اسمه ولقبه
هو أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي، المعروف بأبي بكر الخوارزمي، إذ ورد الاسم الأخير في أكثر المصادر التي ذكرته . كما لقب أيضاً بالخوارزمي الطبري، وأول من ذكره بهذا اللقب صاحب كتاب مصارع العشاق نقلاً عن نشوار المحاضرة للتنوخي، مشيراً إلى أنه من طبرية الشام، وتبعهما ابن القيسراني(ت 507هـ) مضيفاً أن الخوارزمي طبري الأب من آمل طبرستان خوارزمي الأم فنسب إلى البلدين جميعاً، وهو يذكر ذلك في رسالة، وليس من طبرية الشام كما يشير إلى نسبة جديدة له كان يعرف بها وهي (الطبرخزمي) وجاء بعدهم السمعاني (ت 562 هـ) فذكر أبا بكر ضمن نسبة الخوارزمي وأضاف: وقيل له الطبري، لأنه ابن أخت محمد بن جرير بن يزيد الطبري. كما أشار إلى نسبة جديدة اعتبرها مختصة بأبي بكر وهي (الطبرخزي) لأنه طبري الأم خوارزمي الأب فركب من الاسمين اسماً. مما سبق نستنتج أن نسبة أبي بكرٍ قد تطورت على مر الزمن من الخوارزمي إلى الخوارزمي الطبري إلى الخوارزمي الطبري الطبرخزمي ثم الطبرخزي، هذا بالنسبة إلى ما في المصادر التاريخية. ولكننا إذا عدنا إلى رسائله هو واستقرأناها فإننا نجده يسمي نفسه: أبا بكرة مرة ومحمد بن العباس الطبري مرة أخرى وأبا بكر الخوارزمي الطبري تارة ثالثة وأبا بكر الخوارزمي مرة رابعة ولا نجد أثراً لنسبة الطبرخزي أو الطبرخزمي اللتين وصفه الآخرون بهما. والغريب أننا لم نعثر على اسم لجده الأدنى في جميع المصادر التي أشارت إليه وترجمت لحياته، كما لم نجد إشارة إليه حتى في رسائله المختلفة التي كتبها والتي أشار في بعضها إلى نفسه. إذن فنحن لا نعرف أحداً من آبائه وأجداده.
زمان ولادته :
ولد أبو بكر الخوارزمي سنة 323هـ كما يصرح بذلك الثعالبي والسيوطي، ولا ندري لماذا أهملت المصادر الأخرى هذا التاريخ لولادة الخوارزمي والفاصلة الزمنية بين الرجلين حوالي ستة قرون، هذا إذا أخذنا بنظر الاعتبار عدم الاهتمام آنذاك بضبط مواليد الأشخاص، ولأن الاهتمام بها يبدأ بعد شهرتهم، إلا إذا أخبروا هم عن تاريخ ولادتهم، وحتى إخبارهم هذا يلفه نوع من الضباب. ويبدو من عدم ذكر المصادر التي جاءت بعد الثعالبي لتاريخ ولادته على الرغم من ذكرها جميعاً تقريباً لتاريخ وفاته أن التاريخ المذكور لا يمكن أن يعد قاطعاً وحاسماً في هذا المجال وبخاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار الظروف والأحداث التي مرت بالخوارزمي وتحدث عنها. أما المصدر الآخر الذي يذكر لنا ولادة الخوارزمي فهو معجم المطبوعات العربية والمعربة واكتفاء القنوع الذي ينص على أن ولادته كانت سنة 316هـ ومن هنا لا نستطيع إلا أن نوافق ما ذهب إليه زكي مبارك من أننا لا نعرف سنة ولادته بالضبط وإنما هي مجرد احتمالات نستطيع أن نوردها استناداً إلى الأحداث التي حدثت له وعاصرها.
وإذا كان لا بد لنا أن نرجح أحد التاريخين المذكورين لسنة ولادته فإننا نرجح سنة 316هـ، ذلك أن الخوارزمي عندما هاجر من وطنه وغادره إلى بغداد تتلمذ مدة على أبي علي إسماعيل بن محمد الصفار وعلى القاضي أبي بكر أحمد بن كامل السنجري إذ روى الحاكم النيشابوري عن الخوارزمي حكاية عنه (السنجري)، وإن أبا علي الصفار هذا قد توفي سنة 341هـ فلا بد أن يكون الخوارزمي قد وصل بغداد قبل هذا التاريخ بفترة تتجاوز السنة على أقل تقدير حتى تتيح للخوارزمي أن ينقل الحديث عن أستاذه، وإذا أخذنا صعوبات السفر آنذاك، ومحاولة الخوارزمي، عندما كان شاباً يافعاً في مقتبل عمره، الاحتكاك بالشاعر اللحام في مسقط رأسه وهجائه، نستطيع القول أن الخوارزمي عندما وصل بغداد كانت سنه على الأقل قد تجاوزت العشرين سنة. وإذن فالسنة التي رجحناها لولادته أقرب إلى التصديق من سنة 323هـ، هذا وإن كنا نميل إلى عدم تحديد سنة بالضبط وإنما إلى ذكر الولادة في عقد من عقود القرن الرابع وبخاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار مناظرته للبديع وأن السن كانت قد بلغت به بحيث قد أفقدته بعض إمكاناته في الحفظ وغيره وإذا كانت ولادته سنة 323هـ فإن سنه عند المناظرة حوالي الستين والستون ليست بالسن التي تعطل عندها إمكانات الإنسان وبخاصة في تلك الأزمان. لذلك فالأرجح أن سنه عند المناظرة قد تجاوزت السبعين سنة. وإذا كان الأمر كذلك فإن ولادته تكون في أواخر العقد الأول وبداية العقد الرابع الهجري