روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
17-01-08, 09:49 AM | #1 |
شـــــاعر
|
فتاة عرعر: قصتها مع ملك الموت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت هذا الموضوع في جريده الوطن العدد الصادر يوم الأربعاء 7/1/1429 هـ وتأثرت به واحببت ان انقله اليكم بدون تعليق تحياتي لكم كتاب اليوم علي سعد الموسى فتاة عرعر: قصتها مع ملك الموت في بيت من الصفيح، ودعت فتاة عرعر، ابنة الثانية عشرة مساءها الأخير تحت وطأة البرد القارس، وقبلها فارقت فتاة رفحا آخر صباحاتها بعيد الطابور. قيل إن الأولى لم تجد بطانية تتلحف بها وقيل إن الأخيرة ذهبت للمدرسة بملابس القيظ في عز الشتاء لأنها تحمل على الدوام لبسها الوحيد. ما هو الفارق بين الإنسان والإنسان في مواجهة ملك الموت، لا شيء. الفارق الوحيد أن الثري يستطيع قضاء مسائه الأخير في مشفى لندني فاخر فيما كان على (جواهر) أن تقابل ذات - الملك - في نهاية طابور قارس بمريول شفاف. الفارق أن المسؤول النافذ يستطيع أن يقضي صباحه الأخير في غرفة نقاهة في لوزان أو الريفيرا فيما كان على فتاة عرعر أن تواجه ملك الموت في صندقة على أطراف الجوع والبرد والفاقة. الفارق الأهم، أن جواهر رفحا أو فتاة عرعر لا تمتلكان غير الأرواح شيئاً كي يسلبه ملك الموت، وربما كانت زيارة - عزرائيل - راحة من رائحة مريول فقير أو منظر سقف لصندقة لا تعرف غيرها منذ شهادة الولادة حتى محضر إثبات الوفاة. بكيت فتاة عرعر فلم أكن أبكي موتها بقدر حزني على قصة الحياة. تمنيت لو أنها سلبت بطانيتي وتدثرت معطفي وتدفأت كل دولاب ابنتي وسكنت في غرفتي ذات مسائها الأخير. بكيت عيون طفلة لم تعرف لأكثر من عقد من الزمن غير بريق الصفيح ولسعة البرد ومأساة الجوع وبكيتها، لأنها تماماً، في عمر ابنتي التي أزورها مرتين كل مساء كي أطمئن على - الأطراف - وعلى حرارة الجسد في ليل بارد. بكيتها لأنها ماتت وقد مات فينا كل - ضمير - قبل أن تموت فلم نسعفها بعشرات المعاطف التي تختزنها الدواليب، وبكيتها لأن قصتها المؤلمة أثبتت كم أنا بعيد من رائحة - الإنسان - وبكيتها لأنني كنت قادراً على أن أمنحها الدفء الكامل في ليلتها الأخيرة. يا إلهي: كم هي الغرائب والعجائب والنقائض التي يشاهدها ملك الموت في اليوم الواحد. كيف يذهب ذات - الملك - إلى سرير فاخر في منتجع نقاهة وللآخر في قصره العامر الفاخر وللثالث في فندق النجوم العشرة وللرابع وقد تدثر أغلى الثياب وللخامسة وقد لبست أغلى الحلل والجواهر. ثم كيف يذهب في ذات اللحظة إلى صندقة الصقيع وللأخرى في مريول مهترئ وللثالثة وهي تودع الحياة طفلة ظلت لعقد من الزمن تحلم ببطانية. القصة ليست في تمايز الحياة، بل في عدالة الموت. ثري لوزان وفتاة عرعر بذات المقاس من الأكفان وذات الغسلة الأخيرة بالماء البارد. |
|
|