روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
ملتقى المقتطفات الشعريه والشعر الفصيح والزواميل واالقصائد المنقولة [قصائد منقولة] +[زواميل]+[فصحى] + [ابيات مختاره] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
02-12-06, 11:09 PM | #1 |
عضو ماسي
|
الطرماح
اسمه ونسبه ولقبه:
هو الحكم بن الحكيم بن الحكم بن نقر بن قيس بن جحدر بن ثعلبة بن عبد رضا بن مالك بن أمام بن عمرو بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيىء. وكنيته أبو نقر. ويكنى أبا ضبيبة أيضاً. والطرماح لقب عرف به الشاعر، حتى غلب على اسمه الأصلي فاشتهر به منذ القدم. وقد استعمله في شعره، فقال: أنا الطرماح، فاسأل بي بني ثعل *** قومي إذا اختلط التصدير بالحقبِ والكلمة بمعنى الطويل المرتفع ثم أطلقت مجازاً على الرجل الذي يرفع رأسه زهواً. ومن هذا المعنى الأخير أخذ له هذا اللقب، لأنه كان مزهواً بنفسه، فيه كبر وفخر. ويأيد هذا الرأي ما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن أبي تمام الطائي: "قال: مر الطرماح بن حكيم في مسجد البصرة، وهو يخطر في مشيته. فقال الرجل: من هذا الخطار؟ فسمعه، فقال: أنا الذي أقول: لقد زادني حباً لنفسي أنني *** بغيضٌ إلى كل امرىءِ غير طائلِ" وقد سئل حفيد الطرماح أبو مالك: "لمَ قيل لجدك الطرماح؟ وما الطرماح في كلام العرب؟ فقال: أما في كلامنا، معشر طيىء، فإنه الحية الطويل". وقال أحمد بن فارس في مقاييس اللغة: "طرمح البناء: أطاله. ومنه اسم الطرماح". وبين صاحب اللسان هذا القول أفضل بيان، فقال: "ومنه سمي الطرماح بن حكيم الشاعر". ورأيهما صحيح بالمعنى المجازي الذي ذكرناه آنفاً، وإن أغفلا الاشارة إليه صراحة. وقال أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني: "كان الطرماح بن حكيم يلقب الطرماح لقوله: ألا أيها الليل الطويل، ألا أصبحي *** بصبح، وما الإصباح منك بأروح بلى، إن للعينينِ في الصبح راحةً *** بطرحهما طرفيهما كل مطرح ولا يصح هذا الرأي عندنا، بل هو تكلف ظاهر، تكلفه الرواة، واصطنعوه اصطناعاً، ليضاهوا به عادة العرب منذ القديم في تلقيب الشعراء بألقاب يتخذونها من أبيات لهم مشهورة. نشأته: نشأة الطرماح الأولى غامضة، يكتنفها الظلام، فلا نستبين من أخبارها شيئاً كثيراً. وقد اختلف العلماء منذ القديم في مكان نشأته، وتضاربت في ذلك آراءهم. فالأصمعي يروي عن شعبة بن الحجَّاج أنه سأل الطرماح: "أين نشأت؟ فأجابه الطرماح: بالسواد". وأراد بالسواد سواد العراق. وأيد الأصمعي ذلك بقول الطرماح: طال في شط نهروان اغتماضي وأراد الأصمعي أن يتخذ من قول الطرماح هذا دليلاً على نشأته في سواد العراق. ولكن هذا القول لا ينهض دليلاً قوياً على ذلك، لأن اغتماض الطرماح قد يطول في النهروان وهو كهل قد تقدمت به السن، ثم إن رواية هذا الشعر في أصول الديوان والمراجع الأخرى: قل في شط نهروان اغتماضي وانفرد كتاب الموشح وحده برواية "طال". ورواية الأصول عندنا أجود وأعلى وأقرب صلة بمعنى الغزل الذي يريده الشاعر. ومن العلماء الذين قالوا بهذا الرأي ابن قتيبة في الشعراء، إذ ذكر أن الطرماح نشأ بالسواد. على أن أبا الفرج الأصفهاني قال في الأغاني: "ومنشؤه بالشام. وانتقل إلى الكوفة بعد ذلك مع من وردها من جيوش أهل الشام". وكذلك قال ابن عساكر بأبي الطرماح "شامي المولد والمنشأ، كوفي الدار". ونقل أبو الفرج الأصفهاني أيضاً في الأغاني، حين الكلام على صداقة الكميت والطرماح، عن ابن قتيبة الرواية التالية: "فقيل للكميت: لأعجب من صفاء ما بينك وبين الطرماح على تباعد ما يجمعكما من النسب والمذهب والبلاد، وهو شامي قحطاني، وأنت كوفي نزاري…". ونحن أميل إلى قبول الرأي الذي يقول بأن الطرماح شامي النشأة والأصل. ويدفعنا إلى هذا القبول وتصحيح نشأة الطرماح في الشام تعصبه لأهل الشام دون أهل الكوفة. فقد قال الجاحظ في كتاب البيان حين كلامه على حال الكميت والطرماح: "وكان الكميت يتعصب لأهل الكوفة، وكان الطرماح يتعصب لأهل الشام". وما نرى تعصبه لأهل الشام إلا أنه شامي الأصل. وتظهر عصبية الطرماح لأهل الشام في شعره. فهو لا يفتأ يذكر الشام وأهل الشام في مجال الفخر والتباهي. ويريد بأهل الشام قومه طيئاً والقبائل اليمنية من قحطان الذين يدل بهم، ويباهي تميماً وغيرهم من قبائل العرب المضرية. فمن ذلك قوله للفرزدق: ونجّاك من أزد العراق كتائب *** لقحطان أهل الشام لما استهلّت وقوله: إذا الشام لم تثبت منابر ملكه *** وطدنا له أركانه فاستقرت وقوله: في عزنا انتصر النبي محمد *** وبنا تثبت في دمشق المنبر وبعد أن ثبت لدينا أن الطرماح شامي الأصل بقي علينا أن نقول إنه بدوي، كانت نشأته الأولى في البادية بين أهله وأهراب قومه من طيىء النازلين في بادية الشام. وقد ذكر ذلك ابن عساكر صراحة في أثناء كلامه على صداقة الكميت والطرماح، فقال: "وكان الكميت عراقياً كوفياً، وكان الطرماح شامياً بدوياً". ويدلنا على بدوية الطرماح وأصالته في البداوة لغته البدوية الشديدة الأسر، الخالصة من تراكيب أهل الحضر وأساليبهم اللينة، ثم معرفته الجيدة بأحوال البادية وأحوال أهلها وأنماط حياتهم فيها. وقد انشغل في شعره بوصف الرمال والفلوات والهجير والسراب وحيوان البادية ووحوشها وما إلى ذلك من مناظر البادية وأحوالها. ولا يحسن ذلك، ولا يقدر عليه إلا البدوي الصميم الذي نبت في الصحراء، وشب فيها. وهذا ديوان الطرماح بين أيدينا يشهد على ذلك. ويضاهي الطرماح في هذا كله شعراء البادية أمثال كعب بن زهير وابن مقبل وذي الرمة الذين عاشوا في البادية، واعتادوا أنماط الحياة فيها، وعرفوا أحوالها، فبدا أثر ذلك في أشعارهم. وسيكون لنا مزيد من القول في هذه المسألة حين الكلام على شعر الطرماح. ولا عبرة للرواية التي تقول أنه قروي، فليس هذا بصحيح، كما سنرى. أخلاقه: كان في طبع الطرماح حدة وزهو، كما بينا آنفاً. فكان لذلك يستشعر في نفسه الكبر والاستعلاء، وهذا قوله: أنا الشمس لما أن تغيب ليلها *** وغارت فيما تبدو لعين نجومها تراها عيون الناظريم إذا بدت *** قريباً، ولا يسطيعها من يرومها أجر خطايا في معد وطيىء *** وأغشمها، فلينه نفساً حليماً ونرى ما يشبه هذا المعنى يترد كثيراً في شعره. والطرماح من بيت شرف ومجد في قومه طيىء. وطيىء قبيلة ذات عز قديم، وزادت مآثر ومكارم في الجاهلية والاسلام. وهو يحس بما لذلك كله من خطر وشأن في القبائل العربية، وما يحققه له من رفعة ومكانة بين الناس. فيدل بهذه المكانة، ويفخر بها حين يشاء في شعره، كقوله: لقد زادني حباً لنفسي أنني *** بغيض إلى كل امرىء غير طائل إذ ما رآني قطع الطرف بينه *** وبيني فعل العارف المتجاهل ملأت عليه الأرض حتى كأنها *** من الضيق في عينيه كفة حابل ولعلنا نجد في هذه الخصلة من طبع الطرماح عسيراً مقبولاً لكثرة شعر الفخر وجودته في ديوانه. فهذا الديوان الذي نخرجه اليوم يبدأ بقصيدة رنانة في الفخر، وينتهي بمقطوعة لاذعة في التيه. |
|
|