تفسير قوله تعالى: (زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا ...)
ثم قال ربنا: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [البقرة:212] من نقمة الله جل وعلا بأهل الكفر أن الدنيا تزين لهم، فيظنون أنهم خالدون، وتكثر سخريتهم بأهل الإيمان، ومن يمشون في تفسيرهم -كما هو صنيع الشنقيطي في (أضواء البيان)- على تفسير القرآن بالقرآن يقولون: إن قول الله جل وعلا: وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:212] لم يحدد الله كيفية السخرية، وحددها في سورة المطففين: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ [المطففين:29-30] فقد كانت السخرية بالغمز والضحك على أهل الإيمان.
ثم قال الله جل وعلا: وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ [البقرة:212] وعيَّن فقال: يَوْمَ الْقِيَامَةِ [البقرة:212]؛ لأن الدنيا ليست دار انتصار ولا فوز، وإنما الحياة الأبدية إنما تبدأ يوم القيامة.
وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [البقرة:212]، ثم قال الله جل وعلا: وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [البقرة:212] أي: أن هؤلاء أهل الطاعات أعد الله لهم من الرزق يوم القيامة ما لا يمكن أن يقدر بقدر.