اتمنى ان ارى ارائكم وتعليقاتكم
لا اطيل عليكم
اقفل الباب خلفك
يدخل ولا يقفل باب الغرفة جيدا ً .
_ هلا أقفلت الباب خلفك تفضلا ً ؟
_ لماذا , لا يوجد بالمنزل سوانا ؟
_ إن لقلبي طقوس لا أحب أن تخرج خارج غرفتي .
_ أنت معقد الحياة ... وينفخ باشمئزاز .
أما أن لك ان تحكي قصتك ً :؟؟؟؟
( أولئك الذين لا يُحكمون إغلاق الباب خلفهم , هم أكثر البشر تركا ً لأبواب قلوبهم مشرعة والريح ).
***
كانوا ثلاثة صبية يعتلون عاصفة الشمس كل ظهيرة , ويحلقون بأجنحة حقائبهم إيابا ً نحو المنزل , في تمام الساعة الحادية عشر من كل يوم .
ويقف المنزل على أطراف أصابعه , متأهبا ً لعودة الملائكة وقد أنجز لهم جنتهم : طعام الغداء , وبرامج الظهيرة المخصصة للأطفال , وحضن أم متلهفة الإذن لالتقاط التفاصيل التي زادت في خبرات ( محبوبها ) المدلل .
يركضون متسابقين نحو منازلهم المتقاربة , و أحواش المنزل تمنعهم من رؤية الواصل أولا ً ؛ فكان من يسبق يصرخ عاليا ً : لقد فزت ... وكانوا لا يغشون .
يرسم الشغب خطوطه العميقة في راحات أيديهم , وتلمع عيونهم بحكايات مردة , مختبئين في انتظار الوهلة المناسبة .
وكانوا أبناء عم , آبار أسرار لبعضهم , مخبأ للبوح وركام ذكريات مشتركة .
غير أن فيصل كان الأكثر شغبا ً فيهم , مندفع بحيث لا يتهود , ومن عينيه يجري نهر طاقة .
أمي ابي لقد عدت , أنا جائع : يصرخ , راميا ً لحقيبته عند عتبة الباب ..
هل أقفلت باب الشارع يا حبيبي ؟
لا .
لماذا لا تقفل الباب خلفك , و دائما ً ؟
أوه , ليس هذا بشيء ضروري يا أمي , ويستلقي على بطنه يشاهد ( الكراتين ) .. في انتظار غدائه.
تمضي أمه لإقفال الباب , وهي تعلنها له : ( هذا يعني أن غدائك سينتظر بمقدار الوقت الذي سأقضيه في إقفال الباب بدلا ً عنك في كل مرة , كم مرة قلت لك أن الأغنام ستدخل لمزرعة أمك فتفسدها إن لم تقفل الباب ؟ ) .
ويتأوه فيصل : نسيت , ألا ينسى الواحد منا , سنأكل أولا ً ثم سأقفله ؟
فتقول له والدته : لا , إن من لا يتعلمون من تجاربهم , ستكرر لهم الحياة درسها حد الإتقان .... ثم استدركت تكلم نفسها بصوت مسموع : لكن بعض التجارب واحدة , وفيها يكون الموت .
وتمضي الأيام تعزف على نغمات متباينة , وتنقضي سنة كاملة وهي تجر خلفها فوج من العقارب , لساعات قد ولت , وفيصل على حاله لم يتذكر يوما ً أن يغلق باب منزله , ولا يوما ً كفت الأغنام عن زيارة مزرعة أمه , إن لم يكن في الظهيرة , ففي العصر .
حيث ينسى إغلاق الباب خلفه , عند استغراقه لعبا ً مع أبناء الحي .
وصافح الصبية الثلاثة كف الصف السادس , وتوغلوا في العمر يكبرون , و اعتلت ظهورهم : ساعة دراسية أخرى بأثقالها , فأثقلت خطى عودتهم للمنزل حتى الثانية عشر ظهرا ً.
و في آخر يوم من أيام الدراسة قبل موعد الاختبارات النهائية بأسبوع , والبيت يتأهب لاستقبال ملائكته , تآمرت الساعات فلسعت سكينة البيوت الثلاثة بعقرب الثالثة عصرا ً , وهي تعلن ببرود رتيب أن المدى لا ينبأ بقادم , و كان الجو عاصفة , والملائكة تأخرت عن موعدها الموقوت لإنزال السكينة , فأصبحت قلوب الأمهات فراغ .
والأطفال كما عادة الملائكة ذهبوا لاكتشاف إرادة الله , وهم يركضون خلف الأعاصير التي جاءت بها العاصفة لقريتهم .
تحدى كبيرهم أن هذا غضب قد أنزله الله , وقد أحرقوا كلب الجيران بالأمس , ونادهم من خلف جانبه الأيمن وهو يركض عائدا ً للبيت : فلنعتصم بقلوب أمهاتنا , فإن الله لا يعذب الأمهات ! .
وأصر أصغرهم : فلنراقب من بعيد .
لكن فيصل كان يسخر قائلا ً: إن هذا الإعصار مجرد اجتماع للعفاريت , وهي تثير الغبار كلما كان عندها فرح , أو ألم بهم الموت , فهل تخافون من العفاريت ؟
وركض يفتح للإعصار ذراعيه , وقال في جذل : إني لصاحبكم , فيا عفاريت الأرض خذوني لأسفل حيث تسكنون .
عاد الطفلين وذهب فيصل , وهو يكتشف تجربته الوحيدة !.
ثم اختمت ملاحظتي بنقطة .