. . . ( عبدالله بن زويبن ) مسيرة (تاريخ) إختصرها (شاعر). . . !!

مساءكم سكر :
أعترف إنني تأخرت كثيراً في الكتابة عن ( عبدالله بن زويبن ) ..!!
لم أكن عاجزاً عن الكتابة عن أي شاعر ( وهذا فضل من الله .. له الحمد والمنّه ) غير انني كلما هممت في الكتابة عنه وجدت مايمنعني فعدت أدراجي .. ولا أعلم أهو لعجزي عن الايفاء بقدر هذا الشاعر أم خوفي من أن أبخسه بعض حقه .. أو أن الرحلة الطويلة والرائعة لمسيرته تحتاج إلى كافة المعاجم للإستعانة بها .. !!
هذه المرة أرغمت نفسي على الخوض في بحر لاساحل له .. وأجزم قبل أن أبدأ أنني مهما كتبت ونقلت عنه سأظل مديناً له أبد الدهر .. !!
.
.
(عبدالله بن زويبن )
بدأت شاعرية ( أبو بندر ) بالظهور وهو في سن مبكر .. وكان لوالده ( زويبن بن بطي ) دور كبير في ذلك إذ كان شاعراً فذاً حفظ له التاريخ القصيدة التي أبتدأت بـ :

الصبر والتمييز يجمع لك الطيب = وقاصر لسانه مايواذي قريبه !!
وترى الفتى ستره ربوعه عن العيب = في وسطهم لوعاب محدٍ دريبه !!

وكان شاعرنا يحفظ لوالده ولغيره من الشعراء وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره .. وأحب شعر ( عبدالمعين بن ثعلي المضياني العتيبي ) ( رحمه الله تعالى ) بجانب قصائد والده وعمه الأكبر ( زبن بن بطي ) الذي إعتزل الشعر قبل أن ينتقل الى جوار ربه .. !!
إلتحق بالمدرسة وحصل على الشهادة المتوسطة من ( الوهيبية ) ( 20كم ) شمالي سميراء .. وأنتقل الى الرياض ليلتحق بالسلك العسكري في أواخر عام 1405هـ تقريباً .. وكان أنذاك في الثامنة عشرة من عمره ..!!
لم يغير صخب المدينة ولا التقنية الحديثة من إهتماماته الشعرية ولم تنسه المفردات التي إتخذت مكاناً رفيعاً في ذاكرته .. فكتب في تلك المرحلة بعض القصائد التي تخللتها أحداث لم يشهدها وصوّرها بطريقة خاصة منها :

وجدي عليها وجد من له ولد عم = ذراعه الأيمن الليا نشف الريق !!
طشوه بالميدان نثارة الدم = لاخذ قضاه .. ولاسمح به .. ولا سيق !!

في تلك المرحلة عارض وبشكل قطعي أن يبرز ماكتبه .. ربما ليقينه أن الشعر مرحلة ستنتهي في وقت معين .. ربما لن يتأخر كثيراً ..!!
وبعد عشرة سنوات ظهرت أولى قصائده التي مانع في ظهورها لكن محاولاته لم تفلح فجاءت الدرة الثمينه :

أنا كل ماهاضت هجوسي نظمت بيوت = نظمت البيوت وكل نفس ٍ وقدرتها !!
أسلي بها فكر ٍ يكوت العباير كوت = تجي ثم ردتها المعزة وصدتها !!
يضم الروابع مثل ضم البحر للحوت = عسى اللي جمعها .. عن ضميري يشتتها !!
وألا يانديبي قوم قبل الأوان يفوت = لعلك رفيق ٍ توصل النفس غايتها !!
على اللي ليا شغل صلانصين ماله صوت = كماهمس عذراء مع حبيب ٍ يخافتها !!
طرازه سفاري والعلامة على الكبوت = يجيب الديار اللي بعيده مسافتها !!

ثم أردفها بالقصيدة التي لقبت بالجواهر لماإحتوته من حكم بالغة الابداع .. ونشرت في صحيفة الجزيرة أنذاك :

سمعت لي كلمة مدري وش أقصاها = حزت بصدري وأنا ماني بهارجها ..!!
لو كل كلمة الليا جتنا طردناها = بعنا الثمينه بسعر ٍ مايخارجها !!

وأستمر هطول الشعر .. وبشتى صوره .. فاللحكمة كتب :

خلك شمالي عند زلة قرايبك = وعلى الحقوق الليا نصنّك حجازي !!
للضيف والجيران ليّن جوانبك = وبالطيب جاز .. وبالردى لاتجازي !!

وللغزل العذري كتب :

عرفت ماتخفيه في صدرها لي = من واقع النظرات مني ومنها !!
نظرت فيها مثل نظراتها في = وعجزت أقاومها وصديت عنها !!
كل النساء ظلما وهي بينهن ضي = غطت شعاع الشمس أشعة بدنها !!

وفي المدح الذاهب في التحفيز للوفاء كتب :

لو إن الأمور صعاب ماهن عليك صعاب = تفل الحبال المبرمه ثم تبرمها !!
ترى كل دلوٍ فاحية تتعب الجذاب = تحيزم لها كل الرجال بعمايمها !!
تحيزم لها وإحسب لكل الأمور حساب = ترى ماأنت من ناس ٍ تراخى محازمها !!

وكتبت هذه القصائد وغيرها في فترة لاتتجاوز العشرة سنوات .. وبدا للمتابع قدرة هذا الشاعر على الوصول الى الهدف بأقصر الطرق دون الإخلال بالمعنى .. حتى أن الشاعر الكبير / ذعار الفريدي ( ولد الأمس ) أشار الى هذه النقطة حين لقاءه به وأن هذه ميزة ينفرد بها شاعرنا عن الكثير من الشعراء الذين يذهبون في الاسترسال للوصول الى الهدف المطلوب فتتأرجح القصيدة بين القوة والضعف ..!!
وأتبع مقولة ( ولد الأمس ) الشاعر الكبير / سلطان الهاجري الذي وصف قصائد ابو بندر بانها ( تزداد قوتها بإزدياد الابيات وكأن كاتبها يصعد الى قمة جبل ) ..!!
ويلاحظ القاري أو المستمع لقصائد شاعرنا مقدرته الفذة على إنهاء قصيدته ببيت يستحيل أن يكون هنالك ماهو أقوى منه . ومن ذلك :

قال المثل مامن ورى طلع بيشه = عيشه وراس الظبي مابه عراميش !!

كذلك :

ماني مطيعك يارفيق التسلي = دوّر خروف ٍ تسحبه في قرونه !!

كذلك :

من كل جانب مفتحة درايشها = أبنسف الحمل فوقك وأفرش فراشي !!

والجميل بحسب قربي من شاعرنا هو مقدرته الفائقة على الأتيان بصور عميقه لها روعتها وتصبح أجمل حينما يتخيلها المستمع كقوله :

تمذرا تمذري خفرة قلبها مفتوق = على صاحب ٍ معها عهوده موثقها !!
عقب غاب عنها شافته مع مضيق السوق = تبي كلمته .. لكن أبوها مضايقها !!

وكقوله :

ياراكب اللي تايره مادرج ميل = إلا من الميناء لحوش الوكيلي !!
عقب إنتهى صنعه على الباخرة شيل = ولا ورد اليابان عقبه موديلي !!
مركب هوامير الرجال الزناقيل = فكسار مايعطيه أبوه البخيلي !!
لعيون من تنخى من الهم والويل = نياقها وخذت واخوها قتيلي !!

كم أن مايتميز به شاعرنا هو أنه يستحيل أن تضع مفردة عوضاً عن مفردة أتى بها .. وحينما كتب في قبيلة المعامرة رائعته الشهيرة :

الزير في وقت اللزوم ندنه = ويجذب لنا الغايب بلامرسول !!

جاء ببيت قمة في الجزالة والقدرة على إختصار كل الاحداث الممكنه ببيت :

الحي يرجع والصويب يداوى = ويحمى المنيع ويدفن المقتول !!

هي خيارات أربع فقط خلال الحرب إختصرها أبو بندر في بيت واحد وبصورة يصعب تكرارها .. !!
ساهمت شاعريته في لفت أنظار القائمين على الصفحات الشعرية أو القنوات على حد سواء وبدا مطلباً ضرورياً لنجاح أي مطبوعه غير أنه ووفاء لمجلة الوجد فقد منح هذه المجلة كافة قصائده وبات وجوده في هذه المجلة دائماً وبكل عدد .. !!
ظهر لشاعرنا الاصدار الصوتي الرائع ( جواهر الشعر ) بصوت شقيقي : مساعد ضيف الله الحربي وأعيد إصداره خمس مرات في فترة وجيزة , وبدا الطلب كثيفاً للحصول على هذا الاصدار الرائع .. !!
أقام شاعرنا العديد من الأمسيات الشعرية حصد خلالها الإعجاب والإشادة وأعتذر عن الكثير منها لمشاغله المتعددة.. وأعتبر أن لقاء الرجال ومعرفتهم أكبر مكاسبه ..!!
يشير أبو بندر إلى أن البعض لرغبته في الاستماع الى قصائد أبو بندر يطلب منه بنهاية كل قصيدة يسمعها أياه أن يلقي قصيدة أخرى .. الأمر الذي يضايق شاعرنا مبرراً ذلك بانه يحب أن يسمع أكثر مما يلقي ..!!
مازال نهر العطاء متدفقاً .. وقريباً جداً يخوض شاعرنا برفقة الشعراء الكبار ( عبدالله بن عون ,جزاء بن صالح , محمد الخس , غازي بن عون , سعد بن جدلان , سلطان الهاجري , فلاح بن مبرد ) غمار المنافسة على لقب شاعر العرب والذي ترعاه قناة رواسي بإدارة الأخ الغالي / فايز بن دمخ .
أتمنى أن أكون قد وفقت في تقديم مايشبع نهم السادة القراء ..
تمنياتي لشاعرنا الكبير بالعمر المديد .. !!
تقبلوا راق تحياتي ..
منصور المعمري
28/3/2008م