عرض مشاركة واحدة
قديم 24-02-17, 06:06 AM   #5
عضو فضي
 
الصورة الرمزية طلق المحيا

 











 

طلق المحيا غير متواجد حالياً

طلق المحيا تم تعطيل التقييم

افتراضي

قال صلى الله عليه وسلم: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله).

قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1]، المعنى العام للآية: أن الله تبارك وتعالى يثني على ذاته العلية، ويبين أن من عظيم قدرته وجليل حكمته وسعة رحمته خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور، ومع هذه القرائن الظاهرة والأدلة الباهرة هناك من يجعل معه غيره، أي: يجعل له نظيراً ومثيلاً ونداً وهو صنيع أهل الإشراك، هذا المعنى العام للآية، لكن جرت العادة أننا لا نتوقف عند هذا، بل نبحر في الآية ونستنبط ما فيها، ونحرر المعنى على الوجه التالي:

فهم العلماء من الآية: أن الجمع مقابل الإفراد يدل على فضيلة الفرد، ودليلهم: أن الله جمع الظلمات وأفرد النور، ومما يؤيده في أسلوب القرآن: قول الله جل وعلا في سورة النحل: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ [النحل:48]، أفردها، وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ [النحل:48]، فجمع الشمائل مع الاتفاق على فضل اليمين على الشمال. هذه واحدة.

ثم اختلف العلماء هنا في معنى كلمة: يعدل، وهو فعلها الأصلي، عدل -أيها المبارك- تأتي على معنيين إذا قلنا عدل عن الشيء أي: مال عنه وانحرف، وإذا قلنا: عدل به أي: ساواه بغيره، فأي المعنيين أراده الله مبدئياً حتى لا تتحمل ثقلاً على ظهرك وتخشى أن تقع في محظور؟ أي المعنيين اخترت فهو صحيح؛ لأن أهل الإشراك عدلوا عن عبادة الله إلى عبادة غيره، وهذا هو المعنى الأول.

وعدلوا مع الله غيره بأن جعلوا له شركاء وأنداداً فكلا الأمرين وقعا من أهل الإشراك، ولا ريب أن الإنسان إذا خشي أن يقع في محظور دفعه هذا إلى التقدم والمجازفة في الكلام؛ لأنه أمن الوقوع في المحظور، لكن تحرير الكلام علمياً يأتي على كلمة بِرَبِّهِمْ [الأنعام:1] فالباء هنا: هل هي للإلصاق أو بمعنى عن؟ فإذا أخذنا أن عدل بمعنى: انحرف ومال، فستصبح بمعنى: ثم الذين كفروا عن ربهم يعدلون.

وقد جاء في القرآن وفي كلام العرب: أن الباء تأتي بمعنى عن، قال تعالى: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ [المعارج:1]، والمعنى: سأل سائل عن عذاب واقع، فالباء هنا بمعنى عن، وجاء في لغة العرب قول عنترة الشاعر الجاهلي المعروف:

هلا سألت الخيل يا ابنة مالك

وهي عبلة محبوبته وابنة عمه.

إن كنت جاهلة بما لم تعلم

وجاهلة خبر لكان، بما لم تعلم أي: عما لم تعلم، أي بمعنى: عن، وهو الذي نبحث عنه الآن.




التوقيع :
إذا أدمت قوارصكم فؤادي ***** صبرتُ على أذاكم وانطويتُ
وجئـت إليكـــم طلق المحيا ***** كأني ما سمعـتُ ولا رأيـــتُ

http://www.youtube.com/watch?v=3JqNh-btjvw


    رد مع اقتباس