بعض من يدعون الثقافة لا يملكون أدب الحوار

كثير من الناس لا يفكر بعقله مطلقاً، ولا يتخذ قراره بنفسه بل لا بد له من معين يعينه في كيف يفكر، بل ويفكر بدلاً عنه. هؤلاء الناس لا يعطون عقولهم مباشرة لغيرهم، ولكنهم يعتقدون أنهم يفكرون بطريقة جيدة في جميع الأحداث اليومية على الساحة الإقليمية والدولية، وحتى على صعيد النجاحات أو المهارات الشخصية. هم يمارسون نوعاً من التكبر والتعالي عند مناقشتهم أو حتى في طرحهم لبعض الآراء والأفكار. نجدهم يرددون كلام غيرهم، يضيفون قليلاً أو ينقصون، حتى لا يتهموا أنهم أنصاف مثقفين أو في عداد الغائبين عن الثقافة.
لكنهم لم يدركوا أنهم يعطون عقولهم لغيرهم يلعب بها كيف شاء، وهؤلاء "الغير" هم من يفكر، وهم من يكرس تلك الفكرة في نفوسهم، بل يعتقدون بصدقها وبصحتها، وأنها هي الأصح والأنجح في الوقت الراهن. زد على ذلك أنهم لا يقبلون رأياً يخالفهم، بل رأي من فكر لهم. يجادلون في أمور وحوادث لا يعرفون منها إلا الظاهر، لا يربطون الأحداث ببعضها، تبدو عليهم علامات تعجب عندما يخرج الحديث عن المسار الذي رسموه، فيحاولون أن يعيدوا النقاش إلى ما يريدونه هم بعيداً كل البعد عن الحقيقة.
يعيشون وسط أوهامهم بأنهم يفكرون ويعرفون، بل ويستطيعون أن يحللوا الأحداث، وأنهم على مقدرة لإبداء آرائهم ومشورتهم لأي شخص، وإن استلزم الأمر فهم على قدر كبير بأن يفتوك في سؤال شرعي أو سياسي أو اقتصادي أو تقني.
لم يعلم هؤلاء أن غيرهم هم من يفكر، وأنهم يتلقون ويرددون كلام ذلك "الوصي" على عقولهم، يأخذون من هذا وذاك، ومن موقع ومن كاتب في صحيفة، ثم يجمعها في "فمه" مرة واحدة ويقذف بها في أول نقاش أو حديث.
انفرد بالحديث، علا صوته، غضب، أصر، واستكبر، ثم تولى وأدبر، لا يعرف للنقاش احتراماً أو قيمة، خسر النقاش والأشخاص. هذه هي الوصاية على العقول، عندما يفكر بدلاً عنك غيرك، فتسير في طريق ثم ما تلبث أن تصطدم بجدار الواقع المحسوس.
نعم لابد لك أن تسمع وتقرأ، ولكن لابد لك أيضاً من رأي وتفكير آخر حُر بعيداً عن أي تأثير، ليس بالضروري أن يخالف رأيك آراء غيرك دائماً، لكنه رأي جديد أو ربما توافق غيرك أو شخصاً تسمعه أو تقرأ له، لكن لا تردد دائماً ما يقول، وكما نعلم جميعاً "كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب ذاك القبر" عليه الصلاة والسلام.
إن من المؤسف أن ترى وتسمع أشخاصاً ينسبون أنفسهم إلى مجتمع المثقفين، فتسمع في ثنايا حديثهم "كلمات" أو "جملاً" فيها من الرطانة والتكلف الأمر الذي يدل على أن صاحبه إنما أراد أن يصل لتلك الكلمة أو الجملة "فقط"، بعدها يتنفس الصعداء، وكأنما ألقى خطبة عصماء.
لم يدرك أولئك أنهم وقعوا في أخطاء كثيرة عطلوا بها تفكيرهم، أوهموا أنفسهم أنهم يعرفون كل شيء عن أي شيء، اقتنعوا بأن غيرهم ليسوا على صواب، أفكارهم صحيحة، وجهات نظرهم هي الواقعية بعينها، قراءتهم للأحداث متميزة عن غيرهم، يصادرون آراء وأفكار غيرهم بحجة عدم الفهم, يستأثرون بالحديث في كل مجلس، من يخالفهم أو يبدي رأياً آخر حسبوه في عداد "الأعداء". والأدهى والأمر من ذلك أنهم لم يفكروا.
إن "أحادية التفكير واتباع خط واحد في التفكير أمر خطير، بحيث لا يرى إلا شخصاً واحداً، واعتقاداً واحداً، ورأياً واحداً، وفكرة واحدة، بحيث لا يرى للاختلاف أي فائدة، إنه أمر في غاية الخطورة.
فكيف بمن "يؤجر" عقله "بالمجان" لغيره، لواحد أو أكثر تتخبط به الآراء والأفكار والأطروحات والمفاهيم والمصطلحات، فكان كمن "يأخذ من كل شجرة شوكة" ومن كل "غث هزيل".
أراد أولئك أن يظهروا فخفتوا، أرادوا أن يتوهجوا فانطفأوا، أرادوا أن يُلمعوا فتشوهوا، أرادوا أن يتصدروا فتخلفوا. ولهم نقول، أما آن لكم أن تعلموا "أن لكل ساقطة لاقطة" وأن "النائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة"!.

أحمد آل مقبل - الرياض/ جريدة الوطن

مقال رائع أخي الكريم ..



الثقافه هي رقي فكر و أخلاق و حسن معامله قبل أن تكون حشو معلومات مجرده من التطبيق ..



بارك الله فيك ..

الاخت الشامخة شكرا لك على مداخلتك الرائعه


واحب ان اضيف ان الثقافة هي الرغبة الشديدة في معرفة او الحصول على المعلومة التي يحتار العقل في فهمها وليست كما يفهما البعض انها عبارة عن طريق او وسيله لمسك زمام الكلام والزام الجميع بالانصات والسماع له



وقبل ذلك تأتي قضية حرية الفكر التي تذهب بالعقل الى ابعد الحدود للتوصل الى الحقائق المقلقة او التي تعن في النفس لتخلد بها النفس الى الراحة والطمائنية ,,, وهنا انا اجد الثقافة ,,,,


تحياتي لك

يعطيك الف عافية اخوي سيف المهند

ماقصرت


تحياتي لك

بسم الله الرحمن الرحيم


الأخ العزيز سيف المهند سلمك الله وحفظك

مقال أكثر من رائع يمثل وأقع الحال الذي هو عليه بعض خلق الله عافاهم وشافاهم خالق الكون .

لك أرق وأعطر تحية

أخوك

محمد الأحمدي

..............................

	المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الأحمدي الحربي

	بسم الله الرحمن الرحيم الأخ العزيز سيف المهند سلمك الله وحفظك مقال أكثر من رائع يمثل وأقع الحال الذي هو عليه بعض خلق الله عافاهم وشافاهم خالق الكون . لك أرق وأعطر تحية أخوك محمد الأحمدي ..............................

الكاتب الكبير محمد الاحمدي


شرف كبير لي ان يتواجد الكاتب الكبير الاحمدي في متصفحي

وفعلا كما ذكرت انه يمثل واقع الحال

وخصوصا من لايثق في ثقافته او علمه

او ينقل مالايستوعب ابعاده

وما يمكن ان يسأل عنه


تحياتي لك اخي العزيز

	المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الصـ الجارح ـقر

	يعطيك الف عافية اخوي سيف المهند ماقصرت تحياتي لك

حياك الله اخي الصقر


وشكرا على مرورك

الثقافه هي رقي فكر و أخلاق و حسن معامله قبل أن تكون حشو معلومات مجرده من التطبيق ..

يعطيك الف عافية اخوي سيف المهند

ماقصرت

	المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sultan_22

	يعطيك الف عافية اخوي سيف المهند ماقصرت

الله يعافيك اخي سلطان


وشكرا لك على مرورك