أهمية تدبر آيات الوصايا الإلهية والتوجيهات الربانية
فمثل هذه الآيات التي تحمل وصايا إلهية وتحمل توجيهات ربانية، ويقول الله في خاتمتها: ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ [الأنعام:151] يجب أن يصغي الإنسان إليها بقلبه قبل أذنه، ولا بأس بأن نعرج في بعض تفسيرنا على قضايا فقهية وعلى قضايا تاريخية وعلى قضايا أدبية؛ لندلل على أن القرآن عظيم؛ لأن كل العلوم تفيء إلى القرآن، وتبقى آيات لا يحل لمؤمن أن يقرأها أو يسمعها أو تتلى عليه في صلاة أو غير صلاة ثم يمر كأنه لم يسمعها، بل ينبغي أن تؤثر فيه.
فإذا أخبرت بخبر كالقصة التي سردناها نقلاً فتذكر ما ذكره الله جل وعلا في كلامه في كتابه العظيم من إهلاك لأمم قد خلت وقرون قد سبقت نازعوا ربهم فأوردهم الله جل وعلا طريق الثبور والوبال والهلاك، قال الله جل وعلا: مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ [هود:100]، فما كان حصيداً دل على قوته، وما جعله الله جل وعلا قائماً يتعظ به غيرهم، وقال ربنا: وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ [الحجر:76] أي: في طريق قائم يراه من ينظر بعين بصيرته قبل أن ينظر بعيني بصره، والمقصود الاتعاظ بكلام الله جل وعلا والخوف منه، وأن الإنسان لا يجعل حياته معلقة بالخلائق، وإنما يجعلها معلقة بربه تبارك وتعالى، فانظر إلى لطف الله بذلك الرجل وزوجته وابنته، كيف أن الله جل وعلا جعل من أراد بهم مكراً سبيلاً إلى نجاتهم، ومن أراد ما حرم الله بطريقة حرمها الله أورده الله طريق المهالك.
وقد يغتر بعض الناس؛ لأنه قد يصنع الأمر تلو الأمر ولا يقع، ولكن الله جل وعلا يقول: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ [إبراهيم:42]، فربنا تبارك وتعالى عظيم جليل ذو قدرة.