لقد منّ الله عز وجل على الإنسان بنعمة ميزه بها عن سائر المخلوقات التي خلقها وهي النعمة التي جعلته مكرّماً على سائر المخلوقات التي خلقها الله عز وجل وهي نعمة العقل،
فقد أعطى الله عز وجل العقل للإنسان وزينه به فكما أنّ السراج لا ينير من دون الزيت فإنّ العقل لا ينير ويشع بنوره على صاحبه من دون العلم. فالعلم هو ذلك السراج الذي ينر درب صاحبه ويفتح أمامه جميع الدروب والآفاق ولذا كان من أسمائه عز وجل العليم فلا علم فوق علمه فهو العالم بكل شيء، ولذا لا يزال الإنسان الذي عرف الحق وفهم الدنيا يطلب العلم حتى الممات ولذا كرم الله عز وجل صاحب العلم وجعل له المنزلة الرفيعة في الدنيا والآخرة، فقد فضل الله العلم على العبادة ورفع قدره في الدنيا قبل الآخرة فقد قال عز وجل في كتابه العزيز:" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"، فالعالم هو صفوة المجتمع وعمادها إذا ما اكتمل بالأخلاق أما من لم يزده علمه خلقاً فإنّه يكون من أشرّ الناس وأحقرهم في الدنيا والآخرة فكما أن العلم هو الزيت الذي يضيء به السراج فإنّ خلق صاحب العلم هو تلط الشعلة التي تضيء الزيت والتاج الذي يزين كل عالم.
ولذا كان أصحاب العلم والعقول المستنيرة هم الأحسن خلقاً على الدوام وعلى رأسهم سيد الخلق والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فقد تعلم على يدي العليم الخبير وتزين بأخلاق الإسلام فلذا شمل الأرض بنوره منذ مولده إلى حين يقوم الأموات من القبور،
وهو عليه الصلاة والسلام أفضل قدوة يقتديبها طالب العلم والعالم من قبله والدروس التي علمنا إياها في آداب طلب العلم كثيرة لا يمكن حصرها ولكن من أهمها أنّه
وجب على طالب العلم احترام معلمه وليس كما نرى في أيامنا هذه من استهزاء بالمعلمين فقد كانت مكانة العالم في التاريخ الإسلامي وفي كل الحضارات التي القديمة في أوج سطوعها هي من أعلى المراتب بالمجتمع فقد كان إحترام صاحب العلم أكثر من الحاكم فهو المثل الذي يحتدى به وما نحط قدر المعلم من قبل المجتمع ومن قبل طالبي العلم إلا وانحط معه المجتمع باكمله.
كما أنّ طالب العلم يقوم باختيار خير الرفقة له من طلاب العلم أو ممن تزينوا بالأخلاق الرفيعة فهو الذي يقوم برفع همة صاحبه عند هبوطها وكما نعلم جميعاً فإنّ معاشرة أصحاب السوء تسحب المرء شيئاً فشيئاً حتى يصبح مثيلاً لهم، ومن الأمور الأخرى التي يزدان بها طالب العلم هو المهارة في اغتنام الأوقات فلا ينشغل بتوافه الأمور، وإنّ من أهم الأمور التي يتميز بها صاحب العلم أيضاً أنّه لا يكتُمُ ما يعلم ولا يتحدث بما لا يعلم ولا يكثر الحديث على الدوام.