عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-17, 02:36 AM   #13
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

تفسير قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به... وكان الله غفوراً رحيماً)

ثم قال الله: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، جعلها بعض أهل العلم عائدة إلى نفس القضية فوقعوا في إشكال لا يمكن الخروج منه؛ لأن الخطأ لا يسمى خطأ إلا إذا كان ورد نهي فيه، ومن قبل لم يكن هناك نهي، فلا يستقيم تخريجهم، ولذلك لم يستطيعوا أن يخرجوا من هذا الأمر الذي أوقعوا أنفسهم فيه، والصواب أن يقال: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ هذا تقرير عام، يخبر الله جل وعلا أن الإنسان إذا أخطأ أو جهل أو نسي: كمن نادى أحداً ونسبه إلى غير أبيه من غير قصد فلا إثم عليه، وليس عليه جناح بتعبير القرآن، لكن إذا تعمد فهذا الذي قال الله فيه: وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ، وهذان الوصفان ينطبقان على كل الأحكام الشرعية: وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب:5] وهذا تمهيد؛ لأنها سياقات تدل على أن الله جل وعلا يأتي أحياناً بالتغليظ، ثم يأتي بهذا الوصف لذاته العلية، حتى يكون هناك فتح لباب التوبة لمن يقرع ويزجر بالقرآن.

بقيت مسألة صرفية قبل أن أنهي اللقاء: وهي قول الله جل وعلا: ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ [الأحزاب:4]، فأفواه: جمع بالرفع لفوه، مثل سوق وأسواق، وهي لغة البصريين، ومفردها: فم، يقول أصحاب الصناعة الصرفية -وأنا أقولها لكم غير مقتنع بها، فالصرفيون بالاستقراء من أشد خلق الله من العلماء تكلفاً عفا الله عنا وعنهم- يقولون: إن كلمة فم أصلها: فوه، يقولون: إن الهاء حذفت لخفائها، يعني: أنها لا تظهر في الخطاب بقوة، جاءت في الأخير فحذفت، فبقيت الفاء والواو، فقالوا: إن الواو حذفها العرب لاعتلالها، فبقينا في الفاء لوحدها، قالوا: فعوضوا عن الهاء المحذوفة لخفائها والواو المحذوفة لاعتلالها عوضت عنها العرب بالميم لقربها من مخرج الفاء، وهي حروف شفهية تخرج من الشفه، هم يقولون: إن هذا أصل، ومعنى كلامهم هذا -وهو الذي جعلنا ننقضه- أن هذا الطور حدث واضح، يعني: أنها في لغة العرب حدثت هكذا، فبدءوا يتكلمون (فوه) ثم حذفوا الهاء فقالوا: (فو) ثم حذفوا الواو، فمروا بأطوار، واللغة تنمو ولها أطوار نوافقهم في هذا، لكن هذا التكلف يحتاج إلى إثبات ولا سبيل إلى إثباته، وقد قامت مدارس وخاصة مما يتعلق بمذهب الظاهرية في الأندلس على النحو جملة وعلى الصرف عامة تنفي أن يكون هذه الأطوار قد مرت بها لغة العرب، وليس هذا مقام تفصيل لكنه كلام أكاديمي محض، لكنني أتكلم بالمقدار الذي يتناسب مع ما نحن فيه من قول الله جل وعلا: ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:4-5]، أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ أي: هو العدل الذي يجب أن تمضوا عليه وتسيروا إليه.

وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ [الأحزاب:5] وجناح: كلمة تعبر في القرآن عن رفع الإثم: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب:5].




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس