الشيخ:خالد بن سعود البليهد
الأرواح جنود تسوق أصحابها للألفة والنفرة وتسوسها فوق كل اعتبار. فقد ترى شخصا تحبه وتألفه لأول وهلة وتنساق إليه من حيث لا تشعر وتحس أنك تعرفه منذ زمن بعيد. وشخصا آخر تلقاه فتكرهه وتنفر منه لأول وهلة وتفر روحك منه ولو كان مظهره حسنا وتحس أنه غريب عنك مجهول ولو حاول الاقتراب منك. وشخصا ثالث قد لا تألفه من أول وهلة ولا تحس بالانجذاب إليه ولكن مع العشرة والمخالطة تتسلل مودته لقلبك وتركن لمحبته حتى يتمكن حبه في سويداء قلبك عن رضا وقناعة وهذا الضرب يلازم الروح ولا يرحل عنها بسهولة. والألفة ضربان ألفة طارئة تقتضيها مشاركة في مصلحة أو ظرف طارئ ، وألفة دائمة تكون عن مشاكلة في الظاهر والباطن وتوافق في الرؤية والاهتمام. ومن نفر عن شخص فليعرض عنه ولا يحمل نفسه على لقائه لأن إكراه النفس على معاشرة من تكره أشد مشقة وألما من مباشرة المطعوم والمشروب المكروه. ومن ألف شخصا وكان بينهما مودة فليتعاهد وصله ويقبل عليه ويكرمه والإعراض عنه من الجفاء والتفريط بمكان وقد لا يجود الزمان بمثله. ومن كان طيب القلب حسن المقصد لطيف المعشر متسامح مع الآخرين كان مألوفا بين الناس ذو رصيد كبير في كسب قلوبهم. ومن كان متكبرا متعجرفا غليظ الطبع ذو حيلة ومكر شديد الخصومة كان مبغوضا بين الناس لا يألفه أحد ولا يحرص الناس على مخالطته والتقرب منه. والمؤمن الحق خافض الجناح يألف ويؤلف لأنه محتسب في بره وتواضعه وتودده. ومن أعرض عنه الناس وهربوا منه فليفتش في حاله ويراجع خلقه وطبعه.