روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-06-07, 02:37 AM | #1 |
شـــــاعر
|
اختبار القدرات وأكذوبة التنبؤ المطلقة ...
إن من عيوب مجتمعاتنا العربية الأخذ بشكل مسلم لكل تجربة غربية حتى ولو كانت هذه التجربة محل نظر ولم تنضج بعد ، ومنفردة بها دولة أو دولتين دون غيرهما من دول الغرب ، مع أن هناك الكثير من التجارب والنظريات الغربية التي تخالف منطق العقل وحكمة البصيرة بل وتخالف منطلق الشرائع ؛ فالتنبؤ المطلق بالمستقبل - كان ماكان - سواء عن كائن حي أو جماد ؛ يعتبر من مجالات الغيب ولايعلم بصلاحه أوفساده إلا الله تعالى ، وقد يكون اختبار القدرات لم يكن مقصوداً لذاته وإنما مقصوداً لغيره وهو الحد من القبول فى الجامعات والتوجه للمهن الحرفية والدونية ، وواقع الحال يفرض ويتطلب وجود مجتمع جامعي ومثقف ومحصن في عصر كثرت فيه الفتن والتيارات الفاسدة والمنحرفة والتي تلقي بوبالها في الآخر على الأمن والمجتمع ، فالعلم من الضرورات أما الوظائف فمن الموجودات وعلى واقع العرض والطلب ومن شواهد ذلك قبول بعض الجامعيين بوظائف كانت على مستوى الثانوية ومافي مستواها كقبول المتخرجة الجامعية بالمستوى الأول والثاني وهي تستحق المستوى الخامس -( وفي السماء رزقكم وماتوعدون ) - ولعل مجتمع يأكل الفرد فيه رغيفين في اليوم وهو واع ومثقف ومحصن ضد التيارات والأفكار الفاسدة من كل اتجاه ، خير من مجتمع ينعم بالعيش والترف ضعيف التحصين يسهل اصطياده لكل من هب ودب .. أما الوظائف الحرفية والدونية فسيبقى لها الكثير من شرائح المجتمع التي لم يصل بها مستواها التعليمي إلى إكمال المرحلة الجامعية لأي سبب من الأسباب ، لذا ينبغي علينا اعادة النظر حيال تدمير الجهود وتحطيم الذات وإفشال سنوات من العمر قضاها ذلك المجتهد من أجل الحصول على التقدير المرتفع من جيد جداً فما فوق وضياعها باختبار ساعة قياس منذَ نشأته حتى تخرجه من أجل حسابات مبنية على الظن والوهم أو من أجل الحد من القبول في الجامعات أو من أجل دعم الجهات ذات العلاقة بما يرد من أموال يدفعها طلاب الثانوية والإستنزاف لجيوبهم مرة تلو المرة ثم الخروج بخفي حنين ... ولأهمية هذا الموضوع وإعادة النظر فيه وهو ( اختبار القدرات ) نقلت إليكم هذا المقال المبين إدناه 0 «اختبار القدرات» المحلي..مسخ!! نعيمان عثمان ـ الرياض -- مجلة المعرفة العدد ( 133 ) يصر القائمون على «المركز الوطني للقياس والتقويم» في وزارة التعليم العالي على أن اختباراتهم للقبول في الجامعات السعودية لديها الإمكانية لقياس قدرات ومواهب وميول واستعدادات الطلاب، ويدّعون جملة ادعاءات كثير منها موضع شك و مساءلة ويقترفون مغالطات في مسائل واضحة ويتحيزون أشد التحيز فى مواضيع بالغة الأهمية فى الوقت الذى ينادون فيه بالإنصاف وإتاحة الفرصة للكل. قد لا يولي الكثيرون أهمية لكلمة «مستقلة» التي ترد في تعريف المركز بأنه «جهة مستقلة إداريًا وماليًا ويرأس مجلس إدارته معالي وزير التعليم العالي» (جريدة الرياض 11/4/2002م) لكن لأن «الإنصاف» أساس فلا بد أن يكون لهذه الكلمة ثقل كبير. عندها يبرز السؤال البسيط: كيف يكون مستقلاً وهو جزء من جهاز حكومي وموظفوه مثل غيرهم من الإداريين أو المعارين؟ لا نتوقع أن يكون مبدأ الفصل والاستقلال الوظيفي لدينا بنفس الحدة التي هو عليها في جهات ومؤسسات خارجية، فليس لدينا منع توظيف ذوي القربى في نفس الإدارة أو حتى في القسم الأكاديمي، وليس لدينا فصل تام بين ما يسمى جهات حكومية وخاصة. هذا مثال معتاد لوضع الاستقلال الصارم لا يمكن تصوره هنا: الإسهام المالي من متبرع لمكتبة أو متحف حكومي لا يمكن قبوله إلا بموافقة السلطات التشريعية. لا نتكلم هنا عن سوء استعمال أو استغلال مال عام لغرض خاص ولكن حتى الإحسان قد يكون مصدر تسلط ونفوذ أو وجاهة مع عدم استبعاد الفساد! كذلك قد يكون لكلمة «استقلال» هنا معنى «انفصال تام» عن الجهة الأساسية التي صنعت اختبارات الذكاء، (وهي أمريكية)، ويتم ذلك عن طريقين أساسيين: الإصرار على تحوير يتناسب مع الظروف المحلية، والزعم أن الاختبار مبني على «أسس علمية» متعارف عليها عالميًا. كلمة «عالميًا» التي ترد هنا في النشرة الرسمية للمركز لا تعني إلا أمريكا، رغم إصرار مدير المركز على أن هذه «الاختبارات معمول بها في أغلب الدول المتقدمة»، ويعدد بعض الدول مثل كندا وفرنسا والأرجنتين والبرازيل والصين والهند وتركيا وماليزيا (الرياض، 11/4/2002م). لكن بالطبع هذا ليس صحيحًا البتة. فكما يقول «ألفي كون» في «الامتحانات المعيارية وضحاياها» (إديكيشن وييك، 27/9/200م) «قلة هي الدول التي تستعمل الاختبارات المعيارية لأطفال دون مستوى الثانوية أو أية اختبارات متعددة الاختيار للطلبة من أي عمر». ويقول في مقالة أخرى عن اختبار SAT المطبق في «المركز الوطني للقياس والتقويم»: «لا يستعمل مثل هذا الاختبار في كندا» وهي أقرب بأكثر من معنى لأمريكا www.alfiekohn.org.teaching/sat.htm. أما في بريطانيا فقد نوقش هذا الاختبار وسجل ملحق الجارديان التعليمي (14/9/2004م) تعليق أحد التربويين بأن هذا «نظام أمريكي بحت». فلا كندا ولا بريطانيا لها ولع أو تواؤم مع هذا الاختبار. إن كلام مدير «المركز الوطني للقياس والتقويم» فعل فعله، فأحد الكتاب هنا يكرر في معرض رأفته بطلابنا الذين لا يمكن أن يسايروا هذا «التقدم»، فالامتحان «مطبق في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية» (الوطن، 1/5/2005م). لكن يذكر كتاب Minds Standardized الذي يركز على ثقافة الامتحان الأمريكية: «إن الأمريكيين مولعون بقياس الذهن (وهو ما يندر في دول أخرى) في تضاد مع ما يسميه الأوروبيون «اختبارات أمريكية». اختبارات القبول للكليات أو الجامعات في الدول الصناعية الأخرى هي في العادة اختبارات مقالات يبين فيها الطلاب معرفتهم بموضوعات مختلفة تعلموها في فصولهم» (مقتطف من الباب الأول يوجد على www.fairtest.org.k12/psacks.html ). وفي إصرار القائمين على القياس (المسخ) بأنه «عالمي» أي أمريكي أو غربي فإنهم يصنعون «غربًا» متخيلاً ليس له على أرض الواقع وجود. وكما نرى فيما بعد فهذه الاختبارات ليست فقط نتاج ثقافة دولة واحدة، وإنما أيضًا تاريخها في ذلك البلد مثقل بالمشكلات وتتعرض لهجوم كاسح لدرجة أن المشرفين عليها هناك تراجعوا عن كثير من ادعاءاتها، بينما يبرئ «مركز القياس» الاختبارات من كل نقيصة ويصر على «نسختها الأصلية» التي عدلت مرات ومرات! اختبار الجيش في أمريكا هناك امتحانان رئيسيان للقبول في الجامعات: اختبار SAT واختبار آخر معروف بـACT (American CollegeTesting Program Assessment ). كلاهما يعتمد أسلوب الاختيارات المتعددة والتمييز بينهما يتركز في انتشارهما الجغرافي وفي اعتماد الأخير على المقررات الدراسية، فهو اختبار تحصيل وإنجاز، بينما الأول اختبار «مقدرات». لكن بإلغاء القياس وإضافة «كتابة مقال» في اختبار SAT المطبق هذا العام فإن الابتعاد عن فكرة «المقدرات» أو الميول والاستعداد «Aptitude» التي صبغته في البداية يكون قد وصل إلى أقصاه. مر اختبار SAT بمرحلة وسيطة اعتبرت فيها «Assessment» (تقييم: التكرار مع «اختبار» يجعلها لا تضيف جديدًا) هي الكلمة التي يرمز إليها حرف «A» في المسمى، أما الآن فإن مختصر الاسم SAT لا يعني شيئًا. لقد مثلت النظائر محورًا أساسيًا في الجدل الدائر حول فكرتي «الميول» و«التعلم»، فإن كانت الأولى تعلي من شأن «الإمكانات الفطرية»، حسب مؤيديها، فإن الأخرى ترى أن النظائر (مثلها مثل الكلمات المضادة التي حذفت في تعديل 1994م) ما هي إلا تمارين للذاكرة يعد لها بالتدريب ولا فائدة تعليمية ترجى منها. تفترض فكرة «المقدرات» وجود «مستوى» وأنه إلى حد كبير ثابت وبالتالي يمكن قياسه ولا مجال لتغيير نتيجة القياس. بهذا يشبه امتحان SAT امتحان معدل الذكاء IQ الذي يعتبر امتدادًا له ويشوب تاريخه تحيزات مماثلة إلى درجة أنه يكاد يكون هناك إجماع على الارتباط الوثيق بين اختبار القبول SAT وIQ حتى إن البعض يستخدم أحدهما بديلاً للآخر. ويذهب مقال لنيكولاس ليمان فى «Psychological Science، عدد يونية 2004م» إلى أن SAT يقيس الذكاء العام المعروف بـ«g» بدقة تفوق بعض امتحانات IQ. لكن هذا الربط يضخم من وصم من يحصل على درجات متدنية في اختبار SAT، فهو ليس فقط قاصر الاستعداد، وإنما أيضًا له ذكاء منخفض. ويقول «نيكولاس ليمان Lemann» إن قبول SAT عبر البلاد كان سيتعثر لو قدم على أنه امتحان ذكاء. وبالتأكيد ساعد حذف النظائر وإضافة كل من المقال وأسئلة النحو في تقريب الامتحان من اختبارات التحصيل والابتعاد عن امتحان الذكاء IQ. لقد كان «ألفريد بينيه» أول من أعد امتحان ذكاء IQ في فرنسا في 1905م وطوره فيما بعد «لويس تيرمان»، الأستاذ في جامعة ستانفورد (ستانفورد - بينيه هو بالإضافة إلى امتحان وكسلر أهم امتحان ذكاء). نشر «تيرمان» الامتحان لكن النقلة النوعية كانت مع «كارل بيرجهام»، الأستاذ في جامعة «برنستون»، الذي حور امتحان ذكاء أعده خصيصًا للجيش الأمريكي (يستبعد من هم دون درجة معينة) واستعمله كامتحان قبول للكليات. إنه أول معد لـ SAT. كذلك في نقلة نوعية أخرى مرتبطة بالجيش (امتحان مجموعات وليس كل فرد على حدة كما كان المعتاد). استخدم SAT المعدل لامتحان مئات الألوف من الجنود في نفس اليوم وكان ذلك عند بداية دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية. وحسبما ورد على لسان أحد المهتمين بمجال الإحصاء، «المشكلة الأساسية هي أن الناس يريدون رقمًا يختزل كل شيء». يطلب الامتحان من المتقدمين لجامعات وكليات، وفي حالة المسخ المحلي فإنه يطلب حتى لكليات عسكرية، أمنية ومعاهد إدارية ومدارس مهنية وحرفية! وفي أمريكا يمكن أن يمتد ذلك ليكون متطلبًا من متطلبات الحصول على وظيفة، فدار الاستثمار «جولدن ساكس» مثلاً تصر على نتيجة الـSAT وتوليها أهمية تفوق الشهادة الدراسية. بالمقابل هناك عدد من الكليات الأمريكية بدأ يتراجع عن الإصرار على أخذ هذا الاختبار. وحسب إحدى الصحف هناك سبعمائة كلية لم تعد تطلبه. هناك نقطتان فاصلتان لاحقتان في انتشار SAT أولهما تبني رئيس جامعة «هارفرد» هذا الامتحان وإبداء أحد مساعديه، «هنري تشونسي Chauncey»، مقدرة وحماسًا لنشر الاختبار. وثانيهما جعل الهيئة المشرفة على الاختبارات التي أنشأها «Education Testing Service » أو كما نشير إليها دائمًا ETS مؤسسة ناجحة وواسعة النفوذ. مع هذا لم يتحقق للاختبار النجاح التام إلا في نهاية الستينيات من القرن الماضي عند اعتماد جامعة «كاليفورنيا» له. آفة الحفظ والتلقين قام «كونانت» رئيس جامعة «هارفرد» بتبنيه لاختبار القبول للجامعات SAT بأفكار ثورية، إذ إنه سعى عن طريقه إلى تغيير المجتمع الأمريكي. كان القبول بناء على عوامل الوراثة أو الثروة أو الجاه، والاختبار كان الوسيلة لإفساح المجال لمن يتوفر فيهم الذكاء والموهبة، وبالتالي إلغاء الطبقية وخلق مجتمع عادل. من المفارقة أن «كونانت» كان يصر على أن SAT اختبار ميول وليس اختبار تحصيل حتى تكون الفرصة أكبر للفقراء في المنافسة. لكن كما لاحظنا من تاريخ SAT بدءًا بمعده «بيرجهام» الذي اعتمد امتحانات الذكاء المتحيزة أصلاً، إلى الجدل الحديث الذي اعتبر الاختبار ليس فقط غير منصف وإنما له دور أساسي في الفرز والإقصاء. قد يكون ملائمًا هنا أن نذكر أن المؤلف الذي سك في رواية له كلمة «الميروقراطية حكم الجدارة» وسخر من استعمال «merit» كمبدأ أساسي يحقق الإنصاف، قد مني بخيبة أمل كبيرة عندما رأى كيف يساء استعمال هذه الفكرة، فهي الآن المبدأ المشرّع للسلطة. يشير «مايكل ينج» في مقالة له (الجارديان، 29/6/2001م) إلى أن كلمته انتشرت في أمريكا أكثر من سواها، وأن مسعاه إلى العدالة انقلب، إذ إنه عبر ثقوب صغيرة جدًا من القيم غربلت المدارس والجامعات الناس. يدين بمرارة هذه «الموضة» وحكم (بل تحكم) الميروقراطية. والميروقراطية هي سلطة الامتحانات المعيارية، وأصحاب النفوذ يسعون إلى إعادة إنتاج ما منحهم مكانتهم وتفوقهم عن طريقها. قد تعني أيضًا الجدارة, الشجاعة, والتضحية والجلد، وهذه ميزات محمودة، لكن الجدارة التي تحظى بالمكافأة والتقدير هي التي تنحصر في نطاق ضيق من الخصال الإنسانية مثل الطموح والمنافسة. بهذا تكون الجدارة معارضة للإنصاف، وتتحول الميروقراطية (وفي أصلها تركيب يوناني - لاتيني يعني حكم الأفضل) إلى أرستقراطية. لكن مشكلة «الإنصاف» هي مشكلة أزلية منذ أرسطو الذي رأى أن الأفراد ينبغي أن يعاملوا بنفس الطريقة ما لم تكن هناك فروق أو اختلافات بينهم، مما يعني أنه نزع إلى إعطاء قدر من الأهمية إلى تلبية الحاجة عند من يحتاج معونة أكثر من سواه. فالتفريق بناء على الحاجة فيه إنصاف وإن لم تكن فيه مساواة. تعني «العدالة» أحيانًا معاملة الناس بطرق مختلفة. في عصرنا الحالي وضع الفيلسوف «جون رولز» كل العوامل بما فيها الموروثة أو المكتسبة في خانة الحظ، ولا يمكن أن تغمط حقوق من لم تتيسر لهم هذه العوامل. الجينات الموروثة التي تمنح الذكاء، مثلها مثل الأموال والمكانة الموروثة، يجب ألا تمنح أية أحقية. لئن كانت الجدارة تحمل معنى المثابرة فإن اختبار القبول وجد لمحاربة الطلاب الذين يبذلون جهدًا بغرض لا يخلو من الاستبعاد، ولكن بناء على مبدأ يعطي الأولية «للمقدرات الكامنة» لأنها (كما ادعى مناصروها) تتنبأ بالنجاح في الجامعة، بمنطق لا يفتقد الإنصاف فحسب ولكن أيضًا الدقة! يسعى اختبار القبول للتخلص من الطلاب «المثابرين» الذين يحصلون على درجات عالية في مقرراتهم الدراسية والحكم عليهم بأن «أداءهم يفوق مقدراتهم»، لأن المقدرة الفطرية أعلى منزلة من الجهد. لكن الفصل بين المقدرة والجهد هو في عداد المستحيل. في تمييز قد يخفى على من لا صلة له (أو لا يثق) بمفاهيم القياس السيكولوجي يفرق «تشارلز موري Murray» بين نوعين من اختبار الذكاء: يحتوي اختبارا الذكاء «وكسلر» وS-B على جزئين يسميان مدى رقمي أمامي وعكسي «forward-digit span» و backward-digit span. وهذا الأخير أكثر دلالة على الذكاء العام. ما يفعله الأخير هو سرد أرقام متتالية كثيرة بالعكس. وهنا لا بد أن يكون للحفظ دور هام، لكننا رأينا كيف يعارض الجميع الحفظ والتلقين بالذكاء والتحليل. في اختبار القبول أو المقدرات (كما يسمى مسخه المحلي) يشكل القياس المتمثل في «الكلمات المتناظرة» وإلى حد أقل «الكميات المتناظرة» مرتكزًا أساسيًا، إلا أنه حذف في اختبار SAT الأخير كما حذفت قبله الكلمات الأضداد. في اللغة العربية القياس «analogical deduction» هو مبدأ عقلاني أساسه التحليل لتوخي معرفة التماثل أو التشابه بين شيئين. من المفيد ونحن نتحدث عن التحليل أن نبحث في أسباب إلغاء هذه المناظرة. حذفت الأضداد في 1994م وألغيت التناظرات أولاً في عام 1930م بعد أربع سنوات فقط من انطلاقة اختبار SAT لكنها أعيدت في 1963م. يبدو أن سبب إدارجها الأساسي واضح، لكن تعددت أسباب نقدها: هي مجموعة حيل يقصد منها خداع الطلبة، قائمة الكلمات ترتبط بطبقة معينة، يمكن حفظ الكلمات المتناظرة كبديل لها. أضيف امتحان «المقدرة على فهم فقرة مكتوبة» غرضه قياس مهارات الطلاب في التفكير التحليلي (http//chronicle.com/cgi2-bin.cgi)، ويدعم رئيس الهيئة المشرفة على الاختبار «جاستون كيبرتون Caperton» هذا التعديل قائلاً إنه يؤدي نفس الغرض في قياس المهارة الذهنية. لكن التغيير جوهري فهو يتعدى مجرد إحلال جزء مكان آخر. فالنقلة تتمثل في الابتعاد عن مفهوم «الميول» و«الاستعداد» و«المقدرات الفطرية» والاقتراب من المناهج المقررة. نقطتان أساسيتان تبرزان من هذه التجربة الأمريكية: أولهما الارتباط الجوهري للتناظر ليس فقط بثقافة واحدة ولكن بمجموعات داخل نفس الدولة مما يقود إلى مسألة «دقة القياس». النقطة الثانية هي قابلية هذا الجزء الذي يفترض أن يقيس «المقدرات الذهنية» للتدرب والحفظ مما ينفي أهميته ويشرع الباب لمسألة الإنصاف أو عدمه. ومع مناداة التربويين (وإن كانت بطريقة مكررة تفتقر إلى النظرة التحليلية) بالتخلص من آفة الحفظ والتلقين لا بد أن تكون قابلية الكلمات المتناظرة للحفظ مدعاة إما للإنكار أو لإحلال بديل. هنا تتأكد فكرة الحفظ كمناقض للابتكار والإبداع وبالتالي الذكاء. لكننا نعرف (سواء تقليديًا أو حسب مفاهيم أحدث) أن قوة الذاكرة لها صلة أساسية بالمقدرات الذهنية. هناك بالطبع أنواع كثيرة من «الذاكرة» لكننا هنا أقرب إلى ما يعرف «بالتسميع» التي تعني عملية حفظ وإفراغ ما حفظ «عن ظهر قلب» (فكرة القلب والتقيؤ والاسترجاع في حد ذاتها منفرة)، أي دون تفكير أو حتى فهم! هذا هو ما يعرف «بالذاكرة الحرفيةverbatim memory لكن ذلك لم يكن تاريخيًا ولا حاليًا جزءًا أساسيًا من عملية «استيعاب» المعرفة الذي ازداد مع انتشار الكتابة. لنا أن نتذكر أن هناك معلومات أساسية يجب «تحميلها» على كمبيوتر الذهن مثل جدول الضرب وحروف الهجاء وترتيبها. هذا الحفظ أو الصم rote memorization يجب ألا يجعلنا نتجنب الجانب المهم للحفظ كمقدرة لاستيعاب المعرفة، وإلا فالتعليم يصبح وكأنه لعبة تنتهي بنهاية ممارستها. إن حفظ الكلمات المتناظرة لا يقلل من أهمية الحفظ، ولكنه يضعنا أمام مشكلة هذا الجزء من امتحان القبول: إنه يمكن الإعداد له وبالتالي أي تنبؤ مبني على التفوق فيه لا يعني بالضرورة مقدرة ذهنية فائقة. أضف إلى ذلك أن الإعداد يقود إلى مسألة الإنصاف، إذ إن ذلك مرتبط بالقدرات المالية والوضع الاجتماعي. لذا فليس للقياس قيمة تكهنية. الذهن المليونيري يضع «المركز الوطني للقياس والتقويم» كأول مسوغ لاختبار القياس ازدياد الطلاب وضرورة انتقائهم «حسب الأهلية والاستعداد»، مقابل اختبار الثانوية الذي يرتبط بمقررات دراسية ودرجاته تعكس الجهد المبذول. في فترة ماضية كان هناك ادعاء بأن الـSAT يعتمد عليه في التنبؤ بالنجاح في الجامعة ثم اقتصر على السنة الجامعية الأولى. وفي مراحل لاحقة وجد أن تنبؤه إما محدود أو لا يختلف عن درجات اختبار الثانوية، أي أنه لا قيمة له. وهذا هو الرأي النهائي الذي قضى على فكرة التنبؤ ككل. من الملحوظ أن المركز يدعي لاختبار القبول (بالإضافة للتنبؤ) أشياء لم يدعها معدو الأصل: تحديد اهتمامات الطلاب فيمكنه التوجيه للتخصصات المناسبة، وزيادة تحسين مستوى «الكفاءة التعليمية في بعض الجامعات»! تذكر «نشرة المعلم» الصادرة عن «المركز الوطني للقياس والتقويم» أنه ثبت علميًا أن لاختبارات القياس «ارتباطًا بمدى نجاح الطالب في الدراسة الجامعية». لا نجد هنا ذكرًا لأي نوع من الارتباط، وفي أي بلد، وكيف ثبتت هذه العملية.. لكن المرجعية بالطبع هي لأمريكا وإن بدون تفاصيل مقنعة! قبل سنة تقريبًا من تاريخ هذه النشرة وبدء نشاط المركز وجد في تقرير نهائي لجامعة كاليفورنيا أن اختبار SAT «عديم الفائدة تقريبًا في قرارات القبول». وخلص التقرير إلى أنه يأتي بعد كل من معدل درجات الثانوية وSATII ( اختبار التحصيل المبني على معرفة بمواد معينة) في مقدرته على التنبؤ بالنجاح في السنة الجامعية الأولى. أعلن مدير الجامعة حينها، التربوي وعالم النفس «ريتشارد أتكنسون»، أن اختبار القبول SAT «لا يضيف شيئًا لمقدرتنا على التنبؤ بالأداء في الجامعة». وفي تقرير «جامعة كاليفورنيا واختبار SAT» كانت اختبارات التحصيل SATII «بانتظام أفضل فى التنبؤ عن SAT لأداء الطلاب الأكاديمي». وكذلك كان اختبار التحصيل «أقل تأثرًا بالفروق في الخلفيات السوسيواجتماعية للطلاب عن SAT research/archandplanning/sat.study.pdf). هذا لا يجعل اختبار التحصيل أفضل في التنبؤ فحسب وإنما أكثر عدالة، حيث إنه بوضوح أقل حساسية للفروق في الدخل أو التعلم عند أسر الطلاب. وتأتي الضربة القاضية بمقارنة ثنائية مع درجات الثانوية، إذ إنه يظهر أن «امتحان القبول SAT أقل قدرة على التنبؤ بالنجاح في المستقبل من معدل درجات الثانوية»(ucop.edu/news/sat/boars.htm). لم يقتصر الاقتناع بأفضلية اختبارSAT الجديد المعدل جذريًا على نزعة كاليفورنيا «التقدمية» إذ إننا نجد كاتبًا محافظًا في أسبوعية شديدة المحافظة يؤيده ويرى أن المنافسة فيه «أكثر إنصافًا»، على الأقل لأن الكل يعلم أن اختبار القبول هو اختبار تحصيل, وأفضل إعداد له هو الدراسة الجادةwww.weellystandard.com. أما بالنسبة للتنبؤ فخارج نطاق الجامعات جاء الاعتراض من مجال الأعمال على SAT، فقد جادلت مجموعة من رؤساء الشركات الكبرى في أمريكا بأن الأصرار عليه يضر بالتعليم مؤكدين أنه لا يتنبأ بالرفاه أو الإنتاج في الحياة (www.edweek.org). ويدعم هذا الرأي مقال للسناتور الأمريكي «بول ولستون» يذكر فيه أن معدله في SAT كان دون 900، وأنه مقتنع بأنه لم يكن ليكمل درجة الدكتوراه «وينجح كسياسي» لو أخذ تلك النتيجة مأخذ الجد. وفي مسح لـ1371 مليونيرًا أمريكيًا قام به «توماس ستانلي» مؤلف «الذهن المليونيري» ظهر أن كثيرًا من هؤلاء كان معدلهم في SAT دون 1200، وقيل لمعظمهم في المرحلة الثانوية إنهم متوسطو الأداء أو أقل.(واشنطن بوست،23/6/2004م). قرون الاستشعار يقول مدير «المركز الوطني للقياس والتقويم»: إنه وزملاءه ذهبوا إلى «مركز الاختبارات التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية وقضينا عشرة أيام تعرفنا خلالها على التفاصيل الدقيقة جدًا عن العمل في ذلك المركز العريض الذي قلنا إنه يقدم اختبارات القياس منذ 75عامًا»، وسيبتعث مجموعة من الزملاء لكي يتدربوا هناك في الـETS، ولدينا وعد من الـETS بأننا يمكن أن نؤدي جميع اختباراتهم في المنطقة، فهذه هي الخطة على مدى عشر سنوات.. وزار الوزارة وفد من ذلك المركز ETS وعرضوا علينا عقدًا لإعداد الاختبارات مقابل مبلغ معين، ولكن لخصوصيتنا اعتمدنا الخبرات السعودية المتميزة في هذا المجال». والبذرة المحلية نشأت في جامعة البترول، وهي «تجربة يثني عليها الجميع نظرًا لتحليها بمواصفات عالمية جيدة». وفي لعبة مرايا تحسّن صورة الطرفين يقول:«الباحثون التربويون المشهورون في أمريكا موجودون في مراكز القياس والتقويم التربوي»، والمثال الوحيد هو ETS(جريدة الرياض، 21/5/200٢)، وفي مقابلة أحدث مع مدير المركز يقول:«إن المركز استفاد من خبرة وتجربة مؤسسة الاختبارات التربوية الأمريكية ETSالعريقة التي مر على تقديمها لاختبار الاستعداد المدرسي حوالي مائة عام. والمركز حريص على تبني آخر ما توصل إليه علم القياس من نظريات. وقد زار المركز نائب رئيس (ETS) واطلعوا على إجراءات المركز في وضع الاختبارات وإدارتها وتصميمها، وأثنوا على المستوى الذي وصلت إليه المملكة في هذا المجال، وجرى اعتماد نتائج اختبارات المركز كمعايير لقبول الطلاب السعوديين ببعض الجامعات الأجنبية»(الرياض، 26/8/2004). أطلت في الاقتباس بغية إيضاح نقاط هامة تبين درجات «التماثل» المطلوب مع «المثال» الأعلى حتى لو ارتكب المرء من أجل ذلك حفنة من المغالطات والمبالغات وزعم مزاعم جوفاء. أبدأ بمفارقة «معرفة التفاصيل الدقيقة جدًا» في مدة عشرة أيام التي تدل على عمق المحبة والتقدير لهذا المركز ETS العريض (إن كان لهذه الكلمة معنى هنا)، و«العريق» الذي ستكون «العشرة» (هكذا) معه عشر سنوات. وكم نسعد لأنه يرضى ويثني على عملنا ويرضى عن نتائجنا!(لكن بالطبع خصوصيتنا وتقاليدنا تحد من اندفاعنا التام نحوه). في هذه العلاقة نصم آذاننا عن كل تحفظات أو انتقادات، فلا مجال للمساءلة عن ماضيه الملتبس ولا عن المشكلات الكثيرة التي رافقته والتي تفاقمت أخيرًا مما نجم عنه تحول جذري في اختبار القبول.نصر على «العراقة» فندعي أن له 75 عامًا، ومرة أخرى مائة عام (لا قيمة لربع قرن بين الأصدقاء كما يقال، لكن للمفارقة تفتقد هنا «الأرقام» و«الدقة»، الكلمتان التعويذة في هذا العمل «القياسي») مع أن اختبارات الـSAT لم تبدأ في الانتشار الفعلي إلا بعد اعتماد جامعة كاليفورنيا لها في نهاية ستينيات القرن الماضي، وهي نفس الجامعة التي فرضت التغيير الجذري على الاختبار حديثًا عندما توقفت عن طلبه.في الوقت نفسه ما زلنا نحصي سنوات العراقة! يكاد يكون كل شيء يتعلق بـ «المركز الوطني للقياس والتقويم» ينطوي على تناقض أو يدل على عكس الادعاءات. يردد القائمون عليه مقولات دحضت دحضًا كاملًا أو استبعدت لعدم وثوقيتها، كالقول بوجود «مقدرات ذهنية» ثابتة يمكن قياسها بدقة ومن ثم استحالة التهيئة لاختبار القبول، أو القول إن الاختبار أفضل متنبئ بين الامتحانات بالنجاح في الدراسة الجامعية. لا حد للتعجب من موقف التربويين الذي يفترض أنهم أدرى بالنقاش المحتدم حول هذه الاختبارات المعيارية منذ نشأتها وتاريخها الملتبس وأحيانًا المشين في أمريكا. ويصل هذ التعجب والاستغراب أقصى حده عند معرفة أن المركز يطلق اختبار القبول المحلي (المسخ) في نفس الوقت تقريبًا الذي يتحول فيه الاختبار الأصلي SAT تحولًا جذريًا، فهو في صيغته الجديدة أبعد من اختبار «قدرات ذهنية» كامنة وأقرب إلى امتحان تحصيل مرتبط إلى حد كبير بالمقررات الدرارسية، مما يجعله متنبئًا أفضل بالنجاح في الدراسة الجامعية. وحتى الأهداف التي قد تبدو للكثير نبيلة مثل «الجدارة» هي في حقيقة الأمر وسيلة لتثبيت سلطة قائمة، وليس كما هو معروف عامل حراك للمجتمع. ومثلها تلك الأفكار التي لها صلة بالانتقال من مجتمع محافظ يكرس الحفظ والتلقين في أفكاره ومعارفه. لا تؤخذ بالحديث عن «الموهبة» ولا يسرق عقلك (طبعًا بعد قياسه والتأكد من استحقاقه لذلك) الكلام عن «الابتكار»، فعند زيارة موقع المركز على الإنترنت ستجد نفس الصفحات منذ نشأته، وستجد نفس الأمثلة. ما من جديد هنا بخصوص الاختبارات القياسية على المستوى المحلي، ولا ذكر لأية تطورات لما يجري بالنسبة للأصل. هذا الثبات أو الجمود يقابله في أمريكا جدل ونقاش محتدم قد ينجم عنه في المستقبل (كما في أي مجال علمي) اقتناع مبني على دراسة وبحث بأن للإنسان قدرات يمكن بناء عليها التنبؤ بحياته (بما فيها الدراسة) المستقبلية. لسنا بصدد وصد أبواب معرفة محتملة، لكن من الحكمة بمكان ألا نلهث وراء «علموية» الأرقام والقياس وننسى ما هو أهم بالنسبة للتعليم والمبادئ الاجتماعية التي توجهه. علينا أن نواجه المشكلات القائمة والسعي لإصلاحها بالطرق الموثوقة بدل الاستعانة بوسائل قد تضر أبلغ الضرر. علينا أن نتبع مقولة «أوتو نيوراث Neurath» بأن نصلح سفننا مثل البحارة، وهي في عرض البحر. هذا فيه توجه للتحرك في كل الاتجاهات وعبر البحار لمعرفة الأفضل، لكن دونما ملاحقة أطلانطة (الجزيرة الطوبائية). في مقالته «الاستشراق ودراسة الفلسفة الإسلامية» يقول محسن مهدي إن خريجي الجامعات الغربية يتبعون نفس نظرة مدرسيهم الغربيين، ونشأ عن هذه العلاقة تماه في النظرات (مجلة الدراسات الإسلامية، 1، 1990م). لنا هنا أن نتذكر أن الاتباع بل الامتثال كامل بالنسبة لمجال مثل التربية التي يقاسي (مثله مثل بقية العلوم الاجتماعية والإنسانية)، من إهمال أو تدخل محلي، كما ألمح المستشرق الفرنسى«جاك بيرك». قد يبدو للبعض أن هذه مجرد طريقة بحث أو ميثودولوجيا وليست ثيولوجيا أو آيديولوجيا، لكن عند النظر في التاريخ الفكري الغربي حيال ما يسمى «العقل العربي» وقصوره فإن مسألة وضع التابع والمتبوع تبدو قديمة وفي كل المضامير. أقوال المستشرقين عن العقل العربي يطغى عليها التصنيف والفرز المجحف. ولنا هنا أن نستعيد كل محاولات الفرز الفردي والجماعي التي بنيت على أسس امتحانات الذكاء بأنواعها واختبارات تنميط الشخصيات، وطرق تحديد وتصنيف الأمراض والعلل النفسية. وهي معروفة ومنتشرة خاصة بعد كتاب إدوارد سعيد عن الاستشراق. يصم بعضهم العربي بعدم الدقة، وفي شكل «دقيق» يذكر «مالفرد هالبرن» (حسب سعيد) أن «عمليات الذهن البشري يمكن اختزالها إلى ثمانية بينما العقل الإسلامي لا يتمكن إلا من أربع». هذا هو وضع الشعوب التابعة وعقولها المختلة. مع ذلك( وربما بسببه)، فأمريكا هي المعيار (وربما الوحيد)، ولك أن تطلق قرون الاستشعار وتتبع كل اسم مكون من حروف أول DSMلتحديد كل أنواع الأمراض والعلل النفسية، وNLP البرمجة العصبية التي تساعد في حل المشكلات النفسية بطرق «علموية» كثيرة المزاعم، وبالطبع اختبارات SAT وGRE والكثير سواها الذي اعتمد على اختباري «وكسلر» وS-B في تحديد معدل الذكاء IQ. هل الولع بهذه الاختبارات هو السعي نحو دقة رقمية أكبر، أم أنه يعزز مقولة المستشرقين عنا «كأمة أنبياء أكثر من مفكرين»؟ يلحظ بيرك منذ بدايات القرن العشرين أن «هذا الجوع الحماسي الذي يظهره العرب من الآن للعد والقياس والتقدير الكمي يمكن أن يستشف منه نزعة عقلانية غير مكتملة، وجاذبية الاستيراد.» وفي لفتة إلى مجالات علم النفس يقول «بيرك»: «لا يسعنا أن ندهش للحماس الذي يبديه المشرق في القيام بتعداد وقياس ذاته»(العرب من الأمس إلى الغد، 1982م). أقدم «المركز الوطني للقياس والتقويم» على استيراد عدة القياس، واقتنع بشكل إيماني بمفاهيمها وجدواها، وبطريقة السياسي المتسلط الذي يفرض آراءه ويطبقها أو السياسي الحاذق الذي يطلب من جمهوره أن يثقوا في مقدرته وأمانته دون مساءلة. لكن عظم المسؤولية هنا يطغى حتى على الدور السياسي، إذ إنها مسألة تمس كل جوانب المجتمع، وما السياسة إلا جزء منه. سأستعين هنا بمقالة حديثة لمؤلف ارتبط اسمه، بطريقة غير دوغماتية، بالذكاء خاصة نظريته في الذكاء المتعدد. يقول «هوارد جاردنر» في معرض حديثه عن الخصائص الست لكل المهن، ومنها التربية: إن أهمها هو الالتزام بالعمل بمسؤولية وإيثار وحكمة، وهي شروط العقد بين المهنة والمجتمع. تحدد مركزية هذا الالتزام العقد الأخلاقي بين المهني والمجتمع، ويتعجب «جاردنر» كيف يمكن لـ«مهني» أن يخدع مجتمعه ومهنته. لنا أن نتعجب ونسأل: لماذا يطمس المركز الحقائق عن اختبار SAT أو مسخه المحلي ويدعي له أشياء تفوق ما كان (في الماضي) الأمريكيون يدعونه؟ فلا أحد (حسب علمي) قال إن الاختبار يساعد في تحديد التخصصات، ولا أحد هناك تجرأ على الزعم بأن الـSAT أفضل من اختبارات القبول التي تقدمها الجامعات لماذا يهمل المركز معلومات بسيطة لكنها فارقة مثل عدم مركزية التعليم في أمريكا، فليست هناك مقررات موحدة للبلد ككل، وليس لها امتحانات نهاية الثانوية تشرف عليها جهة واحدة كما هو الحال هنا، حتى بالنسبة للمدارس الخاصة؟ لماذا لم يتطرق الشك «العلمي» للمركز في عملية اختبار القبول والأسس التي بني عليها والهيئة التجارية المشرفة عليه؟ يقول «جاردنر»:«إن سمة كل المهن ... حالة عدم الوثوقية، الجدة وعدم التنبؤ، التي تطبع كل عمل مهني. في الوقت الذي يكون فيه معظم العمل المهني روتيني فإن التحديات الجوهرية للعمل المهني تتمحور حول الحاجة إلى اتخاذ قرارات وأحكام معقدة تقود إلى أفعال بارعة في ظل ظروف ملتبسة» (المهن في أمريكا اليوم، ديدلس، صيف 2005م). هذا التساؤل المستمر هو جزء من العمل المهني كما هو جزء من مسؤولية أخلاقية أمام المجتمع ككل. للكثير يشكل التعليم خاصرة المجتمع سريعة التأثر، ومن ناحية أخرى هو العقل في دور التكون الدائم. إن اتخاذ قرار بعد تأمل وشك يفتح المجال لتراكم خبرة عقلانية تتم فيها باستمرار مناقشة ومراجعة الأفكار. أما بالنسبة للمركز فالقرار واحد والمثال واحد ونقطة البداية هي نفسها نقطة النهاية! وللمفارقة فالبلد المثال لا يركن إلى اختبار واحد، إذ إنه إلى جانب اختباري SAT وSATII هناك اختبار ACT المنافس. وللجامعات ليس فقط المفاضلة بينها، وإنما لها فعل ما تريد. لجامعة «هارفرد» وبعض جامعات الـ Ivy League (رابطة اللبلاب) الخاصة منهجها في القبول، وهناك مجموعات كبيرة من الكليات لا تتطلب اختبار SAT أوACT للقبول، ثم هناك بعض الجامعات الكبرى التي تسعى إلى تجاوز مشكلات SAT ومنها «كاليفورنيا» و«تكساس»، تقبل جامعة كاليفورنيا الـ4٪ الأوائل من خريجي كل مدرسة ثانوية حكومية في الولاية، وتوجه الطلاب إلى أحد فروعها، وفي «تكساس» يقبل أوتوماتيكيا الـ20٪ الأوائل من المدارس الحكومية في الولاية. ما من تقنين حاسم ينهي المشكلة العويصة في التوفيق بين الإنصاف والعدالة ومنح الفرص للمحتاجين من ناحية، ومن ناحية أخرى الإبقاء على المستوى المتميز وتطويره لكن في هذين الحلين ما يستحق التمعن. أما بالنسبة «لهارفرد» التي كان لها الدور الريادي بالنسبة لاختبار SAT، فإنها كانت في الماضي تعطي المنح الدراسية بناء على الحاجة، أما الآن فإنها تقدم ما يسمى «مساعدة جدارة merit aid » لجذب طلاب قد لا يحتاجون لها ولا يطلبونها. في مقالة حديثة عن القبول في «هارفرد» نجد سردًا لقرارات استبعاد ومتطلبات قبول تتراوح بين التافه والفائق الخصوصية. يجب ألا ننسى هنا توفر حسن النية في بعض الأحيان، مثل سعي «كونانت» في 1905م لاعتماد اختبار القبول بغرض توفير الفرص للأجدر وليس لأهل الثروة والجاه. لكن كما يقول «مالكوم جلادويل»، فإنه «إذا قاد تعريف الجدارة إلى النوع الخطأ من الطلاب، فالحل هو تغيير تعريف جدارة». بدأ الحرص على توفير معلومات عن شخصيات المتقدمين (وبالمناسبة من هنا بدأ متطلب خطاب التعريف) والصور الشخصية وكتابة المقال عن مواضيع تظهر خلفية الطلاب العرقية/الإثنية أو الدينية والمقابلة الشخصية. وفي حالات مضحكة اهتمت جامعة «ييل» بـ«الرجولة» واعتمدت قائمة بالمواصفات الفيزيائية حتى 1965م وقاست بدقة وافتخار طول طلاب السنة الأولى! في كل هذا تعارض مع الادعاء بأن القبول في الجامعات «المتفوقة» يعتمد على اختبارات قبول فيها تنبؤ وموضوعية عالية. قد يكون غريبًا أن الميزات المطلوبة لا تجعل التفوق في الجامعة هدفها، إذ إنه لو «قبلت الأذكياء جدًا فقط فإنك عندئذ تنتج دود كتب وعلماء مختبرات لتصبح اجتماعيًا لا قيمة لك مثل طلبة جامعة شيكاغو». هنا التفوق ليس مهمًا في الدراسة الجامعية ولكن بعدها في المجتمع وفي الحياة. يخلص «جلادول» إلى أن القبول في جامعات «الآيفي لييج» «غير موضوعي وغير شفاف»، ويذكر أن هارفرد في فترة 1958-1992م قبلت كطلاب أبناء خريجيها وذلك بنسب عالية مما تسبب في جعل العملية «لا تعتمد على الجدارة، وإذا ما أسأنا الظن فإنها فاسدة حتى النخاع»(نيويوركر، 10/10/2005م). اعتمد المركز على تجربة جامعة البترول في اختبار القبول الذي يعتمد اللغة الإنجليزية كلغة التدريس هناك(مع بعض الاستثناءات) والتوجه في بعض أقسام الجامعات الحكومية إلى اتباع ذلك كما هو الحال في كل الكليات الخاصة بل حتى بعض المدارس الخاصة. أهذا يعني تسليم قيادة التعليم لجامعة البترول ومنهجها بعد أن كانت جامعة الإمام محمد بن سعود هي التي تشكل الـ«paradigm»؟، الكلمة التي يختار لها «جاك بيرك» كمقابل كلمة «إمام» القرآنية. أما هناك من فسحة لكل جامعة وكلية لتختار طريقة القبول فيها بدل اتباع طريق واحد؟ أنشر تؤجر تحياتي أخوكم / ســــمو الشوق |
25-06-07, 04:04 AM | #2 |
27-06-07, 07:46 AM | #3 | |||||||||||||||||||||
شـــــاعر
|
حياك أخي همام نعم اختبار القدرات يقتل الطموح ويثبط العزائم شرفني مرورك دمت بود |
|||||||||||||||||||||
27-06-07, 07:55 AM | #4 | |||||||||||||||||||||
والعلميه ... من بداية وضع المناهج ... مرورا بمواد لافائدة منها ... ونصل لمعلمين غير أكفاء ... وننتهي بطالب أو طالبه أنهكهم الطريق التعليمي ... استنزاف للأموال والأبدان والأذهان ... ومن ثم نصل للإختبار القدرات الذي أصبح ( شبح ) طلاب الثانويه العامة ... في جعبتي الكثير ولكني لا أريد الإسهاب ... يسلمو سمو الشوق ... . . . لمعة الجليد... |
||||||||||||||||||||||
27-06-07, 11:54 AM | #5 |
27-06-07, 11:25 PM | #6 |
27-06-07, 11:53 PM | #7 |
29-06-07, 04:15 AM | #8 | |||||||||||||||||||||
إداري سابق
|
سبحان الله ,,, مع أن الواقع أن الأكثرية من شبابنا يكتفون بالشهادة الثانوية, فكيف يضعون عقبات أمام من أراد إكمال دراسته الجامعية.؟؟؟؟؟ لو كان العكس صحيح ,,, لأعتذرنا لهم بعذر. ولكن..... كما قال المثل العربي (( أحشفاً وسوء كيل )). |
|||||||||||||||||||||
|
|