداخل، ولمحت صاحب البيت يكدح، كان وجها ذا طبيعة بسيطة، فتحت بوابته ودخلت مع عبارة (السلام عليكم) وطلبت شربة ماء. تريث الرجل الطيب قليلاً ليرى الغريب. ثم أمر ابنته الصغيرة بأن تجلب الطاسة، وربط جماله ليتكلم معي (اشرب إذا كنت تريد ) قال لكن ليس لدينا ماء صالح، كان طعم الماء مراً وفاسداً لكن حتى هذا الكأس من الماء سيكون رباطاً بيننا. سألته أن يعيرني جملاً أو حماراً، ليحمل أشيائي إلى البلدة، وسأدفع له الأجرة. حكيت له كيف أتيت إلى هنا، مع سائق جمل من بريده ألذي تركني في حين كنت أرتاح في الحر قرب بوابته وإذا كان ثمة أي مرضى في هذا المكان فأنا لدي أدوية لشفائهم. حسناً، تفضل حتى يعود غلامي بجمل، قال لابنته أنا ذاهب مع هذا الرجل، خذي عصاي وسوقي، ولا تدعي الجمل يقف . ما هي أشياؤك، أيها الغريب، وأين تركتها؟ ما كان عليك أن تدعها تغيب عن نظرك وبدون حراسة، كيف إذا لم نجدها ؟ كانت بأمان، وأنا آخذ الحقائب الكبيرة على كتفي، خطوت عائداً فوق النفود إلى بوابه الرجل الطيب، مبتهجاً في سري أنني يمكن الآن أن أحمل كل ما أملك في العالم . دعاني إلى الجلوس هناك ( في الخارج ) في حين ذهب ليحضر حماراً. هل ستدفع قرشاً ونصف ( ثلاث بنسات ) ؟ هناك جاء ثلاثة أو أربعة رجال أكبر سناً من الحقول ودخلوا في البوابة التالية ليشربوا قهوة بعد الظهر استبقاهم الرجل الطيب وقال : ( هذا غريب لا يمكنه أن يبقى هناك ، ولا نستطيع استقباله في بيتنا، يسأل عن وسيلة نقل إلى البلدة ) فأجابوا، بأنه سيفعل حسنا ً بأن يجلب الحمار ويرسلني إلى عنيزة وماذا تكون. ( قالوا لي ) سندخل الآن إلى القهوة، هل سمع أحد الآذان ؟ قال آخر : لقد نادوا إلى الصلاة في البلدة، لكننا لا نستطيع سماعة دائماً الآن ألم تهبط الشمس نحو العصر؟ إذا نصلي هنا معاً.. اتخذوا وضعيتهم بتقوى، وانضم مضيفي بنفسه إلى الصف، دعوني أيضاً ( تعال وصل تعال ) ( لقد صليت للتو ) تعجبوا من كلماتي، وهكذا رضخت لتلاواتهم الرسمية وركعاتهم عندما نهضوا، جاء مضيفي إلىّ بنظرات وقال : ( انت لا تصلي همم ) فهممت عن طريق محيا أولئك الرجال الوقورين أنهم كانوا مقتنعين بأنني لا يمكن أن أكون مسلماً صحيحاً ( حسنا أرسله ) قال زعيمهم , ودخلوا البوابة . كانت حقائبي موضوعة الآن على الحمار . انطلقنا، وبعد الأذان الأول بقليل، كما أخبرني حسن مسبقاً، كانت بداية حقول الذرة وظهرت أشجار النخيل والفاكهة، وبعض بيوت البساتين الممتدة قال رفيقي ( وكان خائفاً) المسافة بعيدة إلى البلدة، ولا يمكنني الذهاب إلى هناك الليلة، لكنني سأتركك مع واحد هناك هو أبن جود وكرم وفي الصباح سيرسلك إلى عنيزة ) تابعنا مسيرنا في طريق عريض وغير مسور، إلى ان توقف حماره عند مدخل بوابة بدائية، كان ثمة بيت بستان، فطرق الباب بصوت عال، ونادى إبراهيم . جاء رجل عجوز إلى البوابة، وفتحها إلى المنتصف ومكث وهو يرى ثيابي ممزقة ( من قبل اللصوص في .. ) وغير عارف أي شخص غريب يمكن أن أكون لكنه خمن أنني جندي هارب من الحرمين أو اليمن، نظراً إلى أن البعض منهم قد مر بعنيزة مؤخراً. تحدث عن الحمار من أجلي ومن ثم استقبلني رب البيت أخلوا حقائبي على بيته الطيني، وأقفل عليها في مستودع هكذا بدون كلام أومأ بيده وقادني إلى الخارج في بستانه إلى الديوان ( مكان الجلوس النظيف المفروش بالرمل في الحقل .وهناك تركني .. ( يتبع ) أحاديث في الأدب الشعبي أوصيك عن سوق العرب روِّح هناك أسواق مكة خلال موسم الحج قبل ستين عام عبدالرحيم الأحمدي سوق العرب إحدى أسواق منى في موسم الحج، وأهل مكة المكرمة هم من أطلق عليها هذا الاسم، لتميز هذه السوق بروادها من حجاج البادية وبخاصة النساء اللائي يجدن فيها كل ما يهمهن من البضائع والاحتياجات من مستحضرات طبية وأعشاب وحلي وملابس وأقمشة وحناء وأدوات الزينة والتجميل وهدايا الكبار والصغار من مكسرات وحلوى وعطور وبخور، وفيها يباع البن والهيل والبهارات والحبوب والتمور ومعدات مضارب البادية وأواني المنزل، وفيها يعرض البدو نتاج البادية من سمن وإقط وعسل وبسط وغيرها من المشالح والعباءات والفرش الوثيرة المعدة من جلود الخراف كالجواعد والأوعية الأخرى. لقد أدركت هذه السوق في الناحية الشمالية من منى، فإذا ما أقبلت إليها أرشدتك إليها روائح البخور وعطور ليالي باريس والبهارات، وملامح أهل البادية رجالاً ونساء يتدافعون إلى السوق جماعات وأفراداً، وإذا ما توسطت السوق بهرك الجمال البدوي المجرد من المحسنات الصناعية، وسحرتك البراءة والثقة التي تتجلى في أولئك البدويات لا يترفقن في الحديث مع الفضولين إلا بقدر التعجب من لهجات المتمعكين بالتحدث إليهن استجلا بالردود الفعل التي غالباً ما تكون مصحوبة بالتجاهل أو النزق لصعوبة فهم لهجات المتحادثين إلا بقدر محدود يصطبغ بالطرافة وحسن الظن. وأهل مكة المكرمة مركز الثقافة والأدب حينها مفتونون بقصيدة المتنبي التي تغريهم بالذهاب إلى هذه السوق لمشاهدة ما خلعته القصيدة على نساء البادية من صفات تمجد جمالهن وتجسد المجتمع البدوي، هذه القصيدة ذات المطلع المثير: من الجآذر في زي الأعاريب حمر الحلي والمطايا والجلابيب وهم يصغون إلى الجدل الذي يدور بين الباعة وبينهن، فتبهرهم طلاقة ألسنتهن، وتلقائية صادرة عن ثقة في النفس، وتجرد من العبث إلا بقدر ما يدركن من تعليقات المثارين من حولهن فيتبادلن بلهجاتهن عبارات التعجب متندرات بما يبلغ فهمهن مما يتردد على أسماعهن من عبارات الاعجاب. والواقع أن ما تنقله كتب الأدب عن حياة البدويات جمالاً صافياً وطهراً وعفة شغل أولئك المبهورين بما يقرؤون، فيتلمسون الواقع في هذه المشاهد التي لا يتكرر حدوثها كثيراً ولذا كانت هذه السوق أكثر ازدحاماً بالباعة والمتسوقين والمتطلعين إلى رؤية ملامح البادية التي يصعب الوقوف عليها في مضاربهم ومرابعهم، والسوق لا تخلو مشاهدها من طرافة والتقاط عبارات غير مألوفة للطرفين الحاضرة والبادية، تتمثل في اللهجات التي لا يبقى في الأذهان منها غير النزر اليسير مثل كلمة «علامك» التي التقطها الشاعر أحمد إبراهيم الغزاوي رحمه الله من فتاة من وادي «لية» أحد ضواحي مدينة الطائف فقال: بأبي من رأيتها فاسترابت نظرتي نحوها فقالت: «علامك؟» قلت صب أصيب بالعين قالت: روع الله من على الحب لامك أنتِ من «لية» بدارة عوف حيث فرط العفاف يذكي غرامك إن فيها من الظباء لحوراً يتناجين في المروج مرامك فاغضض الطرف إن علقت وخالس نظرة الحب واستذم أثامك لا تغُرَّنْك بسمة من كعاب فتواتي على اغترار حمامك أما شاعرنا البدوي فقد كان متوسماً في الحج إما في النقل أو في التجارة ولذا لم يكن معنيا بسوق العرب ومن يرتادها، ومع ذلك فسوق العرب مكان جذاب لكثير من الحجاج والمتوسمين، وقد أثار شاعرنا هذا الانشغال بسوق العرب فقال: أوصيك عن سوق العرب روِّح هناك سوق العرب ينصاه واحد فضاوي طُرْقَة تجي منها سلَمْ ذيك تكفاك مالك وما للزَّنْزَنة والدعاوي لقد لاحظ الشاعر استئسار سوق العرب لروادها المتفرجين، واستلابها لألبابهم ولا جدوى من ذلك. ولاشك في أن شعراء آخرين تغنوا بهذه السوق التي اختفت مشاهدها القديمة وإقبال الناس إليها، وحل مكانها فيما أظن شارع الجوهرة، فإن كان كذلك فإننا لم نذهب بعيداً عن الأثر فقد احتفظنا لهذه السوق بشيء من جمالها. أيها الناس! إننا ندفن تراثنا ومظاهره وجمالياته تحت ركام الاسفلت والاسمنت ولا نرمز له حتى بشيء من الدلالة التي تحفظ شيئاً من ملامحه أو تذكرنا به، سوق العرب من معالم منى ومن مظاهر الحج الثقافية، ونحن عندما نشاهد مسجد الخيف في منى نستحضر مشاهد قديمة، أفواجا تؤم المسجد وشعراء تغنوا به وبمن حوله عبر العصور، فهل نرى معلماً تجارياً بمنى يحمل اسم «سوق العرب»؟ لن يعجز اللجان المسؤولة عن المشاعر المقدسة أن تطلق على جهة من منى «سوق العرب» تخصص لما كان يباع بهذه السوق. حضر مناسبة ختان في بلدة البيضين بحلي ووجد «الثلابة» و «المزمارة» «والزلفة».. الرحالة «ولفرد ثسيجر» في رحلته التي تجاوزت دراسة أوضاع الجراد إلى المجتمعات في تهامة جمال تهامه يصيبها الحفا اذا مشت فوق الصخور القنفذة – عبده احمد الناشري ولد هذا الرحالة البريطاني ولفرد ثسيجر في أديس أبابا عام 1328ه، ودرس في جامعة أكسفورد وفي عام 1365ه قام برحلة عبر تهامة وعسير، ودوّن تفصيلات عن المجتمعات التي زارها ، وحصل على إذن من جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه- لدراسة أوضاع الجراد الذي اجتاح نواح عديدة من الجزيرة العربية ، وكان لذلك الإذن الأثر الكبير في تسهيل مهمته وحصوله على المساعدات والتسهيلات من أمراء وأعيان المناطق التي مر عليها ، وركز على تدوين المعلومات والمشاهدات العلمية المجردة ،وتجنب وصف الموائد في بيوت من استضافوه ، او الحديث عن نفسه كما فعل كثير من الرحالة الذين يسهبون في هذا الجانب . وبدأ المستشرق يقول : بدأت رحلتي من وادي الأحسبة إلى الشمال من القنفذة ، وكان بصحبتي أحد أخوياء الإمارة، وهو شاب من الأشراف وجمالان ، واربعة من الجمال المستكراه التي تسير ، حسب العرف السائد في تهامة ، ورؤوسها مقطورة إلى ذيول بعضها البعض، حيث لايسمح لهذه الجمال بأن ترعى، بل إن أفواهها تكمم، بصفة مؤقته، بسلال على هيئة شبكة ذات فتحات يقدم من خلالها بواسطة اليد غذاء الجمال المكون من قصب الذرة الذي تحمله على هيئة حزمتين كبيرتين توضعان فوق الأحمال من الجانبين، وهي في الغالب لاتحصل على كفايتها من العلف لما في ذلك من الصعوبة وارتفاع التكلفة، وتستطيع جمال تهامة أن تنقل أحمالاً ثقيلة، ولكنها غير قادرة على الحركة فوق الصخور، وسرعان ما يصيبها الحفا عندما تسير على أرضية حجرية ، وهي ترد الماء يومياً وأحياناً مرتين في اليوم عندما يكون الجو حاراً، ويسافر هؤلاء الأعراب ليلاً خلال الصيف، وعندما ينامون يتكورون فوق الأحمال، وجمالهم تسلك الطريق دونما تردد. لون العرضة والثلابة قديماً وفي طريقنا إلى المخواة ، سلكنا وادي الأحسبة ، ولكنه سرعان ما يدخل الطريق في منطقة صخرية وعرة ، لاتوجد فيها الإ قرى قليلة ، وزراعة حقيرة ، وكانت تقع أمامنا بمسافة بعيدة أصدار جبال الحجاز ، وبالقرب منا تنتصب قمتان من الجرانيت يصل ارتفاعها 8 آلاف قدم هما شدا اليماني ، وشدا الشامي وهما أحد المعالم البارزة التي يسهل التعرف عليهما من بعيد ، وينمو شجر البن على هذين الجبلين. وعند مغادرتنا المخواة ، سرنا عبر تلال جبلية ذات حوائط ذات حوائط عمودية شديدة الانحدار ، يبلغ ارتفاعها فوقنا 3 آلاف قدم ، وتتناثر المزارع على طول وادي بطاط ، حيث اكتضت ضفتاه بالزراعة التي تروى من الآبار والسيول معاً ، ثم اجتزنا وادي قنونا إلى الوراء من بطاط ودخلنا بلاد بلعريان وهي منطقة جرانيتية خصبة ، يقوم على حراستها العديد من أبراج المراقبة . ووصلنا في اليوم التالي إلى مركز إمارة ثريبان الصغيرة التي احتفى بنا أميرها وأكرمنا ، ثم سافرنا من هنا في برد الصباح ، وسط حشد من القرويين المتجهين على الحمير، والجمال المحملة إلى سوق الثلاثاء الواقع على ضفتي وادي يبة ، ورأينا هناك محاصيل ممتازة من الذرة ، والسمسم، تسقى من جدول يتدفق في الوادي، وفي سوق عمارة الذي يقام كل يوم ثلاثاء . وعندما اجتزنا الجدول كان ثمة راع شاب ، يشبه رمز الغابات أو الجمال عند الرومان ، وقد ملأ بساتين النخيل بترديده لأنغام موسيقية شجية تنبعث من مزماره ، ثم دخلنا أرضاً مجدبة تتكون من الصخور النارية ، والتلال الناتئة حيث توجد شجيرات متفرقة من السمر، ولو أنها عديمة الأوراق المزهرة ، وتستمر هذه المنطقة المهجورة حتى وصلنا وادي خاط . ثم وصلنا إلى حلي ، حيث يوجد جدول صغير تدفق في الوادي ويحف به نبات الحلفا ، واحراش السلم ، والسمر وغيرها من الأشجار البرية مثل شجر الأراك ، والمرخ ، والمض ذي الزهر الأحمر ، وشجرة العدن بزهورها المحببة إلى النفس، وجذوعها العارية القبيحة، ولبنها الذي تدره من أغصانها ليتحول إلى صمغ ، ثم نبات الصبار الذي ينمو في التلال المكونة من الصخور النارية، ورأيت على طول مجرى الغيل كثيراً من الطيور . والمحصولان الرئيسيان في تهامة هما الذرة التي تنمو في الأراضي الطينية الرسوبية ، وتنتج بذرة واحدة من ثلاث إلى خمس حصدات ، والدخن الذي يبذر بصورة عامة على المطر ،وينمو في الخبت أو الأراضي الرملية بين الأودية ، وتحصد الذرة بعد ثلاثة أشهر من بداية زراعتها ، ثم بعد ذلك كل شهرين ن بينما يصرم الدخن مرة واحدة بعد ثلاثة أشهر من تاريخ غرسة ، ويعتبر قصب الذرة علفاً جيداً حتى ولو كان يابساً . وتوجد حول الآبار بساتين صغيرة تستنبت فيها الطماطم والباذنجان والبامية والحبحب والخربز، والنباتات ذات الروائح الزكية . ويضيف الرحالة ثسيجر وصلت إلى البيضين ، قرية المشايخ ، لأجد الأهالي وجيرانهم يحتفلون بالختان ، وهذا الاحتفال ذو أهمية عظيمة بين هؤلاء القبائل ، وهو مناسبة للرقص الذي يستمر من أسبوعين إلى شهر ، وتتم عملية الختان لفتيان بين سن السادسة عشرة والخامسة والعشرين، وقد ختن في هذه المناسبة أربعة أولاد فقط رغم أن عدد المختونين يصل في بعض الأحيان من 8-10 أشخاص ، إنهم يرتدون ثياباً مميزة تتكون من سروال ذي طرفين مشغولين بخيوط حمراء تحيطان بأسفل الساقين تحت تنورة كاملة البياض مشدودة بحزام على الوسط ، ومعاطف حمراء براقة (سديرية) . يتجمع الجمهور كل عصرية وفي المساء ، والثلابة يرقصون بينهم ، وادواتهم الموسيقية هي : الزلفة ، وهي طبل واسع يضرب باليدين، واثنان من الأزيار( مفرد زير) يدقان بواسطة المضاريب ، وزمارتان تدعى الواحدة منها صفريقة، تدار بواسطة الزلفة حركات الركض المعقدة التي تخضع لطابع معين، ويرقص الثلابة جماعة وفرادى ، وهم يجثمون ويحنجلون ( يهكعون ويقفزون)بينما يحملون في اياديهم خناجر مسلولة، يحركونها أمام أجسامهم ، وقد انظم إليهم طفلان صغيران ليتعلما الرقص ، وبقية الأطفال يتدربون خارج الحشد ، بينما يوجد خلفهم الجيش أو الفرسان في صف واحد ، وهم يهزون أنفسهم على وقع الطبول، ويحملون في أيديهم سيوفهم المسلولة والمشرعة إلى أعلى ، وتراهم في ضوء القمر متوجين بالزهور، ونصف عارين. وقبل عملية إجراء الختان بيومين، انطلق الأولاد راكبين جملين ، وبصحبتهم أصدقاؤهم، وتتقدمهم راية ، ليدورا حول القرى المحيطة بهم ، حيث يحتفي بهم فيها ، ويرقصون في كل منها . ويوم الختان يتجمع حشد كبير من المتفرجين ، وبعد ظهر هذا اليوم بوقت متأخر ، يرقص الأولاد ثم ينسحبون إلى عشة معدة لتغيير ملابسهم ، حيث يلبس الواحد منهم إزاراً من القماش ، ويصعدون على أكتاف آخرين ثم ينزل هؤلاء الثلاثة ، ويمشون بثبات أمام الجماهير ويقفون وايديهم مشدودة إلى صدورهم ، وعندئذ يتم تنفيذ الختان بواسطة رجلين، ثم يصعد الثلاثة مرة أخرى على ظهور رجال يأخذونهم إلى الفرقة الموسيقية ، ويدورون بهم بين الجماهير ، وهم يؤدون بأذرعهم وأكتافهم حركات راقصة ، وقد عرض أحد هؤلاء الثلاثة عن الركب ، وقدم عرضاً طويلاً ومدهشاً من الرقص ، ولم يظهر على أحدهم أي شيء من علامات الألم. اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين أم قاسية تدفع بابنها لتنفيذ حكم القصاص بابنها الآخر سعود المطيري في كتابه عرب الصحراء يعدد الانجليزي ديكسون مقدار الديات وديات المنافع في دولة الكويت في الثلاثينيات الميلادية كمقياس لقيمتها في الجزيرة العربية وينقل عن شيخ الكويت حينها والذي حصل عليه بدوره من كبير القضاة في الكويت كأساس لتحديد مقدار التعويض الذي تدفعه شركة الزيت المحلية للعاملين لديها في حال تعرضهم لحوادث تنتهي بالموت أو الاذى اثناء تأديتهم لمهام العمل وهي تعويض كامل بمقدار ثلاثة آلاف روبية في حالات الموت – الجنون – العمى التام – الطرش التام – فقد القدرة على الكلام – فقد لحاسة الذوق – فقد كلا اليدين – فقد كلا القدمين – فقد عين واحدة للاعور- فقد الاذنين – فقد جميع الانف – فقد الذكر ( العضو الجنسي ) اما الحالات التي يعوض بها بنصف الدية ومقدارها الف وخمسمائة روبية فهي اليد والقدم والعين والخصية ويذكر ان قانون العين بالعين والسن بالسن قانون يدركه الجميع ويعملون بمقتضاه في الجزيرة العربية غير ان هذا القانون يخضع لبعض التعديلات ليتناسب مع الظروف والبيئات المختلفة ففدية القتيل العادي لدى قبائل العراق تبلغ ثمانمائة ريال في حين ان دية السيد أو سليل الرسول صلى الله عليه وسلم بالف ومائة ريال ( وعند بعض القبائل ما يعادل ثمانمائة دولار نقدا وغلام مملوك وبندقية وذلول ) اما بين بدو نجد والاحساء والكويت فهي قرابة الف ومائتي ريال مشيرا إلى ان هذه الارقام تقل عن الارقام التي تحددها الشريعة بكثير استنادا إلى اسعار الابل القياس الشرعي للديات وتسمى بعض القبائل هذا النوع من المصالحة على دية القتيل ( بالفصل ) والتي يرافقها عادة تعويض شرف أو ( حشمة ) اذا كان الاعتداء يمس شرف القبيلة ويستشهد بحادثه تعرض لها شخصيا عام 1916م عندما وقع في كمين غادر وجرح قرب سوق الشيوخ في طريق عودته من احد الاعراس بصحبة رفيق اصطحبه لضمان سلامة العبور فقدم له شيخ القبيلة مبلغ خمسمائة ريال واربعمائة ريال اضافية الاولى تعويضا عن اراقة الدم والثانية تعويضا عن ( الحشم ) أو شرف القبيلة اما في موضوع القصاص فقد استعرض قصة بشعة ينسبها إلى شيخ الكويت الذي روها بكامل تفاصيلها اعتبرها مثالا حيا على تصميم واصرار عرب الصحراء على تنفيذ حكم القصاص مهما كان الامر فيقول عن تلك القصة الحقيقية : كانت هناك امرأة ( .... ) من الصحراء تعيش في الكويت مع ابنائها الثلاثة وكان ابوهم قد توفي منذ زمن بعيد , وفي احد الايام تشاجر الاخ الاكبر مع اخيه الاوسط في سوق مدينة الكويت , وقتله في فورة الغضب برصاصة في صدره فمات بالحال وألقي القبض على القاتل ثم اودع في السجن , وعند سؤال الشيخ للام عن نوع العقوبة التي تريد ان يوقعها بابنها الاكبر طالبت بدمه حالا ورجته ان يرسل وراء ابنها الاصغر ليقتل اخاه الكبير بالرصاص ( حيث يقضي العرف ان ينفذ الحكم بنفس اداة القتل بواسطة احد اقارب القتيل ) , فامتلأ قلب الشيخ بالفزع من طلب المرأة الغريب وبخاصة رغبتها في تحويل ابنها الاصغر إلى قاتل لأخيه , وأخذ يرجوها لتغيير رأيها وظل يحاول ذلك عدة ايام باللجوء إلى جميع وسائل الاقناع , وقال! لها ان من غير الضروري ان تفقد اثنين من ابنائها في ضربة واحدة وبخاصة ان القتل قد تم دون سابق اصرار , ورجاها أن تسمح له أن يعالج الامر بالطريقة التي يراها مناسبة ’ غير أن المرأة أبت أن تتزحزح عن موقفها قيد أنملة , عندها أرسل الشيخ في طلب ابنها الصغير والذي كان محباً كل الحب لأخويه وأعطاه بندقية وطلب منه اطلاقها على قلب اخيه في السوق العام , غير أن الفتى رفض ذلك رفضا تاما والقى البندقية التي قدمت له على الارض عدة مرات , ولدى الضغط عليه ليفعل ذلك أرتمى على الارض فاقدا للوعي , واضطر حرس الشيخ عندئذ لتنفيذ حكم الاعدام بأيديهم , وكان الرأي البدوي العام يؤيد الام في موقفها وبالطريقة التي طلبت بها تنفيذ حكم الاعدام ولكن الام التعيسة بقيت مع ابنها الاخير الوحيد والذي انقلب ضدها لشدة قسوتها وابى ان يعيش معها أو يعيلها بعد ذلك . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين مغامرة ال 12 يومًا بين آبار اللهابة والكويت لفتاتين من البادية فيوليت وزوجها وولداها سعود وزهرة بالزي العربي امام الخيمة سعود المطيري نشأت صداقة بين أسرة الكولونيل ديكسون وفتاتين من الصحراء أثناء قدومهن عام 1935 م لشراء بعض اللوازم من سوق الكويت ثم ودعتا الكولونيل وزوجته أم سعود وابنتهما زهرة عندما كانت الأم وابنتها تستعدان للسفر لانجلترا لقضاء إجازتهن السنوية هناك ووعدتا الفتاتين ديكسون من أنهن سيعاودن الزيارة عندما يعلمن بعودة الأسرة قبل أن يسألهن بدهشة كيف سيعلمن بعودتها وهن يعشن بصحراء مقطوعة . ردت الأصغر سنا : سوف يصلنا النبأ حتى ولو كنا على مسافة تقطعها الجمال في عدة أيام ، ( أن أهل البادية شياطين لا يفوتهم شئ ) هكذا قالت بعدما أصرت أن يحكم بينها وبين أختها : ايهن الأكثر جمالا مظهرة أطراف جدائلها قائلة في زهو وخيلاء أختي ( ف ) ليس لديها قرونا مثل قروني ثم انصرفت قبل أن تنتظر منه أي إجابة وتركته في حيرة من أمره أثناء ما ردد : حقا إنها أميرة الصحراء والحق أن النساء البدويات يفضن بهجة من حولهن عندما يثقن ويتعرفن بك عن كثب ثم استطرد ضمن كتابه ( الكويت وجاراتها ) : عندما عادت زوجتي من انجلترا أنجزت ( ع ) ما وعدت به وفجأة وجدناها أمامنا هي وشقيقتها ( ف ) وقد جاءتا مغامرتين من نواحي آبار ( اللهابة ) في الصمان على مسيرة ( 12 ) يوما يرافقهما حارس من أبناء القبيلة وقالتا إن زوجيهما سيحضران في أثرهما خلال أسبوع . وعندما سألتهما ما إذا كانتا لا تخشيان السفر طوال تلك الفترة بمفردهما ومعهما رجل لا تصحبه زوجته انفرجت أساريرهما وبدتا كأنهما أدركتا المعنى الذي اقصده فشرحتا لي الأمر قائلتين : فيما يتعلق بالبادية فليس هناك أي خطر لان بن سعود تكفل بذلك واستقر الأمن , وأما إن كنت تلمح إلى أن سيدتين يصاحبهما رجل للحراسة أثناء سيرهما منفردتين , فهذا أمر طبيعي تماما في البادية فالنساء آمنات دائما هناك , لأن البدو يتحلون بروح الفروسية , ولا يمكن أن يصيبوا أنثى بأذى حتى ولو كان ذلك مقابل كل ذهب العالم , والى جانب ذلك ألسنا بنات أصل وفصل وأميرات في موطننا الصحراء , أما بالنسبة لحارسنا فبعد أن يقوم بإعداد كل ما يلزمنا طوال الليلة , يضعه وراء حاجز الخيمة , ثم ينصرف لينام بعيدا بمفرده , ولا شك أن الرجال في بلادكم يفهمون أن لمس الأنثى حرام . أميرة الصحراء كانت ( ع ) و ( ف ) جميلتين إلى أبعد الحدود ولكن الهزل كان قد أخذ منهما كل مأخذ إلى درجة تبعث على الرثاء بعد رحلة الصيف الطويلة إن الحياة التي تعيشانها هي اشق وأقسى ما يمكن لإنسان أن يتحمله : الحد الأدنى من الطعام وهو طعام واحد لا يتنوع ولا وجود لأي رعاية صحية أو ملابس نظيفة وكل ذلك في مناخ تبلغ درجة الحرارة فيه في الظل وداخل الخيام 130 ( ف ) والصيف ينهك هؤلاء الناس فيتحولن عند نهايته إلى كائنات هزيلة كالأشباح ويبدو عليهن الشحوب والوهن كما هي حال ما يصاحبهما من أبل ولا غرابة أذن أن يصاب البدو بكل أعراض الشيخوخة المبكرة , ومن الناحية الأخرى وأيضا كما هي الحال مع إبلهم فهم سرعان ما يستردون صحتهم وحيويتهم إذا هطلت الأمطار وعند ما يتوفر لهم القدر الملائم من لبن الإبل الذي يفيض نتيجة لتحسن الأحوال , تمتلئ منها الأجساد وتكتسي لحما بشكل سريع يلفت الأنظار بعد أربعة أيام أقمنا حفلا ساده المرح عند ما جاءت الشقيقتان تصاحبهما ابنة احد شيوخ البادية المعروفين ورحبت زوجتي بالضيفات الثلاث كل ترحيب وأيضا بعدد من السيدات من مطير في مأدبة نسائية بحتة في غرفة الاستقبال بالطابق السفلي المخصصة للزائرات من نساء البدو , وكانت بخيته هناك وجارية أخرى تدعى مبروكة وهن من الجواري اللاتي اعتقن مؤخرا من شيوخ احد القبائل ويعملن الآن في إدارة ما يشبه الفندق الصغير في الكويت ( هدية من الشيخ مبارك ) تنزل به قرينات شيوخ مطير عند ما يجئن إلى المدينة واشتملت قائمة الطعام على خروف كامل وبعض الدجاج المشوي ومرق الطعام وأكوام من الأرز وبعد انتهاء المأدبة انضممت إليهن بينما أقداح القهوة تدور عليهن ولم أنس أن أطلب من ( ف ) خاتمها لأحتفظ به كتذكار لهذه المناسبة وكان خاتما جميلا من الفضة وان كان بيضاوي الشكل مرصع ببعض من الفيروز الأخضر في حجم نصف بنس وأعطته لي وعلى وجهها ابتسامة جذابة تنم عن دلال أنثوي غامر وأدب رفيع يليق بأميرات البادية فأخذته وأضفته إلى مجموعة النفائس التي في حوزتي وغالبا ما كنت أدعها تراها كلما جاءت لزيارتنا . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين الفرنسي هوبر يعبر الطرفية ويزور (عين بن فهيد) عام 1882 م الصخرة التي شبهها الرحالة بالطاولة ويبدو في الخلف أطلال ما يسمى بقصر مارد اعداد وتصوير:سعود المطيري (عين بن فهيد) مدينة تاريخية تعد واحدة من أهم بلدات منطقة القصيم قديما وأكثرها شهرة اكتسبت مسماها من اسم باعثها محمد بن فهيد عام 1203ه تقريبا الذي استقطعها من الإمام عبدالعزيز بن محمد آل سعود وأعاد استنباط عيونها الشهيرة التي أكسبتها أهمية اقتصادية على مستوى المنطقة بزراعة أهم سلعتين رئيسيتين القمح والتمور وبكميات تجارية كان جزء منها يقدم للضيف والمحتاج وعابر السبيل وتعد حاليا العاصمة الإدارية لمحافظة الأسياح، زارها المستشرق الفرنسي تشارلز هوبر سنة 1882م مرورا ببلدة الطرفية وقدم وصفا سريعا لعين بن فهيد التي قدر عدد سكانها ب 600 نسمة تمنينا معه لو نقل لنا صورة متكاملة عن النشاط وعن الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي تميزت بها هذه البلدة في تلك الفترة بدلا من الاستغراق في الوصف (الطبوغرافي ). وقال عن تلك الزيارة في كتابه رحلة في الجزيرة العربية الوسطى: بعد وصولي بأربعة أيام قمت برحلة شمال بريدة إلى عين بن فهيد وهي بلدة قديمة جدا يغذي نخيلها خمسة ينابيع، إنما مياهها الصافية والجميلة غير صالحة للشرب لانها متخمة بأملاح الكلس والماغنيسيوم وفي منتصف الطريق توقفت ساعة خارج قرية فقيرة تعد 60 شخصا تدعى ( الطرفية ) فأثر اختفاء الماء من الآبار قبل أربع سنوات تفرق معظم سكانها في بلدات أخرى وماتت كل أشجار النخيل وظلت جذوعها المجردة من الورق منتصبة في الهواء على نحو محزن وكأنها غابة من عصي المكانس كانت جميلة فيما مضى فكلها أشجار نخيل يتراوح عمرها بين 100 – 120 سنة، يزرع السكان بالماء القليل المتبقي الشمام والبطيخ ويعملون على جمع الخشب في الصحراء ويبيعونه في بريدة، كما يبيعون الشمام والبطيخ في المقابل ( عين بن فهيد ) في ازدهار مطرد، وقد رأيت فيها عدة مزارع نخيل فتي تخص إحداها الأمير حسن المهنا وعلى مسافة 3 كم شمالا 76 درجة شرقا من البلدة أطلال قديمة تدعى قصر مارد عبارة عن مبنى كبير مربع ضخم جدا بني بالحصى والملاط الكلسي طول أضلاعه 40 مترا تقريبا وأضلاع الباحة الداخلية 30 مترا يواجه باب المدخل الغربي أي القرية الواقعة على قمة تلة صغيرة تشرف على المنطقة على بعد خطوات من الجانب الشمالي للقصر صخرة على شكل طاولة يتراوح طولها بين 40-50 مترا وارتفاعها متران تحمل نقوشا حميرية عديدة ولكنها ممحوة ولم أتمكن من نسخ الا بعضها من الناحية المقابلة للقرية تقريبا على بعد 2كم إلى الشمال الغربي فوهة بركان قديمة تشير اليها كتل كبيرة من الحث منتشرة على مساحة 500 م وأحيانا مغطاة كليا بالنقوش ولكن هذه النقوش التي سمعت كثيرا عنها في بريدة وحائل تعود إلى حقبة حديثة نسبيا بأحرف عربية غير ان بعض آثار أحرف حميرية تدل على مرور فنانين أكثر قدما على غرار بلدات عديدة أخرى في الجزيرة بالأخص في نجد فقد تحملت عين بن فهيد نتائج كل الثورات التي هزت هذا البلد فأفرغت مرارا من سكانها وعادت آهلة، الإقامة الحالية ترقى إلى ثمانين سنة وبالطبع فان أحدا من السكان الحاليين لا يعرف شيئا عن الذين سبقوه في هذا المكان تأييدا لقدم عين بن فهيد، غاب عن بالي ذكر وجود كهفين مقببين في الطرف الشمالي الشرقي متلاصقين، ولكنني لم استطع تفحصهما عن كثب لأنهما مملوءان بكل أنواع الحطام وفي ذلك واقع لافت يستحق الذكر. ذلك انه من دمشق حتى غزة ومن الأحساء حتى البحر الأحمر لم أر مثيلا لهما ولا اعتقد انه يوجد غيرهما ويبلغ عرض النفود الممتد شرقي عين بن فهيد 65 ميلا بحسب إفادة العرب المخيمين قرب القرية لدى مروري في اليوم الثالث غادرت عين بن فهيد قبل الفجر بوقت طويل وبعد ساعتين قادتنا مسيرة عشرة كيلو مترات جنوبا 10 درجات شرقا إلى آبار (وسيطه) المهمة لأنها تزود عين بن فهيد بمياه الشرب كل ليلة قرابة منتصف الليل يذهب رجلان يقودان خمسة عشر حمارا من القرية حاملة قرب السكان ويملئونها من آبار وسيطة ويسيرون مسافة 20كم للحصول على كمية المياه اليومية اللازمة وأي مياه ..! لم أر في حياتي ماء موحلة إلى هذه الدرجة أما مذاقها فباستثناء مياه الشقيق في النفود لا اذكر أني شربت ماء بهذه النتانة ومع ذلك يا للسخرية المرة. تجري ينابيع القرية تسقي النخيل صافية كمياه الصخور عندنا تقع مياه الآبار على عمق بين 4- 5 أمتار تحت طبقة من الأرض الصلصالية وبما ان جدران الآبار من التربة تنهار بسهولة، ان وضع هذه البلدة والطرفية الهش فيما يتعلق بمسألة حيوية يظهر بأن الصراع للبقاء في بعض مناطق الشرق يفوق الصراع عندنا في حدته بما لا يقاس. امتداد إحدى العيون التاريخية حسب انسياب الماء روضة عين ابن فيهد التي تسقيها العيون تبدو من أحد أقواس قلعة مارد الشهيرة وتبدو في الخلف عين ابن فيهد القديمة |
|
03-09-16, 12:49 AM | #19 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين إعدام أرملة شيخ القبيلة بتهمة ( سقوة السحر ) !! سعود المطيري كان ذلك عام 1935م عند ما جاء شيخ القبيلة المعروف مع أحد أقاربه إلى المستشرق الانجليزي ديكسون في الكويت على خلفية سابق معرفة، طالبا مساعدته في إقناع طبيب مستشفى الإرسالية الأمريكية بالكويت الدكتور ( مايلر ) بفك سقوة السحر الذي رمته به زوجته كما يعتقد، والتي يحبها وتحبه حبا جارفا بعدما بلغها نيته بالزواج من امرأة اخرى وانتهى بها التفكير كما يقول إلى الذهاب لامرأة ماكرة حتى تعد لها سحرا قويا مضادا وتعويذة للحب تحتفظ معها بعواطف زوجها وتمحو آثار غريمتها . الا انه لم يقطع بنوع السم السحري وهل دس له في فنجال قهوة أم وضع له مع حشوة وسادته على شكل تعاويذ وقطع من الإبر والمخايط ورؤوس النمل مع بضع شعرات من لحيته . يقول ديكسون ضمن كتابه الكويت وجاراتها مستعرضا بقية أحداث القصة المثيرة : كتبت رسالة إلى الدكتور مايلر طلبت منه فيها أن يفحص الشيخ بكل عناية، وأن يبذل كل ما في وسعه من أجله، وأن يدخله المستشفى إذا لزم الأمر، والمحت إلى أنه شيخ له مكانته بين شيوخ شبه الجزيرة العربية ، وأنني أريد أن أساعده لمواجهة أي نفقات أو رسوم تطلبها المستشفى ، ولم أذكر شيئاً عن السحر، وأعطيته الرسالة وطلبت منه التوجه إلى مستشفى الإرسالية . وانقضى يومان، ثم جاءني قريبه المرافق بمفرده، وبعد تناول القهوة سألت عن أخبار الشيخ المريض ، فناولني رسالة من الدكتور مايلر يقول فيها إنه فحص المريض ووجد أنه يعاني من إصابة شديدة ومتقدمة ب ( الدرن ) !! . وأنه ليس هناك ظل من الشك في هذا التشخيص، وانه أدخله المستشفى للعلاج، وأضاف أنه يخشى ألا تمر إلا بضعة أسابيع ويسلم الرجل الروح ما لم يتم ترحيله إلى مصحة حمانة في لبنان ، وحتى في هذه الحالة فلن تنقذه إلا معجزة . وبدأت في شرح ما ورد في رسالة د .مايلر,وشقيقه ينصت في صمت وأدب إلى أن انتهيت ، ثم فاجأني بالقول : الطبيب مخطئ تماماً ونحن العرب نعرف ما هو السل ، إن مرض شقيقي ليس من هذا العالم، وإنما هو من فعل السحر ومن النوع الذي يجلب الأذى من الساحر على وجه التحديد . وإذا تمسك الطبيب برأيه، فسوف يتعين علي أن أقدم على خطوات أخرى رغم أن كل شيء ، في نهاية الأمر بيد الله ، وشعرت بشيء من الضيق والغيظ لهذا الرد وقلت له إن الدكتور مايلر معروف بين البدو بغزارة علمه، كما يحظى بثقة وتقدير كل من الملك عبدالعزيز والشيخ أحمد . وقلت في إلحاح : أعط الطبيب فرصته قبل أن تقدم على أي تصرف متسرع . وقبل أن ينصرف، كان الشر يتطاير من عينيه في ذلك الصباح ويتحدث بطريقه بعيدة عن الإحساس بالمسؤولية قال لي إنه إذا توفي الشيخ فسوف يسارع بالعودة ليقتل الزوجة الساحرة السفاحة، وقال : لن تعيش إذا مات أخي وأقسم بالله على ذلك . وأخذت أتأمل قول هذا وبعد خمسة أيام بعثت برسالة شفوية مع أحد الحرس إلى زوجه الشيخ المتهمة لأحذرها وأطلب منها ألا تجازف بالبقاء حيث هي، وأن تتوجه على الفور إلى مكان آمن . وأخذت بنصيحتي ، وغادرت خيمتها سراً ولجأت إلى خيمة قائد سرية ( حرس الحدود ) الذي يضرب خيامه هو وأسرته في حفر الباطن، وحظيت بالحماية لديه، أو كما يقول العرب ( زبّنوها ) وتصورت أنها أصبحت في مأمن وبعد ذلك وصلتني إشارة عاجلة من مايلر يخبرني فيها : أن الشيخ هذا اخرج أخيه الشيخ الآخر المريض من المستشفى . وكان الانزعاج واضحاً في رسالة مايلر, وكان هذا طبيعياً , وعندما تحريت حقيقة الأمر علمت أنه أخذ مريضه إلى امرأة عجوز تعرف في المدينة بأن لها قوى خاصة , وأنها تقوم بتلاوة آيات معينة من القرآن فوق المريض ليلاً ونهاراً وقالت المرأة : لا تدفعوا لي إلا إذا برأ شيخكم من مرضه .. وظل على قيد الحياة لمدة عشرة أيام، ثم أتى أمر الله عند ما قالت المعالجة العجوز : ماذا يمكنني أن أفعل . لقد أراد الموت , وطوال فترة العطلة لم يصلني أي جديد ثم بلغتني أنباء مفجعة بأن شقيقه , تسلل إلى خيمة سرية الحماية وأطلق الرصاص على أرملة الشيخ فأرداها قتيلة . كانت عملية قذرة أحسست بالتقزز إزاءها . ويقول بعض البدو الذين يولعون بتنميق الأقاصيص والإضافة إليها , أن القاتل أيقظ المرأة في هدوء ولطف قبل أن يقتلها، وهمس في أذنها بأن جرائمها تجاوزت الحد , وحان الوقت لأن تدفع الثمن . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين (ثعبان الماء) يحرك جهود القضاء على الفساد..!! سعود المطيري لعلنا ذكرنا سابقا رؤية للمستشرق الانجليزي بيركهارت في العام 1814 م عند ما وصف الاوضاع في البلدان الخاضعة للدولة العثمانية في الجزيرة والحجاز بالذات تحدث من خلالها عن الفساد عامة الذي وصل إلى اهم اركان الدولة وهو القضاء وذكرنا ان سقوط سلطة القضاء بالمفاسد يعني نذر زعزعة لأركان الأمن والاستقرار خصوصا إذا كان فساداً منظماً يقصد فيه تشويه صورة المؤسسة السياسية أو إسقاطها كما حصل في الحجاز عام 1814م عندما ذكر أن لا أحد يستطيع كائن من كان أن يربح دعوى قضائية إلا إذا كان على علاقة طيبة مع بعض المسئولين، أو قدم رشوة لقاضي المحكمة الذي يتقاسمها مع الحاكم العثماني أو يتغاضى عنها لقاء إذعان القاضي لمصالحه في حالات أخرى . مشيرا إلى ان رسوم المحكمة باهظة جداً وتبتلع عامة ربع المبلغ لرفع الدعوى، في حين تبقى المحكمة صماء أمام الحقوق الأكثر وضوحاً إذا لم تكن تدعمها الهبات التي تقدم إلى القاضي وإلى حشود الموظفين. والخدام الذين يحيطون بكرسيه. ويؤيد الباب العالي هذه الفوضى ويشجعها، حيث يباع مركز القاضي هناك إلى أفضل مزايد يعلم بدوره أنه سيسترد ما دفعه من مكاسب منصبه. ويصبح القاضي الذي لا يعرف سوى القليل من اللغة العربية تحت رحمة مترجمه الذي يعطي التوجيهات والإرشادات إلى كل قاضٍ جديد حول طرق الرشوة الشائعة في المكان ويأخذ حصة كبيرة من الحصاد.. هذه المفاسد ومفاسد أخرى كان من الممكن أن تمتد مع بداية قيام الدولة السعودية الضعيفة آنذاك وتبقى كثقافة وعادات مزروعة في الدولة والمجتمع وتتجاوز حجم السيطرة لولا وقفة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه كما يؤكد ذلك المستشرق الانجليزي فيلبي ضمن كتابه اربعون عاما وذلك على اثر اكتشاف بعض السرقات التي طالت ايضا قطع غيار السيارات والمعدات والمحروقات المخصصة لسيارات بعض الوزارات وتجاوزات اخرى قال عنها : أقول مجددا بأن هذه التطورات سيشهدها المستقبل البعيد الذي لا يمكنه الا ان يلقي بظلاله على منحاه الخاضع للتقلبات المتواصلة حتى في الايام الخوالي وعلى صعيد محدود جدا بالمقارنة مع الاموال التي شهدتها الايام الخالية، ظهرت مؤثرات وهمسات تفيد بأن الامور لم تكن تجري بالطريقة التي يتطلع اليها الملك عند ما تراجع نظام الاشراف الجشع أمام فضيلة السعوديين المتأججة، بمعنى ان بعض اهالي المناطق كانوا فترة الحكم العثماني ينعمون بملء جيوبهم بالمنح والرشاوى التي كانوا يحصلون عليها من مناصبهم الادارية، وقد استمرت العقلية التجارية لسكان مناطق الجزيرة العربية في فتح عيونها على السبل والطرق الحكومية المتعددة التي يمكن من خلالها معرفة مجرى المكاسب البسيطة التي كانت تصب في جدول عائدات الدولة المتواضع. ومن اجل تقديم تفسير لهذا التحول الذي طرأ على كافة الاعمال الهامة التي تحقق الثراء السريع.. أعرض حادثة بسيطة وقعت في جدة : عثر في أحد خزانات مياه الشرب على ( أفعى ) تعرف بأفعى الماء معروف بأنها تتواجد بكثرة في مياه البحر الضحلة اذ كانت الطبقات الفقيرة تعتمد عليها بصفتها غذاء رئيسيا . وعليه تم أتخاذ قرار صائب بأن المياه لم تكن صالحة للاستهلاك الادمي. وعليه أهدرت تلك المياه وقيدت تكلفتها على مصاريف أجهزة التحلية، قامت وزارة المالية بالتحقيق في تلك المسألة ووجدت في تقرير المهندس البريطاني المسئول أن مياه الخزانات تلك كانت مأخوذة مباشرة من مياه البحر وانها وضعت في الخزانات ( دون تحليتها ) وتم تشغيل المحركات لتبريدها. ثم تبين ان المدير المسئول كان قد وضع في جيبه قيمة خمسين طناً من المياه المحلاة اذ كانت قيمة الطن الواحد تصل إلى خمسة شلنات ومما لاشك فيه ان هذه الامور لم تكن واردة في الجزيرة العربية لقد تم تطهير المناطق التي عرفت بالفساد الخلقي الذي خلفه الاتراك والاشراف . واصبحت التجاوزات التي تقترف بشكل مخالف للشريعة الاسلامية تلقى أشد العقوبات . ومن ناحية أخرى وفي ظل حدود واضحة ومحددة لم يكن لابن سعود أن يتهاون في أي تدخل في الدين أو أي نقد للممارسات المنصوص عليها في الشريعة الاسلامية ومثال ذلك الفساد والعبودية واتخاذ المحظيات وتعدد الازواج وما إلى ذلك. حكم بن سعود شعبه بالشريعة الاسلامية ولابد ان تكون الشريعة هي القانون الذي يحكم على اعمالهم. كان بن سعود نزيها وثابتا على الايمان الراسخ بأن كل ما فرضه الله في القرآن لهداية واصلاح البشرية هو أمر ملزم مهما فكر أو اعتقد الضالون . وذلك يشمل امور التحريم كما يشمل امور الفسق . كان بن سعود صادقا مع نفسه وصادقا مع العالم وصادقا مع ربه.. فيلبي اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين (قصيباء) واحة الينابيع والتمور كما وصفها الفرنسي هوبر قبل 133 عاماً سعود المطيري قصيباء بلدة أنيقة وجميلة .. جميلة بماضيها وحاضرها ورحابة أهلها تقع شمال غرب بريدة 50 كم يتوفر بها حاليا كل الخدمات الضرورية ويقطنها وفق ما يذكر رئيس مركزها الأستاذ فهد الراضي قرابة 6000 نسمة وهو ضعف عدد سكانها عند ما زارها المستشرق الفرنسي ( هوبر ) في رحلته الأولى بين عام 1878 - 1882م وقدم وصفاً للبلدة التي كانت تعاني اخطر آفتين كما يبدو من سياق مذكراته وهي حشرة ( البرغوث ) وبعوضة ( حمى قصيبا ) التي تتطابق أعراضها مع أعراض الملاريا وهناك ثمة قناعة انها الملاريا بالفعل واشاد باعتدال مناخها وجودة تمورها مؤكدا انها من أجود تمور منطقة القصيم ، يأتي ذلك تأكيدا لما يذكره أهالي قصيبا من أن بلدتهم تعد المصدر الرئيسي للنخلة المعروفة ب ( الشقراء ) التي لا تزال تتمسك بتميزها وجودتها بين كل نخيل المنطقة من هذا الصنف قائلا ضمن كتابه رحلة في الجزيرة العربية الوسطى : في صبيحة اليوم التالي غادرت أوثال وبعد سبع ساعات من السير عبر صحراء البطين الحجرة وصلت إلى قصيباء، صحراء البطين أبشع صحراء عرفتها . انطلاقا من أوثال نسير خلال ساعة تقريبا عبر صحراء من الحجر الرملي تعقبها مباشرة صحراء من الحصى المبروم تمتد حتى قصيباء ، وفي كل هذه المسافة الطويلة لا تشاهد العين نبتة خضراء واحدة مما يضفي عليها كآبة تفوق الوصف . قصيبة تحتل أيضا حوضا طبيعيا شبيها بالأحواض التي وصفتها آنفا إنما أعمق منها ، حافة الحوض ترتفع إلى ثلاثين متراً مما يحجب رؤية نخيل القرية الذي لا نراه إلا لدى بلوغنا حافة الحوض ، إلا أننا نلمح على بعد ميلين الأبراج المنتصبة على المرتفعات لمراقبة المناطق المحيطة . قصيبة التي كانت ذات نفوذ كبير فيما مضى لا تزال اليوم إحدى كبريات بلدات القصيم الجنوبي وقد أكد لي الشيخ المحلي انها كانت تعد ألفي بندقية ( بواردي ) ولكن من الواضح أن هذا الرقم مبالغ فيه وأقدر بأن السكان لا يتجاوزون ثلاثة آلاف نسمة على ابعد تقدير. للوهلة الأولى تميل بالفعل إلى منحها عددا سكانيا أكبر لأن البلدة بكاملها تمتد على أكثر من 4 كم على طول الجانب الغربي للحوض الذي تقع فيه ، لكن ما إن نمعن النظر حتى نكتشف بأن جزءا كبيرا من الأملاك مهجورة وأصبحت أطلالا ويتكرر هنا بوتيرة متزايدة انهيار بئر واختفاء الماء بحيث لا مفر للمزارع من الابتعاد قليلا وحفر بئر جديدة والقيام بمزروعات جديدة . وقد يحدث أمر غريب في قصيباء يتمثل في تحول ماء بئر كانت طيبة المذاق منذ أجيال وأجيال ، بين ليلة وضحاها إلى مياه مالحة أو مرة ، وعلاوة على ذلك فالمياه غزيرة وارتفاعها ثابت على مدار السنة . نخيل وبيوت في قصيبة (العقد الثاني من القرن الماضي بعدسة فيلبي) يعتبر وجود ينبوع ماء حدثا نادرا في الجزيرة العربية لذا يعرف هذا الينبوع منذ زمن بعيد ، هكذا علمت في الجبل بوجود ينبوع في قصيبة حيث أكدوا لي ذلك وقد قادني الشيخ بنفسه إليه ، وبذلك تبين لي أن الينبوع عبارة عن بئر ارتوازية ذي منسوب منتظم يبلغ لترا في الثانية ، وبما أنه يرجح عدم معالجة البئر إطلاقا، فإن المياه غامقة اللون نتنة وغير صالحة للشرب وبسبب الوحل لم استطع قياس عمقها الذي قيل لي انه يبلغ 20 مترا وهو رقم مبالغ فيه برأيي . وحرارة المياه التي أخذت على عمق 5 أمتار مرتفعة جدا الا انهم من المحتمل ان تكون غير بعيدة عن المعدل السنوي للحرارة في المنطقة اذ يبدو ان قصيبا تخضع لتأثير عوامل مناخية خاصة وقد اكد لي جميع السكان أن البلدة لا تعرف البرد اطلاقا وانه لا يلاحظ أي فرق في الحرارة بين الشتاء والصيف ، كما ان الشتاء المنصرم الذي كان قاسيا جدا على شجر النخيل في الجوف وشمر وباقي نجد لم يشعر به هنا لذا يمكن الاستخلاص من كل هذا بأن قصيباء لا بد ان تكون وسط منخفض واسع وعلى الارجح على ارتفاع ادنى من مستوى باقي القصيم بعدة مئات من الأمتار وفرة الماء وارتفاع الحرارة يغذيان في هذه البلدة على مدار السنة آفتين مزعجتين وهما البرغش والحمى . تنعم قصيبا منذ القدم بشهرة وطيدة بأن لديها أفضل تمور القصيم في هذه الواحة التي يمكن لها ان تكون جنة يعيش بها سكان بائسون ، لدى رؤية الملكيات العديدة المهجورة نسأل عن سبب الهجرة اهو الهواء ام الماء ام الغذاء ؟ من دون إنكار تأثير هذين العاملين اعتقد ان العامل الأكثر فعالية هو الهواء المتخم بالهوام المنبعثة من المياه الراكدة العديدة والذي لا تجدده رياح الغرب المهيمنة لان الواحة محمية كليا من هذا الجانب بجدار الحوض الذي تقع فيه ومهما يكن من أمر فإنني لن أنسى لأمد طويل القسمات المشدودة والوجوه الضامرة والأجسام الضعيفة والنحيلة والصغيرة للسكان . عند الطرف الشمالي – الشرقي لحوض قصيبة أملاك اسمها مشكوك ، وعند طرف القرية في الشمال تنتصب على كتف جدار الحوض أطلال مبنى قديم من الحجر المقصب يعرفه جميع الناس في نجد تحت اسم قصرعنتر اخو مارد . وفي ذهن سكان البلاد تعود كلمة اخو إلى كلمة قصر وتعني أن هذا القصر هو اخ قصر مارد في عين ابن فهيد . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين فتاوى مكذوبة تبعد السيارات عن المشاعر المقدسة سعود المطيري بعد عودة مناطق الحجاز والأراضي المقدسة إلى أحضان الحكم السعودي وبسط سيطرته عليها بعد ان كانت تمر بأسوأ أحوالها خصوصا ما يتعلق بالأمن الداخلي وتأمين طرق الحج البرية والبحرية تضاعف أعداد حجاج الداخل والخارج للمستوى الذي لم تعد وسائل النقل التقليدية والمعتمدة على الجمال والدواب قادرة على استيعاب هذه الأعداد خصوصا ما يتعلق بتأمين تنقلهم بين المشاعر من هنا دعت الحاجة إلى تدعيمها بالسيارات مع بداية ظهورها في الجزيرة العربية وذلك من خلال شركة نقل رسمية تخضع لإشراف الدولة حسبما ما يذكر المستشرق الانجليزي جون (عبد الله) فيلبي في كتابه (أربعون عاما في البرية) لكن هذه الشركة مرت بصعوبات بالغة وواجهت بعض العوائق من بعض المتنفعين وأصحاب المصالح والتي قال عنها : الممارسات التي كانت تقوم بها جهة حكومية أخرى أبطلت مفعول الجهود المخلصة التي بذلها موظفو احد قطاعات الحكومة لخدمة وسلامة وراحة الحجاج ، كان قد تقرر وضع شاحنة إضافية لكل ستة حجاج مسافرين على الطريق باتجاه المدينة ، وهي مسافة تصل إلى 250 ميلا . ابلغ مدير قسم التسجيل أحد المهندسين البريطانيين المسئول عن سلامة خدمات وصيانة تلك العربات بأن مسؤوليته تنحصر فقط في سلامة الشاحنة الاحتياطية، وطلب منه أن يوقع على وثيقة مكتوبة باللغة العربية التي لا يفقه البريطاني منها شيئا والتي تفيد بأن القرار يقضي بوضع سبع شاحنات لخدمة كل ستة أفراد من الحجاج . وبفعل تستر المدير على هذا التجاوز سمح للشاحنات الإضافية بنقل الحجاج وتم تقاسم الأجور بين الأشخاص المشتركين في تلك الصفة . علاوة على ذلك كان هناك العديد من المشاكل المتعلقة بتنظيم حركة مرور وسير الحجاج إذ أسفرت حرية امتلاك وتشغيل السيارات إلى فوضى بالغة وبالتالي عن إفلاس العديد من الناس الذين توقع لهم جني الكثير من الأرباح وكان هؤلاء الناس قد باعوا ممتلكاتهم للدخول في هذا العمل المربح . وكان كل ما جنوه هو الاقتتال فيما بينهم . ولذلك وجدت الحكومة نفسها مضطرة للتدخل ومنع السيارات من خدمة الحجاج إذ تم إنشاء جهة واحدة مسئولة عن نقل الحجاج تحتكر عملية تأمين مواصلاتهم . أسفر العجز الإداري وأمور إضافية أخرى عن انهيار تجربة القطاع الخاص المحتكر للمواصلات ونقل الحجاج . ساهمت الأوامر الصادرة عن الملك في تجنب الوقوع في الإفلاس المالي . ولو حتى بشكل مؤقت . إذ تم الاتفاق بموجبها على إعادة النظر وإعادة ترتيب الأمور وبالتالي إلغاء رغبة الدولة في الدخول في هذا المجال وفتح الطريق أمام المساهمين . أشرفت لجنة رباعية على إدارة تلك الشركة المقترحة ، لكن الأمور استمرت تسير بطريقة منحرفة . وعليه تنازل ثلاثة أشخاص عن حقهم لصالح الشخص الرابع مقابل أن يحصل كل واحد منهم على خمسة بالمائة من صافي الأرباح .استمرت تلك الحالة حتى منتصف شهر نوفمبر عام 1930 م في تلك الفترة بدأ تدفق الحجاج من بلدان الشرق الأقصى وكما هي العادة كانوا يأتون إلى مناطق الحج قبل بدء الفترة الفعلية للحج والتي تبدأ مع نهاية شهر ابريل . اعتاد هؤلاء الزوار على قضاء 6 أشهر في البلاد وقضاء فترة طويلة في المدينة بين رمضان وشهر ذي الحجة . كان من الطبيعي ان تفكر شركة النقل في أخذ القسم الأكبر من حركة المواصلات المزعجة ، لكن لاحت في الأفق عقبة غير متوقعة اذ احتج المطوفون على احتكار هذه الشركة لحركة المواصلات ذلك لأنهم اعتادوا تحقيق ربح وافر من جراء تأمين الجمال لنقل الحجاج في الفترة التي كانت الشركات الخاصة تعمل بكل حريتها ، وبدأوا الآن حملة إعلامية نشروها بين الحجاج تؤكد على فائدة التنقل بالجمال وبالتأكيد على شرعيتها من الناحية الدينية والسنة النبوية والواقع ان حملتهم حققت نجاحا ملحوظا وبدأت قوافل الحجاج بأعداد كبيرة من الجمال تجوب الشوارع بين مكة وجدة الأمر الذي انزعجت منه مؤسسات النقل بالسيارات . رفع الموضوع للملك الذي سبق له أن نزل عند رغبة البدو في التنقل بالجمال بعد أن احتجوا على دور السيارات . وقالوا بأن السيارات تهدد باندثار الوسائل التقليدية التي تعد جزءا مهما في معيشتهم والآن ومع معطيات الظروف الحالية . وجد الملك نفسه مضطرا لتشجيع حركة التنقل بالسيارات في الجزيرة العربية بشكل عام ،معتبرا ذلك التوجه أمرا ضروريا لاغنى عنه لتقدم مستقبل المملكة . وقرر أن لا يسمح لأي شيء في أن يؤثر على قراره بهذا الخصوص . وخطوة أولى رشح أحد قادة أشراف مكة للإشراف على هذه المسألة وذلك بالتشاور مع وزير المالية ومع رئيس مجلس الشورى . وما حدث هو أن الملك أثر بنفوذه على أعمال اللجنة ودعم موقفها ضد شكاوى وتذمر المطوفين الذين ظهروا على أعتاب قصر الملك ليسمعوا من الملك بعض الحقائق التي تتعلق بتآمرهم الهادف إلى تدمير شركة المواصلات عن طريق إقحام تفسيرات ( فتاوى ) محرفة وغير مبررة منسوبة للقرآن وأضاف بأن سعادة ورفاهية مستقبل البلاد يعتمد على استمرارها . |
|
03-09-16, 12:53 AM | #20 |
اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين
السعوديون صدروا أجود أنواع اللحوم بالعالم قبل 70 عاماً .! جون فيلبي سعود المطيري تفاجأت كما سيتفاجأ القارئ أن المملكة وفي مرحلة من مراحل حكم الملك عبد العزيز طيب الله ثراه ويبدو من السياق ان ذلك في الستينيات الهجرية كانت تصدر اللحوم المتمثلة بتصدير جمال واغنام الذبح وأيضا البطيخ إلى مصر كما يذكر الانجليزي جون فيلبي ( اربعون عاما في البرية ) قبل ان يتم ايقاف تصديرها مع تحسن مستوى الاحوال المعيشية للسعوديين وارتفاع معدلات الدخل القومي ونشاط الحركة التجارية التي فرضت بدلا من التصدير استيراد اللحوم والمواشي من دول اخرى قال بأنها ستحل مكان ( اجود انواع اللحوم في العالم ) والمتمثلة فيما تنتجه الجزيرة العربية بمراعيها الطبيعية هذا قبل ان يتحدث عن ثراء بعض الطبقات وتخوفه ان تنعكس سلبيات الثراء على بعض الفضائل وانتشار الفساد المالي وكسب المال غير المشروع يوما من الايام أثناء ماقال : كما اشرنا سابقا تم الحد من استخدام الجمال في النقل بشكل ملحوظ لكن الحظر لا يزال مفروضا على تصديرها لتذبح في مصر ولعل أهم التطورات المدهشة أن اصبحت الاغنام تستورد على نطاق واسع وخاصة من الصومال ومن المناطق المجاورة لها ولم يكن ذلك الإجراء من وجهة نظر المستهلك مرضيا لان الأسواق أصبحت مكتظة بأنواع اللحوم القاسية التي حلت محل ( أفضل أنواع اللحوم في العالم ) التي سبق ان صدرت إلى مصر عن طريق موانئ البحر الأحمر ومن مفارقات المرحلة الجديدة أيضا كان موضوع تصدير البطيخ إلى الدول المشار إليها سابقا لكن ذلك لم يلحق بالبدو الذين كانوا يقومون بزراعة البطيخ في مواسم سقوط الأمطار على تهامة أي خسائر، إذ تضاعفت الأسعار المحلية للبطيخ بمعدل عشرة أمثالها ، وعليه تم بيع مخزون البطيخ بشكل سريع ، وكانت تصدر من قبل أبناء جلدتهم في المدن والمناطق المجاورة اربعون عاما في البرية ثم يلمح جون فيلبي ان ثراءً بدأت تظهر ملامحه على بعض فئات المجتمع السعودي وخشيته ان تنعكس على القيم والاخلاق الرفيعة التي توارثها عن اسلافه وعلى عاداته وتقاليده وهو يقول : اما اليوم فأصبح العاطلون عن العمل يتوددون ويتزلفون للاغنياء ويعملون مثل اوعيه لنقل الماء أو كفؤوس من خشب وعلى حد علمي اقول انه من احلك جوانب حياة الجزيرة العربية الحديثة هو الغفران أو التحلل من الاثم الذي سمحت به فضائل الصحراء كما ان من الصعب على النفس اذعان رجال الصحراء لمصير سيضعهم في يوم من الايام في خانة الهنود الحمر نفسها والشعب الماوردي ( شعب نيوزلاندا الأصلي ) وشعوب اخرى سبق ان كانت عناصر متميزه في تاريخ الإنسانية لكنها طمست بفعل التغلغل الأوربي وهي تناضل من اجل وجودها . ولكن عندما يفتح اختفاء مبادئ الأخلاق والشرف المجال أمام بوابات سد الحريه لتتدفق الرذيلة ويعيش الفرد في بذخ بل يصبح من واجبه ان يشجب سوء تفسير عالم الشرق للمعنى الضمني الحقيقي للتقدم الذي فهمه الغرب وذلك لا يعني ان الغرب بحد ذاته محصن من أي نقد له علاقة بهذه الامور. لكن قلقي الحالي يتعلق بوقع تأثير السقوط الحاد والمفاجئ للقيم والأخلاق الغربية على المجتمع العربي ، تلك القيم التي تم تقليدها على نطاق واسع لكنه لم يتم استيعابها بشكل فاعل بعد . انه ليس من المفاجئ ان يبدي الإنسان العربي الذي كان في الماضي فقيرا وجائعا ردة فعل غريبة للثروة والوفرة اللتين أصبحتا تلوحان بسرهما لإغوائه . كما انه ليس من المدهش ان نرى ان السيطرة الدينية والعادات الموغلة في القدم قد تحولت لتصبح مضجرة في ظل العهد الجديد من السلام والازدهار . كما انه ليس من المدهش ان نرى ان قبضة هذه الأمور قد تراخت بموافقة عامة الناس حتى ولو ان تلك الموافقة كانت ضمنيه. انما هو واقع لا محالة هو ان مكانة الأشخاص حديثي الثراء سترتفع اجتماعيا وعلى سلم من ذهب ،وسيترافق ذلك الارتقاء مع تغاضي الارستقراطية القديمة عنهم . ومما هو طبيعي جدا ان يتمخض عن مثل هذه الظروف شرور البذخ والتفاخر والمباهاة والفساد وكسب المال غير المشروع على كافة مستويات المجتمع . أن هذه الأمور في حقيقة الأمر ليست غريبة على مجتمعات الغرب ، لكن إذا كان العرب يظنون بأنهم يمثلون المعايير المقبولة في الثقافة والحضارة الغربية فهم جدا مخطئون . فالعرب في هذه الحالة يسعون وراء سراب سيقودهم إلى حالة من الهمجية التي ستسود الجزيرة العربية في نهاية المطاف . انه بذلك لا يعدو وراء سراب سيقوده إلى صحراء مليئة بالاعمال البربرية التي الفها خلال فترات عمله الطويله عندما كان يعيش تحت وطأة الحكام الطغاة الذين كان همهم لفت انظار الناس لبراعتهم أكثر من اهتمامهم بتوزيع العدل على رعاياهم . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين .. حاكم المدينة المنورة يرغم امرأة ثرية على الزواج منه ثم يقتلها ! سـعود المطـيري ظلت المدينة المنورة والتي تعد مفتاح الحجاز ومنذ فجر الاسلام ولاية منفصلة بذاتها وعندما اصبح الحجاز خاضعا لسلطة الخلفاء عينوا على المدينة حكاما مستقلين عن حكام مكة المكرمة وحتى بعد ان خفت سلطة الخلفاء مارس حكام المدينة النفوذ نفسه , وحين اعتلى العثمانيون العرش التركي ارسلت فرقة من الجنود إلى المدينة تحت إمرة ( آغا ) يكون آمر المدينة العسكري بينما يتولى شيخ أو آغا الحرم الشريف شؤون الحكومة المدنية ويتمتع بالمنزلة والصلاحيات نفسها التي يتمتع بها الباشوات في المناطق الاخرى الا انه في فترة من الفترات عمت المفاسد والتعسفات وأسيئت السلطة فلم يعد السلطان يعين حاكما عسكريا فاضطر الاغا الذي كان يحتل القلعة إلى تشكيل قوة من الداخل سميت بقوة ( المرابطين ) لدعم وتقوية فرقة الاغا وتعزيزها والذين اصبحوا يغتصبون حصة من الصرة أو المخصصات السنوية التي ترسل من القسطنطينية إلى الحرم الشريف والمدينة المنورة. في ظل الظروف المذكورة أعلاه وفقا لما يذكره المستشرق الانجليزي بيركهارت عام 1814 م في كتابه رحلات إلى شبه الجزيرة العربية : فقد اصبح أغا الحرم إلى جانب القاضي الذي كان يرسل من القسطنطينية سنويا مجرد صفرين لا شأن لهما وكان الأول أحد الخصيان الذي لا يعرف شيئا من اللغة العربية ويحصل على تعيين في هذا المركز بدافع النفي لا الترقية ولم يكن دخله الذي يتلقاه من القسطنطينية يمكنه من وضع أي حرس عسكري يكفي ليضعه في مستوى خصمه أغا المدينة على الرغم من أن دخله كان يعتبر جيدا وسرعان ما وجد نفسه متروكا في عهدة المسجد فقط وإمرة الخصيان والفراشين لكن آغا المدينة نفسه لم يكن سيدا مطلقا حيث كان للعديد من زعماء الاحياء المختلفة سلطة كبيرة وكان للاشراف الذين استوطنوا هنا زعيمهم الخاص ويدعى شيخ السادات وهو رجل ذو سلطة ونفوذ عظيمين فعمت بالتالي الفوضى العارمة غالبا ماكان سكان الضواحي وأهل المدينة والمزارعون يتنازعون لاشهر عدة فكانت تنشب داخل المدينة نفسها صراعات دموية بين سكان الاحياء المختلفة فكانوا يسدون الطرقات احيانا بمتاريس في مثل هذه الظروف ويطلقون النار على بعضهم بعضا من على سطوح منازلهم وتروى أحداث عن أناس قاموا بإطلاق النار داخل المسجد حتى على أعدائهم بينما كانوا يصلون . خلال السنوات العشرين المنصرمة ( نحن الان عام 1814 م ) تم تعيين آغا للقلعة وهو رجل اسمه حسن مما أعطاه لقب حسن القلعي انما رفعه إلى هذا المنصب رغم ولادته بين حثالة من الناس هو مهارته ومكره وبسالته وعزمه الشديد , لقد كان رجلا ذا قوام قصير جدا ومشية مترنحة فرحة على الرغم من قوته الجسدية ويقال ان صوته حين يكون غاضبا كان يبث الرعب في نفوس أجرأ الناس , وبعد عدة سنوات من الصراع العنيف نجح هذا الرجل في ان يصبح سيدا مطلقا وطاغية في المدينة وكان يحتفظ بحرس من أهل المدينة والبدو والمغاربة ويضعهم في خدمته كما كان رعاع المدينة إلى جانبه وكان مجرما يمارس اشد الأعمال إثما وفظاعة وظلما فكان يقمع الحجاج وينتزع المال منهم ويستولى على أملاك كل الحجاج والأجانب الذين يموتون هنا ويقوم بمصادرتها ويوقف الصرة فيجمع ثروة طائلة وقد سجلت أحداث على الاستبداد والطغيان والعنف التي صبغت اسمه بالعار فقد كانت أرملة مسنة ثرية قد وصلت مع ابنتها إلى المدينة من القسطنطينية لزيارة القبر فقام بالقبض عليها وأرغمها على الزواج منه وبعد يومين وجدت ميتة فاستولى على أملاكها وبعد وقت قصير أجبر الابنة على الخضوع والاستسلام ولمعانقتها وقدمت العديد من الشكاوي في القسطنطينية على هذا الرجل لكن لم تكن للسلطان السلطة الكافية لعزله وكلما كانت القافلة تصل من سوريا كان حسن القلعي يظهر مسلكا جليلا مهيبا كي لا يحاول زعماؤها القيام بأي عمل ضده ولكنه كان يضع العقبات والحواجز الكبيرة في طريقهم وينسب اليه عامة بأنه أرغم القافلة الأخيرة الآتية من دمشق والتي حاولت ان تكمل رحلتها بعد الاحتلال (الوهابي) العودة إلى سوريا . حين بدأ( الوهابيون) بشن غارات على الحجاز وتوجيه قواتهم نحو المدينة اصبح سلوك حسن أكثر عنفا فلم يضع حدودا لقمعه وظلمه خلال اليومين أو الثلاثة ايام التي سبقت الاستيلاء على المدينة , كان أحيانا يحكم بأشد العقوبات على الأشخاص الذين يصادف ان يضحكوا بين أنفسهم خلال مروره مدعيا ان مشيته المترنحة العرجاء هي سبب ضحكهم , وكان العرب الذين يعملون في خدمته ينهبون المتاجر ليلا وهم يقومون بدوريات في الشوارع في مجموعات كبيرة ولم يكن بالإمكان محاكمتهم , وحين رأى استحالة صمود المدينة لمدة اطول في وجه (الوهابيين) , بعد أن قام بدو المناطق المحيطة ومكة نفسها كلهم بالاستسلام سلم المدينة إلى الإمام سعود، بشرط ان يستمر في سلطته . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين أفراح العيد كما شاهدها ديكسون قبل ثمانين عاما ..!! سعود المطيري قبل نحو ثمانين عاماً رصد المستشرق الانجليزي ديكسون (عرب الصحراء) بعض مظاهر افراح العيد في الكويت التي عدها نموذجا لا يختلف كثيرا عن بقية اجزاء جزيرة العرب خصوصا ما يتعلق بأعياد البادية ويذكر اولا استعدادات العيد التي تبدأها النساء مبكرا بخياطة وتجهيز الملابس الجديدة ذات الالوان الزاهية وتخضيب الايدي والارجل بالحناء وتهيئة البيوت لاستقبال الضيوف في انتظار يوم العيد الذي يستهل باطلاق ثلاثة مدافع من بطارية مدفع شيخ الكويت في اشارة إلى توجه الحاكم إلى الساحة الكبيرة لاستقبال حشود المهنئين تعج بعدها ساحات المدينة وشوارعها بكل مظاهر الفرح وتحتشد النساء والاطفال في ساحة الصفاة للاستمتاع برقصة السيف التي تحييها عدة فرق في وقت واحد والتي قال ان من يؤديها هم النجديون الذين يجيدونها وهي عرضات تتسم من أولها حتى آخرها بالرصانة والاحتشام والبعد عن الخفة والابتذال يقابله سلوك النساء المتفرجات الذي يكون هادئا ولائقا كل اللياقة. وتستمر النساء في الايام السبعة في إحياء ايامه ولياليه بالبهجة والأفراح وقامت زوجة ديكسون بزيارة كثير من منازل الأسر الغنية وابناء القبائل وأكدت ان جميع أنواع رقص النساء كان محتشما أيضا وراقيا وبعيدا عن الابتذال وكان يرافق الراقصات دوما مغنيات ينقسمن إلى قسمين للمحافظة على سلامة الايقاع ولاحظت أن النساء المتربيات في المدينة يؤدين رقصاتهن في وضع الجلوس في حين ترقص بنات البادية وقوفا ويقمن بتحريك أقدامهن بخطوات منتظمة ويرخين شعورهن ويحركن أجسامهن ورؤوسهن بحركات دائرية سريعة بحيث يتطاير الشعر المتدلي بحرية من جهة إلى أخرى بحركات لولبية جذابة ويبقى دوما قصب السبق لمن تكون اطولهن واجملهن شعرا . ويقول عن عيد الصحراء بأنه كما هو في المدينة مناسبة للفرح والاستمتاع والزيارات ونظرا لكون الناس هنا أكثر فقرا وبساطة فان احتفالاتهم بالعيد أكثر تواضعا وأقل كلفة، وتقام هنا المسابقات بين الخيول والإبل واذا كان الرجال يملكون ذخيرة زائدة فانهم يقيمون عندها مباريات في دقة الرماية. وتقوم الفتيات غير المتزوجات بالرقص أكثر من أخواتهن في المدينة وتجتمع النساء قبل الظهر أحيانا وأحيانا في الليل ويرسلن شعورهن بعد إغلاق باب الخيمة بالأروقة ويبدأن بأداء رقصاتهن البدوية الجذابة . وتمتنع النساء الكبيرات في السن عن الرقص لأنهن يعتبرن ذلك غير لائق بهن أما الشابات غير المتزوجات فيستمتعن به كل الاستمتاع وكثيرا ما يسمح للصبيان من أقارب المشتركات في الرقص بمشاهدتهن أثناء رقصهن على أن يقفوا على بعد لائق والذي يتيح لهم الفرصة التي يشتهونها لاختلاس النظر لمن ستصبح عروسا لهم في المستقبل. وتستمر الفتيات في الرقص طيلة ايام العيد السبعة ثم يتوقفن عن ذلك كلية لان الاستمرار فيه يعتبر أمرا منافيا للحشمة ودليلا على الانغماس في الامور الدنيوية. وكنت أنا وزوجتي نسعى لقضاء بعض أيام الاحتفال بالعيد في الصحراء بين أصدقائنا من البدو، وقد سمح لي في بعض المناسبات أنا أشاهد بعض هذه الرقصات ولكن هذا السماح كان يقتصر على مناسبات الأعياد فقط أما غير ذلك من المناسبات فلم يسمح لي، ومن الغريب أن آباء الفتيات لا يرغبون برؤية بناتهم وهن يرقصن مطلقا ولا يسمح لسوى الصبيان ممن تربطهم بالفتيات صلة القرابة، وليس الغرباء، بمشاهدتهن عن بعد. وتقوم في العادة ثلاث فتيات بالرقص في آن واحد، في حين ترافقهن النساء الأكبر منهن سناً بالغناء بصوت رتيب وهن يقفن من حولهن ويصفقن بأيديهن لضبط الإيقاع. ومن قصائد الغناء المستخدمة بكثرة بهذه المناسبات قصيدة مطلعها يا قلبي اللي غدا خريش حدر السما صوت طيارة طيارة شالت ( .......) ما عاد يرجع على دياره وقصيدة راكان بن حثلين : يافاطري خبي طوارف طمية اليا أزبهرت مثل خشم الحصان ( ي ) وتخلع الراقصات عباءاتهن وبراقعهن ويظهرن أثوابهن الزاهية الالوان أو ثيابهن الداخلية الواسعة , ويبدأن بالقفز هنا وهناك قفزات قصيرة دون أن يحنين أرجلهن، وهن في الوقت ذاته يلقين رؤوسهن يمينا ويسارا أو يحركنها بحركة دائرية كي تتطاير شعورهن في كل مكان وكثيرا ما تحمل الفتيات الراقصات عصا صغيرة يوازنّها بأيديهن (عادة تستخدم مثل هذه العصا ممن لا تستطيع نسف شعرها بيدها لكثافته) اما ان لم يكن يحملن مثل هذه العصا فانهن يغطين الجزء الاسفل من وجوههن بإحدى أيديهن كما لو كان ذلك بدافع الخجل، أو يحملن جزءا من أكمامهن امام أفواههن، وتستمر كل فتاة بالرقص إلى أن تشعر بالإرهاق، عندها تتوقف وتغطي رأسها بعباءتها من جديد وتجلس، ان مشاهدة بعض هؤلاء الفتيات الفاتنات يدعو حقا للبهجة والسرور . اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين.. الدنمركي رونكيير يقابل الإمام عبدالرحمن ويصفه بأنه لطيف ومهذب لكنه جاد ووقور له عينا صقر الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود سعود المطيري كان الدنمركي رونكيير لا يزال سعيدا بالتخلص من شاب وصفه بشديد التزمت انضم إلى قافلتهم بعد مغادرة المجمعة افسد عليهم متعة استقبال (ابن عسكر) امير المجمعة آنذاك فظل منظر هذا الشاب يلاحقه بعمامته البيضاء واظهار كراهيته الشديدة لغير المسلمين وتعمده مع اقتراب كل صلاة القفز أمام القافلة ليضع اصابعه في أذنيه ويؤذن للصلاة قبل دخول وقتها بنصف ساعة ثم يطلب منهم التوقف وانتظار وقت الصلاة . كان هذا قبل ان تلوح له ابراج وبساتين الدرعية ومن خلفها الرياض في مارس عام 1912م بعد ما تقدمهم ( فهد ) أحد رجال القافلة حتى يستأذن الامام بدخولهم عندما قال عن ترتيبات هذا الدخول ومقابلة الامام بكتابه عبر الاراضي الوهابية : الرحالة الدنماركي باركلي رونكيير يمتد أمامنا الآن في الوادي حاجز ضخم كثيف من اشجار النخيل ويرتفع امام الواحة الكبيرة ذات الخضرة النظرة أسوار وابراج ظهرت أكثر وضوحا مع اشعة شمس ما قبل الغروب انها (الرياض) المدينة الرئيسية للسلطة السلفية ومقر عائلة آل سعود التي هزت يدها الحديدية منذ قرن مضى العالم الاسلامي من أساسه. انتابت المجموعة الصغيرة مشاعر متفاوته أثناء فترة الانتظار بالصحراء المفتوحة خارج الرياض إلى حين عودة فهد من لدن الامام ولم تكن كل المشاعر طيبة خاصة وأن فهدا هذا بذل كل جهد في قتل الروح المعنوية لدى الباقين من اللحظة التي أرسل فيها لمراقبتي في بريدة إلى الساعة التي غادرنا فيها الرياض ومما جعل الامور أكثر سوءا أن (علياً) تأثر بما قاله حتى انه كان يبكي بصمت وهو فوق ظهر جمله وان حاول اخفاء ذلك بارخاء عمامته فوق وجهه. ان مخاوفه في الفترة الاخيرة وفي ظل الجو المتزمت الذي احاط بنا جعله غير قادر على الحصول على معلومات كافية عن المناطق التي نمر بها . كما أن الادلاء الذين انضموا الينا اثناء الطريق جعلوا وضعنا أكثر صعوبة لعدم ثقتنا بهم. لقد سافرت طوال الاسبوع الاخير وانا بحالة اعياء عبر صحراء قاسية كي اصل إلى هذه النقطة التي اجد نفسي فيها الآن بعد كل العناء والجهد والمرض أتمدد بلا حراك فوق صخرة صماء أصوب نظري صوب البلد الذي يشكل مركز الالتزام وأفكر في خطواتي القادمة وفي مصيري نفسه. غلاف عبر الأراضي الوهابيّة على ظهرِ جمل أين الامام نفسه؟ ذلك هو السؤال الذي شغلنا منذ وصولنا إلى الزلفي والذي أثار الكثير من تخميناتنا. لقد سمعنا أن الامام عبد العزيز بن سعود وهو شاب في الثالثة والثلاثين من العمر غادر الرياض ومنذ يومين متجها غرباً مع فرسانه لمهاجمة احدى القبائل التي دأب رجالها في الفترة الاخيرة على مهاجمة قوافل تابعة له. وطبقا لمعلومات حصلت عليها فهو حاكم محارب وشجاع لكنه في الوقت نفسه رجل مرح وسعيد ويحب ان يمتع نفسه بمباهج الحياة، وقد قيل انه أغضب المتزمتين من اتباعه باستخدام ( الجراموفون ) في معسكره وكنت اود كثيرا مقابلته وكان لدي خطة في مد خط رحلتي في اتجاه معين إلا ان الدليل قال اننا قد لانجد الامام عبد العزيز بالرياض وما ضايقني أكثر وزاد تخوفي ان أباه الامام عبد الرحمن بن سعود سيكون نائبا له وهو سلفي ملتزم وعليه فلست في غاية السعادة للتعامل معه. جلس الدليلان صامتين حزينين يتطلعان عبر الافق إلى حدائق النخيل حول الرياض وراح علي يذرع الأرض روحة وجيئة ناقلا عصاه من يد إلى الاخرى. أخيرا اقبل نحونا راكب ليضع نهاية لانتظارنا. امتطينا ظهور ابلنا وسرنا خلفه ببطء نحو قلب الرياض التي اطلت علينا بأسوارها وحدائقها. كان الوقت بعد الظهر والبلدة صامتة صمت القبور فلم نرَ انسانا واحدا يتحرك . صرنا على مقربة مائتي باردة من بساتين البلد اثناء ما ظهر لنا راكب حسن الملبس يمتطي صهوة حصان حيَّانا باحترام ثم قادنا إلى مقر اقامتنا. وفي الساعة المحددة لمقابلة الامام عصرا توجهت محاطاً بحراس مسلحين وآخرين يبعدون الفضوليين إلى ان وصلنا إلى بستان نخيل يحميه سور جيد على مسافة نصف كيلو شرق سور الرياض. سرنا بين النخيل حتى وصلنا إلى سجادة اعجمية قام عندها رجل اسود يعد الشاي والقهوة وما هي الا لحظات وأقبل الامام عبد الرحمن من بين النخيل محاطاً برجاله وبعد السلام جلس الامام في مكانه واتكأ كل منا على مسند. جلس "علي" أمامنا بينما أتخذ رجال الامام أماكنهم ابعد قليلاً. إن عبدالرحمن شيخ عظيم الوسامة، يحمل مظهره الكلي روح المغامرة ونبل الفخامة، انه لطيف جدا ومهذب لكنه ايضا جاد ووقور له عينا صقر ولحية بيضاء، تحدثنا ونحن نشرب القهوة بالتناوب عن الكويت وعن غزوة عبدالعزيز وعن مطامع انجلترا وتركيا بالجزيرة العربية والحرب التركية الايطالية وأخيرا عن نفوذ الدول الاوربية المختلفة، حول النقطة الأخيرة وخاصة فيما يخص سياستها الافريقية – الآسيوية. لم استطع الا أن أؤكد رأي الامام الأكيد بنفوذ الامبراطورية البريطانية. أخيرا وعدني بعمل الترتيبات اللازمة لتسهيل سفري غدا للاحساء. ثم ودعت بعد ذلك الحاكم السلفي الكبير الذي سرعان ما اختفى مع رجاله بين أشجار النخيل الكثيف بينما عدت إلى مقر ضيافتي |
|
|
|