تفسير قوله تعالى: (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة..)
قال الله تعالى: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ [البقرة:138] اليهود جاء في شرعهم المحرف: أن الكاهن إذا أراد أن يتوب يغتسل قبل أن يقدم القربان عن خطاياه وعن خطايا عائلته.
وعند النصارى شيء يسمى التعميد، وأصله أنهم كانوا يقولون: إن يحيى بن زكريا أمرهم أن يغتسلوا من نهر الأردن، وإلى اليوم التعميد موجود عندهم، يضعون الطفل في ماء يظنونه ماءً مقدساً فيغسلونه ويعمدون الصبي فيه حتى ينتفع بدعوة عيسى له فلا يخلد في النار.
فخاطب الله جل وعلا هؤلاء القوم بالمشتهر بينهم، فاختار الله جل وعلا هذا اللفظ ليكون مناسباً للحال التي يصنعها اليهود ويصنعها النصارى، فأنتم تعمدون إلى الاغتسال وهؤلاء يعمدون إلى التعميد وكلاكما على باطل، أين الصواب؟ صِبْغَةَ اللَّهِ [البقرة:138]، صبغة الله أي: فطرته، وملته، وما ارتضاه جل وعلا لعباده، فالمؤمنون من هذه الأمة على فطرة الله، وليست فطرة متكلفة كالتي صنعها اليهود أو النصارى، وكلمة صبغة بتاء التأنيث، وأصلها: صِبْغ على وزن فِعْل، مثل: قِشْر، ذِبْح، فذبح بمعنى مذبوح، وقشر بمعنى: مقشور، لماذا زيد في التاء؟ زيد في التاء لبيان الوحدة، وصبغة الله صبغة واحدة تدل على دين واحد.
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً [البقرة:138] أي: لا أحد أحسن من الله صبغة وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ [البقرة:138].