عرض مشاركة واحدة
قديم 28-04-17, 11:07 PM   #32
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

بيان عظيم قدرة الله على عباده ورقابته عليهم

وقد قدم الله النهي عن الشرك لأن التوحيد من أعظم ما يغرس في القلوب تعظيم الله، ومن تعظيم الله أن تتذكر أن الله رقيب عليك، فأصحاب هذا المنحى عياذاً بالله يتناسون قدرة الله ويتناسون بطشه وجبروته وعظيم انتقامه.

ودليل ذلك قصة وقعت ذكرها الشيخ صالح الخضيري في كتابه (العبر في حوادث الدهر).

وهو أنه قبل اثنين وخمسين عاماً تقريباً، -أي: عام ستة وسبعين للهجرة بعد الثلاثمائة تقريباً- في أحد أقاليم بلادنا المباركة كان هناك مطر غزير استمر أياماً حتى تعطلت مصالح الناس، وقصروا عن الذهاب والإياب، والبيوت يوم ذاك في ذلك الإقليم كان أكثرها من طين، فخاف أهلها من أن تسقط عليهم، ففروا إلا قليلاً، وخرجوا من بيوتهم، فاحتاج أحدهم إلى مال، فذهب إلى جاره يستقرضه، فلما دخل على جاره كان الجار طيب النفس سليم السريرة، وكان مريضاً، فرفع الوسادة، وأخرج صرة فيها جنيهات، وأعطاه ما احتاجه وطلبه، ثم رد الوسادة على الصرة.

فهذا الطالب المقترض كان خبيث الطوية، فطمع في المال، فلما جاء الليل وحل الظلام وأمسى الناس تسور البيت، ولا حاجة به إلى أن يتكلف تسوره؛ إذ المطر ينزل والبيوت من طين، ثم جاء فوجد صاحبه نائماً وزوجته معه وطفلة رضيعة لهما على الفراش، فأحكم الصنعة، فحمل الطفلة بلحافها وغطائها ووطائها، ووضعها في فناء الدار والمطر ينزل، وتنحى قليلاً واختفى، وكان يؤمل أن يزداد تساقط المطر فتستيقظ الطفلة فتبكي فتسمعها الأم فتأتي إليها فيخلو الوضع، فيأتي هو إلى الوسادة والرجل مريض نائم فيأخذ المال، فوقع الأمر كما رسم، فاستيقظت الطفلة وأخذت تبكي، وتوالى بكاؤها، فاستيقظت الأم، ولكن الأم تعجبت لكون الطفلة ليست قادرة على المشي، وكيف انتقلت إلى فناء الدار، وزادها خوفاً أنها لم تجد وطاء ولا لحاف ولا فراش ابنتها، فقالت في نفسها: لو قدرنا أن الطفلة تقلبت فهذا قد يعقل أن يحدث، ولكن ما الذي ذهب بالفراش والوطاء إلى هناك؟! فازداد خوفها وأيقظت زوجها، فلما أيقظته قال لها: اذهبي الآن إلى الطفلة، فعبرت له عن خوفها، وأصرت على أن يذهب معها، فقام لا يتمالك نفسه ولم يكن به كسر، وإنما مرض وحمى، فخرج مع زوجته يبحثان عن الطفلة، فلما كانا في فناء الدار جاء هذا الذي خبثت نيته وقد خلا له الأمر، فرفع الوسادة وأخذ الصرة، وقبل أن يخرج سقط البيت كله عليه، فنجا الثلاثة بقدر الله، وانتقم الله منه.

فتأمل -أيها المبارك- عظيم القدرة وعظيم اللطف في آن واحد، نجا الله بعض أوليائه بلطفه، وبنفس القضاء -والله عزيز ذو انتقام- انتقم الله جل وعلا من شخص آخر، ونحن لا نقول: إن هذا الرجل كافر أو غير كافر، فالأصل أنه مسلم، ونعلم أن هذا الذنب لا يخرج من الملة، ولن نكلف أنفسنا ما لا تطيق، ولكن نقول: إن هذا عبرة لمن يعتبر ولمن يتعرض لحياة الناس، ولمن يتعرض لمظالم العباد، ولمن يظن أنه لو ملك صوت فتاة أو صورتها أو صورة حدث أو صورة عورة مكشوفة فإنه يستطيع أن يساوم بها جنسياً أو مالياً وقد تسلط، فقد يكون خصمك ضعيفاً جداً، ولكن هناك قوي عزيز جليل عظيم لا تخفى عليه من عبادة خافية. فتأمل في الخبر الذي سقناه.

وأما كيف عرف الناس هذا الأمر؛ فإنه لما سقط البيت فزع الجيران، وهم لا يشكون لحظة في أن صاحبهم وجارهم قد هلك، ولكنهم وجدوا الثلاثة مجتمعين خارج الدار، حتى قال الشيخ صالح الخضيري في كتابه: إن بعض الجيران قالوا: إن الملائكة أنجتكم، وهم لا يدرون بحال الأول، فهنئوهم بالسلامة، وقالوا: إذا أصبحنا وطلع النهار فنحمل الأنقاض التي سقطت لنخرج المتاع والأثاث، فلما استيقظوا صباحاً وطلع النهار كان هناك شيء من الضوء، وكانت الشمس محجوبة بالغيوم، فلما حملوا الأنقاض إذا بذلك الرجل الجار الذي يعرفونه ميتاً وفي يده الصرة، فهو أحكم الصنعة، ولكنه نسي قدرة الجبار جل جلاله.




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس