ثقافة من القمامة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يكون الموضوع غريباً بعض الشيء ولكن هذه الحقيقة وكنت أحد شهودها !!
منذ نشأتي فى قلب مدينة جدة وهو حي البغدادية ولا تفارقني ذكريات جميلة قضيتها مع أبناء أشهر العوائل بتلك الحارة وكانت البرأة سمتنا فى اللعب وفى التجول بين شوارع تلك الحارة والتي كانت من النظافة الإجتماعية ما يجعلها تتفوق على قريناتها من الحارات الأخري ..
ومن المفارقات الغريبة كان من ضمن من كانوا من أقراني من أبائهم يكدح للحصول على لقمة العيش منذ الصباح ولا يعود إلا وقد دخل المغرب وكنا نعود الى بيوتنا فى نفس لحظة رجوع أباء الكثير منا على صوت المرحوم بإذن الله الشيخ ( عبدالله خياط ) إمام الحرم المكي سابقاً .
وحين نسمعه فى الراديو نعلم بأن ساعة العودة للمنازل أزفت وإلا كان هناك عقاب ينتظرنا من قبل الوالدين وكانت ساعة خروجنا بعد العصر وكانت أعمارنا السادسة أو السابعة ولكن لا خوف فجار والدك هو أباك فى الحرص عليك لو أبتعدت وشاهدك أعادك لو بالعصي ..
أتذكر من ضمن أقراني طفل كنا نمشي سوياً وكثيراً ما نفتقده ونبحث عنه فإذ هو بين أكوام القمامة الثقافية التي تلقي من بيوت الأغنياء جيراننا !! وكما ذكرت كنت فى حي يغلب على سكناه مظاهر الغني . أعود لتكملة حديثي وعند البحث عنه نجده قد جمع ما يستطيع حمله من قصص سوبرمان والوطواط وكتب أخري قد قذفت من بيوت جيراننا للقمامة .. وكنا ننهره أحياناً لما تفعل ذلك ؟؟!! فكان يضحك ويقول أروح وأقرأها فى يوم الجمعة كلها لأن أمي تشتغل وما ترجع إلا العشاء !! لأنه يتيم وتذهب وألدته لكي الملابس عند بعض الأهالي ..
أحبتي لا أروي هذه القصة الحقيقية إفشاءً لهذا المكافح العصامي قريني فى الحي بل لأننا لم نكن نفهم معني ( ثقافة القمامة ) تلك التي نراها يومياً ترمي وتهان وأحياناً بينها كتاب الله سبحانه وتعالي القرأن الكريم .
هذا الرجل أو الطفل الأن هو دكتور يدرس بأحد جامعاتنا وعندما يري أحد منا كأقرانه يذكرنا بتلك الأيام الخوالي وكأنه يقول لنا أنظر الى طفل القمامة الى أين وصل ..
ونحن لا ندري الى أين سوف نصل بإستهتارنا ورمينا كتب أطفالنا المدرسية هل تهان كتب العلم بهذه الصيغة ؟؟
حرام ذلك ربما تخرج أجيال وأجيال لو أحسن تصريفها ..
الله على أيام الطفولة البريئة
للجميع محبتي وتقديري
أبو عبدالعزيز
......................