كل يوم أسود من الذي قبله

مصيبة الغراب الأبيض
كانت البيضة الكبيرة تتحرك يبدو أن وقت خروج الغراب الصغير منها قد حان. وقف جميع الغربان ينتظرون في لهفة لخروج هذا الغراب فلقد أنتظره الجميع لفترة طويلة و ها هو يصارع من أجل الخروج من البيضة و ما هي إلا لحظات و خرج الغراب الصغير إلي النور لكن علامات الفرح التي كادت أن ترتسم علي وجوه الحضور زالت و حل محلها علامات الآسي و الضيق و الحزن الشديد. لقد خرج كان الغراب أبيضا و ليس أ سودا. كان الغراب الأب في حيرة من أمره ماذا يفعل و كيف يواجه العالم من حوله لكن جموع الغربان حضرت للتعزية في هذا المصاب الجلل و غير المنتظر. لكن بعد يوم أو يومين بدأ الريش الأبيض في السقوط و بدأ يحل محله ريش أسود و كم كانت سعادة الغراب الأب كبيرة و هو يقول لزواره الذين جاءوا من أجل المساندة المعنوية في هذا المصاب "الحمد لله أن كل يوم أسود من الذي قبله."
هذا الحكاية علي طرافتها تعبر نهايتها بكل صدق عن أحوال البلاد و العباد في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها الوطن. لقد ظن الناس أن عهد الإقطاع و الفساد قد أنتهي بزوال الملك "الظالم و الفاسد" كما أخبرونا و بزوال الاحتلال البغيض "الذي أتي علي ثروات البلاد" و صار الشعار " أرفع رأسك يا أخي" لم يكن يعرف أحدا وقتها أن أرفع رأسك المقصود بها أن تصيبك ضربة علي قفاك بشكل مباشر هذا إذا كنت محظوظا أما إذا لم تكن كذلك فأن رفع الرأس معناه أن تفقد رقبتك و ما فوقها و أن تذهب إلي مكان لا يظلم فيه أحد.
كل يوم أسود من الذي قبله. كل يوم الأسعار تزداد و الاحتكار يشتد وطأة و القيود تستعر و الحريات تتقلص و رموز الصلاح تغيب و العمالقة يختفون. فقط الأقزام هم الذين يظهرون و يترقون. هذا هو حال بلادنا و رموز الفساد تتعالي في البنيان و نجوم المجتمع هم المرتشون و الداعرون و الأفاقون. نتلقى دروسا من الشواذ و السفلة كيف نربي أولادنا .. كيف نعامل زوجاتنا .. كيف ننظم شئننا و كيف ندبر أمرنا. عجبا لهذا الوطن يخذل من يحبه .. يقتل من يتفاني في خدمته .. يمجد من يقتله .. يرفع من يلقي به في أتون الهوان و يقذف إلي المجهول. حقا أن كل يوم أود من الذي قبله.

شكرااالك يالحب الباقي

مشكووووور أخي الحب الباقي وتقبل مروري