روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-10-16, 01:21 AM | #1 |
شيء اسمه اللباقة!
شجاعة أدبية أم فظاظة؟
شيء اسمه اللباقة! حسن السبع في أحد طوابير الانتظار تجاهل أحدهم كل المنتظرين ليصل إلى الشباك. تساءل أحدهم بصوت مسموع: «هل نسي الناس شيئا اسمه اللباقة؟» كان السؤال في محله. ففي تعاملنا اليومي يمكن ملاحظة جملة من التصرفات التي تنقصها اللباقة. أضف إلى ذلك عبارات اللباقة الاجتماعية المتعارف عليها والتي شُطبت من قاموس التخاطب اليومي. عبارات وإشارات تكاد تنقرض فتصبح نسياً منسياً بسبب عدم الاستخدام. في المرحلة الابتدائية والمتوسطة كنا نحصل على العلامة النهائية في مادة السلوك، وهي مادة لا تُدرَّس ولا تُمارَس، ولكنها من لزوم ما لا يلزم. وأما الحصول على علامتها الكبرى فهو تحصيل حاصل. لذلك لم يكن لها تأثيرٌ إيجابي أو سلبي على تصرفاتنا. أستطيع أن أسرد قائمة طويلة من التصرفات التي تنافي كمالَ اللباقة. فالذي يتجاهل الآخرين في طابور الانتظار ليس لبقا، وكذلك الذي يدفعك بجسمه دون أن يعتذر، ومن يزعجك ببوق سيارته عند الإشارة، وأمامك خمس سيارات. ومثله الذي لا يبقي الباب مفتوحا لمن يليه، وكذلك الذي تحدثه وهو مشغول عنك بهاتفه المحمول. القائمة تطول، ويمكن أن يشغلَ سردها المساحةَ المتبقية من هذا المقال. ولعل من الصعب على من ينقصه الاستعداد النفسي أن يكون لبقا، حتى لو انضم إلى دورة مكثفة في اللباقة، أو قرأ موسوعة كاملة في فن الإتيكيت. هذا عن لباقة التصرف. فماذا عن لباقة اللسان وحسن التخاطب؟ في مشهد من مسلسل «درب الزلق» يطلق أبو صالح على ابنه صويلح صفة «ثور» فيسأل صويلح بسذاجة: «يبه إذا أنا ثور ليش تقول لي؟» فيجيب الأب: «ليشنك (لأنك) أنت إللي بتارثني (سترثني).. أنا باجر (غدا) إذا مت..» ويصمت الأب قليلا في انتظار عبارة المجاملة المعروفة عندنا: «عمرك طويل». لكن صويلح يطلب من والده أن يكمل كلامه، فيوبخه الأب قائلا: «ما تقول عُقٌبْ عُمْرٍ طويل يا الثور» فيرد صويلح قائلا: «إن شاء الله يبه.. إذا مت.. إيه قول.. وبعدين»! المضحك في الأمر أن الأب أراد أن يعلم ابنه كيف يكون لبقا بلغة تنقصها اللباقة. ألا تصح عليه العبارة القائلة: «فاقد الشيء لا يعطيه»؟ هنالك، أيضا، من لا يميز بين الفظاظة والشجاعة الأدبية. وقد يعتبر اللباقة نفاقا. أثناء الدراسة في الخارج، وخلال دردشة مع زميل عربي من أحد بلدان الشمال الافريقي، قال لي مفاخرا بقومه الأشاوس: «احنا بنقول للأعور أعور بعينه». وهذا مثل شعبي شائع. قلت له مازحا: «هذه ليست شجاعة بل فظاظة». وأضفتُ أن بإمكان المرء أن ينتقد، ولكن بطريقة ألطف. ويخطئ بعضهم حين يظن أن اللباقة سلوك مطلوب مع الغرباء لا الأصدقاء. فالأصدقاء أولى باللطف واللباقة. ومن غير اللائق أن تمد رجليك ولا تبالي في وجه من زادت بينك وبينه الألفة، فزالت الكلفة. هذا ما يؤكده الكاتب الأمريكي أوليفر هولمز الذي يقول: «لا تظن أن الصداقة تتيح لك مخاطبة الأصدقاء بصفاقة». اللطف واللباقة تعبير عن المحبة. وعبارة هولمز تناقض المثل الشعبي القائل: «كثرة الدَّوس تقلل المهابة». وإزاء تلك الشريحة من الناس التي تحسب أن ازدياد الألفة يبيح لها إساءة الأدب، يصبح التبسط والتواضع في غير محله، وغالبا ما نضطر إلى ترك مسافة ما بيننا وبينها، ولسان الحال يقول: «إنَّ قرعَ الطبولِ في البعد أعذب»! منقول |
|
|
|