بالأمل وقوة العزيمة يتحطّم جدار المستحيل
ذات يوما وبينما كنت أتجول في مزرعة لتدريب الفيلة ذلك الحيوان الضخم المدمّر استوقفتني فجأة فكرة عجيبة ومحيرة تستحق فعلا أن تسترعي الانتباه وهي كيف لهذا الحيوان الجبار.. من فصيلة الحيوانات الضخمة الذي استطاع أن يتكيف مع كل الظروف البيئية على مر العصور.. أن يتمّ تقييده في هذه المزرعة بحبل صغير يلتف حول قدمه الأمامي فلا توجد سلاسل ولا أقفاص في حين أنه يستطيع بكل بساطة أن يتحرر من هذا القيد الذي أعتبره في نظري قيدا شكليا مقارنة مع القوة الهائلة التي يملكها هذا الفيل .. ولكنه - أي الفيل - لا يحاول أن يتخلّص من هذا القيد ولسبب ما لا يقدم حتى على ذلك
هذا الاستغراب دفعني أن أسئل أحد مدربي الفيلة المتواجدين بالجوار .. لماذا يقف هذا الحيوان في مكانه ولا يبادر بأي محاولة للهرب متحررا من قيده الصغير ؟
فأبتسم المدرب وقال : عندما كانت هذه الحيوانات الضخمة حديثة الولادة وكانت أصغر حجما بكثير عما هي عليه الآن، كنا نستخدم لها نفس حجم القيد الحالي لنربطها به. وكانت هذه القيود - في ذلك العمر- كافية لتقييدها .. وتكبر هذه الحيوانات معتقدة أنها لا تزال غير قادرة على فك القيود والتحرر منها بل تظل على اعتقاد أن الحبل لا يزال يقيدها ولذلك هي لا تحاول أبداً أن تتحرر منه
فتعجّبت كثيرا ً. كيف لهذه الحيوانات – التي تملك القوة لرفع أوزان هائلة - تستطيع وببساطة أن تتحرر من قيودها، لكنها فعلا اعتقدت أنها لم ولن تستطع فبقيت مكانها حبيسة قيدها.
وفي الحقيقة أن هذا الوضع ذكرني بنماذج في مجتمعاتنا لا تختلف كثيرا عن هذه الصورة. فهناك البعض ولا أقول الكثير تمضي بهم الحياة والزمن وهم حبيسي قناعات المستحيل الذي لا يمكن تجاوزه أو الانتصار عليه .. أفكار ولدت من رحم تجارب فاشلة لم يكتب لها النجاح فرسخت فيهم الشعور بالعجز وعدم القدرة فتجذر في أعماقهم اليأس والاستسلام ولربما لواقع مرير ظل وسيظل يعاني منه الأمرين ومع الزمن أعتاد واقعه الغريب .
تأكد يا أخي أن المستحيل لا شيء ومع الأمل وقوة العزيمة ينهار جدار المستحيل الذي أقامه أصلا وأسسه الوهم الذي لا وجود له