روائع شعريه |
روائع الكسرات |
|
||||||||||
الـــمـــلـــتـــقـــى الــــــــــعــــــــام [للنقاش الهادف والبناء والمواضيع الاسلامية والعامه] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
18-11-15, 02:54 PM | #1 |
الطرق .. من «لا يشوفك أحد» إلى قرصنة الحسابات البنكية!
قطاع الطرق .. من «لا يشوفك أحد» إلى قرصنة الحسابات البنكية!
قصص سلب القوافل في الماضي أثار الخوف من قطّاع الطرق إعداد: منصور العسّاف في الجزيرة العربية كانوا يسمون "الصعاليك"، وفي العراق العباسي أطلقوا عليهم "الشطّار والعيّارين"، كما سموهم "الحرافيش"، في حين أطلق عليهم أهل الشام "الزعران" و"الزُلم"، بينما سماهم المصريون قبل قرنين من الزمان "البلطجية".. كل هذه المصطلحات وإن تباينت في عصورها ومسمياتها، إلاّ أنها تقاربت في مدلولاتها ومعانيها، حيث أُطلقت على فئات من السُرّاق واللصوص والخارجين على النظام، وهم الذين -في الغالب- لم ينالوا حظاً وافراً من التربية والتعليم، لا سيما وأنهم ينتشرون في مجتمعات الجهل والعصبية أو حين غياب الأجهزة الأمنية. في إطلالة تاريخية على تواجد وانتشار هذه الفئات يستطيع القارئ أن يدرك جيداً مدى الترابط الذي يجمعها، والأسباب التي تؤدي إلى ظهورها وانتشارها، وهو ما نقله لنا المؤرخون وتفنن بسرد أحداثه الرواة والقصاصون، ومن جانب ما وصلت إليه عملية السرقة من السطو المسلح أو الغزو كما كان دارجاً في السابق إلى قرصنة الحسابات البنكية للعملاء، من خلال إفشاء البعض لأرقامه السرية لمن ينتحل صفة موظف بنك، أو دائرة حكومية. التوابون في العصر العباسي ظهرت فئة التوابين الذين تابوا إلى الله سبحانه من أعمالهم المشينة في سرقة الدور والمنازل بعد أن أدركوا خطأ مسيرتهم وجنوحهم، وقد استفادت دور الشرطة والحسبة من هؤلاء "التوابين"، بل ان الخليفة والوالي منحا هؤلاء صلاحيات ومزايا يندر أن تمنح لغيرهم، فهم يدخلون على الخليفة في أي وقت وفي أي مكان، نظير عملهم الذي لطالما كان سبباً في تعزيز الأمن والاستقرار للبلاد، وكم كان هؤلاء "التوابون" صادقين في نصحهم وعملهم "الاستخباراتي"، بل كم كانوا مصدر طمأنينة وراحة للعامة، لا سيما وهم الذين يستطيعون بما يمتلكونه من الخبرة العملية ومعرفة أسماء "الحرامية" أن يكشفوا أسرارهم ودسائسهم وأوكارهم. ولقد ذكر المؤرخ والرحالة "أبو الحسن المسعودي" في "مروج الذهب" قصة قبض الخليفة العباسي "المعتضد بالله" في أواخر القرن الثالث الهجري على واحد من أشهر اللصوص والسُرّاق في بغداد فبعد أن كمن له الكمائن ونشر من أجله رجال الشرطة والخفر، استطاع من خلال هؤلاء التوابين أن يقبض عليه بمدة وجيزة؛ ليلقى عقابه في قصة غريبة حاكها الخليفة نفسه، لكي يستدل على ضلوع هذا السارق بجريمته، بعد أن رفض الاعتراف بما نسب إليه مما دعا الخليفة أن يطيل مكوثه جائعاً في السجن، ثم يطلبه بعد أن أخذ به الجهد والجوع كل مأخذ، فيغدق عليه من ألذ أنواع الطعام ويفرش له الحرير والديباج، ويدخل عليه الهواء البارد من خلال ملاقيف الهواء أو ما يسمونه "البادهنج" التي هي الآن بمثابة المكيفات الصحراوية، وليطمئنه الخليفة ببراءته، فينام هذا السارق متخماً بما أكله وشربه من اللحم وأكواب اللبن، بعد أن كان منهكاً جائعاً وحين استغرق في نومه اقترب منه الخليفة يسأله عن الأموال، لتنساب إجابات هذا اللص كما حكاها "التوابون" للخليفة. و«الشطّار والعيّارين» في العراق و«الزعران» و«الزُلم» عند أهل الشام و«البلطجية» بمصر و«السرسرية» في تركيا يُطلق عليهم «الصعاليك» في الجزيرة العربية الشطّار والعيّارون عُرف اللصوص والحرامية على مدى التاريخ بأسماء ومصطلحات تباينت بين مجتمع وآخر، ففي حين كان يطلق على بعضهم لقب "الزعران" في بعض بقاع الشام؛ كان البعض يطلقون عليهم "الأبضايات" من باب الشجاعة والجسارة، التي غالباً ما تكون على أمور باطلة، كما كان البعض يسميهم "الزُلم" أو "الشنكار" أما حين اختلطت أعمال السرقة والنهب بالحركات الحزبية والتوجهات السياسية والعقائدية، فقد ظهر جيل جديد من اللصوص، الذين عرفوا بالتاريخ باسم"الشطّار والعيّارين"، وهم مجموعة من البطالة وأصحاب السوابق وخريجي السجون، الذين ربما استخدموا لأغراض السياسة، وزج بهم في الحروب والمعارك، كما حدث هذا في الحرب التي قامت بين الخليفة الأمين والمأمون، في أواخر القرن الثاني الهجري، حيث ذكر المؤرخون أن الأمين استعان بهم في حربه على أخيه المأمون الذي أوشك على دخول بغداد، ما اضطر الأمين أن يخرج المساجين من حبوسهم ويجمع معهم اللصوص والسُرّاق؛ ليكون جيشاً من "الرعاع" ويتركهم أمام الأمر الواقع للدفاع عن مدينة بغداد، ويقال إن هذا الجيش بلغ مئة ألف من كل حدب وصوب، وقد أدرك الإمام أحمد بن حنبل في شبابه هذه الأحداث، كما زار الشافعي بغداد وسط أتون هذه الحرب، كما أدركها الأصمعي والجاحظ وأبو العتاهية وأبو نواس وعدد من العلماء والشعراء والمشاهير، فالحرب كانت بين ابني هارون الرشيد، وقد نطقت بها الشعراء فأكثرت، ووصف الكثير منهم حال بغداد في تلك الأيام، كما وصفها من جاء بعدهم حين دمرها هولاكو وشاعر بغداد يقول: أمور تضحك السفهاء منها ويبكي من عواقبها اللبيب في هذه الحرب ظهر اسم "الشطّار والعيّارين"، والشاطر هو الذي أعيا أهله خبثاً، بينما العيّار كالشداد وهو الرجل الكثير المجيء والذهاب في الأرض، وقيل الذكي الكثير التطواف والحركة، وقد قال ابن الأعرابي: إن العرب تمدح بالعيار وتذم به، كما يذكر الدكتور محمد رجب النجار في كتابه "الشطّار والعيّارون في الدولة العباسية"، وللأمانة فقد خاض هؤلاء العيارون حروباً شرسة للدفاع عن مدينة بغداد، وكان بعضهم من العراة يتسلحون بما وقعت أعينهم عليه من العصي والحجر، حتى أنهم نكلوا بالجيش الغازي وهو جيش منظم بل لقد قاوموه أيما مقاومة، على الرغم من أن بعض المؤرخين كان يرى أن هذا الفئة إنما ظهرت بسبب الفوارق الاقتصادية والطبقية بين أبناء المجتمع، وأن حركتهم كانت ضد التجار المختلسين والسراق المنتفعين من أموال الدولة، إلاّ أن مصطلح "الشطّار" فقد معناه الاصطلاحي السيئ، وأصبح في زماننا هذا دالاً على الفطنة والذكاء والإعجاب بالشخص، وكانت بدايات هذه الفئة في عهد المهدي بن أبي جعفر المنصور جد الأمين والمأمون، كما اشتهر على مختلف العصور بعض أسماء قادتهم ك"أبو مسمار" و"عمار" في عهد المعتصم، و"ابن حمدي" في القرن الرابع الهجري، وكانوا من النفوذ بحيث إنهم إذا تحركوا ملكوا، حتى ظهر فيهم رجل أسود كان من عتاة العيّارين، وكانوا يلقبونه ب"الزبد" لقنطرة كان يأوي إليها، وكذلك كان "الجومرد" أحد رؤوس العيّارين إلاّ أن"عزيز البابصري" و"أبو علي البرجمي" كانوا أكثر شهرة، رغم أن الأخير كان على درجة من المروءة، بحيث لا يقع في الفواحش أو الأعمال الخسيسة، إلاّ أنه كان سارقاً ينهب الأموال، إلى أن ظهر نجم "ابن بكران" ومن قبله ظهرت أسماء أخرى ك"أبي يعلى الموصلي" و"الطقطقي" و"علي الزيبق" الذين تحركوا مع الفتنة الطائفية في بغداد في القرن السادس، كما وصف الدكتور النجار الأخير بأنه كان صاحب أكبر سيرة شعبية في التراث العربي، مذكراً بأن أحوال هؤلاء العيارين تحسنت بدرجة كبيرة، حتى أصبحوا فيما بعد أصحاب مروءات وقيم دينية وخلقية، يساعدون المظلوم ويفكون العاني ويعاقبون الجاني ويحفظون الديار ويحمون الذمار. سرقة الأغنام الأكثر انتشاراً بين جيل الماضي سرسري وبلطجي! في الثورة الفرنسية ظهر ما يسمى "أصحاب السراويل القصيرة" وهم مجموعة من"الدهماء" من عامة الناس، بل انهم الفقراء والمعدمون من الناقمين على الأوضاع السياسية والاجتماعية، والذين كانوا يجوبون شوارع باريس يحملون الفؤوس والهراوات، كما عرفت على مدى التاريخ تنظيمات شعبية تسمت باسم القمصان الزرقاء أو القمصان الحديدية في حين عُرف مصطلح "السرسرية" من اللغة التركية، وكلمة سرسري بالتركية تعني العاطل أو"البطّال" الذي لا عمل له كما أنها تعني مراقب "الشلايتيه" وهو الموظف الذي يراقب الأسعار الذي اُتهم أخيراً بالرشوة والفساد، ولذلك انتقل المصطلح إلى العربية بمعنى الرجل اللئيم خبيث الأفعال والأقوال، كما ظهرت مصطلحات"الشبيحة" من الشباح، وربما من"الشبح" المرهون بتخويف الناس، في حين عرف المؤرخون فئة "الحرافيش" في العصر العباسي، حيث ظهر هذا المصطلح مع ظهور أشهر مصطلح للصوص والحرامية، المتمثّل في"الشطار والعياريين" إلاّ أن مصطلح "الحرافيش" ربما استمر إلى عصور قريبة في العراق ومصر والشام. أما البلطجية ومفرده بلطجي مأخوذ من لفظ بلطة وهو الطوب، وقيل الفأس التي كان يحملها الحراس الذين يتقدمون الجيش والمواكب ويحرسونها، بل إنهم هم من يبدأ باقتحام الحصون والأسوار، حيث يعملون على هدمها قبل اشتعال لهيب المعركة، وقد أضيف إلى كلمة "بلطة" حرفا الجيم والياء "جي" وهي أداة النسب في اللغة التركية كقولهم "سفرجي" و"مكوجي" و"عربجي" إلخ. وقد كان "البلطجية" إلى عهد محمد علي باشا من رجال الحرس وعرفوا بالذكر الحسن إلى الثلث الأول من القرن العشرين، حيث التصقت الأعمال السيئة ب"البلطجية"، وأصبحوا من جماعات الشغب التي صدرت بمصر قوانين ودساتير لمكافحتها والحد من انتشارها، ومن المفارقات أن مصطلح "البلطجية" بدأ محموداً، حيث كان البلطجي أحد رجالات الجيش الذين يدافعون عن البلدة ويهاجمون الأعداء بضراوة، ثم تحول المصطلح إلى معانٍ سيئة، حيث قرن بالشغب وترويع الآمنين، في مقابل ذلك كان مصطلح "العيّارين" يحمل معاني سيئة تحولت مؤخراً إلى معانٍ جميلة؛ فالشطّار سابقاً هم "الحرافيش" ورجال الشغب والسرقة والنهب، والآن أصبح "العيّار" يعني الرجل النبيه والفطين. الفتوات كانت جماعة الفتوات امتداداً لجماعة الشطّار والعيّارين في بغداد، إذ كانوا مجموعة من اللصوص وقطاعي الطرق الذين كانوا تكتلات شعبية لا تلتزم بنظام أخلاقي ولا بعرف اجتماعي، بل تعيث فساداً في الأرض، إلى أن احتواها الخليفة العباسي الناصر لدين الله في القرن الخامس والسادس الهجري، وكوّن منها تنظيماً مقنناً بنظم وقوانين ذكرها ابن الساعي في كتابه "الجامع المختصر"، بل لقد ذكر ابن الساعي أن الخليفة الناصر نفسه كان رئيساً "للفتوة" عام 604، وكان هؤلاء "الفتوة" يُعرفون بسراويلهم الخاصة، ومن يبعد من هذا التنظيم تسحب منه"السراويل" المصروفة له، كما أن لهم رتباً ومقامات ومرجعيات إدارية وقيادية. السطو على القوافل وسلب ما فيها من أرزاق وأقمشة وحُلي وفي أوروبا كانت تنظيمات "الاستبارية" و"الداوية" إبان الحروب الصليبية تمثّل أشرس المحاربين حتى أن السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي يأخذ عليه المؤرخون مبالغته في العفو عن خصومه، كان شديداً على رجال هاتين الفرقتين، كما اشتهرت بعض الفرق الصليبية في شبه الجزيرة الأيبيرية إبان الحروب الأندلسية، والتي عرفت بالجنود المرتزقة، ولذا كان يطلق الأوروبيون على البحار العثماني الشهير"عروج" وزميله "بربروسا" لقب القراصنة رغم أنهم كانوا يدافعون عن بلادهم وفعلاً كانوا من أنجح وأكفأ قادة الأساطيل البحرية في التاريخ. فرقة الفداوية استمرت سير جماعات السُرّاق وقطاعي الطرق إلى عصور الانحطاط، حيث ظهر مصطلح "الفتوات" في مصر مع وقبل دخول "نابليون" لها، حيث وجد مقاومة رهيبة من هؤلاء "الفتوات"، الذين كانوا من كبار السراق واللصوص، بيد أنهم حين دخول القوات المحتلة لبلادهم أصبحوا أول المدافعين عنها، فظهر أسماء قادتهم ك"عتريس" و"الملط" و"خليل بطيخة" والمعلمة "عزيزة" وأسماء عديدة يصعب حصرها في تقرير عابر ومقال سائر، وكان نابليون يسميهم (Assasins) وهذا المصطلح عائد إلى فرق "الحشاشين"، الذين ظهروا في القرن الخامس والسادس الهجري والذين عرفوا ب"الفداوية" وكان قائدهم ومؤسس حركتهم الحسن بن الصباح، الذي بنى قلعة "آلموت" الشهيرة ونشر رجاله في كل مكان، للقضاء على خصومه وقد كتب عنهم الشيخ أبو حامد الغزالي كتابه الشهير "فضائح الباطنية" وكان يطلق عليهم في ذلك الزمان "الباطنيون" ولهم تاريخ عجيب يطول الحديث عنه ومن اسمهم "الحشاشون" ظهر مصطلح "أساسان (Assasins) أي القتلة أو الاغتياليون" وانتشر في فرنسا، والسبب في انتشاره هناك ظاهر لمن يقرأ تاريخ العصور الوسطى، حيث انتقل الاسم إبان الحروب الصليبية بعد أن احتك الصليبيون بدولة الحشاشين، بقيادة سنان بن سلمان الملقب برشيد الدين أو"شيخ الجبل" واستمر هذا المصطلح دارجاً في أوروبا، لاسيما فرنسا حتى لقد تقاذف رجال الثورة الفرنسية إبان اجتماعهم بالجمعية الوطنية هذا اللقب فيما بينهم، كل يتهم الآخر بأنه (Assasins) والتي تعني القاتل، وقد أسهب الأوروبيون باستخدام هذا الوصف إلى أن دخل في الموروث الأدبي الأوروبي، كما ذكر الرحالة الإيطالي"ماركو بولو"في قصته" أسطورة الفردوس "وصفاً لقلعة آلموت وهو في الحقيقة لم يدركها. صعاليك العرب في تاريخ الجزيرة العربية برزت ظاهرة الصعاليك في العصر الجاهلي والصعلوك وهو الفقير المعدم، بيد أن معنى هذه الكلمة تجاوزها إلى معانٍ أخرى كاللصوص وقطاعي الطرق، وهو ما عرف عن هؤلاء الصعاليك الذين اجتمعوا من قبائل متفرقة وأقاليم متباعدة ورفضوا حكم القبيلة آنذاك، كما رفضوا بعض التقاليد والطقوس والنواميس وعارضوا الاتفاقات والمعاهدات التي تتم بين قبائلهم، ما جعلهم منبوذين مطاردين رغم مكانتهم وعلو نسبهم عند قبائلهم، وهو ما دعا هؤلاء الصعاليك أن يعيشوا حياة التنقل والترحال بأسلوب متمرد ثوري، حيث أصبحوا قطّاعاً للطرق وانقسموا إلى فئات متعددة كالشذاذ أو شذاذ الآفاق ومنهم "حاجز الأزدي" و"قيس الحدادي" و"البراض الكناني"، إضافة إلى أبناء الجواري وأمهات الأولاد لا سيما السود إضافة إلى فئة أخرى احترفت الصعلكة كنوع من الفروسية سعياً للإصلاح الاجتماعي، مع أنهم جميعاً اتفقوا في غالب أمرهم على الإصلاح ومساعدة الفقراء، فهم رغم أنهم يقطعون الطريق ويسرقون القوافل، إلاّ أنهم في غالب أمرهم يطعمون الفقراء من أموال الأغنياء، ويحاولون قدر إمكانهم إيجاد مجتمع متساوٍ بعيد عن الطبقية الاقتصادية، ومن يقرأ قصائد "الشنفرى" و"السليك بن سلكة" و"تأبط شراً" يجد فخرهم بما يجودون به على الناس، كما يفخرون بأعمالهم وغاراتهم، لا سيما وأنهم يصرحون دائماً أن هذه الغارات لا تستهدف الرجال الكرماء بقدر ما تتصيد البخلاء الميسورين، وعليه فقد مثل الصعاليك أدوارهم السياسية والاجتماعية باقتدار، وأصبح لهم حظوة عند بني عمومتهم من فقراء قبيلتهم، بل قد تجاوز الواحد منهم قبيلته إلى القبائل الأخرى، كما عرفوا بأنهم سريعو الوثب والجري ينامون بالخلوات ويقطعون البيد والفلوات ويعاشرون الغول ومردة الجن، حتى أن أشهر أبياتهم السائدة هو قول الأحيمر السعدي: عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوت إنسان فكدت أطير كشف الأسرار وعلى خطى صعاليك العرب كان الأسطورة "روبنهود"، بل لقد وضع عبدالرحيم الجوبري وهو من علماء القرن السادس والسابع الهجري كتاباً رائقاً سماه "المختار في كشف الأسرار" بعد أن طلب منه السلطان "الملك المسعود" من بني أرثق أن يضع له كتاباً يكمل فيه ما ذكره ابن شهيد عن أرباب الصنائع والعلوم؛ فتجرد الجوبري للكتاب وذكر أصنافاً من أهل الحيل وأرباب المكر والخداع، وكشف حيلهم وألاعيبهم التي يحتالون على الناس بها. قبل أكثر من قرن عاشت الجزيرة العربية ولفترات متفاوتة حياة الغزو واضطراب الأمن، حتى لقد انقطعت السبل وتوقف طريق الحاج وعاش الناس على مراحل ولمدة ليست بالقصيرة حياة الكرّ والفرّ، وقد ذكر ابن بشر كيف كانت الطرق في عهد الدولة السعودية الأولى آمنة والتجارة مزدهرة، بل لقد وصف في شرح طويل حالة الأمن في البلاد، رغم أن الجزيرة العربية كانت قد عاشت أطواراً وقروناً طويلة منذ سقوط الدولة الأموية وسط صراعات لا تخلو من السطو والنهب ومداهمة القوافل وطرق الحاج، وقد أسهب كثير من المؤرخين في وصف هذه الوقوعات كيوم"الأجفر"الذي قال عنه الشعراء في القرن الهجري الرابع: ما أن رأى الناس كيوم الأجفر الناس صرعى والقبور تحفر عصابات إلكترونية لم تقتصر جرائم اللصوص في العصر الحديث على السرقة وقطع الطرق وإخافة الناس، فرغم أن مصطلحات "البلطجية" و"الشبيحة" و"الزعران" ما زالت مستخدمة وتشير معظمها إلى المجموعات الخارجة عن النظام، والساعية إلى إرهاب العامة وإخافة الناس، حتى أن الأستاذ علي عيسى ألف كتاباً معاصراً سماه "اللغات السرية للحرامية" إلاّ أن رجالات "المافيا" و"عصابات النت" والجرائم والتنظيمات الإلكترونية أو ما يسمون "خفافيش الإنترنت" مازالوا يواجهون من قبل رجال الشرطة وأجهزة الأمن في كل صقع من أصقاع العالم، مما دعا الحكومات بل والمنظمات الإقليمية والعالمية إلى سن مجموعة من النظم والدساتير والقوانين الخاصة بأساليب القرصنة الحديثة، التي تجاوزت غسيل الأموال ونشر الإشاعات إلى التجسس على الآمنين، واختراق خصوصياتهم، وتحديداً "الأرقام السرية" للعملاء في البنوك؛ ما دعا هذه الدول جميعاً أن تسن وتشرع لنفسها أنظمة أمنية جديدة، تمثلت في ما يسمى "الجرائم المعلوماتية". http://www.alriyadh.com/932143 |
|
18-11-15, 06:27 PM | #2 |
|
|