روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-08-08, 04:58 PM | #1 |
شـــــاعر
|
كتاب الصيام ... للشيخ صالح الفوزان ... .
( 1 )
باب في وجوب الصيام ووقته صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام ، وفرض من فروض الله ، معلوم من الدين بالضرورة . ويدل عليه الكتاب والسنة والإجماع : قال الله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ إلى قوله تعالى : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ الآية ، ومعنى " كتب " : فرض ، وقال : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ والأمر للوجوب . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : بني الإسلام على خمس وذكر منها صوم رمضان . والأحاديث في الدلالة على فرضيته وفضله كثيرة مشهورة . وأجمع المسلمون على وجوب صومه ، وأن من أنكره كفر . والحكمة في شرعية الصيام أن فيه تزكية للنفس وتطهيرا وتنقية لها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة ؛ لأنه يضيق مجاري الشيطان في بدن الإنسان ؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فإذا أكل أو شرب ، انبسطت نفسه للشهوات ، وضعفت إرادتها ، وقلت رغبتها في العبادات ، والصوم على العكس من ذلك . وفي الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها ، وترغيب في الآخرة ، وفيه باعث على العطف على المساكين وإحساس بآلامهم ، لما يذوقه الصائم من ألم الجوع والعطش ؛ لأن الصوم في الشرع هو الإمساك بنية عن أشياء مخصوصة من أكل وشرب وجماع وغير ذلك مما ورد به الشرع ، ويتبع ذلك الإمساك عن الرفث والفسوق . ويبتدئ وجوب الصوم اليومي بطلوع الفجر الثاني ، وهو البياض المعترض في الأفق ، وينتهي بغروب الشمس ، قال الله تعالى : فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ يعني : الزوجات وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ، ومعنى : يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ : أن يتضح بياض النهار من سواد الليل . ويبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا علم دخوله . وللعلم بدخوله ثلاث طرق : الطريقة الأولى : رؤية هلاله ، قال تعالى : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : صوموا لرؤيته فمن رأى الهلال بنفسه ، وجب عليه الصوم . الطريقة الثانية : الشهادة على الرؤية ، أو الإخبار عنها ، فيصام برؤية عدل مكلف ، ويكفي إخباره بذلك ، لقول ابن عمر : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام ، وأمر الناس بصيامه رواه أبو داود وغيره ، وصححه ابن حبان والحاكم . والطريقة الثالثة : إكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوما ، وذلك حينما لا يرى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان مع عدم وجود ما يمنع الرؤية من غيم أو قتر أو مع وجود شيء من ذلك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الشهر تسعة وعشرون يوما ، فلا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم ؛ فاقدروا له ومعنى " اقدروا له " أي : أتموا شهر شعبان ثلاثين يوما ؛ لما ثبت في حديث أبي هريرة : فإن غم عليكم ، فعدوا ثلاثين . ويلزم صوم رمضان كل مسلم مكلف قادر ؛ فلا يجب على كافر ، ولا يصح منه ، فإن تاب في أثناء الشهر ، صام الباقي ، ولا يلزمه قضاء ما سبق حال الكفر . ولا يجب الصوم على صغير ، ويصح الصوم من صغير مميز ، ويكون في حقه نافلة . ولا يجب الصوم على مجنون ، ولو صام حال جنونه ، لم يصح منه ، لعدم النية . ولا يجب الصوم أداء على مريض يعجز عنه ولا على مسافر ، ويقضيانه حال زوال عذر المرض والسفر ، قال تعالى : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ . والخطاب بإيجاب الصيام يشمل المقيم والمسافر ، والصحيح والمريض ، والطاهر والحائض والنفساء ، والمغمى عليه ، فإن هؤلاء كلهم يجب عليهم الصوم في ذممهم ، بحيث إنهم يخاطبون بالصوم ، ليعتقدوا وجوبه في ذممهم ، والعزم على فعله : إما أداء ، وإما قضاء ، فمنهم من يخاطب بالصوم في نفس الشهر أداء ، وهو الصحيح المقيم ، إلا الحائض والنفساء ، ومنهم من يخاطب بالقضاء فقط ، وهو الحائض والنفساء والمريض الذي لا يقدر على أداء الصوم ويقدر عليه قضاء ، ومنهم من يخير بين الأمرين ، وهو المسافر والمريض الذي يمكنه الصوم بمشقة من غير خوف التلف . ومن أفطر لعذر ثم زال عذره في أثناء نهار رمضان ، كالمسافر يقدم من سفره ، والحائض والنفساء تطهران ، والكافر إذا أسلم ، والمجنون إذا أفاق من جنونه ، والصغير يبلغ ، فإن كلا من هؤلاء يلزمه الإمساك بقية اليوم ويقضيه ، وكذا إذا قامت البينة بدخول الشهر في أثناء النهار ، فإن المسلمين يمسكون بقية اليوم ويقضون اليوم بعد رمضان . |
07-08-08, 04:59 PM | #2 |
شـــــاعر
|
( 2 )
باب في بدء صيام اليوم ونهايته قال الله تعالى : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ . قال الإمام ابن كثير رحمه الله : " هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين ، ورفع لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام ، فإنه كان إذا أفطر أحدهم ، إنما يحل له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أو ينام قبل ذلك ، فمتى نام أو صلى العشاء ، حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة ، فوجدوا من ذلك مشقة كبيرة ، فنزلت هذه الآية ، ففرحوا بها فرحا شديدا ، حيث أباح الله الأكل والشرب والجماع في أي الليل شاء الصائم ، إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل . فتبين من الآية الكريمة تحديد الصوم اليومي بداية ونهاية ، فبدايته من طلوع الفجر الثاني ، ونهايته إلى غروب الشمس . وفي إباحته تعالى الأكل والشرب إلى طلوع الفجر دليل على استحباب السحور . وفي " الصحيحين " عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسحروا ، فإن السحور بركة . وقد ورد في الترغيب بالسحور آثار كثيرة ، ولو بجرعة ماء ، ويستحب تأخيره إلى وقت انفجار الفجر . ولو استيقظ الإنسان وعليه جنابة أو طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ، فإنهم يبدءون بالسحور ، ويصومون ، ويؤخرون الاغتسال إلى بعد طلوع الفجر . وبعض الناس يبكرون بالتسحر ؛ لأنهم يسهرون معظم الليل ثم يتسحرون وينامون قبل الفجر بساعات ، وهؤلاء قد ارتكبوا عدة أخطاء : أولا : لأنهم صاموا قبل وقت الصيام . ثانيا : يتركون صلاة الفجر مع الجماعة ، فيعصون الله بترك ما أوجب الله عليهم من صلاة الجماعة . ثالثا : ربما يؤخرون صلاة الفجر عن وقتها ، فلا يصلونها إلا بعد طلوع الشمس ، وهذا أشد جرما وأعظم إثما ، قال الله تعالى : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ولا بد أن ينوي الصيام الواجب من الليل ، فلو نوى الصيام ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر ، فإنه يمسك ، وصيامه صحيح تام إن شاء الله . ويستحب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بمشاهدتها أو غلب على ظنه بخبر ثقة بأذان أو غيره : فعن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا . والسنة أن يفطر على رطب ، فإن لم يجد ، فعلى تمر ، فإن لم يجد ، فعلى ماء ، لقول أنس رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات ، فإن لم تكن رطبات ، فتمرات ، فإن لم تكن تمرات ، حسا حسوات من ماء ... ، رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، فإن لم يجد رطبا ولا تمرا ولا ماء أفطر على ما تيسر من طعام وشراب . وهنا أمر يجب التنبيه عليه ، وهو أن بعض الناس قد يجلس على مائدة إفطاره ويتعشى ويترك صلاة المغرب مع الجماعة في المسجد ، فيرتكب بذلك خطأ عظيما ، وهو التأخر عن الجماعة في المسجد ، ويفوت على نفسه ثوابا عظيما ، ويعرضها للعقوبة ، والمشروع للصائم أن يفطر أولا ، ثم يذهب للصلاة ، ثم يتعشى بعد ذلك . ويستحب أن يدعو عند إفطاره بما أحب ، قال صلى الله عليه وسلم : إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ومن الدعاء الوارد أن يقول : اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت وكان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر يقول : ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله . وهكذا ينبغي للمسلم أن يتعلم أحكام الصيام والإفطار وقتا وصفة حتى يؤدي صيامه على الوجه المشروع الموافق لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحتى يكون صيامه صحيحا وعمله مقبولا عند الله ، فإن ذلك من أهم الأمور ، قال الله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا |
07-08-08, 05:00 PM | #3 |
شـــــاعر
|
( 3 )
باب في مفسدات الصوم للصيام مفسدات يجب على المسلم أن يعرفها ، ليتجنبها ، ويحذر منها ؛ لأنها تفطر الصائم ، وتفسد عليه صيامه ، وهذه المفطرات منها : 1 - الجماع : فمتى جامع الصائم ، بطل صيامه ، ولزمه قضاء ذلك اليوم الذي جامع فيه ، ويجب عليه مع قضائه الكفارة ، وهي : عتق رقبة ، فإن لم يجد الرقبة أو لم يجد قيمتها ، فعليه أن يصوم شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين ، بأن لم يقدر على ذلك لعذر شرعي ، فعليه أن يطعم ستين مسكينا ، لكل مسكين نصف صاع من الطعام المأكول في البلد . 2 - إنزال المني : بسبب تقبيل أو لمس أو استمناء أو تكرار نظر ، فإذا حصل شيء من ذلك ، فسد صومه ، وعليه القضاء فقط بدون كفارة ؛ لأن الكفارة تختص بالجماع . والنائم إذا احتلم فأنزل ، فلا شيء عليه ، وصيامه صحيح ؛ لأن ذلك وقع بدون اختياره ، لكن يجب عليه الاغتسال من الجنابة . 3 - الأكل أو الشرب متعمدا ؛ لقوله تعالى : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ أما من أكل وشرب ناسيا ، فإن ذلك لا يؤثر على صيامه ، وفي الحديث : من أكل أو شرب ناسيا ، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه . ومما يفطر الصائم إيصال الماء ونحوه إلى الجوف عن طريق الأنف ، وهو ما يسمى بالسعوط ، وأخذ المغذي عن طريق الوريد ، وحقن الدم في الصائم ، كل ذلك يفسد صومه ؛ لأنه تغذية له ، ومن ذلك أيضا حقن الصائم بالإبر المغذية ؛ لأنها تقوم مقام الطعام ، وذلك يفسد الصيام ، أما الإبر غير المغذية ، فينبغي للصائم أيضا أن يتجنبها محافظة على صيامه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ويؤخرها إلى الليل . 4 - إخراج الدم من البدن : بحجامة أو فصد أو سحب دم ليتبرع به لإسعاف مريض ، فيفطر بذلك كله . أما إخراج دم قليل كالذي يستخرج للتحليل ، فهذا لا يؤثر على الصيام ، وكذا خروج الدم بغير اختياره برعاف أو جرح أو خلع سن ، فهذا لا يؤثر على الصيام . 5 - ومن المفطرات التقيؤ ، وهو استخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم متعمدا ، فهذا يفطر به الصائم ، أما إذا غلبه القيء ، وخرج بدون اختياره ، فلا يؤثر على صيامه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من ذرعه القيء ، فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمدا ، فليقض ومعنى " ذرعه القيء " أي : خرج بدون اختياره ، ومعنى قوله : " استقاء " أي : تعمد القيء . وينبغي أن يتجنب الصائم الاكتحال ومداواة العينين بقطرة أو بغيرها وقت الصيام ، محافظة على صيامه . ولا يبالغ في المضمضة والاستنشاق ؛ لأنه ربما ذهب الماء إلى جوفه ، قال صلى الله عليه وسلم : وبالغ بالاستنشاق إلا أن تكون صائما . - والسواك لا يؤثر على الصيام ، بل هو مستحب ومرغب فيه للصائم وغيره في أول النهار وآخره على الصحيح . ولو طار إلى حلقه غبار أو ذباب ، لم يؤثر على صيامه . ويجب على الصائم اجتناب كذب وغيبة وشتم ، وإن سابه أحد أو شتمه ، فليقل إني صائم ، فإن بعض الناس قد يسهل عليه ترك الطعام والشراب ، ولكن لا يسهل عليه ترك ما اعتاده من الأقوال والأفعال الرديئة ، ولهذا قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الطعام والشراب . فعلى المسلم أن يتقي الله ويخافه ويستشعر عظمة ربه واطلاعه عليه في كل حين وعلى كل حال ، فيحافظ على صيامه من المفسدات والمنقصات ، ليكون صيامه صحيحا . وينبغي للصائم أن يشتغل بذكر الله وتلاوة القرآن والإكثار من النوافل ، فقد كان السلف إذا صاموا ، جلسوا في المساجد ، وقالوا . نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا ، وقال صلى الله عليه وسلم : من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ، وذلك لأنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله عليه في كل حال من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، روي عن أبي هريرة مرفوعا : الصائم في عبادة ما لم يغتب مسلما أو يؤذه ، وعن أنس : ما صام من ظل يأكل لحوم الناس فالصائم يترك أشياء كانت مباحة في غير حالة الصيام ، فمن باب أولى أن يترك الأشياء التي لا تحل له في جميع الأحوال ، ليكون في عداد الصائمين حقا . |
07-08-08, 05:02 PM | #4 |
شـــــاعر
|
( 4 )
باب ما جاء في بيان أحكام القضاء للصيام من أفطر في رمضان بسبب مباح ، كالأعذار الشرعية التي تبيح الفطر ، أو بسبب محرك ، كمن أبطل صومه بجماع أو غيره ، وجب عليه القضاء ، لقوله تعالى : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ . ويستحب له المبادرة بالقضاء ، لإبراء ذمته ، ويستحب أن يكون القضاء متتابعا ؛ لأن القضاء يحكي الأداء ، وإن لم يقض على الفور ، وجب العزم عليه ، ويجوز له التأخير ؛ لأن وقته موسع ، وكل واجب موسع يجوز تأخيره مع العزم عليه ، كما يجوز تفرقته ، بأن يصومه متفرقا ، لكن إذا لم يبق من شعبان إلا قدر ما عليه ، فإنه يجب عليه التتابع إجماعا ، لضيق الوقت ، ولا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر ، لقول عائشة رضي الله عنها : كان يكون علي الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ، لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه ، فدل هذا على أن وقت القضاء موسع ، إلى أن لا يبقى من شعبان إلا قدر الأيام التي عليه ، فيجب عليه صيامها قبل دخول رمضان الجديد . فإن أخر القضاء حتى أتى عليه رمضان الجديد ، فإنه يصوم رمضان الحاضر ، ويقضي ما عليه بعده ، ثم إن كان تأخيره لعذر لم يتمكن معه من القضاء في تلك الفترة ، فإنه ليس عليه إلا القضاء ، وإن كان لغير عذر ، وجب عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد . وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان الجديد ، فلا شيء عليه ؛ لأن له تأخيره في تلك الفترة التي مات فيها ، وإن مات بعد رمضان الجديد : فإن كان تأخيره القضاء لعذر - كالمرض والسفر - حتى أدركه رمضان الجديد ، فلا شيء عليه أيضا ، وإن كان تأخيره لغير عذر ، وجبت الكفارة في تركته ، بأن يخرج عنه إطعام مسكين عن كل يوم . وإن مات من عليه صوم كفارة كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم المتعة في الحج ، فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينا ، ولا يصام عنه ، ويكون الإطعام من تركته ؛ لأنه صيام لا تدخله النيابة في الحياة ، فكذا بعد الموت ، وهذا هو قول أكثر أهل العلم . وإن مات من عليه صوم نذر ، استحب لوليه أن يصوم عنه ، لما ثبت في " الصحيحين " ، أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن أمي ماتت وعليها صيام نذر ، أفأصوم عنها ، قال : نعم والولي هو الوارث . قال ابن القيم رحمه الله : يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي ، وهذا مذهب أحمد وغيره ، والمنصوص عن ابن عباس وعائشة ، وهو مقتضى الدليل والقياس ؛ لأن النذر ليس واجبا بأصل الشرع ، وإنما أوجبه العبد على نفسه ، فصار بمنزلة الدين ، ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين ، وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء ، فهو أحد أركان الإسلام ، فلا تدخله النيابة بحال ، كما لا تدخل الصلاة والشهادتين ، فإن المقصود منهما طاعة العبد بنفسه ، وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها ، وهذا لا يؤديه عنه غيره ، ولا يصلي عنه غيره . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يطعم عنه كل يوم مسكين ، وبذلك أخذ أحمد وإسحاق وغيرهما ، وهو مقتضى النظر كما هو موجب الأثر ، فإن النذر كان ثابتا في الذمة فيفعل بعد الموت ، وأما صوم رمضان ، فإن الله لم يوجبه على العاجز عنه ، بل أمر العاجز بالفدية طعام مسكين ، والقضاء إنما على من قدر عليه لا على من عجز عنه ، فلا يحتاج إلى أن يقضي أحد عن أحد ، وأما الصوم لنذر وغيره من المنذورات ، فيفعل عنه بلا خلاف ، للأحاديث الصحيحة . |
07-08-08, 05:03 PM | #5 |
شـــــاعر
|
( 5 )
باب في ما يلزم من أفطر لكبر أو مرض الله سبحانه وتعالى أوجب صوم رمضان على المسلمين ، أداء في حق غير ذوي الأعذار ، وقضاء في حق ذوي الأعذار ، الذين يستطيعون القضاء في أيام أخر ، وهناك صنف ثالث لا يستطيعون الصيام أداء ولا قضاء كالكبير الهرم والمريض الذي لا يرجى برؤه ، فهذا الصنف قد خفف الله عنه ، فالواجب عليه بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من الطعام . قال الله تعالى : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا . وقال تعالى : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ . قال ابن عباس رضي الله عنهما : (هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم) رواه البخاري . والمريض الذي لا يرجى برؤه من مرضه في حكم الكبير ، فيطعم عن كل يوم مسكينا . وأما من أفطر لعذر يزول كالمسافر والمريض مرضا يرجى زواله والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما ، والحائض والنفساء ، فإن كلا من هؤلاء يتحتم عليه القضاء ، بأن يصوم من أيام أخر بعدد الأيام التي أفطرها ، قال تعالى : وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ . وفطر المريض الذي يضره الصوم والمسافر الذي يجوز له قصر الصلاة سنة ، لقوله تعالى في حقهم : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي : فليفطر وليقض عدد ما أفطره ، قال تعالى : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ والنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين ، إلا اختار أيسرهما ، وفي " الصحيحين " : ليس من البر الصيام في السفر . وإن صام المسافر أو المريض الذي يشق عليه الصوم ، صح صومهما مع الكراهة ، وأما الحائض والنفساء ، فيحرم في حقها الصوم حال الحيض والنفاس ، ولا يصح . والمرضع والحامل يجب عليهما قضاء ما أفطرتا من أيام أخر ، ويجب مع القضاء على من أفطرت للخوف على ولدها إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته . وقال العلامة ابن القيم رحمه الله : (أفتى ابن عباس وغيره من الصحابة في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أن تفطرا وتطعما عن كل يوم مسكينا ، إقامة للإطعام مقام الصيام) يعني : أداء ، مع وجوب القضاء عليهما . ويجب الفطر على من احتاج إليه لإنقاذ من وقع في هلكة ، كالغريق ونحوه . وقال ابن القيم : " وأسباب الفطر أربعة : السفر ، والمرض ، والحيض ، والخوف من هلاك من يخشى عليه الهلاك بالصوم كالمرضع والحامل ، ومثله مسألة الغريق " . ويجب على المسلم تعيين نية الصوم الواجب من الليل ؛ كصوم رمضان ، وصوم الكفارة ، وصوم النذر ، بأن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو قضائه أو يصوم نذرا أو كفارة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى وعن عائشة مرفوعا : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر ، فلا صيام له فيجب أن ينوي الصوم الواجب في الليل ، فمن نوى الصوم من النهار ، كمن أصبح ولم يطعم شيئا بعد طلوع الفجر ، ثم نوى الصيام ، لم يجزئه ، إلا في التطوع ، وأما الصوم الواجب ، فلا ينعقد بنيته من النهار ؛ لأن جميع النهار يجب فيه الصوم ، والنية لا تنعطف على الماضي . أما صوم النقل ، فيجوز بنية من النهار ، لحديث عائشة رضي الله عنها : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فقال : هل عندكم من شيء ؟ فقلنا : لا ، قال : فإني إذا صائم رواه الجماعة إلا البخاري ، ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان مفطرا لأنه طلب طعاما ، وفيه دليل على جواز تأخير نية الصوم إذا كان تطوعا ، فتخصص به الأدلة المانعة . فشرط صحة صوم النفل بنية من النهار أن لا يوجد قبل النية مناف للصيام من أكل وشرب ونحوهما ، فإن فعل قبل النية ما يفطره ، لم يصح الصيام بغير خلاف . لاتنسونا من دعائكم |
07-08-08, 11:20 PM | #6 |
12-08-08, 10:27 AM | #7 |
16-08-08, 10:51 PM | #8 | |
عــضــو
|
تسلم لا هنت
تقبل تحيلتي الله يجزاك الف الف خير موفق بإذن الله |
|
07-12-08, 05:30 PM | #9 |
|
|