روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
19-08-12, 11:19 PM | #1 |
1- موقفه الحكيم مع سلطان الأندلس:
مواقف العلماء عبر العصور تأليف الفقير إلى الله تعالى الشيخ د.سعيد بن علي بن وهف القحطاني المبحث الأول: مواقف الإمام منذر بن سعيد البلُّوطي: منذر بن سعيد البلُّوطي له مواقف حكيمة في دعوته إلى اللَّه – تعالى – تدلُّ على حكمته، وفضله، وأنه لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، ومن هذه المواقف الحكيمة على سبيل المثال ما يأتي: 1 - موقفه الحكيم مع سلطان الأندلس: دخل المنذر بن سعيد يوماً على الناصر لدين اللَّه وقد فرغ من بناء المدينة الزهراء وقصورها، حيث ساق إليها أنهاراً، نقب لها الجبل، وأنشأها مدوَّرةً، وعدة أبراجها ثلاث مئة بُرج، شرفاتها من حجر واحد، وقسَّمها أثلاثاً: فالثلث المسند إلى الجبل قصورهُ، والثلث الثاني دور المماليك والخدم، والثلث الثالث بساتين تحت القصور. وعمل مجلساً مُشرفاً على البساتين، صَفّح عُمُدَه بالذهب، ورصَّعه بالياقوت، واللؤلؤ، وفرشه بمنقوش الرخام، وصنع قدَّامه بحرةً مستديرة ملأها زئبقاً، فكان النور ينعكس منه إلى المجلس، وقعد في هذه القبة المزخرفة بالذهب والبناء البديع الذي لم يُسبق إليه، وجلس عنده جماعة من الأعيان رؤوس دولته وأمراؤه، فقال لهم: هل بلغكم أن أحداً بنى مثل هذا البناء؟ فقال له الجماعة: لم نرَ ولم نسمع بمثله، وجعل جميع من حضر يثنون على ذلك البناء ويمدحونه وأثنوا وبالغوا، ومنذر بن سعيد القاضي ساكت مطرق لا يتكلم. فالتفت إليه الملك وقال: ما تقول أنت يا أبا الحكم؟ فبكى القاضي وانحدرت دموعه على لحيته، وقال: واللَّه ما كنت أظن يا أمير المؤمنين أن الشيطان أخزاه اللَّه يبلغ منك هذا المبلغ المهلك لصاحبه في الدنيا والآخرة، ولا أنك تمكنه من قيادك هذا التمكين مع ما آتاك اللَّه وفضلك به على كثير من الناس، حتى أنزلك منازل الكافرين والفاسقين. فقال له الخليفة: انظر ما تقول وكيف أنزلني منازل الكافرين؟ فقال: قال اللَّه – تعالى -: ﴿ وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ فنكس الناصر رأسه طويلاً، وبكى، ثم قال: جزاك اللَّه عنا خيراً وعن المسلمين، وأكثر في المسلمين مثلك، الذي قلت هو الحق. ثم قام عن المجلس وأمر بنقض سقف القبة، ونزع الذهب والجواهر. اللَّه أبكر، ما أحكمه من موقف! نُزِعَ بسببه الذهب والجواهر، وغُيّر به المنكر، وتأثر به الخليفة! وقد خطب منذر بن سعيد خطبة عظيمة في يوم الجمعة عندما حضر الناصر في جامع الزهراء فأدخل في خطبته قوله – تعالى -: ﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ، وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ واسترسل يقول: ولا تقولوا:﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ، إِنْ هَذَا إِلاّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ، وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ ﴿قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ وقد قيل: إن الناس ضجوا بالبكاء، وتأثر الخليفة بهذه الخطبة. فرحم اللَّه المنذر ما أحكمه! وجزاه اللَّه خيراً. ******* |
|
|
|